مشاهد غير أخلاقية في كأس العالم.. واقعة بصق تعيد العداوة التاريخية بين هولندا وألمانيا
يكرهوننا أكثر مما نكرههم
لقد قتلوا النازيون والدي
بالنسبة لي كرة القدم هي الحرب
أكره هؤلاء النازيون.. أكبر خطأ في المباراة أننا أردنا إذلالهم
مباريات هولندا كلفتني سنوات من عمري
ليست كلمات حرب سامة وليست تصريحات لجنود على أرض المعركة بل كانت على أفواه لاعبين كرة قدم لتشرح مدى العداء بين ألمانيا وهولندا التاريخي على مدار السنوات الماضية.
ويعود العداء التاريخي بين ألمانيا وهولندا للحرب العالمية الثانية في الفترة ما بين 1939 إلى 1945 وعلى مدار خمس سنوات لم تنسى هولندا ما حدث من الاحتلال الألماني وهو ما نتج عنه وفاة ما يقرب من 250 ألف مواطن، لتنشب معه العداء الكبير بين البلدين والذي وصل للقتال بينهما على أرضية الملعب خلال المواجهات الكبرى.
وبالرغم من أن العلاقة السياسية هادئة بين البلدين لكن الشعب الهولندي لا ينسى ما فعله الألمان خلال فترة الحرب حيث لا يزال ما حدث عالقاً في الأذهان بعدما ظن الجميع أن كل شيئاً قد انتهى.
ولكن ما كشفته مباريات كرة القدم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية كان دليلاً واضحاً على المشاحنات الكبيرة بين البلدين، وكانت حرب التصريحات مشتعلة والأجواء بينهما متوترة حتى وصل الأمر إلى الاشتباك والتعدي بالضرب بينهما على أرضية الملعب.
ونتج عن الصراع بين ألمانيا وهولندا العديد من المواقف الغير أخلاقية على أرض الملعب ولعل أبرزها واقعة بصق فرانك ريكارد لاعب وسط منتخب هولندا على الألماني رودي فولر في كأس العالم 1990.
شهد مونديال 1990 في إيطاليا عداء جديد بين هولندا وألمانيا البداية كانت قبل انطلاقة اللقاء عندما قامت جماهير كلا المنتخبين بصافرات استهجان خلال عزف النشيد الوطني لكل منتخب وهو ما وصل إلى اللاعبين على أرض الملعب لتبدء المباراة متوترة بتدخلات وخشونة عنيفة ومتعمدة.
وافي الدقيقة 20 من زمن الشوط الأول تدخل فرانك ريكارد على فولر بقوة في منتصف الملعب ليحصل اللاعب الهولندي على البطاقة الصفراء بعدما بصق على فولر في مشهد غير أخلاقي لم يشاهده حكم اللقاء حاول فولر شرح ما حدث إلى الحكم بالإشارة إلى شعره وبصق ريكارد إلا أنه قرر استئناف اللعب.
وبعدها بدقيقة واحدة حدثت مشادة جديدة على أرض الملعب بين حارس هولندا وفولر ليتدخل ريكارد من جديد لجذب اللاعب الألماني من أذنه ووقتها قرر الحكم طردهم سوياً من الملعب في الدقيقة 22.
لم يكتفي ريكارد بكل ذلك بل خلال التوجه إلى غرف خلع الملابس عاد من جديد ليبصق على رودي فولر وقبل الرد على هذا التصرف قام عدد من الجهاز الفني لمنتخب هولندا بالتحرك نحو ريكارد للخروج معه من الملعب وحمايته من رد فعل فولر.
وتعجب فولر من طرده من المباراة بالرغم من أنه الشخص المعتدي عليه من ريكارد سواء بالخشونة والتدخلات العنيفة أو من البصق في الوجه وخرج بعد اللقاء قائلاً: “لقد بصق ريكارد عليّ وتم معاقبتي وطردي معه لا أفهم قرار الحكم”.
الجماهير الهولندية بالرغم من طرد واحد من نجوم المنتخب وقتها ريكارد من المباراة إلا أنها كانت سعيدة بما حدث للانتقام من الألمان بعد سنوات طويلة من الاحتلال بالحرب العالمية الثانية.
اعتذار ريكارد
بعد خمسة أشهر من واقعة البصق في مونديال 1990، حاول ريكارد تقديم الاعتذار إلى فولر وذلك خلال مباراة جمعت بينهما بالدوري الإيطالي حيث كان يلعب وقتها ريكارد مع ميلان فيما مثل فولر فريق روما.
