لقطات صنعت التاريخ في كأس العالم – عندما تم تطبيق ركلات الجزاء للمرة الأولى في مباريات المونديال
دائما ما تكون هناك لقطات تصنع التاريخ في كأس العالم، لقطة واحدة تكون سببًا في الكثير من المشاعر سواء كانت بالفرح أو بالحزن، لقطة واحدة تكون قادرة على رفع أحدهم فوق الأعناق، وأخرى قادرة على وضع الطرف الآخر وجهه بالأرض لسنوات.
ويقدم موقع 365Scores بشكل أسبوعي، سلسلة ” لقطات صنعت التاريخ في كأس العالم ” قبل انطلاق كأس العالم 2022، والتي تدور في ذاكرة المونديال لرصد أهم اللحظات المؤثرة التي غيّرت معالم البطولة، أو ربما أثرت على مشوار منتخب ما في نسخة ما بين نسخ البطولة الأضخم عالميًا؛ كأس العالم.
خلال جولتنا هذه المرة، سنعود بذاكرة كرة القدم بشكل عام للخلف قليلًا وتحديدًا حتى ستينات القرن الماضي، للتعرف على السبب الذي جعل أحدهم يفكر في ابتكار “ركلات الجزاء” وكيف كان هذا الابتكار الذي تم إدخاله على الكرة مؤثرًا بشكل لا يُمكن وصفه على الفائز بلقب كأس العالم فيما بعد.
كيف كانت تُحسم مباريات كرة القدم قبل ابتكار ركلات الجزاء ؟
هل سألت نفسك، كيف كانت تُحسم المباريات عندما تنتهي بالتعادل في العصور القديمة وتحديدًا قبل ابتكار ركلات الجزاء؟.
في الواقع، كان القانون في كرة القدم ينص على اللجوء إلى لعب مباراة أخرى لتحديد الفائز من بين الفريقين أو المنتخبين المتنافسين على لقب ما.
لكن ماذا إذا انتهت المباراة الفاصلة أو الثانية بالتعادل أيضًا؟! وقتها فكر المسؤولين عن كرة القدم في اللجوء إلى ” العملة المعدنية ” لإجراء قرعة لتحديد الفائز بالمباراة.
ظل العمل باستخدام العملة المعدنية حتى عام 1965، وتحديدًا في مباراة جمعت فريق ليفربول الإنجليزي مع كولن الألماني في دور ربع نهائي بطولة كأس أوروبا للأندية!
فقد انتهت مباراتا الذهاب والإياب بين الفريقين بالتعادل السلبي 0-0، كما انتهت المباراة الفاصلة لتحديد الفائز بالتعادل الإيجابي 2-2، بعدما وصل اللقاء إلى الوقت الإضافي أيضًا.
في ذلك التوقيت، كانت المباراة تُلعب في الشتاء وسط أمطار غزيرة، فقام الحكم الذي كان يُدير المباراة وقتها باستخدام “العملة المعدنية” لتحديد الفائز! فسقطت على الملعب المليء بالوحل بشكل مستقيم.
ما أدى لإجراء القرعة مرة أخرى وكان الحظ يقف في صف ليفربول الذي احتسب له الفوز بتلك المباراة بالفعل وتأهل نحو دور نصف النهائي من بطولة كأس أوروبا للأندية.
الداهية الألمانية كارل فالد صاحب فكرة ركلات الجزاء
سمع الحكم الألماني “كارل فالد” بواقع مباراة ليفربول وكولن وشعر بالاستياء الشديد بسبب تلك المباراة، ظل “فالد” يفكر في طريقة جديدة يتم إتباعها للتخلص من عُرف “العملة المعدنية”.
لكن ما دفع كارل فالد يبحث عن فكرة جديدة لحسم المباريات بفائز يستحق الفوز بالمباراة، هو ما حدث في مباراة إيطاليا ضد الاتحاد السوفيتي في قبل نهائي بطولة الأمم الأوروبية عام 1968. حين تأهل الأتزوري باستخدام قرعة العملة المعدنية بعد نهاية المباراة بالتعادل السلبي!
