قصص كأس العالم – مدافع منتخب فرنسا يفقد أسنانه بسبب نطحة شوماخر
يأخذك 365Scores في جولة خفيفة بين حكايات وقصص كأس العالم عبر العصور، لاستكشاف كواليس منسيّة وأحداث كانت سببًا في جعل كأس العالم هو البطولة الأضخم بين مختلف البطولات المعترف بها الآن، والبطولة الوحيدة التي تشهد صمت العالم بأثره للالتفاف حول بؤرة ما تنير في إحدى بقاع الأرض كل 4 أعوام فقط.
وخلال هذه الجولة، سنقفز بين أحداث كأس العالم نسخة 1982 التي أقيمت في إسبانيا، وتوّج بها منتخب إيطاليا بعدما خطف لقب البطولة في مباراتها النهائية من ألمانيا الغربية، الذي خاض بطولة مثيرة للجدل بسبب الأحداث التي ارتبطت بمبارياته بالاكثر طوال البطولة.
بداية من الزج بإسمه فيما عُرف إعلاميًا بـ”فضيحة خيخون”، التي كان أبطالها منتخبي ألمانيا والنمسا، والخاسر الوحيد في المسرحية الهزلية التي فعلوها كان منتخب الجزائر، حين تلاعب منتخبي أوروبا بنتيجة مباراتهما لضمان تأهلهما معًا إلى الأدوار الأقصائية، والإطاحة بالجزائر خارج البطولة رغم أنه كان أول المرشحين للتأهل.
لكن هذه المرة، سنتطرق أكثر لما حدث في مباراة نصف نهائي كأس العالم 1982، والتي جمعت منتخب فرنسا ونظيره ألمانيا الغربية، وشهدت على تصرف هو الأكثر فظاعة وذو سمعة سيئة بدر من شوماخر حارس المانشافت، الذي تعمد إصابة باتريك باتيستون، مدافع الديوك حتى تم نقله إلى المستشفى على الفور.
سيناريو جنوني في مباراة الـ 6 أهداف.. وريمونتادا لن ينساها الألمان!
التقى منتخب فرنسا بنظيره منتخب ألمانيا الغربية، في نصف نهائي كأس العالم 1982، على ملعب “رامون سانشيز بيزخوان” وهو ملعب نادي “إشبيلية”. وبرغم من تصرف شوماخر السيء تجاه باتريك باتيستون، لكن الجميع أجمع أن تلك المباراة كان الأكثر جمالًا ودراماتيكية ونديّة على الإطلاق في البطولة بالكامل.
فلم تكن أبدًا مباراة كرة قدم، ربما يمكن وصفها بالاكثر بأنها عبارة فيلم تشويقي مليء بالإثارة، أو كما يقولون “مباراة صد رد” هدف هنا وآخر هناك، هجمة يصعد فيها قلب جماهير الديوك، وأخرى يُخرج الألمان زفير هاديء بعد شهيق مختنق من شدة توتر اللقاء.
فقد بادر الألمان بالتسجيل أولًا بهدف جاء في الدقيقة 17، عن طريق “بيتر ليتباركسي”، لكن عندما دقت الدقيقة 26، كان “ميشيل بلاتيني” يعادل النتيجة للديوك الفرنسية من علامة الجزاء، لتصبح النتيجة 1-1 قبل النصف ساعة الاولى!
لكن وبرغم أن المنتخبين حاولوا كثير تغير النتيجة في هجمات لم تهدأ حتى الدقيقة 90، انتهى الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل الإيجابي 1-1، ما أجبر المنتخبين على لعب وقت إضافي.
وفي الشوط الأول من الوقت الإضافي، نجح منتخب فرنسا في مضاعفة النتيجة وتسجيل هدفين جديدين، لتصبح النتيجة 3-1، بفضل هدفي “ماريوس تريسور” و”آلاين جريسي” في الدقيقتين 92 و98 على الترتيب، ليظن الجميع بذلك أن الديوك وضعوا قدمًا في النهائي لأول مرة في تاريخهم!
لكن “كارل هاينز رومينيجه” -نعم هو نفسه الذي أصبح رئيسًا لبايرن ميونخ فيما بعد-، قلص النتيجة في الدقيقة الثانية بعد المائة، ليأتي من بعده “كلاوس فيشر” ليحقق التعادل بمقصّيته المزدوجة التي نقلت المباراة إلى ركلات الترجيح، بعدما أصبحت النتيجة 3-3.
وهناك، عند تنفيذ ركلات الترجيح، تمكّن حارس منتخب ألمانيا الغربية، توني شوماخر، من التصدي لركلتي جزاء، رغم الأجواء المتوترة من حوله، ليصبح بطلًا قوميًا في ألمانيا، لكن في فرنسا بات عدو الشعب الأول، بالطبع ليس فقط لأنه تصدى لركلتي جزاء، لكن أيضًا بسبب ما فعله في “باتريك بتيستون”!
