متخاذل في كأس العالم – حكاية واين روني مع منتخب إنجلترا
ربما تتجسد معاناة أحدهم في استهلاك طاقته بالكامل في طريق الرحلة، لكن حتى وأن مرّ في ذاك الطريق بلحظات قد توصف تارة بالمعجزة وتارة أخرى يشبهونها بالسيناريو المُلهم، لكن لحظة الوصول إلى اللحظة الحاسمة؛ كل ما يقوى على معانقته هو الفشل.. فقط فشل يغلفه انهيار لأحلامه، ليعود لنقطة الصفر ويواصل العمل جاهدًا من البداية.
هكذا أيضًا في كرة القدم.. هناك أسطورة شهيرة تقول: ” كرة القدم لا تنصف اللاعب في كل مرة! “، ربما تبتسم له طوال الوقت، لكن تأبى وتتمنع عليه وترفضه رفضًا قطعي في مرة وحيدة! ولأن كرة القدم غير أي لعبة أخرى، فقد يصبح اللاعب ورغم ما قدمه في طريق الرحلة، هو المذنب.. المتخاذل الذي فشل في حمّل إسم فريقه أو منتخب بلاده إلى قمة المجد.
في سلسلة “متخاذل في كأس العالم”، سنرصد بعض اللاعبين الذين منحهم التاريخ فرصة لأن يضعوا أسمائهم بأحرف من ذهب في العُرس العالمي؛ كأس العالم، إلا أنهم رفضوا الهدية في المحطة الأخيرة، ربما سنقسو قليلًا على بعض اللاعبين، لكن تاريخ كرة القدم لا يكذب ولا يغفر ولا يتغافل أيضًا، فهذا كله ما حدث بالضبط!
خلال الحلقة الأولى من سلسلة “متخاذل في كأس العالم”، سنتحدث عن حكاية الإنجليزي واين روني مع منتخب إنجلترا في ثلاث نسخ مختلفة من بطولة كأس العالم، 2006 و2010 و2014.
مسيرة دولية بعنوان: من قمة التألق إلى حب البقاء في القاع
واين روني بدأ مسيرته مع المنتخب الإنجليزي في 2003، وكان أولى مشاركاته في بطولة رسمية مع الأسود الثلاثة في يورو 2004، في تلك النسخة من البطولة الأوروبية، نجح في وضع أسمه بين الكبار رغم صغر عمره، حتى أنه أصبح أصغر هداف للبطولة في تاريخ أمم أوروبا.
أما عن ثانِ مشاركاته الرسمية مع منتخب إنجلترا، كانت في العُرس العالمي، كأس العالم 2006، تلك النسخة التي أقيمت في ألمانيا، حين سقط الإنجليزي في المجموعة الثانية، رفقة كلًا من: ” السويد – باراجواي – ترينيداد وتوباغو “.
لم يشارك روني في أولى مباريات إنجلترا في مرحلة دور المجموعات أمام باراجواي، حيث ظل حبيسًا على مقاعد البدلاء، لكن الأسود الثلاثة تمكنت من الفوز بنتيجة 1-0.
لكنه تواجد في المباراتين التاليتين مباشرة، أمام ترينيداد والسويد، فازت إنجلترا أمام الأول بنتيجة 2-0، بينما خيم التعادل على مباراة السويد 2-2.
ضمن الإنجليزي التأهل كأول المجموعة لمواجهة الإكوادور في ثمن النهائي، في مباراة قوية انتهت بهدف نظيف لإنجلترا قبل الدقيقة 90، ليتأهل بذلك الأسود الثلاثة نحو ربع النهائي.
نقطة سوداء في مسيرة واين روني
لكن ما حدث في مباراة دور ربع النهائي، مثّل نقطة سوداء في مسيرة واين روني الدولية مع منتخب إنجلترا، في واقعة وصفها بـ”أكثر شعور سيء له مع كرة القدم “.
في دور الـ 16، ضرب الإنجليز موعدًا مع البرتغال، إنجلترا بقيادة بيكهام وواين روني في الهجوم، والبرتغال على الناحية الأخرى بقيادة كريستيانو رونالدو، الثنائي الذي لطالما تشاركا في قيادة هجوم مانشستر يونايتد قبل هذا اليوم.
