وليد الركراكي.. الوصفة السحرية التي أهدت الوداد ثنائية الأبطال و البطولة
بعد تتويجه بلقب عصبة الأبطال الإفريقية للمرة الثالثة في تاريخه على حساب الأهلي المصري ، عاد الوداد الرياضي لمنصة التتويج مجددا، بعدما حسم فوزه بلقب الدوري المغربي، للمرة 22 في تاريخه.
و حسم الوداد لقب البطولة، بشكل رسمي بعد تعادله أمام مولودية وجدة ، ضمن الجولة 29 من الدوري الاحترافي. حيث كان الفريق الأحمر ، يحتاج إلى نقطة واحدة فقط لحسم اللقب لصالحه ، ونجح في ذلك بعد تعادله مع مولودية وجدة بهدفين في كل شباك.
أسرار النجاح كثيرة جدا. غير أنها بالنسبة إلى وليد الركراكي، مدرب نادي الوداد الرياضي لكرة القدم، تختزل في كلمة واحدة فقط: “العزيمة”. وهو يقصدها بالفعل حين يقولها. وعلى أرضية الملعب نتيجتها، عنده، مجربة ومحسومة. آخرها لقب البطولة. فمن يملك أن يعارضه في ذلك؟
فرنسا.. نقطة البداية
بدأ وليد الركراكي مسيرته الكروية من فرنسا، قبل أن ينتقل للعب في إسبانيا، ويعود إلى فرنسا. فكان لاعبا مغمورا، فتح له المنتخب المغربي أبواب المجد. ذلك أنه وهو يلتحق بالأسود، في نسخة الزاكي بادو، ويلعب نهائيات كأس إفريقيا للأمم بتونس، سنة 2004، سيبرز بقوة لاعبا جديا، وبأداء لا يخذل، وبقتالية عجيبة، وحس هجومي واضح، ساهم في نيل المنتخب لوصافة البطولة القارية.
ولكن نجم وليد الركراكي سيبرز مدربا أكثر منه لاعبا. فما أن صار هذا الشاب قائدا لكتيبة الفتح الرياضي، حتى عرفه الجمهور الكروي المغربي بتصريحاته المثيرة. وهكذا، صارت تلك التصريحات عز الطلب، عقب كل مباراة للفتح.
غير أن ذلك النجم، الذي برز بـ”كوميديا التصريحات المثيرة”، سيثبت أنه نجم في التدريب أيضا. ذلك أنه سينجح في قيادة الفتح الرياضي إلى الفوز بكاس العرش، والوصول إلى نصف نهائي كأس كاف، ثم النهائي، والفوز بلقب البطولة. أكثر من ذلك، ستروج عنه حكايات كثيرة في الكواليس، تشير إلى أن له أسلوبا خاصا به في التعاطي مع اللاعبين، يحولهم إلى طاقة متجددة، قابلة للاشتعال في كل ملعب، بقدرته الهائلة على شحذ الهمم، وتوضيح الأهداف، وضبط الخطط، والتغيير اللازم في الوقت المناسب.
وكأي طائر يعشق الرحيل، ويبحث باستمرار عن سماء أخرى حيث يمكنه العثور على شيء جديد، فقد وجه الركراكي بوصلته هذه المرة نحو الخليج. ذلك أنه سيدخل في تجربة تدريبية مع الدحيل القطري، ليفوز معه بلقب الدوري. غير أن التجربة ستكون قصيرة للغاية، ذلك أن وليد سيتلقى مقترحا بقيادة الوداد الرياضي. ولن يتردد في قبول دعوة سعيد الناصيري، رئيس الفريق الأحمر.
أمنية ملعب “دونور”
في مرة، قال وليد الكراكي، وهو ينهي واحدة من مباريات الفتح الرياضي، كم يتمنى أن يعيش لحظة على وقع هتاف جماهير ملعب “دونور”، بالدار البيضاء، وهي تردد عبارتها الأثيرة، كلما تعلق الأمر بهجوم جديد “سير.. سير”. وكان باب السماء مفتوحا. فغلبت “نية وليد”، ليتحقق حلمه بسرعة، وقد بدأت جماهير الوداد ترددها افتراضيا، على مواقع “السوشل ميديا”، كي تحمسه، قبل أن تطلقها مدوية في ملعب مركب محمد الخامس، “دونور”.
الواضح، بلا أدنى لبس، أن تجربة اللاعب الدولية ساعدت وليد، وبسرعة كبيرة، في فهم اللاعبين، وما يريدون، وأي شيء يمنعهم من العطاء السخي. وخبراته؛ ولا سيما خيباته مع الفرق والمنتخب، سهلت عليه القفز فوق المطبات والعراقيل. وحبه الشديد لتحقيق الذات، وإثبات كفاءته، والنجاح في المهمة، سرع وتيرة وصوله إلى ما يريد. أما رغبته الانفجارية في إنتاج كرة هجومية جذابة، فقد يسرت وصوله إلى قلوب الجماهير التي تريد الفوز، ولا شيء غير الفوز.
قوة جماعية هائلة
فقد تمكن وليد، وهذا واحد من أسرار نجاحه، في انتزاع محبة لاعبيه، ومحيطه معا. وأمكنه، في وقت وجيز، أن يسخر قدرات اللاعبين، حتى غير الجيدين منهم، إلى قوة جماعية هائلة. فلم يَثُر أي منهم على جديته الكبيرة في التداريب، لأنه يذوبها بأسلوبه في القرب، وهو يلاعبهم كواحد منهم، بقامته الرشيقة. ولم ينزعج أي منهم من اختياراته في الملاعب، لأنه يملك القدرة على الإقناع حيث ينبغي، وهو يطبطب، ويوضح، وقدم الوعود المقدور عليها.
في واحد من الفيديوهات، يبدو وليد متجاوبا مع الجماهير الودادية وهي تبادره، ما إن وضع قدميه على الملعب، “سير.. سير”. ويتبين أنه نسج، معها هي الأخرى، علاقات وثيقة، بأسلوبه في مخاطبتها كلما تعلق الأمر بالجديد، مصارحتها بما يفكر فيه، وقوله كل شيء كما هو، بكلمات عارية، لا تحتاج إلى تحليل أو تفسير.
بعد سنين عديدة، سيقرأ الناس عن وليد الركراكي كلاما كثيرا. ذلك أنه أصبح جزءا من السجل الذهبي لكرة القدم المغربية. فقد لعب للمنتخب، ووصل معه وصافة البطولة الإفريقية. ودرب فريقين، بلغ معهما القمة وطنيا وقاريا. وجيَّش الجماهير في صفه، فأحبته وغنت له، ورسمته في واحد من التيفوهات. ولم يتأخر عن الإعلاميين في الجواب، بل كانت كثير من أجوبته أشبه بالنكت التي سرعان ما تشيع، فتتجاوز نطاقها بكثير. ألم يتحول رسم وليد، بصلعته العجيبة، إلى “ترول” ذائع، وهو يقول: “إييه.. عندك الحق”؟ ألم يصبح حديثه عن كلمة الأداء، التي قال إنه تعلمها في المغرب فقط، واحدة من الأعجوبات؟