نطحة شوماخر أطاحت بأسنان باتريك باتيستون أرضًا!
في الدقيقة 50 من مباراة فرنسا وألمانيا الغربية، تعرض “جيجيني” للإصابة فغادر الملعب ودخل بدلًا منه “باتريك باتيستون” الذي لم يكن يعلم أنه سيغادر الملعب بطريقة عاطفية للغاية بعد 10 دقائق فقط.
وبرغم من كون “باتريك باتيستون” مدافع، لكنه كان يركض حتى منطقة الـ 18 ويسدد كرات بعيدة المدى على مرمى منتخب ألمانيا، بطريقة أربكت صفوف المانشافت قليلًا.
وفي الدقيقة 60، تقدم “باتيستون” نحو مرمى الألماني “شوماخر” حتى انفرد بالمرمى إثر هجمة مرتدة سريعة جدًا، نجح المدافع في نقل الكرة في غمضة عين من مرماه إلى مرمى شوماخر ببراعة.
وعندما سدد باتيستون الكرة بإتجاه المرمى، كان في نفس التوقيت “شوماخر” لا يزال على بُعد 4 ياردات داخل منطقته، لكن وبطريقة غريبة وغير متوقعة على الإطلاق، ارتقى عاليًا في الهواء وغير إتجاه جسده بالأعلى ليصطدم “وركه” بالكامل بوجه باتيستون الذي لم يقدر على إيقاف سرعات قدميه بعد تسديد الكرة!
سقط باتريك باتيستون أرضًا بعد نطحة شوماخر الماكرة والعنيفة جدًا، لكن المدافع الفرنسي الذي اصطدم وجهه بالكامل بالعشب! رقد أرضًا بلا حراك، ما دفع جميع لاعبي الديوك يركضون بإتجاهه للاطمئنان عليه، وتحديدًا بعدما ظهر على وجهه الدماء!
على الجانب الآخر، وفي نفس توقيت ركض لاعبي فرنسا صوب باتيستون، كان “شوماخر” بكامل برود العالم يضع الكرة على الزاوية اليسرى من المربع ذي الـ 6 ياردات، وهو يمضغ العلكة تمهيدًا لتنفيذ ركلة المرمى!
لكن سيكون عليه الانتظار لأربع دقائق إضافية، حتى يتم إخراج باتريك باتيستون على نقالة، وبدون 3 أسنان في فمه! حيث سيتم إنعاشه بالأكسجيين أولًا على أرض الملعب قبل نقله إلى المستشفى على الفور.
خروج باتيستون من أرضية الملعب، كان صعبًا، فأمسك “ميشيل بلاتيني” بيده ورغم ذلك سقط “باتريك” أرضًا بمجرد وقوفه على قدميه، ما استدعى نقله إلى خارج الملعب بنقالة.
المثير في الأمر، أن كل هذا يحدث في أرض الملعب، والحارس “شوماخر” لم يقترب من باتيستون بعد تلك اللقطة العنيفة للاطمئنان عليه، أو لمجرد النظر إليه ومعرفة ما حل به بعد الاحتكاك الذي أفقده أسنانه!
لكن ما جعل المشهد أكثر سوءًا، هو تصرف شوماخر خلف مرماه، بعدما سخر من الجماهير الفرنسية المتواجده هناك أثناء تعبيرها عن استيائها الشديد مما فعله.
جميع من في الملعب كان ينتظر أن يتدخل حكم المباراة -الهولندي تشارلز كورفر- في النهاية، ويحتسب ركلة جزاء لمنتخب فرنسا، وبطاقة حمراء لشوماخر بعد تلك الواقعة، لكن لم يحتسب أي شيء، وأعاد الحارس الألماني المباراة بركلة المرمى فقط!
وبشان تصرف الحكم، قال “جريسي” نجم منتخب فرنسا، وهو يشكو الامر إلى الصحافة بعد المباراة: ” الجميع شاهدوا الأمر، اللاعبون والمشجعون، كلهم باستثناء الحكم! “.
أما “شوماخر” فقد أبلغه الصحفيين عقب المباراة، أن وضع المدافع الفرنسي “باتريك باتيستون” كان خطيرًا وتم نقله إلى المستشفى، لكن الجميع تفاجئ برد الحارس الألماني الذي أجاب عليهم بدون تأثر: ” عليه ألا يشغل باله، سأدفع له ثمن طاقم أسنان جديد! “.
منتخب ألمانيا الغربية، تأهل إلى المباراة النهائية لملاقاة منتخب إيطاليا، وهنا هدأت جماهير فرنسا بالكامل، حيث خسر المانشافت نهائي كأس العالم 1982، ليس ذلك فحسب، بل خسروا أيضًا في نهائي كأس العالم 1986، لتنطلق احتفالات الفرنسيين الذين اعتبروا خسارة الألمان انتصار لحق باتريك باتيستون!