هداف كأس العالم 1974-غيجغوج لاتو الجناح البولندي الاستثنائي الذي تفوق على الكبار ونال إعجاب بيليه
أن تضع أسمك بين أسماء الكبار ليظل خالدًا في تاريخ بطولة تُعد من أعظم بطولات كرة القدم على الإطلاق مثل ” كأس العالم “، حينها لن تخشى على إرثك العظيم من أن يُترك سُدى، بطبيعة الحال سيأتي زمانًا يتناقله البعض مثلما يحدث الآن.
وقبل انطلاق مونديال قطر.. يدور 365Scores بعجلة الزمان بين نسخ كأس العالم الماضية، لتذكر أساطير البطولة على مر العصور، الذين كتبوا أسمائهم بأحرف من ذهب كهدافين النسخ السابقة.
لكن.. هل تعلم من هو هداف كأس العالم 1974؟ النسخة التي احتضنتها ألمانيا على أراضيها، وتُوج منتخبها باللقب للمرة الثانية في تاريخهم آنذاك.. نسخة حصدها الألمان وتألق فيها المنتخب البولندي بشكل لافت للنظر.
منتخب بولندا كان استثنائيًا في تلك النسخة، جذب أنظار العالم أجمع، واستطاع حصد الميدالية البرونزية بقيادة عدد من اللاعبين البارزين وعلى رأسهم غجيغوج لاتو هداف مونديال 1974.
الجناح الذي نال إعجاب بيليه
وُلد لاتو في 8 إبريل لعام 1950، وبدأ مسيرته الكروية مع فريق ستال مييليتس ببلاده.. فريق مغمور بلا تاريخ، ولكن على مدار 14 عامًا بقميصه كتب له غجيغوج تاريخًا وحقق له إنجازات، فصعد بهم لدوري الدرجة الأولى، بل وقادهم للتتويج ببطولة الدوري مرتين، وفاز معهم بجائزة هداف الدوري البولندي مرتين أيضًا وهو لاعب يلعب كجناح وليس كرأس حربة.
ذاع صيت لاتو بشكل لافت للنظر بعد تألقه مع منتخب بلاده، ما جعل الجوهرة السمراء ، البرازيلي بيليه يدعوه للعب معه في نيويورك كوسموس الأمريكي، لكنه قرر البقاء مع فريقه البولندي حتى بلوغ سن الثلاثين، ثم انتقل بعدها للعب لـ لوكيرن البلجيكي، ومنه لـ أتلانتي المكسيكي، ثم أخذت مسيرته في الانحدار باللعب في عدد من فرق الهواة، فلم تكن مسيرته مع الأندية بعد خروجه من ستال ميليك، بذات النجاح الذي حظى به مع منتخب بلاده البولندي.
بطولة كأس العالم 1974 عرفت مشاهدة العديد من الأسماء الرنانة في كرة القدم، وعلى رأسهم الألماني جيرد مولر هداف النسخة السابقة (1970) وكذلك الأسطورة الهولندية يوهان كرويف.. العديد من الأسماء الكبرى في تاريخ الساحرة المستديرة، لكن لاتو استطاع الفوز بجائزة هداف المونديال تلك النسخة.. كيف؟
كانت تلك المشاركة هي الثانية فقط لـ بولندا في كأس العالم، وأوقعتهم القرعة في مجموعة نارية رفقة منتخبي الأرجنتين وإيطاليا، إضافة للحلقة الأضغف هاييتي، لكن لا بأس، فالبولنديين كانوا يحظون بجيل تاريخي صاعد، استطاع الفوز بذهبية دورة الألعاب الأولمبية قبل المونديال بعامين فقط.
البداية كانت بمواجهة قوية أمام المنتخب الأرجنتيني، لكن لاتو ورفاقه كانوا الأفضل بشكل واضح في تلك المباراة.. هدفان من غجيجوج قادا بولندا لانتصار هام بثلاثة أهداف مقابل هدفين في أولى مبارياتهم بالبطولة.
وفي ثاني الجولات، كان المنتخب البولندي في نزهة أمام تاهيتي، وبالفعل استطاعوا تحقيق انتصار كاسح بسبعة أهداف دون مقابل، كان لـ لاتو نصيب منه بهدفين، قبل مواجهة إيطاليا في الجولة الثالثة والفوز بهدفين مقابل هدف، ليصعد البولنديون للدور الثاني.