كان الأسود الثلاثة لديهم ثقة فريدة من نوعها بالتأهل نحو نصف النهائي، لكن خطيئة روني سهلت المهمة على البرتغال الذي لدغ الإنجليزي في النهائية ببسيناريو دراماتيكي.
كانت المباراة تسير نحو التعادل السلبي حتى جاءت الدقيقة 61، حين جذب ريكاردو كارفالو مهاجم إنجلترا واين روني ومن ثم قام بدفعه أرضًا، نظر المهاجم الإنجليزي لحكم المباراة الذي طالبه باستكمال اللعب ولم يحتسب أي خطأ.
رد فعل حكم اللقاء استفز واين روني كثيرًا، فقرر وبدون تفكير على الإطلاق، الاعتداء على ريكاردو كارفالو من الخلف بطريقة غير أخلاقية.
يقول روني عن تلك الواقعة لصحيفة “تايمز”: ” اعتديت على كارفالو بقدمي في لقطة لم أفكر خلالها أبدًا بعقلي، لقد كانت رد فعل لعدم احتساب حكم المباراة مخالفة لي بالأساس، كان هناك خطأ واضح لي لم يتم احتسابه “.
وأضاف روني: ” عندما تقدم الحكم نحوي كنت أعرف أنه سيرفع في وجهي البطاقة الحمراء! شاهدت بقية المباراة على شاشة صغيرة في غرفة الملابس وسيطر على تفكيري شيء وحيد، إذا فزنا سيتم إيقافي في نصف النهائي والنهائي، وإذا خسرنا سأكون أنا المذنب الوحيد هنا، كان ذلك أسوأ شعور لي مع كرة القدم “.
وبالفعل خسرت إنجلترا أمام البرتغال بركلات الحظ الترجيحية بنتيجة 3-1، بالرغم من أداء البرتغال في تلك المباراة، لكن برازيل أوروبا لم يصمد في نصف النهائي الذي اصطدم فيه مع منتخب فرنسا، وخسر المباراة بهدف نظيف لزين الدين زيدان.
حتى أن البرتغال لم تقدر على مجابهة منتخب ألمانيا في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، وخسرت بنتيجة 3-1، وربما إذا لم يُطرد روني وساعد بلاده في عبور البرتغال، كان سيكون ندًا قويًا أمام منتخب فرنسا في نصف النهائي وتتزايد فرصه في حصد ميدالية بين الثلاث الأوائل لكأس العالم.
استمرار التخاذل.. هدف وحيد في 3 نسخ في كأس العالم
واين روني بالرغم من تواجده مع منتخب إنجلترا في كأس العالم 2010، وبرغم مشاركته في مباريات مرحلة دور المجموعات بالكامل! لكنه فشل في التسجيل في أي مباراة، بخلاف الخسارة أمام ألمانيا في دور الـ 16 وتوديع البطولة باكرًا.
لكن ما حدث في كأس العالم نسخة 2014، كان الأكثر غرابة في مشواره الدولي في البطولة الأضخم عالميًا، لك أن تتخيل أن مهاجم بحجم واين روني سجل أول أهدافه في كأس العالم على الإطلاق مع إنجلترا في ثانِ مبارياته في دور المجموعات في تلك النسخة!
حيث سجل هدفًا في مباراة إنجلترا والأوروجواي التي خسرها منتخب بلاده بنتيجة 2-1، بخلاف خسارة الأسود الثلاثة أمام منتخب إيطاليا في افتتاحية مباريات البطولة بنتيجة 2-1، حتى أن إنجلترا فشلت في الفوز في آخر مباريات المجموعات أمام كوستاريكا التي انتهت بالتعادل 0-0.
ودع منتخب إنجلترا البطولة! ولم يظهر روني في نسخة كأس العالم الأخيرة بعدما قرر إنهاء مسيرته الدولية ووضع حدًا لظهوره بقميص منتخب إنجلترا.
برغم أن واين روني صنع المجد والتاريخ ووضع إسمه بين الكبار في تاريخ الدوري الإنجليزي ومانشستر يونايتد، لكنه لم يقدم أي شيء لمنتخب إنجلترا في كأس العالم وكذلك في المحافل الدولية على مستوى قارة أوروبا.