365TOPأخبارتقارير ومقالات خاصةقصص 365Scoresكأس العالم 2022كرة قدم
الأكثر تداولًا

قصص كأس العالم – عندما تسبب هتلر في إعدام أول لاعب فرنسي من أصل جزائري بسبب الحرب العالمية

أن يتحول لاعب كرة قدم من بطل إلى خائن في وقتنا الحالي، فهذا يعني إما أنه ترك نادي ما ليرتدي قميص غريمه اللدود، أو رحل عن فريقه بعدما كان مُدللًا من قِبل الجماهير.

لكن أن يتحول اللاعب من بطل إلى خائن بسبب قلّب حال بلد بأكمله فهذا غير المعترف به في قاموس اللعبة حاليًا، لكن هذا الذنب اقترفه الفرنسي ذو الأصول الجزائرية ( أليكس فيلابلان ) قائد منتخب فرنسا في الثلاثينات.

كٌتب لـ ( فيلابلان ) أن يرتدي قميص منتخب بلاده وحمل شارة القيادة معًا في كأس العالم 1930، حين كان متوقعًا له أن يحمل منتخب الديوك لقمة المجد، لكنه سقط رميًا بالرصاص في أواخر عام 1944 بإعتباره أحد أكثر الخونة حقاره في تاريخ فرنسا.. فماذا حدث ؟!

قائد منتخب فرنسا الذي قُتل من أجل هتلر!

في يونيو 1940.. سقطت باريس في قبضة النازية الألمانية بقيادة (أودلف هتلر)، تسبب الاحتلال في هلاك وتدمير كل ما هو جميل في فرنسا.

أن كنت في بلد أسقطها عدو، بطبيعة الحال أول من سيلجأ له هذا العدو هو البحث عن “مرتزقة”، كي يتمكن من بسط سيطرته على زمام الأمور في البلاد.

قوات النازية أدركت جيدًا أنها لن تتمكن من بسط سيطرتها على باريس بمفردها، فقررت الاعتماد على المرتزقة هناك، حتى ظهر أمامهم شخص يُدعى ( هنري لافونت ).

طلبت قوات النازية من (لافونت)، البحث عن مجموعة أفراد يثق بهم جيدًا لتكوين عصابة قوية للغاية، ستكون الذراع اليمين للنازيين في الداخل الفرنسي، هؤلاء أطلقوا على أنفسهم فيما بعد (الجستابو الفرنسي)

(لافونت) قام بجولة في السجون الباريسية، لتكوين عصابة الجستابو تلك، حيث قام بتجنيد (بيير بوني) الذي كان في يوم من الأيام من أشهر ضباط الشرطة في فرنسا، قبل إتهامه في قضايا فساد بالجملة.

وفيما بعد، وصل (لافونت) إلى شخص آخر لينضم إلى عصابة الجستابو، ألا وهو ( ألكيس فيلابلان ) الذي تسببت أفعاله في طرده بعيدًا عن كرة القدم، ليرتبط بأعمال سوداوية عدة، من بينها (تهريب الذهب ).

(فلاش باك) فيلابلان.. أول جزائري في التاريخ يمثل منتخب فرنسا

يعتبر أليكس فيلابلان من مواليد الجزائر عام 1905، لكنه انتقل للعيش مع أعمامه في الساحل الجنوبي بفرنسا، وقتها كان لا يزال لم يبلغ الـ 16 عامًا بعد.

نظرًا لحبه وعشقه لكرة القدم، انضم إلى نادي (إف سي سيتيه)، وكان قد أسس حديثًا على يد الاسكتلندي (فيكتور جيبسون)، الذي لفت انتباهه موهبة (فيلابلان) كثيرًا وظل يتابعه بحماس حتى آمن بأن هذا الصبي لديه طاقة مختلفة ستجذب الأندية الكبيرة إليه.

وبالفعل، في عام 1927 انتقل (فيلابلان) إلى نادي (نيم) وهو منافس سيتيه، بعدما تم وعده بالحصول على وظيفة مرموقة وراتب سخي.

