فزورة كأس العالم .. ما اسم الكلب الذي أنقذ الكأس بعد سرقته؟
يقولون عادة لأصحاب القرار: عندما تصبح مسؤولًا – إذًا عليك أن تتحمل عواقب المخاطرة بقراراتك وتواجهها ببسالة وشجاعة.
تذكر هذه الحكمة جيدًا، سأعيدها إليك في جزء من هذه الحكاية، والتي تعود بالأساس إلى عام 1966، لكن نحن سنسير أولًا لأبعد من ذلك قليلًا حتى آخر نسخة قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية.
في سنة 1939 ، كانت لا تزال الاحتفالات تجوب إيطاليا من الشمال وحتى الجنوب بعد تتويج منتخب إيطاليا بكأس العالم في العام الذي سبقه مباشرة، قبل أن تندلع الحروب لتطفئ شغف وفرحة الطليان ومعهم جميع الشعوب في أوروبا.
وفي عز اشتعال الحرب العالمية الثانية، قرر “أوتورينو باريتزي” نائب رئيس الاتحاد الإيطالي، أتخذ قرار هو الأشجع على الإطلاق، بعدما قرر التوجه صوب متحف الاتحاد الإيطالي في مهمة سرية للغاية.
عادة ما كانت الدول الفائزة بكأس العالم تحتفظ بالكأس الذهبية حتى انطلاق النسخة الجديدة منه، لكن وجود إيطاليا طرفًا في الحرب العالمية، جعل “باريتزي” يشعر بالقلق حيال مصير كأس العالم الموجود داخل متحف الاتحاد الإيطالي، فماذا فعل ؟
حين أخفت إيطاليا كأس العالم داخل صندوق أحذية
الروايات تقول أن “باريتزي” قرر سرقة كأس العالم من متحف الاتحاد الإيطالي وذهب به إلى منزله! فيما بعد اتضح أن نائب الاتحاد الإيطالي يحمي الكأس بطريقة غير تقليدية على الإطلاق، بعدما احتفظ به داخل صندوق أحذيته المغطى بقماش القطيفة ووضع الصندوق أسفل سريره!
رواية أخرى تقول، أن قوات “أس أس” التابعة للنازية الألمانية وهتلر، اقتحمت منزل “باريتزي” ذات مساء بعدما وصلتهم معلومة بوجود الكأس الذهبية لديه، وبالفعل القوات بدأت تفتش أرجاء البيت ولم تترك شبرًا، حتى أن وجهه “باريتزي” كان العرق قد اكتسى به كله من شدة التوتر والقلق.
أحد أفراد قوات “أس أس” نظر أسفل الفراش بالفعل، لكنه لم يظن أبدًا أن الكأس ستكون داخل صندوق أحذية، فغادرت القوات في صمت بخلاف ما كانت عليه لحظة اقتحام المنزل!
ومنذ ذلك الحين، لم يخرج كأس العالم من ذاك الصندوق حتى أمضى 6 سنوات كاملة في مكانه أسفل فراش “باريتزي”، حتى انتهت الحروب تمامًا، ودبت الحياة في البطولة مُجددًا، وبات عليه أن يٌسلم الكأس للاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” الذي سيسلمه بدوره إلى الدولة المستضيفة للنسخة الجديدة؛ البرازيل.
فيما بعد، تم اختيار إنجلترا لاستضافة كأس العالم نسخة 1966، وكان على البرازيل أن تُسلم الكأس إلى البلد المستضيف، لكن ما حدث لكأس العالم بعدما وصل إلى لندن كان مثيرًا للغاية.
وكأن كأس العالم الذي مرّ بقصة استثنائية امتدت لـ 6 سنوات في إيطاليا أعجبته الفكرة كثيرًا، فقرر أن يظل في الإثارة والتشويق لفترة أطول، حتى اختفى عن الأنظار تمامًا حين وصل إلى لندن! فأين ذهب وكيف عاد ؟!
اختفاء كأس العالم – إنجلترا تفشل في حماية الكأس فماذا عن تنظيم البطولة؟!
إنجلترا التي تستضيف كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها عام 1966، أتخذ المسؤولين في الاتحاد الإنجليزي هناك قرارًا طريفًا لكنه مغلف ببعض الشجاعة! حين قرر الاتحاد الاحتفاء بوجود كأس العالم على أراضي شهدت مهد كرة القدم بالأصل!
