منحوه الجنسية البرازيلية .. فينيسيوس يعود أمام كولومبيا

في البرازيل، كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي عقيدة، إرث يتناقله الأجيال، وساحة لا مكان فيها للمترددين؛ النجم فينيسيوس جونيور، الذي عانى من التناقض الحاد بين تألقه في ريال مدريد وإحباط الجماهير من أدائه مع المنتخب، وجد نفسه بين المطرقة والسندان، لكن أمام كولومبيا، كتب فصلًا جديدًا في حكايته الدولية، مؤكدًا أن الوقت قد حان ليأخذ مكانه بين أساطير السامبا.
لطالما كانت هناك فجوة بين مستوى اللاعبين في أنديتهم ومستواهم مع منتخباتهم، لكن بالنسبة لفينيسيوس، هذه الفجوة كانت شاسعة لدرجة جعلت بعض الجماهير تتساءل: “هل نراه في ريال مدريد لاعبًا مختلفًا؟”، في النادي الملكي، هو قائد الهجوم، الجناح الذي يخترق الدفاعات مثل نصل حاد، لكن مع البرازيل، كان يبدو وكأنه لاعب آخر، يفتقد الجرأة والحسم، ويتراجع أمام الضغط.
هذه التناقضات ولّدت موجة انتقادات عنيفة، ليس فقط من المشجعين، بل حتى من أساطير اللعبة، الصحفي البرازيلي الشهير باولو فينيسيوس كويلو قال بعد خسارة البرازيل أمام باراجواي في 2024: “فينيسيوس لاعب رائع، لكن مع البرازيل يبدو كأنه ينسى كيف يلعب كرة القدم“، فيما صرح النجم السابق روماريو: “نحن لا نحتاج لمراوغين فقط، نحتاج لمن يعرف كيف يُنهي الهجمات“.

الانتقادات تتصاعد.. وفينيسيوس في مرمى النار
بعد خروج البرازيل من كوبا أمريكا 2024، تحولت الانتقادات إلى ما يشبه الحملة الإعلامية ضد فينيسيوس، الصحف تساءلت عن قيمته الحقيقية مع المنتخب، والجماهير البرازيلية على وسائل التواصل الاجتماعي لم تتردد في توجيه الإهانات والسخرية، بعض المشجعين وصفوه بـ”راقص التيك توك” في إشارة إلى احتفالاته الراقصة، بينما كتب أحدهم: “فينيسيوس؟ هذا لاعب ريال مدريد، ليس لاعبًا في منتخبنا”.
في أكتوبر 2024، أدلى الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا بتصريحات مثيرة للجدل حول لاعبي المنتخب الوطني المحترفين في الخارج، بعد فوز البرازيل على تشيلي 2-1 في تصفيات كأس العالم 2026، أشار لولا إلى أن اللاعبين المحليين ليسوا أقل كفاءة من المحترفين في الخارج، قائلًا: “أولئك الذين في الخارج ليسوا أفضل من الموجودين هنا”.
— FIFA World Cup (@FIFAWorldCup) March 21, 2025
90'+9' – VINICIUS JR. GOLAZO!#WeAre26 | #FIFAWorldCup pic.twitter.com/1EwUiYlDyw
واقترح لولا خلال مقابلة إذاعية مع رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم إمكانية استدعاء اللاعبين المحليين فقط لتمثيل المنتخب الوطني، مما يعني استبعاد نجوم مثل فينيسيوس جونيور، رودريجو، وإيدير ميليتاو من ريال مدريد، ورافينيا من برشلونة، وأضاف: “في هذه اللحظة، لا يوجد جارينشا أو روماريو في الفرق الأجنبية؛ مجرد مجموعة من الشباب الذين لم يتألقوا بعد”.
لكن وسط كل هذا، كان فينيسيوس يعلم أن الطريقة الوحيدة لإسكات المنتقدين ليست في الرد بالكلام، بل في الرد داخل الملعب.
مباراة كولومبيا.. ليلة فينيسيوس لإثبات الذات
جاءت مواجهة كولومبيا في 20 مارس 2025 كفرصة ذهبية لاستعادة الثقة، البرازيل كانت في موقف حساس في تصفيات كأس العالم، والفوز كان ضروريًا للبقاء في السباق، منذ اللحظات الأولى، بدا واضحًا أن فينيسيوس دخل المباراة بعقلية مختلفة، عقلية اللاعب الذي يعرف أن هذه الليلة قد تكون نقطة تحوّل في مسيرته الدولية.
في الدقيقة السادسة، اخترق الدفاع الكولومبي بسرعة مذهلة، مجبرًا دانييل مونوز على ارتكاب خطأ داخل منطقة الجزاء، رافينيا ترجم الفرصة إلى هدف أول للبرازيل، لكن فرحة الجماهير لم تدم طويلًا، حيث عاد لويس دياز وسجل هدف التعادل لكولومبيا قبل نهاية الشوط الأول.
الشوط الثاني كان أشبه بمعركة تكتيكية، لكن مع دخول الدقائق الأخيرة، ظهر فينيسيوس في المشهد كما لم يظهر من قبل، في الدقيقة 90+9، تسديدة صاروخية من مسافة 30 مترًا تخترق الشباك، ليُعلن فوز البرازيل في اللحظة الأخيرة، ويُعلن معه عودة فينيسيوس الحقيقية بقميص السامبا.
بهدف قاتل.. البرازيل توقف إهدار النقاط
— SSC (@ssc_sports) March 21, 2025شاهد أهداف اللقاء
#تصفيات_أمريكا_الجنوبية#البرازيل_كولومبيا | #SSC pic.twitter.com/IY1rJe7BIa
ما إن أطلق الحكم صافرة النهاية، حتى امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بردود الفعل، الحسابات التي كانت تنتقده بالأمس، عادت للإشادة به اليوم/ أحد المشجعين كتب: “لقد أخطأنا في حقك يا فيني، سامحنا“، بينما نشر آخر مقطعًا لهدفه معلّقًا: “هذا ليس مجرد هدف، هذا إعلان رسمي: فينيسيوس نجم البرازيل الجديد“.
بعد البحث في الصحف البرازيلية حول أداء فينيسيوس جونيور في مباراة البرازيل ضد كولومبيا، وُجدت بعض العبارات التي أشادت بأدائه، صحيفة “UOL” وصفت فينيسيوس بأنه “أفضل لاعب في العالم أنقذ البرازيل”، مشيرة إلى هدفه الحاسم في الدقيقة 98 الذي منح البرازيل الفوز بنتيجة 2-1.
كما منحه موقع “O Globo” تقييمًا بلغ 7.5، واصفًا إياه بـ”الحاسم”، حيث تسبب في ركلة الجزاء التي أدت إلى الهدف الأول وسجل الهدف الثاني الذي ضمن الفوز للبرازيل.
رغم أن هذا الفوز غيّر الكثير من المفاهيم، إلا أن الضغط لم ينتهِ بعد، الجماهير البرازيلية لا تنسى، وهي تتوقع المزيد، مباراة الأرجنتين القادمة ستكون اختبارًا حقيقيًا لفينيسيوس، ليس فقط لتأكيد تألقه، ولكن لإثبات أن ما حدث أمام كولومبيا لم يكن مجرد لحظة عابرة.
الطريق ما زال طويلًا، لكن ما هو مؤكد أن فينيسيوس لم يعد ذلك اللاعب الذي يشكك الجميع في قدرته على التألق مع المنتخب، الآن، هو ليس مجرد نجم في ريال مدريد، بل أصبح نجم البرازيل أيضًا.