يقول الكاتب الشهير “لوثيانو ببيرنيكي” في كتابه ” 11 ضد 11 “، أن الفكرة التي جاءت إلى رأس “كارل فالد” هي أن يقوم 5 لاعبين من كل فريق بتسديد 5 ركلات جزاء، والفائز هو من يسجل أكثر.
ظل كارل فالد محتفظًا بهذه الفكرة حتى قرر اعتمادها في المباريات الودية التي كان يُديرها بنفسه، وكانت ناجحة للغاية، حتى قرر اقتراحها على الاتحاد البافاري لكرة القدم في عام 1970، لكن الاتحاد هناك لم يوافق على الفكرة بالرغم من أنها نالت إعجاب الكثيرين.
لكن ولأن معظم مندوبي الاتحادات المتفرعة من الاتحاد البافاري لكرة القدم بدأت تشعر بضرورة الموافقة على مقترح “كارل فالد”، بدأ اعتماد ركلات الجزاء من قِبل الاتحاد الألماني ثم سار على نهجه الاتحاد الأوروبي “يويفا” وأخيرًا كان الدور على الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا.
حتى تم تطبيق قانون ركلات الجزاء في كرة القدم بشكل عام بداية من 1976، وكانت أول بطولة كبيرة تُحسم بالاعتماد على هذا القانون، هي بطولة كأس الأمم الأوروبية التي أقيمت في العام نفسه 1976.
وقتها خسر منتخب ألمانيا بركلات الحظ الترجيحية أمام منتخب تشيكوسلوفاكيا، ليصبح المنتخب الألماني هو أول من يُلدغ من قانون ركلات الجزاء الذي ابتكره رجل ألماني بالأصل ” كارل فالد “.
عندما تم تطبيق ركلات الجزاء للمرة الأولى في مباريات المونديال
دخلت نسخة كأس العالم 1982 التاريخ بعدما كانت أول نسخة في تاريخ المونديال يتم الاعتماد فيها على ركلات الحظ الترجيحية لحسم مباراة بفائز واحد.
وبالرغم أم الحظ كان دائمًا ما يقف مع المنتخبات المشاركة في كأس العالم، حتى كان الجميع يحسم مبارياته في الوقت الأصلي للقاء أو حتى في الوقت الإضافي، إلا أن مباراة فرنسا وألمانيا في نصف نهائي كأس العالم 1982 كان لها رأي آخر.
فبعد مباراة ماراثونية، انتهى وقتها الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي 3-3، بعدما سجل “بيير ليتباريسكي وكارل رومينيغه وكلاوس فيتشر ” أهداف المانشافت، ورد عليهم “ميشيل بلاتيني وماريوس تريسورر وألاين غيريسي ” للديوك.
تحولت تلك المباراة في دقائقها الأخيرة إلى لقطة تاريخية، بعدما لجأ الحكم ولأول مرة في تاريخ كأس العالم لاستخدام ركلات الترجيح.
ويبدو أن ركلات الحظ الترجيحية أرادت هذه المرة تعويض الألمان عما حدث في 1976 بعد الخروج من أمم أوروبا بسببها، حتى فاز منتخب ألمانيا بنتيجة 5-4 أمام منتخب فرنسا في النهاية وتأهل ليكون طرفًا في المباراة النهائية.
إلا أن الألمان لم يصمدوا كثيرًا في نهائي كأس العالم حين اصطدموا بمنتخب إيطاليا، الذي اعتزم على التسجيل من الدقائق الأولى حتى أنهى الأتزوري المباراة بنتيجة 3-1 ليتوّج بلقب المونديال على حساب المانشافت.
جدير بالذكر، أن ركلات الترجيح كانت سببًا في حسم لقب كأس العالم في نسختي 1994 وكذلك 2006، بعدما أهدت ذهب المونديال في نسخة 1994 لمنتخب البرازيل، بعد تغلبه على منتخب إيطاليا بعدما أخفق “روبرتو باجيو” وأطاح بأحلام الطليان بالكامل.
وفي عام 2006، عادت لتعوض الطليان بلقب كأس العالم الأغلى على الإطلاق بعد الفوز على منتخب فرنسا في النهائي بركلات الحظ.