قصص كأس العالم – عندما أضاع باجيو ركلة جزاء مصيرية لإيطاليا فرفضته الجماهير لآخر مسيرته
يأخذك 365Scores في جولة خفيفة بين حكايات وقصص كأس العالم عبر العصور، لاستكشاف كواليس منسيّة وأحداث كانت سببًا في جعل كأس العالم هو البطولة الأضخم بين مختلف البطولات المعترف بها الآن، والبطولة الوحيدة التي تشهد صمت العالم بأثره للالتفاف حول بؤرة ما تنير في إحدى بقاع الأرض كل 4 أعوام فقط.
وخلال هذه الجولة، سنقفز بين أجواء كأس العالم 1994، تلك النسخة التي أقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الأولى في تاريخها، وبعيدًا عن أحداث البطولة، فقد قابلت المنتخبات المشاركة في هذه النسخة خبر استضافة أمريكا للبطولة بغضب شديد.
تقول بعض الروايات، أن عقب الإعلان عن فوز أمريكا باستضافة مونديال 1994، خرجت احتجاجات عديدة من قِبل المنتخبات المشاركة، حيث كانت المرة الأولى التي يُلعب فيها كأس العالم في دولة لا تُعد رياضة كرة القدم هي الرياضة الأولى أو الشعبية في الدولة!
لكن في الولايات المتحدة الأمريكية، كرة القدم حتى لم تكن الرياضة الثانية أو الثالثة ضمن اهتمامات الجماهير هناك، ومن هنا خرجت الاعتراضات، حيث أن كرة القدم التي يُطلقون عليها هناك لفظ “soccer” وليس “football” كانت تأتي قديمًا بعد رياضة البيسبول وكرة السلة والملاكمة وكذلك هوكي الجليد.
ولتلافي سقوط الجماهير هناك في أمريكا في أية أخطاء بسبب الجهل الكبير برياضة كرة القدم الحقيقية، قام منظمي البطولة هناك بإصدار دليل للمبتدئين يوضح كافة المفاهيم الأساسية المرتبطة باللعبة وتاريخها أيضًا!
وبالرغم من كافة التخوفات من عدم اهتمام الجماهير الأمريكية بحضور مباريات بطولة كأس العالم، إلا أن تلك النسخة كانت بمثابة المفاجأة! فقد سجل كأس العالم 1994 أكبر حضور جماهيري شهدته تاريخ البطولة في تلك الفترة، حيث حضر قرابة الـ 3 ملاييين و600 ألف خلال 52 مباراة لُعبت في البطولة بالكامل.
مشوار إيطاليا في كأس العالم 1994 – من صدفة التأهل للأدوار الإقصائية إلى نهائي المونديال
كالعادة مشوار منتخب إيطاليا لا بد أن يكون صعبًا في البداية حتى تقدم تحفة فنية في النهاية، وهذا ما حدث بالفعل في كأس العالم 1994، عندما استهلت مشوارها في مرحلة المجموعات بهزيمة أمام أيرلندا 1-0.
وفي الجولة الثانية في دور المجموعات، حقق الأتزوري فوزًا على النرويج بصعوبة بالغة بنتيجة 1-0، حتى وأنها تعادلت في الجولة الثالثة والأخيرة 1-1 أمام المكسيك.
تساوت جميع المنتخبات الأربعة في تلك المجموعة بنفس رصيد النقاط (4)، إلا أن إيطاليا رافقت المكسيك وأيرلندا إلى الأدوار النهائية كأفضل مركز ثالث.
في دور ثمن النهائي، واجهت إيطاليا منتخب نيجيريا وكانت قريبة للغاية من توديع كأس العالم 1994، حيث ظل الأتزوري متأخرًا بنتيجة 0-1 حتى الدقائق الأخيرة، وهنا ظهر روبرتو باجيو، بعدما سجل هدفًا رائعًا من خارج منطقة الجزاء لتسكن الكرة الشباك معلنًا التعادل 1-1 للطليان!