وفي (نيم) نجح اللاعب ذو الأصول الجزائرية في خطف إعجاب وأنظار المسؤولين في منتخب فرنسا، لينضم للمرة الأولى إلى الديوك، بفضل أدائه القوي الذي كان يحبه المشجعون في ذلك الوقت.

وبفضل شخصيته القوية؛ تم تعيين (فيلابلان) قائدًا لمنتخب فرنسا قبل افتتاح كأس العالم 1930 مباشرة، وسجل ظهوره الأول بتلك الشارة في فوزه على المكسيك بنتيجة 4\1، في النسخة الأولى من المونديال والتي أقيمت في (أوروجواي)، حينها خرج قائد الديوك لوصف احساسه بعبارة وحيدة: ( إنه أسعد يوم في حياتي ).

في تلك الأحيان، كان (فيلابلان) أتخذ خطوة كبيرة لعبت دور أكبر في تغيير شخصيته بالكامل، حين تم تجنيده من قِبل نادي (راسينج كلوب دي باريس ) الذي كان يحاول أن يصبح أكبر نادِ في البلاد وقتها، رئيس هذا النادي جعل توقيع قائد منتخب فرنسا على رأس أولوياته حتى ظفر به في النهاية.

ورفقة ناديه الجديد، بدأ (فيلابلان) يعيش حياة السخاء، بعدما تم تخصيص راتب ضخم له وحده نظرًا لمهاراته وموهبته، لكن قائد منتخب فرنسا قام بضخ تلك الأموال في الحانات والملاهي الليلية وسباقات الخيل، ليدخل بقدميه مراحل انهيار البطل!

بداية سقوط فيلابلان في الهاوية

في عام 1932، قرر نادي (أنتيبس) تأمين خدمات (فيلابلان)، لكنه دخل مع اثنين لاعبين في المراهنات، وبعد اكتشاف الأمر تسبب ذلك في تجريد فريقه (الذي توّج بطلًا لبطولة الدوري) من لقبه، وكذلك عرضّ رئيس النادي للإيقاف.

سرعان ما غادر (فيلابلان) نادي أنتيبس، ليتوجه إلى فريق جديد (نيس)، وهناك أتخذ من اللامبالاة شعارًا له، حتى تم تغريمه عدة مرات لتغيبه عن التدريب، حتى أن مشاركاته في المباريات كانت باهتة، فكان يبدو غير مباليًا أو مهتمًا بما يدور في المباراة.

أطلق نادي (نيس) سراحه، وظل بدون ناديًا، حتى التقطه أحد أندية الدرجة الثانية، وبعد ثلاث أشهر فقط تمت إقالته، ليختفي تمامًا عن كرة القدم، لكن عام 1935 عاد مُجددًا على الساحة، هذه المرة كان بطلًا لصفحات الجرائد التي خرجت لتعلن عن سجنه على خلفية شبهات فساد في سباقات الخيول في باريس!

يُقال فيما بعد، غادر (فيلابلان) السجون الفرنسية، وسلك طريق آخر أخذ قدمه إلى اللاشيء، حين ضحى بكل مهاراته وخبراته في لعبة كرة القدم، ودخل طريق مجهول ليصبح مهرب ذهب من العيار الثقيل، استمر به الوضع حتى سقطت باريس في أيدى القوات النازية وهتلر.

الجستابو الفرنسي.. وثلاثية الحرب والجحود والخيانة

بعدما شكّل ( هنري لافونت ) عصابته رفقة ( بيير بوني ) و( أليكس فيلابلان )، أتخذوا من شارع (93 لوريستون) – الشارع الأكثر شهرة في تاريخ باريس- مقرًا لهم لتنفيذ كافة جرائمهم، تلك العصابة لم تهتم بالانسانية بقدر رغبتهم في أن يصبحوا أثرياء للغاية وقد فعلوا ذلك حقًا فقد قدموا للنازيين ما يريدون، واحتفظوا بالمزيد لأنفسهم.

لكن طوال عام 1943، اشتدت المقاومة الفرنسية ضد النازية، فأمر (هتلر) الجستابو بمساعدته في إبادة المتمردين من المقاومة، فقرر الثلاثة تقسيم أنفسهم إلى مجموعات على أن يجمع كل شخص منهم عصابته الخاصة وينتشرون في أرجاء باريس.

