أخباركأس أمم إفريقياكرة قدم
الأكثر تداولًا

كأس أمم إفريقيا.. كوت ديفوار 2023 تشهد عصر القوة الجديدة في القارة

برهنت بطولة كأس أمم إفريقيا 2023 المقامة في كوت ديفوار، على الانتفاضة الحقيقية في كرة القدم الإفريقية بعدما جاءت منتخبات من بعيد لتطيح بكبار القارة السمراء من الأدوار المبكرة في البطولة، لكن هذه الانتفاضة لم تكن وليدة اللحظة حيث رأينا البوادر الحقيقية منذ النسخة الماضية في الكاميرون لتكن كوت ديفوار دليل حقيقي على ذلك حيث يغيب جميع المنتخبات الثمانية، التي حجزت مقاعدها بالدور ربع النهائي للمسابقة القارية في النسخة الماضية.

باتت السنغال، التي توجت بلقب النسخة الماضية، ووصيفتها مصر، وكذلك منتخبا الكاميرون وبوركينا فاسو، صاحبا المركزين الثالث والرابع على الترتيب بأمم أفريقيا 2021، أبرز الغائبين عن دور الثمانية في النسخة الحالية، بالإضافة لمنتخبات تونس وغينيا الاستوائية وجامبيا والمغرب، التي تواجدت أيضا في ذات الدور بالنسخة السابقة.

وودع منتخبا السنغال ومصر دور الـ16 بخسارتهما بركلات الترجيح أمام كوت ديفوار والكونغو الديمقراطية على الترتيب، وخسرت الكاميرون والمغرب 0-2 أمام نيجيريا وجنوب أفريقيا على التوالي في ثمن النهائي.

كوت ديفوار 2023 تشهد عصر القوة الجديدة في القارة

وأصبحت الفرصة مواتية لتواجد 4 منتخبات لم يسبق لها التتويج باللقب في المربع الذهبي للمسابقة، حال فوز أنجولا والرأس الأخضر وغينيا ومالي على منافسيهم، ومن ثم بات إمكانية ظهور بطل جديد في تلك النسخة للبطولة القارية العريقة، التي انطلقت نسختها الأولى عام 1957، أمرا من الوارد حدوثه بقوة.

القوة الجديدة في إفريقيا كانت على أسس وخطط لمنتخبات قوية قادرة على المنافسة في السنوات المقبلة وعلى رأسها الرأس الأخضر الذي لا تمتلك الكم الهائل من النجوم حيث تملك قيمته التسويقية فقط 27 مليون يورو والتي تعتبر أقل من لاعب فقط محترف في الدوريات الخمس الأوروبية لكن المشروع الأهم هو لعب كرة القدم الحديثة وعدم الاعتماد على لعب الكرة الإفريقية المعتادة التي تعتمد على التكتلات وغيرها.

وظهر ذلك جليًا مع مدربهم الوطني بوبيستا وهو رصيد حقيقي للرأس الأخضر، يتواجد على رأس الإدارة الفنية لمنتخب الرأس الأخضر منذ عام 2020، يعتمد على نهج تكتيكي 4-3-3 بناءً على الجانب البدني، وخط دفاع قوي للغاية، كما يعتمد على نقل الكرة بشكل سريع إلى الهجوم. على الرغم من أن نظامه كان ناجحا، إلا أنه تعرض أحيانا لانتقادات بسبب أسلوبه، الذي كان يعتبر عمليًا وحذرًا بشكل كبير.

يقول روبرتو “بيكو” لوبيز مدافع الرأس الذي ولد ونشأ في دبلن لأم أيرلندية وأب من الرأس الأخضر، ولعب مع منتخب أيرلندا تحت 18 عاما قبل أن ينضم إلى الرأس الأخضر: “الرأس الأخضر لديه جالية كبيرة في الشتات.. يغادر الناس بحثا عن فرص وظيفية أفضل أو مجرد فرص حياة أفضل. نحن منتشرون في جميع أنحاء العالم”، وهذا يدل على البحث عن الكواد للمنتخبات أو تجهيزهم منذ الصغر للعب في أوروبا وتمثيل منتخبهم الوطني، حيث يلعب واحد فقط داخل الرأس الأخضر في تشكيل المنتخب وهذا ما يجعل الفكر والعقلية مختلفة لدى هذه المنتخبات التي تتماشى مع العقلية الأوروبية وكرة القدم الحديثة.

يكون المدرب غالبًا هو حجر الأساس في المنظومة ويلوم عليه الكثير في إخفاق المنتخبات وهذا ما بات يشغل الكرة الإفريقية التي بدأت في الاعتماد على مدربين كوادر وبناء مدربين على أسس ممنهجة مثل ما حدث في النموذج الإنجليزي بعدما وضع الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم خطة لتطوير المنتخب في 2016 حيث كان حجر أساس المشروع هو التحول من الكرة التقليدية التي تعتمد على الكرات الطويلة للكرة الحديثة التي تعتمد على بناء اللعب من الخلف، حيث قام الاتحاد بتأهيل مدرب وطني والذي كان حينها جاريث ساوثجيت ليبدأ في تدريب المنتخبات العمرية لإنجلترا حتى وصل للمنتخب الأول في 2016 وبعدها تغيرت بالكامل خريطة إنجلترا في البطولات القارية حيث قادهم لنصف نهائي وحقق المركز الرابع ثم الوصول لنهائي اليورو في 2020 حيث كان قريب من اللقب.

وعلى نفس النهج صار منتخب جنوب إفريقيا الذي أخرج المغرب واحد من أكبر المرشحين للقب ورابع العالم في النسخة الماضية، حيث استفاد مدربهم هوجو بروس من انسجام لاعبي ماميلودي صن داونز واحد من أفضل الفرق الإفريقية في القارة والذي يقدم كرة رائعة وحديثة مع المدرب المحلي رولاني موكوينا والذي كان مرشح لتدريب البافانا بافانا في المرحلة المقبلة حيث نرى بأن هناك 7 من القوام الأساسي للمنتخب الحالي من فريق صن داونز مع عدد من المحترفيين والذين يقدمون أداء مميز في هذه النسخة جعلهم مرشحين أيضًا في البطولة بعد إقصاء أسود أطلس، أيضًا منتخب مالي ومدربه إريك شيل صاحب الـ 46 عامًا والذي لا يمتلك باع كبير في مسيرته التي اقتصرت فقط على ثلاثة أندية فقط لكنه اتبع كرة حديثة ورائعة مع منتخب مالي وسار على النهج الذي أراد الكل اتباعه.

أيضًا تظهر الأكاديميات ودورها بشكل كبير في الصناعة الإفريقية مثل أكاديمية جينيراسيون فوت السنغالية الذي أخرجت أجيال السنغال التي توجت العام الماضي بجميع البطولات الإفريقية في جميع الأعمار كما نافس في بطولات العالم في الأعمار السنية، هو ما تعتمد عليه أيضًا القوة الإفريقية الجديدة والتي تعمل على تطوير المهارات الخاصة بما يكون متسقا مع كرة القدم الحديثة والدليل في حديث باسوار ديابي مدير مركز التدريب في الأكاديمية والذي قال: “يجب أن يكون رتم اللعب سريع، ويكتسب اللاعبون تلك السرعة، فكرة القدم أصبحت في الوقت الحالي سريعة جدا”.

سيف عامر

278 مقال