احتفالات الاتحاد الإنجليزي في ذلك الوقت، كانت تتمثل في وضع الكأس داخل قاعة “البريد العامة” لعرضها لعامة الشعب، قبل انطلاق البطولة بـ 4 أشهر!، حيث تم وضع الكأس الذهبية داخل صندوق زجاجي محكم الغلق! وسط حراسة مشددة لكن فيما بعد اتضح أنها ليست مشددة!
وبعدما علم الجميع داخل إنجلترا أن كأس العالم معروضة للعامة، بدأ التوافد على قاعة البريد يزداد بشكل غير طبيعي، حتى تقرر أن يتم وضع ورديات للحراسة على الكأس الذهبية لمضاعفة حمايتها أكثر فأكثر!
كل هذه التحركات لم تخفى عن سارق الكأس، الذي خطط لكل شيء اعتمادًا على تصاعد الأحداث، حتى أنه انتظر حتى جاء موعد تبديل الورديات وتسلل بشكل سريع جدًا إلى مدخل الطواريء، وسرق الكأس وهم بالهروب! كل ذلك حدث بالفعل في دقائق أثناء تغير الوردية بين حراس الأمن.
حاول الاتحاد الإنجليزي التكتم على الخبر بالطبع، حتى يتعرف على سارق الكأس الذي لم ينتظر كثيرًا ليكشف عن نيتّه بعدما سرق الكأس وقبل انطلاق البطولة بـ 4 أشهر!
السارق وفي خطوة جريئة منه قرر إرسال خطاب لرئيس الاتحاد الإنجليزي “جوي ميرز” ليطالبه بالحصول على فدية قدرها 15 ألف جنيه استرليني مقابل أن يعيد الكأس قبل بطولة كأس العالم!
جوي ميرز وافق على دفع الفدية، ولأنه كان في ذلك التوقيت يرأس نادي تشيلسي بجانب رئاسته للاتحاد الإنجليزي، اختار ملعب “ستامفورد بريدج” ليكون مكان تسلم الكأس ودفع الفدية للسارق!
لكن تلك الفكرة لم تكن فكرة “جوي ميرز” بالطبع، فبعدما تسلم رئيس الاتحاد الإنجليزي الخطاب من السارق، تواصل مع الشرطة على الفور، وقامت قوات الشرطة بالتخطيط لتلك المقابلة فيما بعد.
تواجد رجال الشرطة في أماكن يسهل عليها متابعة اللقاء بين “ميرز” والسارق، حتى تتدخل في الوقت المناسب، وفعلًا تم القبض على السارق لكن لم يكن في حوذته الكأس!
وبالرغم أن التحقيق مع السارق ظل قرابة الأسبوع، إلا أن السارق لم يفصح أبدًا عن مكان الكأس، ليضع الاتحاد الإنجليزي وإنجلترا بالكامل في ورطة مع اقتراب موعد انطلاق كأس العالم. فماذا حدث ؟!
ربما هنا جاء موعد تذكيرك بما قرأته في البداية، ” عندما تصبح مسؤولًا – إذا عليك أن تتحمل عواقب قراراتك وتواجهها ببسالة وشجاعة “، مثلما تحمل “باريتزي” خطورة التحفظ على كأس العالم لـ 6 سنوات بالضبط.
الكلب الذي أنقذ كأس العالم من الضياع – صدفة أنقذت إنجلترا من الحرج أمام العالم
“جوي ميرز” ظل عقله يفكر حتى استقر على الحل المثالي، حتى يحفظ لإنجلترا ماء الوجه وينتشلها من الحرج أمام العالم أجمع، فأمر حاشيته بالبدء في نحت كأس جديدة للبطولة، مع استمرار عمليات بحث الشرطة في كل مكان لإيجاد الكأس الأصلية.
إلا أن “جوي ميرز” لم يكن يعلم أن “صدفة” ستخلصه رفقة إنجلترا بالكامل من كل هذا الحرج!
دافي كوربيت رجل إنجليزي بسيط يقطن مقاطعة “نوروود” في جنوب لندن! اعتاد كل صباح اصطحاب كلبه للتنزه قليلًا، وبعد قليل مرت إحدى سيارات الجيران التي يعهدها جيدًا هذا الكلب، فقام بالجري خلفها حتى فقدها تمامًا.
ومن ثم توجه الكلب إلى حديقة كانت إلى جواره بالضبط، فقام السيد “دافي” بالدخول إلى الحديقة للحاق بكلبه وربطه جيدًا حتى يكمل جولته الصباحية، لكن هناك كان على موعد مع شيء سيغير حياته بالكامل!
