كيف يتعامل المدربون والأجهزة الطبية مع اللاعبين الصائمين في أوروبا؟
يعد النظام الغذائي أحد العناصر الأساسية التي تساهم في صناعة لاعب رياضي متميز على الجانب البدني أو الذهني.
يتناول لاعبو كرة القدم من أربع إلى خمس وجبات يوميًا، من أجل الحفاظ على لياقتهم البدنية، وبنائهم الجسدي القوي.
يبذل اللاعبون مجهودًا كبيرًا في المباريات والتدريبات ويحتاجون إلى اتّباع أنظمة غذائية دقيقة، لتزويد الجسد بالعناصر الغذائية اللازمة لبنائه، مع الحفاظ على اللياقة البدنية والرشاقة.
مع حلول شهر رمضان المبارك يبدأ اللاعبون المسلمون في تغيير نظامهم الغذائي بسبب الصيام.
يقوم اللاعبون بالصيام، والتوقف عن الطعام والشراب، لفترات تصل إلى 18 ساعة في بعض الدول الأوروبية.
بينما يستطيع اللاعبون المسلمون تناول الوجبات، لمدة تصل إلى ست ساعات فقط، خلال اليوم بأكمله.
يضطر بعض اللاعبون إلى خوض التدريبات أثناء الصيام، وأحيانًا يضطرون إلى خوض المباريات أيضًا، ويتطلب هذا منهم مجهودًا بدنيا كبيرًا.
مع الوضع في الاعتبار أن اللاعب قد توقف عن الطعام والشراب، قبل خوض المباراة بمدة تصل إلى ثمانية ساعات على الأقل، فسيكون هذا وضعًا صعبًا للغاية على اللاعبين، في ظل الحدة الكبيرة التي تطلبها المباريات في أوروبا.
فكيف تتعامل الأجهزة الطبية والفنية للأندية والمنتخبات مع صيام اللاعبين؟ وكيف يتم تعويض عدد ساعات الصيام عن الطعام والشراب؟
بعض المدربين يحترمون رغبة اللاعبين في الصيام، ولا يتحدثون عن رأيهم حول هذا الأمر، مثل يورجن كلوب المدير الفني لفريق ليفربول الإنجليزي.
قبل مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2018، سأل أحد الصحفيين يورجن كلوب حول صيام محمد صلاح في يوم المباراة.
كانت إجابة كلوب أن الأمور الدينية هي شأن خاص، وليس لديه ما يقوله حول صيام اللاعبين.
وتابع كلوب: “لكن كل شئ جيد، ستشاهد صلاح في اللقاء، وهو ملئ بالطاقة في التدريبات”
يورجن كلوب ومحمد صلاح
أزمات بسبب صيام اللاعبين:
في عام 2009، قام نادي إف إس في فرانكفورت الألماني بتحذير ثلاثة لاعبين مسلمين بشكل رسمي من الصيام أثناء المباريات، حيث وضع النادي بندًا في عقود اللاعبين، يمنعهم من الصيام بدون الحصول على إذن رسمي من النادي.
في عام 2009، استبدل جوزيه مورينيو مدرب إنتر الإيطالي، اللاعب الغاني سولي مونتاري، بعد نصف ساعة فقط من بداية مباراة فريقه ضد فريق باري.
عقب اللقاء، قال المدير الفني البرتغالي إن شهر رمضان لم يأت في اللحظة المثالية للاعب، لخوض مباراة كرة قدم.
تلقى مورينيو انتقادات كبيرة بسبب تلك التصريحات، وخرج مورينيو لتوضيح موقفه قائلًا: “قرار مونتاري لا يُنتقد لأنه مسألة إيمان ودين، وهذا يعني أنني أقبله، لم أقل مطلقًا أن على مونتاري أن ينسى دينه وممارسته”
- طالع أيضًا:
- كيف يتعامل اللاعبون المسلمون في أوروبا مع المباريات في شهر رمضان؟
- حوار خاص 365scores – السكرتير التقني الأسبق لبرشلونة: دوري السوبر الأوروبي لن يلوث كرة القدم أكثر مما هي عليه الآن
- مباريات لا تنسى في رمضان – الزمالك يعود لمنصات التتويج الإفريقية بعد غياب 16 عامًا
المشاكل التي تواجه اللاعبين أثناء الصيام:
وفقًا لورقة بحثية طبية نشرتها سبيتار، مستشفى قطر لجراحة العظام والطب الرياضي، في عام 2013، فإنه:
“إذا قرر اللاعبون صيام شهر رمضان، فإن المشكلات الصحية التي ستواجه مدربي اللياقة البدنية ستشمل الجفاف وخطر نقص التغذية والطاقة”
“من الشائع أن يشرب الرياضيون كميات كبيرة من الماء قبل الصيام، وهي طريقة غير فعالة لتحسين رطوبة الجسد”
” شرب كميات كبيرة من الماء دفعة واحدة سيؤدي إلى تحفيز إخراج البول، وإذا تم ذلك قبل النوم، فسوف يتسبب في نوم متقطع”
تعامل الأجهزة الطبية مع اللاعبين الصائمين:
-قام دارسي نورمان مدرب الأحمال في منتخب ألمانيا عام 2014، ونادي روما الإيطالي عام 2017، بمراقبة شديدة لمستويات رطوبة جسد اللاعب المصري محمد صلاح بالإضافة إلى السعرات الحرارية والكربوهيدرات، خلال التدريب في شهر رمضان.
