أخباربرشلونةتقارير ومقالات خاصةريال مدريدقصص 365Scoresكرة القدم الإسبانية
الأكثر تداولًا

كيف أوقع الكلاسيكو بأشهر تاجر مخدرات في أوروبا؟

لا يوجد متابع كرة قدم واحد حول العالم بأكمله يكون على علم بموعد مباراة كلاسيكو الدوري الإسباني بين ريال مدريد ضد برشلونة، ولا يذهب لمتابعته مهما كانت أشغاله أو مواعيده -التي سيلغيها جميعها- لمتابعة المباراة الأقوى على مر تاريخ اللعبة.

ونحن الآن على بُعد القليل من مباراة جديدة من كلاسيكو الأرض بين ريال مدريد ضد برشلونة، التي ستقام يوم الأحد 21 أبريل 2024، في الجولة الـ 32 من مسابقة الدوري الإسباني، على ملعب سانتياجو برنابيو.

وسيكون الحديث عن نفس المباراة ولكن على ملعب كامب نو وقبل 33 عامًا من هذه المباراة، لنعرف كيف أوقع الكلاسيكو بأخطر تاجر مخدرات في أوروبا؟

تأسيس النادي والسير على نهج بابلو إسكوبار

تبدأ القصة من منطقة جاليسيا التي تقع شمال غرب إسبانيا، والتي تعتبر بوابة دخول الكوكاكين الكولومبي بكميات هائلة إلى أوروبا بأكملها، وذلك عبر البحر فهي تعتبر أرض صيادي السمك.

ومنطقة جاليسيا هذه أيضا تعتبر أرض “سيتو مينيانكو” الذي ولد في 23 سبتمبر 1955 في منقطة كامبادوس، وسط عائلة من البحارة من أصول متواضعة، وبالتالي ذهب إلى أرض صيادي السمك في طفولته ليعمل هناك مثل باقي أفراد عائلته.

وبالفعل ذهب مينيانكو للصيد رفقة والده وعائلته وتدريجيا برز وسط الصيادين بفضل قدراته الهائلة وخبرته التي اكتسبها سريعا في البحر، ولكن لم يكن هذا هو المجال الذي يريد العمل فيه وطموحه قاده لشيء أكبر من ذلك.

وبالفعل وجد مينيانكو نفسه في العمل بتهريب التبغ عبر البحر، وجمع الكثير من المال واكتسب شهرة كبيرة بل وبدأ في بناء إمبراطورية لصالحه، ولكن ألقي القبض عليه في 1983 بإحدى المقاهي في كامبادوس بسبب هذا العمل الغير قانوني، وقضى ستة أشهر في سجن باردا ثم نقل إلى سجن كارابانشيل في مدريد وقضى هناك شهرين آخرين، وكانت هذه الفترة من حياته هي نقطة التحول الكبرى.

فقد وجد مينيانكو نفسه في ذلك الوقت متواجد في نفس السجن مع مجموعة من قادة أقوى عصابتي مخدرات في كولومبيا وهما “ميديلين و كالي” وأقام معهم علاقة صداقة قوية، ليتحول عند خروجه من السجن إلى تاجر مخدرات وبالتحديد الكوكاكين بدلا من تهريب التبغ فقط -الذي ظل يعمل به كغطاء لباقي أعماله- وساعده في ذلك هؤلاء القادة وأيضا استعان بشبكة تعمل في بنما، وبالطبع كانت عمليات التهريب تتم في منطقة “جاليسيا” التي ذكرناها في الأعلى.

ووسط توغله في عالم تجار المخدرات وبناء واحدة من أقوى الإمبراطوريات في إسبانيا بل أوروبا بأكملها لتجارة الكوكاكين، لم ينس شغفه بكرة القدم وإعجابه الشديد بتاجر المخدرات الأشهر في العالم آنذاك “بابلو إسكوبار” اللذان اتفقا في شغفهما باللعبة وهو ما ظهر على الكولومبي عندما قرر في الثمانينات الاستثمار في نادي بلدته أتلتيكو ناسيونال الخاص بمدينة “ميديلن” وجعله واحد من أقوى أندية أمريكا الجنوبية.