وقال ريكارد في اعتذاره إلى فولر بعد لقاء ميلان وروما بالدوري الإيطالي: ” لقد كنت مخطئا بما حدث في كأس العالم لعبت المباراة بضغط كبير بعد الانفصال عن زوجتي، بالطبع احترم فولر بشدة لكن جن جنوني بعد رؤية البطاقة الحمراء”.
وأضاف: ” اعتذرت إلى فولر بعد اللقاء وسعيد بتقبله لاعتذاري، وأنا لا أحمل شعور سئ ضد أي لاعب، وما حدث مجرد لحظة عاطفية نتيجة انفصالي عن زوجتي”.
في الوقت نفسه تقبل فولر اعتذار ريكارد قائلاً: ” قبلت الاعتذار من ريكارد ولكن لا أفهم حتى الآن لماذا تم طردي من الملعب اعتقد أن الحكم سيأخذ هذا السر معه إلى قبره، ولكني اعتقد أن الحكم قرر طردنا سوياً ليكون تهديد للبقية بسبب المشاكل بين ألمانيا وهولندا”.
كل شيء في الزبدة
حرص ريكارد في عام 1996 بعد 6 سنوات على واقعة البصق في المونديال على تصوير إعلان لأحد شركات الزبدة الهولندية ليجتمع من جديد مع فولر بعد واقعة العداء.
وحمل شعار الإعلان الهولندي لشركة الزبدة وقتها جملة: ” “كل شيء في الزبدة مرة أخرى”، وهو مثل ألماني يعني انتهاء الخصام وعودة الأمور من جديد في سلام.
وحاولت الصحف مهاجمه فولر على قبول الإعلان والظهور مع ريكارد من أجل جمع الأموال إلا أنه أكد لوسائل الإعلام تبرعه بجميع المستحقات إلى العمل الخيري وهو نفس الموقف من الهولندي ريكارد.
مشاهد من عداء ألمانيا وهولندا التاريخي
بعد انتهاء الحرب بين ألمانيا وهولندا وانتهاء الغزو الألماني حاول الاتحاد الأوروبي تنظيم العديد من المباريات الودية في محاولة لتهدئة الأوضاع وللسيطرة على العداء بين البلدين خاصة قبل نسخة كأس العالم 1974، وبالفعل خاض المنتخبين 4 مباريات ودية لإعادة العلاقات بين الجارتين ولم تشهد أي صراعات كبيرة.
ولكن مع أول مباراة رسمية بينهما في نهائي كأس العالم 1974 في ألمانيا ظهرت الكتيبة الهولندية مشحونة في محاولة للرد على الغزو الألماني الذي ساد البلاد لمدة 5 سنوات ليقول وقتها مدرب المنتخب الهولندي قبل اللقاء للاعبين: “بالنسبة لي الآن كرة القدم هي الحرب”.
وبالرغم من حاولة منتخب هولندا رد الاعتبار والفوز بالمباراة النهائية إلا أن منتخب ألمانيا الغربية فاز وقتها بهدفين مقابل هدف ونجح في التتويج باللقب ليخرج معلق التليفزيون الهولندي هيرمان كويبهوف قائلاً: “خدعونا مرة أخرى”.
حاولت ألمانيا تنظيم حفل عقب المباراة من أجل تلطيف الأجواء من جديد ولكن غاب ويليام فان هانيجم لاعب وسط هولندا وبسؤاله عن سبب الغياب عن الحفل قال: ” أكره هؤلاء النازيون لقد قتلوا عائلتي.. والدي وشقيقتي واثنين من اخواتي.. كلما لعبنا ضدهم امتلئ بالغضب”.
التقى المنتخبين من جديد يف مونديال 1978 وانتهت بالتعادل الإيجابي 1-1 وشهدت المباراة اشتباكات ليست فقط داخل الملعب بل أيضاً على مقاعد البدلاء وطرد وقتها لاعب منتخب هولندا ديك نانيجا بعد اشتباك مع بيرند هولزينباين.
أما في نسخة يورو 1980 لم تكن مباراة المنتخبين في كرة القدم بل كانت في الملاكمة واعتدى وقتها جوني ريب لاعب هولندا على توني شوماخر حارس ألمانيا، ثم تعرض بيرند شوستر لاعب ألمانيا للكمة في العين من رينيه فان دير كيركوف.
وكانت أبرز التصريحات بعد هذه المباراة من جانب لاعب ألمانيا كارل هاينتس فورستر قائلاً: “هم يكرهوننا أكثر مما نكرهم”