لقطات صنعت التاريخ في كأس العالم.. عندما تدخل مسؤول كويتي لإلغاء هدف لمنتخب بلاده في مونديال 1982
قد نرى أكثر من هدف يُلغى في مباراة واحدة، فهذا ليس شيئًا مُدهشًا في زمن تقنية الفيديو الـVAR، ولكن قبل 40 عامًا، وتحديدًا في 1982، كانت نهائيات كأس العالم والذي أقيم حينذاك في إسبانيا.
ولكن في زمن ما قبل الـVAR، كان الهدف يلغي بعد اللجوء وكثيرًا ما لجأ الحكام للمساعدين من أجل الحسم في قرارات مصيرية أثناء اللقاء، والآن تطور الأمر إلى اللجوء لتقنية “الفار”.
ولكن صباح يوم 21 يونيو 1982، وعلى ملعب “نويفو خوسيه زوريلا” في بلد الوليد، حدث أمر غريب لم يحدث من قبل في تاريخ نهائيات كأس العالم، وليس المونديال فقط، بل ملاعب كرة القدم.
وخلال تلك النسخة من المونديال، صنع أمير الكويت، الشيخ فهد الأحمد، رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم “آنذاك”، الحدث في العرس الكروي، حين نزل إلى أرضية الملعب وأمر الحكم بإلغاء هدفًا!.
وتمثل لقطة ظهور الأحمد، صورة تاريخية لن تمحى من ذاكرة الكويتيين والعالم كله، حيث كان تدخله لإلغاء هدف مونديالي كان حدثا لا يستهان به.
ويعتبر منتخب الكويت واحدًا من بين أهم وأبرز المنتخبات العربية تاريخيًا، سواء على الصعيد القاري أو على صعيد بطولات الخليج، أو على المستوى الإقليمي والآسيوي.
منتخب الكويت وعلى مدار تاريخه، حقق العديد من الألقاب، على المستوى القاري، وإقليميا، كما أنه يعد المنتخب صاحب أكبر عدد من الألقاب في بطولة كأس الخليج.
المشاركة الوحيدة للكويت تاريخية لن تُمحي من الذاكرة
منتخب الكويت، ورغم نجاحه المستمر على المستوى الإقليمي، إلا أنه لم يشارك سوى مرة واحدة فقط في بطولة كأس العالم.
“الأزرق” لعب منافسات بطولة كأس العالم 1982 التي أقيمت في إسبانيا، لكنه ودع البطولة مبكرًا من دور المجموعات.
ولعب منتخب الكويت في المجموعة الرابعة، التي ضمت إلى جانبه منتخبات فرنسا وإنجلترا وتشيكوسلوفاكيا.
وتذيل “الأزرق” ترتيب المجموعة برصيد نقطة واحدة فقط بالتعادل مع تشيكوسلوفاكيا، فيما تلقى خسارتين أمام إنجلترا وفرنسا، بنتيجة 1-0 و4-1 على الترتيب.
الأزرق حينها افتتح مشواره في كأس العالم بالتعادل مع تشيكوسلوفاكيا بهدفٍ لمثله، وذلك كان يوم 17 يونيو، ولكن بعد أربعة أيام وفي مباراة الكويت وفرنسا خلال الجولة الثانية بدور المجموعات.
المباراة حينئذٍ انتهت بأربعة أهداف مقابل هدف، ولكن في الواقع كان يجب أن تنتهي بخمسة أهداف، لولا إلغاء الحكم ميروسلاف ستوبار هدفًا صحيحًا للديوك الفرنسية.
وسجل اهداف فرنسا برنار جانجيني بالدقيقة 31 من ركلة جزاء، وميشال بلاتيني في الدقيقة 43، وديدسيه سيس بالدقيقة 48، و ماكسيم بوسيس في الدقيقة 89، اما هدف الكويت الوحيد فسجله عبدالله البلوشي في الدقيقة 75.
