قصص كأس العالم – معركة سانتياجو والمباراة الأكثر رعبًا في تاريخ المونديال
يأخذك 365Scores في جولة خفيفة بين حكايات وقصص كأس العالم عبر العصور، لاستكشاف كواليس منسيّة وأحداث كانت سببًا في جعل كأس العالم هو البطولة الأضخم بين مختلف البطولات المعترف بها الآن، والبطولة الوحيدة التي تشهد صمت العالم بأثره للالتفاف حول بؤرة ما تنير في إحدى بقاع الأرض كل 4 أعوام فقط.
وخلال هذه الجولة، سنعود بالزمن إلى حدث مثير للغرابة وقع في كأس العالم نسخة 1962، حيث مباراة العار أو المعروفة إعلاميًا بـ”معركة سانتياجو” والتي جمعت بين منتخب إيطاليا ونظيره منتخب تشيلي، في دور مجموعات كأس العالم 1962.
تلك المباراة دفعت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” لإطلاق وصف مثير للجدل للمرة الأولى على مباراة كرة قدم، حين وصفتها بـ”مباراة العار”، واستمرت الإذاعة البريطانية في سردها لتفاصيل المباراة لتقول: “يمكن القول أنها المباراة الأكثر اشمئزازًا ورعبًا وعنفًا في القرن الـ 20 “.. فماذا حدث؟!
تشيلي تتعرض لأعنف زلزال مدمر في العالم قبل عامين من المونديال!
تنافست الأرجنتين رفقة جارتها تشيلي على استضافة نسخة كأس العالم 1962 لكن في النهاية، اختار الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، دولة تشيلي لاستضافة مباريات المونديال بالفعل.
وقتها كانت الامور تسير على ما يٌرام، لكن كعادة القدر في بعض الأحيان، عادة ما تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن! فقد تعرضت تشيلي لضربة قوية للغاية في عام 1960 وقبل إقامة البطولة بعامين فقط.
حيث تعرضت البلاد هناك في تشيلي لزلزال “فالديفيا” وكان أقوى زلزال على الإطلاق شهدته الكرة الأرضية وصلت شدته على مقياس ريختر بـ 9.5 “.
أدى ذاك الزلزال القاتل إلى تدمير الأخضر واليابس في تشيلي، حتى وأن معظم المنشآت التي تم تجهيزها بالفعل لاستضافة كأس العالم دُمرت تمامًا بما في ذلك البنية التحتية لتلك المنشآت!
لكن عزم القيادة السياسية في تشيلي على إقامة بطولة كأس العالم على أراضي البلاد المدمرة، تسبب في استضافة مباريات المونديال بالكامل على 4 ملاعب فقط بدلًا من 10!
ما دفع رئيس دولة تشيلي يلقي خطابًا جهوريًا أو عاطفيًا خلال حفل الافتتاح اختتمه بعبارة قال فيها: ” ليس لدينا شيء ولذلك يجب أن يكون لدينا كأس العالم هنا “.
لكن وبرغم كل تلك اللافتات العاطفية من تشيلي إلا أن هذا الأمر لم يُثير عاطفة الرأي العام والصحف حول العالم، التي قادت حملة تشويه وهجوم شديد اللهجة على دولة تشيلي ومنتخب البلد المضيف للبطولة.
لكن هجوم الصحف على تشيلي لم يؤثر على قرار “فيفا” بمنح تنظيم بطولة كأس العالم لهم في النهاية، وانطلقت مباريات المونديال في موعدها المحدد.. لتستمر الإثارة إلى إحدى مباريات تلك النسخة!
معركة سانتياجو.. عندما أشعلت الصحف نيران الفتنة!
شارك في كأس العالم 1962 في تشيلي، 14 منتخبًا من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب منتخب البلد المضيف “تشيلي” وحامل اللقب “منتخب البرازيل” اللذين حجزا مقاعدهم في البطولة تلقائيًا دون خوض تصفيات مؤهلة للمونديال.
وسقط منتخب تشيلي في المجموعة الثانية ضمن مجموعات كأس العالم 1962، إلى جانب: منتخب ألمانيا – منتخب إيطاليا – منتخب سويسرا.
وخلال تلك النسخة، قرر “فيفا” تطبيق نظام “فارق الأهداف” لحسم تعادل منتخبان أو أكثر في عدد النقاط في المجموعة الواحدة، وكان منتخب الأرجنتين أول منتخب يتعرض للإقصاء من المونديال بسبب تلك القاعدة، بعد تعادله في النقاط مع إنجلترا في المجموعة الرابعة.
أما عن الواقعة الأشد إثارة وغرابة، والمباراة الأكثر رعبًا في تاريخ كأس العالم بشكل عام، أقيمت ضمن الجولة الثانية للمجموعة الثانية بين منتخب تشيلي ومنتخب إيطاليا!