دافي حين أمسك بالكلب وجده ينهش في شيء ملفوف بداخل ورق جرائد قديم بإحكام شديد، فقرر فتح جزء منها لمعرفة ما بداخلها، وبعد زوال قطعة ورق وجد أمامه قطع دهبية مدون عليها أسماء دول: البرازيل – ألمانيا الغربية – أوروجواي “.
دافي كوربيت، لم يأتي إلى باله يومًا أنه سيعثر على كأس العالم يومًا ما، فبالطبع لم تأتي تلك الفكرة إلى ذهنه عندما شاهد أسماء تلك الدول، فقرر فتح الناحية الأخرى، فوجد أمامه تمثال ذهبي لسيدة تحمل طبق فارع، حتى تغيرت ملامحه من الغرابة إلى شدة الدهشة!!
قرر “دافي” التوجه إلى الشرطة على الفور لتسليم الكأس التي عثر عليها داخل الحديقة، لكن هل ستمر تلك القصة مرور الكرام على الشرطة الإنجليزي ؟!
يروي “دافي” فيما بعد تلك القصة كاملة أمام عدسات كاميرات الإعلام والصحف، فقال: ” توجهت إلى مكتب الشرطة ووضعت الكأس أمام أحد الضباط وقلت له: ” لقد وجدت كأس العالم “، في البداية لم يصدقني أي شخص، حتى أنه قام بالتحفظ علي “
وأضاف دافي: ” فيما بعد جاء ضابط أخر، وقام باصطحابي إلى مقر “اسكوتلاند يارد” ظننت في البداية أنني ذهبت لتسليم الكأس هناك وربما يمنحوني مكافأة لعثوري عليه، لكن ما حدث هناك كان صادمًا “
وواصل دافي: ” قاموا باستجوابي لمدة ساعة تقريبًا، حتى علمت أنني الآن في نظر الشرطة الإنجليزية مشتبه فيه بسبب العثور على الكأس، لكن بعد ساعات طويلة من التحقيق معي قرروا الإفراج عني “
دافي كوربيت يقول أيضًا أنه توجه إلى منزله على الفور بعد نهاية تلك التحقيقات، حتى أنه لم ينظر إلى وسائل الإعلام التي نقلت خبر عاجل من الشرطة الإنجليزية بالعثور على كأس العالم عن طريق رجل يًدعى دافي وكلبه.
ليتفاجئ دافي كوربيت بأن جميع وسائل الإعلام والصحفيين داخل حديقة منزله، ويقومون بتصوير الكلب الذي عثر على الكأس الذهبية وأنقذ انجلترا من الحرج أمام العالم.. وهو الكلب “بيكلز” الذي عثر على كأس العالم وكان سببًا في حفظه من الضياع.
الكلب بيكلز بعد هذا اليوم، حصل على ميدالية شرفية من رابطة الدفاع الوطني عن الكلاب في بريطانيا، وكذلك جائزة كلب العام المقدمة من دولة إيطاليا.
أما دافي كوربيت أخذ مكافأة قدرها 5 ألاف جنيه استرليني من الشركة الخاصة بالتأمين على الكأس ورعاة البطولة أيضًا.
الإثارة تمتد لنهائي كأس العالم 1966 – حين ابتسم ذهب المونديال لإنجلترا أخيرًا
عزيزي.. هل تعلم أن منتخب إنجلترا فشل في الفوز بكأس العالم دائمًا إلا في نسخة وحيد توّج باللقب، والمفاجأة الكبرى أن ذلك التتويج كان في نسخة 1966، وهي نفسها النسخة التي كانت ستشهد على ضياع الكأس الذهبية نهائيًا لولا ذكاء الكلب بيكلز.
وفي لفتة استثنائية من منظمي البطولة والاتحاد الإنجليزي، تمت توجيه دعوة لدافي كوربيت وكلبه بيكلز لحضور الاحتفالات، خاصة وأن لهم فضل كبير في إعادة تلك الكأس.
وفي إحدى اللقطات التي لن تُنسى من أذهان الإنجليز، كان بطلها قائد منتخب إنجلترا في ذلك الوقت “بوبي مور” الذي خرج من شرفة القصر الملكي أمام كافة الجماهير التي خرجت للاحتفال بهم، وهو يحمل الكلب بيكلز وفي يده الأخرى كأس العالم.