نصح نورمان صلاح واللاعبين المسلمين الآخرين بشرب أكبر قدر ممكن من الماء خلال ساعات الإفطار، بما في ذلك منتصف الليل، وتناول الطعام بأكبر قدر ممكن من النظافة مع وجود مصادر طاقة كبيرة، وهذا يعني تجنب الأطعمة السريعة والشراهة في تناول الطعام، والتي يمكن أن تسبب مشاكل في الهضم.
دارسي نورمان يتحدث مع القائد فيليب لام والمدرب يواكيم لوف في معسكر منتخب ألمانيا
وقال نورمان: “محمد صلاح هو أفضل مثال على لاعب كرة قدم مسلم يحافظ على تقاليده، أنت تتعامل مع عقيدة لشخص، وأعتقد أنه يجب عليك احترام ذلك، إذا كان هذا هو ما يؤمنون به، ويمكنهم إدارة ظروفهم، فأعتقد أنه ليس لديك مشكلة”
وأضاف نورمان:”جسديًا، يخبرنا العلم أنه سيكون هناك نقص في أداء اللاعب الصائم، ولكن هناك بعد ذلك الجانب النفسي، إذا كان لديهم إيمان قوي جدًا، ويشعرون أنه يمكّنهم حقًا الصيام، يمكنهم موازنة جزء من النقص، كل ذلك يلعب دورًا”.
وأكمل نورمان: “حين تكون مستعدًا عقليًا لتقبل ذلك، فسيكون ذلك أفضل إذا كنت خائفا مما تشعر به في جسدك، جسدك هو آلة قابلة للتكيف، ويستغرق الأمر وقتًا للتكيف”
وأوضح نورمان أن الصيام قد يشكل ميزة للاعب، فقال: “اللاعب الصائم يكون أخف وزنا، لأنه عادة يفقد قليلا من كتلة الجسم، فهو لا يتناول السعرات الحرارية التي يحتاجها، هو أخف وزنا لأنه في حالة جفاف، ونتيجة لذلك، يشعر بأنه أخف وزنا، ويتحرك بخفة، هؤلاء الرجال على دراية جيدة بأجسادهم، وسواء كانوا أخف أو أثقل كيلوغرام أو اثنين، فإنهم يشعرون بفرق”
-يقول الدكتور زافار إقبال طبيب نادي كريستال بالاس الإنجليزي أنه في يوم التدريب أو المباريات في وقت الإفطار، يتناول اللاعبون مشروبات للاستشفاء، وأطعمة تساعدهم على استعادة رطوبة الجسد، وتخزين الطاقة واستشفاء العضلات.
-تعاون الدكتور ياسين زرقوني، عضو اللجان الطبية الرياضية في الاتحادين الإفريقي والدولي لكرة القدم مع مركز F-marc للتقييم والأبحاث الطبية، في دراسة حول آثار صيام بشهر رمضان على اللاعبين المسلمين، حيث وافق ناديان لكرة القدم في الجزائر على الخضوع لاختبارات بيولوجية وطبية ونفسية قبل وأثناء وبعد شهر رمضان.
كانت تلك هي الدراسة الأولى في العالم في هذا المجال، وشكلت أسس التحليل العلمي للتأثير المحتمل لشهر رمضان على أداء اللاعبين.
كما أثبت الدكتور الزرقوني أن تأثير الصيام على الأداء يعتمد على القوة العقلية للاعبين، ومدى سرعة تأقلم أجسامهم مع اللعب في حالة الصيام.
تخصيص وقت لإفطار لاعبي الدوري الإنجليزي أثناء المباريات:
في مباراة ليستر سيتي ضد كريستال بالاس في الجولة ال33 من الدوري الإنجليزي الممتاز، توقفت المباراة لمدة دقيقة، من أجل السماح للاعب ليستر سيتي ويسلي فوفانا ولاعب كريستال بالاس شيخو كوياتي بالإفطار، حيث كانا يخوضان اللقاء وهما صائمان.
بعد اللقاء شكر فوفانا من تسببوا في التوقف، من لاعبين ومسؤولين، مشيرًا إلى أن هذا ما يجعل كرة القدم رائعة.
تعد هذه هي المرة الأولى في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز التي تتوقف فيها مباراة من أجل إفطار لاعب في شهر رمضان.
كان السبب في ذلك هو طبيب نادي كريستال بالاس الدكتور زافار إقبال الذي تحدث مع مدربي الفريقين وحكم المباراة قبل البداية، من أجل السماح للاعبين بالإفطار أثناء اللقاء.
من المتوقع أن يتم مناقشة إمكانية إيقاف أي مباراة مقبلة في شهر رمضان في الدوري الإنجليزي، وذلك قبل بداية كل مباراة بين حكم اللقاء، وقائدي الفريقين، حيث سمحت رابطة الدوري الإنجليزي بذلك للأندية.