إيطاليا بدأ مبارياته بفوز عريض على ألمانيا الغربية في الجولة الأولى بنتيجة 3-0، أما تشيلي فخاض مواجهة إيطاليا، متسلحًا بفوزه على سويسرا بنتيجة 3-1.
لكن ما زاد من حدة العنف بين المنتخبين ووضع المباراة في زاوية أخرى، هو ما فعلته الصحف قبل أيام من إقامة مباراة تشيلي ضد إيطاليا!
حيث خرجت الصحف الإيطالية للسخرية من تشيلي بسبب سوء أوضاع البلاد، حيث وصفت عناوين الصحف في إيطاليا تشيلي بأنها بلد متخلف وفقير وتنتشر فيه الأمية والدعارة، بخلاف سوء الخدمات وتعطل الاتصالات.
ما استفز حفيظة الصحف في تشيلي التي خرجت لوصف الشعب الإيطالي بـ”الفاشي والغوغائي والمدمن على المخدرات! “.
الأمور ازدادت أكثر فأكثر وربما كادت أن تتسبب في أزمات دبلوماسية وسياسية بين الدولتين، ما أدى لهروب عدد من الصحفيين الطليان إلى خارج تشيلي قبل انطلاق المباراة، لكن ما فعلته الصخف سواءً في إيطاليا أو تشيلي، كان له اليد العليا بكل تأكيد لما شهدته أحداث المباراة.
معركة سانتياجو.. مباراة كرة قدم تقتحمها قوات الشرطة 3 مرات!
برغم أن لاعبي منتخبي تشيلي وإيطاليا دخلوا إلى أرضية الميدان حاملين الزهور في لافتة تدل على رغبتهم في نشر السلام وعدم الاندراج لكل ما تقوله الصحف في الدولتين.
لكن أول دائق من المباراة بين المنتخبين كانت كافية للتأكيد على تأثر اللاعبين كافة في أرضية الملعب، بما فعلته الصحف في الخارج.
فحين جاءت الدقيقة 8، شهدت المباراة أول توقف على الإطلاق لإشهار الحكم بطاقة حمراء في وجه لاعب منتخب إيطاليا “جورجيو فيريني” بسبب تدخل عنيف للغاية على قدم لاعب منتخب تشيلي.
إلا أن “جورجيو” نجم إيطاليا رفض الخروج من أرضية الملعب ما أدى لتدخل قوات الشرطة! التي اعتزمت على إخراج اللاعب بالقوة إلى خارج الميدان لكي تستمر المباراة.
فيما بعد، كانت هناك كرة مشتركة بين “ليونيل سانشيز” لاعب تشيلي، و”ماريو ديفيد” لاعب إيطاليا بالكرة من منطقة الجزاء، لكن “سانشيز” ما لبس أن وجه لكمة في وجه ماريو ديفيد في لقطة قد تبدو الاكثر عنفًا في المباراة.
الأكثر إثارة في تلك اللقطة، أن حكم المباراة تغاضى عن طرد “سانشيز” لاعب تشيلي، ما استفز لاعب إيطاليا الذي ذهب نحو سانشيز لتوجيه ركلة على رأسه، ما أدى لطرد ماريو ديفيد في النهاية، ليكمل الأتزوري المباراة بـ 9 لاعبين!
واصل ليونيل سانشيز المباراة وكرر فعلته مجددًا مع لاعب آخر من صفوف الأتزوري! هذه المرة أدت اللكمة إلى كسر أنف لاعب منتخب إيطاليا، ومع ذلك رفض الحكم اشهار البطاقة الحمراء لـ”سانشيز” أيضًا.
الأمر الذي تسبب بطبيعة الحال لإثارة فوضى عارمة في أرضية الملعب قادها لاعبي منتخب إيطاليا تجاه الحكم، ومن ثم توجه لاعبي الأتزوري للتشاجر مع لاعبي تشيلي أيضًا، ما ساهم في تدخل قوات الشرطة لتهدأت الأجواء بين المنتخبين في أكثر من مناسبة.
تشيلي تفشل في التأهل لنهائي كأس العالم 1962
في النهاية، فاز منتخب تشيلي بالمباراة بنتيجة 2-0، وسخرت الصحف في تشيلي من إيطاليا بعرض نتيجة المباراة بطريقة غير تقليدية للرد على الصحف في إيطاليا؛ البدائيون 2 – الأوروبيون 0.
أما عن كأس العالم 1962، فقد فشل منتخب تشيلي في الوصول إلى المباراة النهائية بعد هزيمته أمام البرازيل بنتيجة 4-2 في نصف النهائي.
في المباراة النهائية، اصطدم منتخب البرازيل بمنتخب تشيكوسلوفاكيا، تقدم الأخير في النتيجة بهدف في الدقيقة 15، قبل أن يتعادل السيليساو بهدف في الدقيقة 18.
ومن ثم نجح لاعبي منتخب البرازيل في تسجيل هدفين آخرين، لتنتهي المباراة بفوز راقصي السامبا بنتيجة 3-1 وتتوج باللقب الثاني على التوالي في كأس العالم.