في حياة الرياضيين الذين يغادرون أوطانهم بحثًا عن المجد، تظل الذكريات الأولى والمنزل الذي شهد بداياتهم حاضرة في وجدانهم، بالنسبة للاعب مثل لوكا مودريتش، يمثل منزل الطفولة أكثر من مجرد بناء؛ إنه الرابط الذي يعيده إلى جذوره، ويمثل المكان الذي بدأت فيه أحلامه، خاصةً وأنه نشأ وسط تحديات الحياة، لذا تظل قريته ومنزله الطفولي جزءًا لا يتجزأ من هويته.
لوكا مودريتش أسطورة نادي ريال مدريد الإسباني، وأحد أعظم لاعبي كرة القدم في العالم، يُعد رمزًا وطنيًا لكرواتيا، ولكنه أيضًا إنسان يحمل ذكريات مؤثرة عن وطنه، على الرغم من النجاحات التي حققها على المستوى الدولي، تظل كرواتيا، وتحديدًا منزل طفولته، محفورة في ذاكرته ومصدر فخره.
على صعيد متصل؛ لوكا ليس مجرد لاعب كرة قدم؛ إنه فنان يُترجم الإبداع إلى حركة، يتميز بأسلوب لعب ساحر يعتمد على الدقة والذكاء، حيث يُعتبر مايسترو خط الوسط الذي يجعل الأمور تبدو أسهل مما هي عليه في الحقيقة، تمريراته الدقيقة، وقدرته على التحكم بالكرة تحت الضغط، جعلت منه أحد أعظم اللاعبين في مركزه.
بالإضافة إلى مهاراته الفنية، يُعرف مودريتش بشخصيته القيادية التي تجمع بين التواضع والحزم. إنه قائد بالفطرة، سواء كان يحمل شارة القيادة مع المنتخب الكرواتي أو يلعب دورًا محوريًا في ريال مدريد، تأثيره الإيجابي على زملائه يجعل منه قدوة يُحتذى بها.
قصة منزل لوكا مودريتش وإلهام طفولته
على سفح جبل فيليبيت، في منطقة زاتون أوبروفاتسكي بكرواتيا، يقبع منزل طفولة مودريتش الذي تحوّل مع الزمن إلى أطلال مهجورة، هذا المنزل الذي كان شاهدًا على طفولة مليئة بالتحديات، أصبح اليوم محط اهتمام دولي، بعد زيارة ثلاثة سائحين صينيين توقعوا العثور على متحف هناك، ليجدوا بدلًا من ذلك بقايا منزل متداعٍ.
ترتبط قصة منزل مودريتش بفصلين مؤثرين من تاريخ كرواتيا: حرب الاستقلال الكرواتية والرياضة، طفولته، التي تداخلت مع هذه الأحداث، جعلت من قصته موضوعًا مثيرًا للزوار الذين يتوافدون إلى المنطقة، مستفسرين عن تفاصيل حياته وبداياته.
كان منزل لوكا مودريتش في الأساس ملكًا لعائلته، حيث عاش جده، الذي يحمل نفس اسمه، وعمل في صيانة الطرق. لكن القصة تحمل في طياتها مأساة، إذ فقد الجد حياته في ديسمبر 1991 أثناء الحرب، مما أجبر الأسرة على الرحيل واللجوء.
The childhood home of Luka Modrić set to be restored… https://t.co/6WK3tKeGTY
— Croatia Week (@CroatiaWeek) December 18, 2024
رغم القيمة التاريخية والثقافية للمنطقة، إلا أنها مهجورة إلى حد كبير اليوم. الطريق المحيط بالمنزل، الذي كان يومًا شريانًا يربط دالماتيا بليكا، أصبح منسيًا، ولا يغامر الكثيرون بالسير فيه، على الرغم من عزلة المكان، يجذب منزل مودريتش اهتمام السياح، خاصة خلال فصل الصيف، الزوار الذين يصلون إلى المنطقة يسألون عن تفاصيل المكان وعن اللاعب الشهير الذي ترعرع هنا، ما يبرز أهمية المنطقة كجزء من ذاكرة كرواتيا.
استجابة للاهتمام المتزايد، ظهرت فكرة ترميم منزل طفولة لوكا مودريتش وتحويله إلى مركز تفسيري. الهدف من هذا المشروع هو عرض جوانب الحياة التقليدية في المنطقة وقصص الأفراد المهمين، وتسليط الضوء على الجمال الطبيعي والارتباط التاريخي بالمكان، ويعتقد الخبراء أن تحويل المنزل إلى مركز جذب سياحي سيساهم في إنعاش المنطقة، مستفيدين من شهرة مودريتش العالمية. يمكن أن تصبح قرية سكوتينوفاك وجهة سياحية جديدة، تجمع بين الطبيعة الساحرة والتاريخ المثير.
منزل طفولة مودريتش يمثل البداية، المكان الذي زرع فيه جذور طموحه وأحلامه، رغم المسافات التي تفصل بينه وبين هذا المنزل، إلا أن ذكرياته هناك كانت الدافع الأساسي وراء كل نجاح حققه، ترميم هذا المكان يعكس احترامًا لتاريخ اللاعب وإنجازاته، قصة لوكا مودريتش، بدءًا من طفولته الصعبة وحتى وصوله إلى القمة، تلهم الملايين حول العالم، الاحتفاء بمنزل طفولته ليس فقط عن إحياء ذكرى لاعب كرة قدم عظيم، بل عن تكريم رحلة إنسانية مميزة تحمل دروسًا في الصمود والإبداع.
[/sc]