وفي الدور الثاني، تم تقسيم المنتخبات لمجموعتين، ليتواجد المنتخب البولندي في مجموعة قوية أخرى رفقة منتخبات ألمانيا والسويد ويوغوسلافيا.
لاتو كان البطل بالنسبة لمنتخب بولندا في أول مباراتين بالدور الثاني، فأمام السويد، سجل هدف اللقاء الوحيد في الدقيقة 43، مانحًا بلاده نقاط الانتصار، ثم تسجيل الهدف الثاني أمام يوغوسلافيا في الدقيقة 62 بعدما كان التعادل سيد الموقف بهدف لمثله، ليقود رفاقه للفوز والدخول في صراع شرس مع أصحاب الأرض، منتخب ألمانيا على بطاقة الصعود لنهائي المونديال.
وفي آخر الجولات أمام ألمانيا، وبعد مباراة قوية حضر فيها المنتخب البولندي بشكل جيد، خسر رفاق لاتو بهدف مولر قبل 15 دقيقة من نهاية المباراة، ليخسروا فرصة الصعود للنهائي، ويضربوا موعدًا مع البرازيل في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع.
وأمام البرازيل، كان لاتو رجل اللحظة، بتسجيله هدف المباراة الوحيد في شباك راقصي السامبا في الدقيقة 76 من عمر المباراة، مهديًا بولندا برونزية تاريخية في المونديال، ومنهيًا البطولة كهداف لها برصيد 7 أهداف في إنجاز تاريخي لشخص اللاعب، ولللاعبين البولنديين بشكل عام.
أهداف لاتو في المونديال كانت تأتي بمجهود فردي ملحوظ، مهارة في المراوغة والاختراق في جانب الملعب، تحرك مثالي وتمركز رائع، ما جعله حديث العالم، وجعله مصدر إعجاب لعدد من اللاعبين الكبار في الكرة العالمية، وعلى رأسهم بيليه.
ماذا بعد مونديال 1974؟ نجاحات مع المنتخب وفشل في العمل الفني والإداري
شارك لاتو مع منتخب بلاده في دورة الألعاب الأولمبية 1976، وحقق معهم الميدالية الفضية بعد 4 أعوام من حصوله رفقة بولندا على الميدالية الذهبية.
وفي كأس العالم 1978، سجل لاتو هدفين في المونديال أمام تونس والبرازيل، لكن بولندا ودعت البطولة من الدور الثاني.
أما في مونديال 1982، حيث كان لاتو يبلغ من العمر 32 عامًا، فكان عنصرًا هامًا أيضًا في كتيبة البولنديين مع خروج جيل جديد للنور.. سجل هدفًا وحيدًا، وتُوج معهم ببرونزية جديدة في تلك النسخة، ثم كانت أخر مبارياته بقميص منتخب بلاده أمام بلجيكا في إبريل لعام 1984.
إجمالًا كان لاتو أحد أنجح اللاعبين الذين ارتدوا قميص بولندا، كان أول لاعب يشارك في 100 مباراة دولية بالنسبة لبلاده، وهو ثالث الهدافين التاريخيين لبولندا برصيد 45 هدفًا، ميدالية ذهبية وأخرى فضية في الأولمبياد، وميداليتين برونزيتين في كأس العالم.
بعد اعتزاله كرة القدم، اتجه لاتو لعالم التدريب.. البداية كانت في كندا، ثم العودة لبولندا، وتدريب فريق حياته، ستال مييليتس لولايتين، ثم العمل لعدد من الفرق البولندية، ورحلة مع فريق كافالا اليوناني، قبل إنهاء تلك المسيرة مع ويدزي لودز البولندي عام 1999 دون تحقيق أي نجاح أو إنجاز يُذكر
بعد ذلك، توجه لاتو للعمل السياسي، حيث قضى فترة كسيناتور في البرلمان البولندي، ثم تولى رئاسة اتحاد الكرة في بلاده بعد انتخابه عام 2008، ولم تكن تلك المسيرة هي الأفضل في حياة هداف مونديال 1974.. مشاكل إدارية وفشل للمنتخبات تحت قيادته، ليرحل عن منصبه في عام 2012.