وبالتالي مثلما فعل ملهمه قرر مينيانكو في 1986 شراء نادي يوفنتود كامبادوس الواقع في بلدته التي ولد فيها، وتولى رئاسة النادي عمه “شيبي” والذي سبق له العمل في النادي الذي كان آنذاك ينشط في الفئة السادسة من نظام دوري كرة القدم للرجالة في جاليسيا، وكان يطمح في أن يلعب هذا النادي ضد ريال مدريد شخصيًا يوما ما.

صحيفة "ABC Fútbol" تتحدث عن نادي سيتو مينيانكو وحلمه في اللعب ضد ريال مدريد بالليجا
صحيفة “ABC Fútbol” تتحدث عن نادي سيتو مينيانكو وحلمه في اللعب ضد ريال مدريد بالليجا

وبالفعل ضخ سيتو مينيانكو الكثير من المال لتطوير ناديه وحصل لاعبو الفريق على مكافآت مالية وهدايا وسيارات لم يتخيلوا الحصول عليها يوما ما، بالتالي بذلوا مجهود مضاعف من أجل الفريق، وتمكنوا من الصعود إلى دوري الدرجة الثانية “ب” في 1989، بل ونافسوا على الصعود إلى دوري الدرجة الثانية موسم 1989/1990 ولكن حدث أمر غير متوقع.

ولم يكن يتخيل مينيانكو صاحب الـ 31 عامًا آنذاك، أن شراء فريقه الذي لعب له بعض الوقت في مرحلة الشباب، سيقلب حياته بأكملها، بعدما ضخ فيه الكثير من الأموال وأصبح الجميع يتعجب من المستوى الذي تحول له هذا الفريق والتطور الذي شهده النادي بشكل عام.

فيكفي أن نعرف أن سيتو قد قام بشراء سيارات جديدة لكل لاعبي الفريق كمكافأة على مجهودهم، ودعم الفريق بصفقات قوية من الدرجات الأعلى، ورفع رواتب اللاعبين إلى أرقام ضخمة لم يكن يحصل عليها المتواجدين في الدرجات الأعلى، بالطبع بجانب سفر اللاعبين لرحلات راقية -في بنما وفنزويلا وكولومبيا- لفترات طويلة ومدفوعة بالكامل، وهدايا ثمينة، وبجانب افتتاح ملعب جديد للفريق، بل وشراء المباريات نفسها وغيرها من الأمور جميعها غير مشروعة.

بل ولم يغفل بالطبع تقوية علاقته بسكان كامبادوس وجماهير النادي، عبر مكبرات الصوت والحفلات التي كان يقيمها داخل النادي ليبين له حبه لهم وللفريق ودفع شائعة تجارة المخدرات عن نفسه، وكان حريص على مساعدة الجميع وتوفير الأدوية والأموال لهم، وبالتالي كون لنفسه قاعدة شعبية كبرى لديهم بخلاف إمبراطوريته في تهريب المخدرات، ولكنه لم يكن يعلم أن ذلك يؤثر عليه بالسلب.

واستغل في أغلب الوقت هذه الحفلات التي كان يقيمها على شواطئ جاليسيا لتهريب المخدرات في القوارب دون أن ينتبه له أحد، ولكن بشكل مفاجئ قررت الحكومة الإسبانية وضع حد لتهريب المخدرات في البلاد، وذلك بعدما ألتفت الجميع إلى ما يفعله سيتو وكيف لشخص أن يكبر بهذا الشكل ويطور نادي ويقيم حفلات بجانب الشبهات التي يعرفها الجميع عنه، وبالتالي هذه الشهرة كانت الفخ الذي سيتسبب في الوقيعة به.

في 1988 قرر وزير إسبانيا لشؤون الأمن القيام بعملية كبرى للقضاء على تهريم المخدرات بشكل كامل في موانئ جاليسيا، بعدما وصله تقرير خطير من حاكم “بونتيفيدرا” بكم الجرائم التي تتم وكمية المخدرات التي يتم تهريبا وبالطبع بطلها وقائد كل ذلك هو سيتو مينيانكو.

