كيف يهرب مبابي من مصير مارادونا؟
ما العلاقة التي قد تكون بين كيليان مبابي نجم هجوم فرنسا وريال مدريد، وبين الراحل دييجو أرماندو مارادونا أسطورة الأرجنتين السابق.
ومن المعروف لجماهير كرة القدم أن، لا يوجد أي صلة بين مبابي ومارادونا سواء في الجنسية أو مركز اللعب، بل وحتى كلاهما لم يلعبا لنفس الأندية.
وبالنظر بشكل أدق قليلًا سنجد أن، القدر شاء أن يضع مبابي في موقف مشابه وضع فيه دييجو مارادونا قبل 34 عامًا، ولكن هذا الموقف خسر فيه أسطورة الأرجنتين الكثير.
مبابي ومارادونا ما بين إسبانيا وإيطاليا
الجميع عاش بالطبع منذ فترة لحظة إعلان تعاقد ريال مدريد مع مبابي، وسط فرحة كبرى من جماهير الميرينجي بالتعاقد مع اللاعب الذي طال انتظاره، والذي سيحدث طفرة في هجوم الفريق.
ولم يتم تقديم مبابي في ريال مدريد إلى يومنا هذا بسبب مشاركته مع منتخب فرنسا في بطولة يورو 2024، ولكن يشاء القدر أن يصل إلى نصف نهائي البطولة ليجد نفسه في مواجهة إسبانيا، البلد التي سيسافر لها بعد أيام قليلة ويستقر بها لمدة 5 مواسم على الأقل “مدة عقده مع الميرينجي”.
🇪🇸🆚🇫🇷 Two titans meet in Munich 😤@bookingcom | #EUROfixtures pic.twitter.com/395UrjAax4
— UEFA EURO 2024 (@EURO2024) July 9, 2024
الأمر سيعدنا 34 عامًا إلى الخلف، وموقف مشابه مع دييجو مارادونا، النجم الشاب القادم من برشلونة مطرودا من إسبانيا، ومنضم إلى نابولي في 1984، وسط ترحاب كبير جدا بالموهبة التي لفتت أنظار العالم أجمع، معلقًا عليه آمال كبرى بتحقيق الإنجاز في المدينة الفقيرة.
وبالفعل حقق مارادونا الدوري الإيطالي لنابولي للمرة الأولى في تاريخ النادي موسم 1986/1987 وكأس إيطاليا في الموسم ذاته، بل وساهم في حصد الفريق لقب الدوري الأوروبي موسم 1988/1989، وكل ذلك كافي جدا لأن يصبح دييجو هو معشوق هذه المدينة الأول بلا أي منازع، وبالطبع الجميع يعرف مدى حب سكان مدينة نابولي له.
وجاء موعد مشاركة مارادونا مع منتخب الأرجنتين في كأس العالم 1990 والمصادفة أنه كان مقامًا في دولة إيطاليا، وبالطبع قامت جماهير نابولي بدعمه بشكل خرافي خلال مشاركته مع بلاده في البطولة، إلى أن جاءت لحظة قلبت كل الأمور.
وفي الدور نصف النهائي من كأس العالم 90، ضربت الأرجنتين موعدًا مع إيطاليا وسط ترقب كبير من جماهير نابولي لمشاهدة أسطورتهم أمام بلادهم.
وتفاجئ الجميع بوجود مجموعة من جماهير إيطاليا ساكني مدينة نابولي يشجعون الأرجنتين من أجل مارادونا، بينما صفق “من لم يشجع” للنشيد الوطني الأرجنتيني ورفع لافتات تقول “دييجو في قلوبنا، ولكن إيطاليا في أغانينا”، وقالوا أيضا “نابولي تحبك يا مارادونا، لكن إيطاليا وطننا”.
وكانت هذه تعتبر هي المرة الأولى التي يصفق فيها جماهير منتخب للنشيد الوطني لخصمهم، ويستقبل قائدهم بالتشجيع والهتافات، ولكن كانت هذه هي درجة تأثير مارادونا هناك.
وفازت الأرجنتين ضد إيطاليا، بركلات الترجيح، بعدما سيطر التعادل الإيجابي بهدفا لكل منهما على اللقاء، وأطلق مارادونا تصريحا في مؤتمر صحفي عقب اللقاء كان سببا في قلب مسيرته بالكامل حيث قال: “لا أتفق مع الذين يطلبون من سكان نابولي أن يكونوا إيطاليين ويشجعون إيطاليا الآن، فقد همشت سائر إيطاليا نابولي وكان محكوما على أهلها بأسوأ أنواع العنصرية”.
وكان من الممكن أن يتم مسامحة مارادونا على خروج إيطاليا من مونديال 90 على أرضها ووسط جماهيرها، ولكن لم تسامحه إيطاليا بأكملها على تصريحه هذا، الذي رأى رجال السياسة أنه على درجة عالية من الخطورة، وقد يتسبب في إنقلاب من سكان مدينة نابولي ليطلبوا الاستقلال مثل إقليم الباسك القادم منه دييجو.
حتى أن دييجو أكد في مذكراته أن هذا التصريح وهذه البطولة كانت بداية النهاية له في إيطاليا، وعقب خسارته في نهائي مونديال 1990 على يد ألمانيا الغربية بهدف نظيف، قرر أن يعتزل اللعب دوليا حزنا على خسارة اللقب، وعاد ليكمل مشواره مع ناديه ولكنه وجد ما لا يرضيه.
وجد مارادونا أن الجميع في إيطاليا انقلب ضده بشكل مريب، بل وأصبح يتم إتهامه بإتهامات خطيرة مثل التلاعب في النتائج لصالح المافيا المقرب منهم، وأنه يفعل ذلك من أجل أن يوفروا له الكوكاين، وظل الجميع يطارده بتصريحات وتهم عديدة، ليجد نفسه النجم الذي دخل المدينة وسط أهازيج الجميع، يخرج منها كالمجرمين.
ورحل مارادونا بالفعل من نابولي في 1992 لينضم إلى إشبيلية، بعدما أدرك الجميع في إيطاليا وخاصة المسؤولين مدى خطورته بعدما أصبح مقربا لجماهير المدينة بهذا الشكل، بل وقالوا أنه أصبح بالنسبة لهم آله المدينة.
مبابي وفرصة الهروب من المصير المشابه؟
والآن مبابي وضع في موقف مشابه قليلًا لمارادونا، بالطبع هو لم يصنع شيء بعد لريال مدريد ولكنه يملك بالفعل حب جماهيره، ولكن عليه ألا يربط هذا الحب بأي شكل من الأشكال سواء الآن أو مستقبلًا باللعب ضد المنتخب الإسباني، وأيا كانت النتيجة يحاول الفصل بين النادي والمنتخب، ليتمكن من الهروب من مصير مارادونا.