لوكا مودريتش ومنتخب كرواتيا.. القدر لن يمنحك كل شيء
لم يكن الشعب الكرواتي يحلم في يوم من الأيام، أن تُصبح بلاده أحد القمم في كرة القدم لمدة 5 أعوام على الأقل، لم يُولد ذلك الحلم بالتتويج بلقب قاري أو حتى كأس العالم، إلا وبسبب أسطورتهم الأولى، ملهمهم ومعشوقهم لوكا مودريتش.
حلم الكرواتيون، حلم معهم مودريتش، لكن تلك الأحلام الجميلة كانت تُختتم بنهاية سيئة، أو على الأقل لم تكن تلك النهاية السعيدة سواء لأجلهم أو لأجل قائدهم لوكا.
منتخب كرواتيا خسر نهائي بطولة دوري الأمم الأوروبية بركلات الحظ الترجيحية أمام إسبانيا، بعد التعادل السلبي في الوقتين الأصلي والإضافي.
لوكا مودريتش بطل تاريخ كرواتيا الحديث
منتخب كرواتيا صادفه سوء الحظ في آخر 5 أعوام بشكل كبير، الكرة التي ابتسمت لـ مودريتش كثيرًا، كانت تأبى أن تُكمل ما اعتادت عليه لساحرها، في الأمتار الأخيرة، لتأتي مباراة إسبانيا الأخيرة مُسببة حزنًا كبيرًا في قلب “لوكيتو” والشعب الكرواتي أجمع.
في مرحلة ما قبل مودريتش بالنسبة لـ كرواتيا، كان النجاح الوحيد هو احتلال المركز الثالث في مونديال 1998 بقيادة دافور سوكر، لكن بعد ذلك؟ إخفاقات متتالية وصلت حتى إلى الفشل في التأهل لكأس العالم، ونتائج مخيبة في مختلف البطولات.
مع “لوكا”، حقق منتخب كرواتيا أكبر إنجاز في تاريخه، ألا وهو التأهل إلى نهائي بطولة كأس العالم 2018، في البداية لقنوا الأرجنتين درسًا قاسيًا بدور المجموعات، ثم أقصوا الدنمارك، منتخب روسيا صاحب الأرض ثم إنجلترا أحد المرشحين للفوز باللقب.
القدر جمع منتخب كرواتيا في مواجهة فرنسا أقوى منتخبات العالم بمنتخب مُدجج بالنجوم، لينهزموا في النهائي بأربعة أهداف مقابل هدفين، لكن الشعب الكرواتي كان فخورًا وفرحًا وسعيدًا، كيف لا؟ وهم استطاعوا أن يحلموا ولوهلة بأنهم أبطالًا للعالم، وكل ذلك كان بسبب مودريتش.. نعم، أفضل لاعب في البطولة بأداء استثنائي، حاملًا بلاده إلى قمة الهرم الكروي مناطحًا الكبار!
بعد تلك البطولة، اعتزل العديد من اللاعبين البارزين، على رأسهم ماريو ماندزوكيتش وإيفان راكيتيتش.. رفض لوكا الإنسحاب رغم أنه كان مُقبلًا على عامه الثالث والثلاثين آنذاك.
بعد مونديال 2018 بـ 4 أعوام، لم يدخل المنتخب الكرواتي مرشحًا بارزًا لنسخة 2022، لكنهم أخذوا في الصعود خطوة بخطوة بقيادة لوكا البالغ من العمر 37 عامًا، بدون خسارة في دور المجموعات، ثم إقصاء اليابان، وإزاحة البرازيل المُرشح الأول للفوز باللقب، ليصطدموا في نصف النهائي بالمنتخب الذي كان لاعبوه مستعدين للتضحية بأرواحهم لتحقيق ذلك اللقب، الأرجنتين، ليخسروا المباراة، ويُكمل رفاق ليونيل ميسي مشوارهم نحو التتويج بالمونديال، ويُحقق رفاق القائد مودريتش المركز الثالث على حساب المغرب، في إنجاز تاريخي، والثابت الوحيد في كل تلك البطولات، أنه كان اللاعب الأفضل في منتخب بلاده، ومن ضمن الأفضل في المسابقة.
رقصة أخيرة تنتهي بحزن كبير
توقع الجميع أن يعتزل ذلك الساحر الكرواتي بعد المونديال، إنه أمر طبيعي بالنسبة للاعب يبلغ من العمر 37 عامًا ويلعب في ناد هو الأكثر تطلبًا وطلبًا للبطولات، ريال مدريد، لكنه أبى ذلك، باغيًا إرضاء نفسه وإسعاد بلاده ببطولة رغم صعوبة ذلك الأمر.
منتخب كرواتيا تأهل إلى نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية، وهنا باتت الفرصة مواتية أكثر من ذي قبل، فهم في مواجهة هولندا، إضافة لتواجد إسبانيا وإيطاليا حيث يعانيان من تراجع المستوى وتغيير الجلد.
مودريتش كان بطل اللقاء الأول أمام هولندا، ليقود بلاده لانتصار في أرض بلاد الطواحين، ليضربوا موعدًا مع إسبانيا في النهائي.
في المباراة النهائية، كان منتخب كرواتيا أفضل، مودريتش لعب مباراة جيدة، سجل ركلة ترجيجية، لكن كل ذلك لم يكن كافيًا، فالقدر لم يرد له أن يحقق بطولة لبلاده، لم يرد له أن يُضيف سعادة إضافية على محيا الشعب الكرواتي، ولم يرد له بأن يضف سعادة خاصة له، ولم يرد أن يفرح مُحبو كرة القدم لذلك الذي اجتمعوا على حبه، لتنتهي تلك المسيرة الاستثنائية – إلا إذا اختار شيئًا آخر – بدون بطولة، ولكن بفخر وشرف يكاد لم يصل إليه لاعب دولي مع منتخب بلاده، ولا يسع كل من أحب ذلك اللاعب، أن الألقاب الدولية خسرته وليس هو من خسرها.