نهضة بركان ضد اتحاد العاصمة.. القصة الكاملة لـ”أزمة القمصان” التي أعادت خلط أوراق السياسة والرياضة بين المغرب والجزائر
قيل عبثا.. الرياضة وجدت لتجمع الشعوب وتزرع بذور المحبة والأخوة بين البلدان، باعتبارهما ظاهريا خطان مستقيمان لا يلتقيان ولكن، هل أثبت فعلا مواجهة نهضة بركان ضد اتحاد العاصمة أن ذلك ضرب من الوهم والخيال؟
جوهريا، وكما قال الكاتب الإسباني مانويل فاسكيز مونتلبان: “الرياضة الجماهيرية تعد متنفسا للغازات السيئة الموجودة في بطن المجتمع.” حيث أكد التاريخ أن الرياضة والسياسة مزيج لا يمكن تحليله وفصله.
عبر محطات دونها التاريخ في طياته، بات واضحا أنهما وجهان لعملة واحدة، من الصراع النازي الفاشي، مرورا بالحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة، وأمريكا اللاتينية في يعرف بحرب “سانتياغو” الشهيرة وقس على ذلك.
نهضة بركان ضد اتحاد العاصمة.. هل تفوقت السياسة على الرياضة؟
في الآونة الأخيرة، أصبحت واقعة مواجهة نهضة بركان ضد اتحاد العاصمة على كل لسان، بل تجاوزت الحدود العربية والإفريقية لتصير حديث العالم.
هي مجرد مباراة في كرة القدم، بين فريق مغربي وآخر جزائري في نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية، ينص نظام البطولة على إجراء مبارتين ذهابا وإيابا لتحديد هوية المتأهل إللى العرس الختامي، وانتهى الموضوع.
الأمور لم تكن بتلك البساطة، الحكاية بدأت عندما وصلت بعثة نهضة بركان المغربي إلى مطار “هواري بومدين” في الجزائر العاصمة، حيث قامت السلطات الجزائرية باحتجاز أقمصة الفريق المغربي، بدعوى أنها موشحة بخريطة المغرب التي تتضمن الصحراء.
وجود رسم الخريطة قبل مباراة نهضة بركان ضد اتحاد العاصمة، اعبرته السلطات الجزائرية والاتحاد الجزائري لكرة القدم مخالفا لقوانين الكاف، وتسييسا للرياضة خصوصا وأن الصحراء التي تضمنتها الخريطة موضوع نزاع لدى الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنوات.
قام الاتحاد الجزائري بصنع قمصان مشابهة لقميص نهضة بركان (دون خريطة) فرفض الفريق المغربي اللعب بقميص غير قميصه المصادر لدى مصلحة الجمارك في المطار.
لم تجرى مقابلة نهضة بركان ضد اتحاد العاصمة، وأقرت لجنة الأندية التابعة للإتحاد الإفريقي لكرة القدم بفوز نهضة بركان تقنيا بنتيجة (3 – 0) بعد ذلك اتجه وليد صادي رئيس الاتحاد الجزائري إلى المحكمة الرياضي الدولية بطلب اسعجالي، لكن “الطاس” ردت برفض الطلب.
الإياب لم يختلف كثيرا عن الذهاب في كأس الكونفدرالية الإفريقية
موعد الإياب في المغرب، بين نهضة بركان ضد اتحاد العاصمة حطت بعثة اتحاد العاصمة رحالها بمطار “وجدة أنجاد” وخاضت حصصها التدريبية المبرجة بشكل طبيعي، قبل رفض خوض المباراة بالملعب البلدي بركان، والتوجه نحو المطار ثم العودة إلى الجزائر دون خوض المباراة.
قرار “كاف” كان متوقعا، كما جاء في بلاغ رسمي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أقر مجددا بفوزنهضة بركان ضد اتحاد العاصمة بثلاثية دون مقابل والتأهل رسميا إلى نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لملاقاة الزمالك المصري.
بسبب أزمة القمصان.. غياب نجمي نهضة بركان عن نهائي الزمالك
إن كان فريق نهضة بركان لم يتأثر على مستوى النتيجة التي أقرها الاتحاد الإفريقي لصالحه وأعلن بلوغه رسميا نهائي المسابقة الإفريقية الرديفة، فإنه قد يتأثر بغياب لاعبين بارزين.
على هامش عدم إجراء مبارتي نهضة بركان واتحاد العاصمة، يغيب متوسط ميدان الفريق عمر العرجون عن موقعتي الذهاب والإياب بعد طرد ضد أبو سليم الليبي في ربع النهائي.
ويغيب الظهير الأيمن حمزة الموساوي عن موقعة الذهاب، ليعود للمشاركة إيابا بعد غيابه سلفا عن مباراة إياب ربع النهائي، ما يعني تبقي مباراة وحيدة في فترة عقوبته.
للإشارة، تشير مصادر صحفية مقربة من نهضة بركان إلى انتظار الفريق ردا مكتوبا من لجنة الأندية، لتأكيد غياب الثنائي الذي لا تزال مشاركته من عدمه محور جدل.
الحقيقة أن الأزمة بين البلدين الجارين المغرب والجزائر، رياضيا، تعود جذورها لوقائع سابقة بدرجات تشنج متفاوتة بين حالة وأخرى.
رفض المغرب السفر المزدوج للمشاركة في كأس أمم إفريقيا للمحليين التي أقيمت بالجزائر
وخلال أقل من سنتين يقع فيها سجال قانوني بين المغرب والجزائر، فالمنتخب المغربي للمحليين لم يسافر إلى الجزائر للمشاركة في بطولة العام الماضي لأنه كان يطالب بتوفير رحلة مباشرة إلى الديار الجزائرية بداعي أن الخطوط الملكية المغربية هي الناقل الحصري للمنتخبات الوطنية المغربية.
وهو الأمر الذي رفضته السلطات الجزائرية التي علقت الرحلات الجوية بين المغرب والجزائر، ليغيب المغرب عن البطولة مع إلغاء جميع نتائجه في تلك المسابقة دون إصدار أي عقوبات.
انسحاب الجزائر قبل مواجهة المغرب في البطولة العربية للشباب لكرة اليد
انسحب المنتخب الجزائري لكرة اليد من مباراة كانت ستجمعه بنظيره المنتخب المغربي ضمن البطولة العربية للشباب.
وبرر الاتحاد الجزائري قرار الانسحاب إلى مجموعة من الأسباب، من بينها إصرار المغرب على “ارتداء قمصان ذات دلالات سياسية”.
يتساءل الشارع الرياضي المغربي والجزائري اليوم، إلى متى ستسمر هذه الوقائع التي تمس بسمعة الكرة الإفريقية عامة، ونحن مقبلون على أحداث رياضية وازنة كأمم إفرقيا 2025 وكأس العالم 2023 وأحداث رياضية أخرى ستقام في المغرب مستقبلا؟