وبالفعل بدأت الشرطة الإسبانية في التحرك للقضاء على أسطورة مينيانكو التي بدأت في التوسع واشتهرت لدى الناس بشكل كبير وبدأت المظاهرات تخرج ضده بسبب انتشار المخدرات في البلاد في ذلك الوقت، وفي مايو 1990 بدأت رحلة القبض على عدد كبير من مهربي المخدرات ولكن حدثت المفاجأة.

على الرغم من نجاح مهمة رجال الشرطة الإسبانية في القبض على عدد كبير جدا من مهربي المخدرات في جاليسيا الذين وصلوا تقريبا إلى 20 شخصًا وأكثر، ولكنهم لم ينجحوا في القبض على العقل المدبر نفسه سيتو مينيانكو ولم يستطيعوا تحديد موقعه من الأساس.

كيف أوقع الكلاسيكو بأشهر تاجر مخدرات في أوروبا؟

وظلت الشرطة تلاحق سيتو مينيانكو عامًا كاملًا دون العثور عليه وتحول إلى أكثر مهربي المخدرات طلبا في العالم، بعدما ظلوا يتتبعوا خط سيره الذي كان يتغير بين العديد من الدول بل وبين قاراتي أمريكا الجنوبية وأوروبا، إلى أن تمكنوا عام 1991 من تأكيد تواجده في شاليه في “بوزويلو دي الاركون” وهي مدينة تقع في منطقة مدريد في إسبانيا.

ومن هنا جاء دور كلاسيكو الأرض في حسم عملية القبض على أشهر تاجر مخدرات في أوروبا، فحسب رواية أحد رجال الشرطة الذين تواجدوا في عملية القبض على مينيانكو في فيلم وثائقي عنه، أكد أنه تم وضع فريق مراقبة حول الشاليه الذي توجد شكوك حول تواجد سيتو بداخله.

إحصائيات ريال مدريد


وفي يوم 19 يناير 1991 تفاجئ الجميع بخروج سيتو مينيانكو إلى أحد الحانات لمشاهدة الكلاسيكو بين برشلونة ضد ريال مدريد، في الجولة الـ 19 من الدوري الإسباني، على ملعب كامب نو، والذي انتهى بفوز البارسا بنتيجة 2-1، وسجل الهدفين مايكل لاودروب وبريدراج سباسيتش بالخطأ في مرماه وجاء هدف الميرينجي عن طريق إيميليو بوتراجينيو.

وبسبب هذا الخطأ الفادح الذي لم يتوقعه رجال الشرطة حتى، تم اقتحام الشاليه الذي يختبأ فيه مينيانكو وتم اعتقاله والحكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما، وكان الحكم الأكبر لهذا النوع من الجرائم، أما ناديه فقد بقي لمدة عاما واحدا في دوري الدرجة الثانية “ب” ثم هبط للدرجة الثالثة واختفى بالتدريج من الصورة مرة أخرى.

وانتهت قصة أخطر وأشهر تاجر مخدرات في أوروبا بسبب حبه وشغفه بكرة القدم وعدم قدرته على الاستمرار في الاختباء خوفا على حياته وتجاهل مشاهدة كلاسيكو الأرض تاركا خلف ظهره أي شيء قد يؤذيه وهو ما حدث بالفعل ووقع في قبضة العدالة، ولكن قصته هذه وعلاقته باللعبة بشكل عام تم توثيقها في أكثر من فيلم وثائقي وهناك كتاب كامل عنه وعن كرة القدم والمخدرات والحياة.

حسام مجدي

صحفي رياضي مصري مواليد 1999، بدأ العمل في المجال الصحفي عام 2017، مهتم بتغطية الأحداث العالمية والعربية، ومهتم بالقصص التاريخية عن كرة القدم، بجانب إجراء حوارات صحفية مع العديد من نجوم وأساطير اللعبة، بجانب تغطية الأخبار المحلية في مصر، والعمل في إعداد البرامج الرياضية.

3185 مقال