سرعان ما اشتهرت الوحدة الخاصة بـ (فيلابلان) بقسوتها، ففي 11 يونيو 1944مثلًا، يُقال أنه قام بأسر 11 من المقاومة الفرنسية، من داخل قرية صغيرة تُدعى (دوردوني)، وفيما بعد دفع بهم نحو حفرة كبيرة وأطلق النار عليهم، وكأنه ينفذ حكم إعدام جماعي.

وفي كتاب (فيليب عزيز) الخاص بعصابة بوني لافونت، تم سرد رواية أخرى تقول، أن (فيلابلان) اقتحم منزل أم لستة أطفال، تبلغ 59 عامًا، ودفعها بوحشية إلى مزرعة مجاورة، وإنهال عليها بالضرب، فيما بعد أجبرها على مشاهدة رجاله وهم يضرمون النيران في عدد من الفلاحين أمام أعينها كي تعترف بالمكان الخاص بإيواء اليهود.

السقوط الأخير ونهاية (فيلابلان)

في أغسطس 1944.. انتفض الجيش الباريسي ضد النازيين أخيرًا، ونجح في السيطرة على البلاد بالكامل، بجانب عمليات التطهير التي طالت العصابات والمتعاونين مع قوات النازية، حتى أن تلك العمليات تم وصفها بـ(الدموية).

وصل الجيش الفرنسي في عملياته إلى أعضاء عصابات الجستابو الفرنسي، هؤلاء تحديدًا كان يتم إعدامهم دون محاكمة، ومن بينهم كان: ( أليكس فيلابلان ).

في كتاب The Bonny-Lafont Gang، سرد المؤلف الموثوق (فيليب عزيز)، أنه في اليوم التالي من تطهير باريس من النازيين، تم عقد جلسة إعدام جماعية لعصابة (بوني لافونت) التي تتضمن بين أفرادها (فيلابلان)، الذي اعترف على نفسه وسرد جرائمه بالكامل بعدما شعر بأن ألمانيا لن تربح أكثر من ذلك في تلك الحرب.

وقال المدعي العام في تلك الجلسة الشهيرة بعد تحرير باريس، عن فيلابلان وشركائه: ” لقد نهبوا واغتصبوا وسرقوا وقتلوا وتعاونوا مع الألمان في اعتداءات أسوأ وأبشع عمليات إعدام سيشهدها التاريخ “.

وأضاف أيضًا: ” أخبرنا أحد الشهود كيف رأى بأم عينيه هؤلاء المرتزقة يأخذون جواهر وذهب من أجساد ضحاياهم التي كانت لا تزال ملطخة بالدماء “.

وفي وصفه لحالة (فيلابلان)، قال المدعى العام: ” كان يجلس ويشاهد كل التفاصيل، بهدوء شديد، كان مبتسمًا ومبتهجًا ومنتعشًا للغاية “.

وأضاف المدعي العام في جلسة إعدام أعضاء الجستابو: ” فيلابلان اعترف على نفسه بإنه متأمر مع النازية، كانت نفسيته مختلفة تمامًا عن أعضاء العصابة الآخرين، بعد أن درست ملفه أدركته أنه محتال، لقد ولد محتالًا بالفعل “.

في نهاية تلك الجلسة، تم اصطحاب (فيلابلان) رفقة بيير بوني وهنري لافونت إلى ضواحي باريس، وتم إعدام ثلاثتهم رميًا بالرصاص، ليذكر التاريخ كيف يتحول البطل إلى خائن في لمح البصر!

سارة علي

صحفية من مصر، بدأت العمل الصحفي منذ 2012، لديها خبرة لأكثر من 5 سنوات في 365Scores، تهتم بكتابة القصص الصحفية والتحقيقات والحوارات، ومهتمة بأخبار الدوريات حول العالم وبترجمة الأخبار العالمية ومتابعة أحداثها أول بأول، وتنسيق موضوعات خاصة باللاعبين الكبار وأهم ما يدور عنهم من أحداث مميزة ومختلفة.

5519 مقال