لعب منتخب الكويت بخطة دفاعية بحتة لإغلاق منطقته امام منافسه القوي ولم يبادر الى الهجوم الا في ما ندر، ما افسح المجال امام المنتخب الفرنسي بالضغط على منطقته وتشكيل خطورة على مرماه.
تدخل فهد الأحمد.. لقطة فريدة وقرار تاريخي
ولكن أثناء سير المباراة، وتقدم فرنسا بنتيجة (3-1)، انطلقت صافرة من أحد الجماهير بالمدرجات، ما تسبب في توقف لاعبي الكويت على اعتبار أن اللعبة تسلل والصافرة خرجت من الحكم.
في المقابل واصل المنتخب الفرنسي اللعب وسجل هدفا ليعزز تقدمه برباعية، فاحتج عليه لاعبو الكويت بسبب الصافرة التي كانت سببًا في توقفهم عن اللعب
فقد تمكن الراحل الشيخ فهد الاحمد رئيس الاتحاد الكويتي من الغاء اول هدف في النهائيات بعد ان نزل الى ارض الملعب.
واحتسب حكم اللقاء السوفيتي ميروسلاف ستوبا الهدف الذي سجله آلان جيريس، وسط غضب من لاعبي الكويت، معترضين على الواقعة بأكملها.
وكانت المفاجأة عند نزول الشيخ فهد الأحمد إلى أرض الملعب، ليتحدث مع الحكم ويبلغه بتفاصيل الواقعة، حتى تراجع الأخير عن قراره وألغى الهدف، مسجلا سابقة فريدة في تاريخ كاس العالم.
وكان لتدخله التاريخي أثرٌ في قرار الحكم ستوبار بإلغاء هدف سجله جيريس بعد أن تشاور مع الحكم المساعد الذي أكد عدم صحته وشرح اسباب توقف لاعبي الكويت عن اللعب.
كما طالب فهد الأحمد الذي كان وزيرًا للرياضة الكويتية لاحقًا، انسحاب اللاعبين من المباراة التي توقفت لـ15 دقيقة تقريبًا.
ونفى الاحمد في تصريح له ان يكون طلب من اللاعبين الانسحاب من الملعب وقال: “طلبت من اللاعبين البقاء في ارض الملعب وكنت اشير بيدي لهم بهذا المعنى”.
ما حدث في أرضية الميدان كان أمرًا غريبًا حقًا، والأغرب أن الحكم عوضًا أن يطرد الأمير الكويتي إلا أنه استمع لتبريراته، ثم اتخذ الحكم ستوبار قراره بإلغاء الهدف، والذي يعتبره البعض أغرب قرار تحكيمي في تاريخ مسابقات كأس العالم، بعد أن رضخ لاحتجاجات الشيخ الكويتي رغم أنه أقر بهدف جريس في البداية.
إلغاء الهدف، أغضب الفرنسيين للغاية، وخصوصًا مدرب منتخب فرنسا، ميشيل هيدالجو والذي جُنَّ جُنُونُهُ واشتبك مع الحكم المُساعد ورجال الأمن، وساد ذهول تامٍ واستهجان في صفوف الديوك الفرنسية.
ولكن المباراة تم استئنافها، ليعود الفرنسيون لإحراز الهدف الرابع من جديد، بعد استئناف اللعب وبطريقة لا مجال للجدال فيها، لتنتهي المباراة بأربعة أهداف لواحد.
قرار فيفا وعقوبة
الأمر لم يمر مرور الكرام في الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، حيث قرر في صباح اليوم التالي، إيقاف الحكم السوفيتي وتمسك بعدم إسناد أي مباراة له حتى نهاية مونديال إسبانيا.
وذكرت تقارير صحفية أخرى أن تم إيقاف الحكم السوفيتي مدىّ الحياة، ولكن لا يوجد ما يُثبت ذلك من قبل فيفا.
وفرض الاتحاد الدولي غرامة مالية على الكويت قدرها 11.800 دولار، كما تم توجيه انذارًا الى الشيخ فهد الأحمد.