وفي الوقت الإضافي لتلك المباراة، نجح باجيو في العودة بإيطاليا إلى بر الأمان وسجل الهدف الثاني من علامة الجزاء، ليقود الإيطالي المخضرم إيطاليا نحو دور ربع النهائي لكأس العالم بسيناريو خيالي.
أما في مباراة ربع النهائي، فكانت إيطاليا على موعد مع مواجهة إسبانيا، لكن التعادل الإيجابي 1-1 ظل قائمًا حتى الدقيقة 88، في تلك الأثناء وصلت الكرة إلى أقدام “باجيو” الذي حافظ عليها برشاقة وراوغ بها حارس الماتادور الإسباني “زوبيزاريتا” ليسجل الهدف الثاني لمنتخب بلاده الذي أهله إلى نصف النهائي!
من هنا، بات روبرتو باجيو أسطورة حُملت على أعناق الطليان كافة، وكان من الطبيعي جدًا مشاهدته في نصف النهائي وهو يسجل هدفين لإيطاليا في أول 30 دقيقة من عمر الشوط الأول للمباراة التي جمعت إيطاليا وبلغاريا.
تلك المباراة انتهت أخيرًا بفوز الأتزوري بنتيجة 2-1، لتصل إيطاليا أخيرًا إلى نهائي كأس العالم، وتبقى على موعد مع التاريح لمواجهة منتخب البرازيل.
لكن ما حدث في المباراة النهائية كان دراماتيكيًا، وتحديدًا مع روبرتو باجيو الذي لم يبتسم له الحظ حتى النهاية هذه المرة!
” باجيو الذي مات واقفًا ” – ماذا حدث في نهائي مونديال 1994
لكن رغم أن نسخة كأس العالم 1994، كانت مليئة بالأحداث المميزة، ألا أنها أيضًا كانت شاهدًا على مشهد مأساوي في نهايته، عندما صمتت إيطاليا بالكامل ولم يتحرك لها جفن في لحظة تكاد تكون مرت على كافة الطليان كأنها دهرًا كاملًا.
في نهائي مونديال 1994، اجتمع منتخب البرازيل مع نظيره منتخب إيطاليا، في مباراة انتهى وقتها الأصلي والإضافي سلبيًا بدون أهداف! لتتحول دفة المباراة إلى ركلات الحظ الترجيحية.
تقدم”فرانكو باريزي” لتسديد الركلة الأولى لإيطاليا قبل أن يرسلها ناحية السماء في مشهد غريب جدًا، بينما سجل الأتزوري الركلتين الثانية والثالثة ببراعة، قبل أن يهدر “دانيللي ماسارو” الركلة الرابعة بعدما سدد الكرة في يد تافاريل حارس البرازيل!
ما جعل البرازيل تتقدم في ركلات الحظ بنتيجة 3-2، حيث أنقذ “باليوكا” حارس إيطاليا الركلة الأولى للسيليساو والتي نفذها ماركو سانتوس.
الآن جاء موعد الركلة الخامسة، التي كانت ستعزز آمال الطليان مُجددًا في المنافسة على لقب كأس العالم، تلك الآمال التي بدأت في الانتعاش بالفعل عندما رأت الجماهير “روبرتو باجيو” وهو يتقدم لها!
الطليان عادة ما يُشيرون إلى باجيو قبل تلك الركلة ويقولون: ” الجليد يسري في عروق هذا الرجل! “ حتى أن باجيو نفسه بات يدرك أن لديه أعصاب فولاذية أمام المرمى، حتى أنه كان يتحكم في مدى سرعة وقوة توجه الكرة ناحية الشباك لإحراز هدف من ركلته.
الآن باجيو يحاول غلق أذنيه تمامًا عما يُقال من حوله، يحاول عدم الالتفات لصافرات جماهير السيليساو التي كلما رفع رأسه يراها خلف المرمى أمامه واقفة تفتعل الحركات الاستفزازية لإخراجه عن النص وتشتيت فكره تمامًا!
روبرتو باجيو يقف الآن أمام المرمى، يتراجع إلى الخلف في خطوات بسيطة كالمعتاد عنه، وفي رأسه أتخذ قرارًا بأن يصوب الكرة أعلى يمين “تافاريل” فلا مجال الآن لحركات استعراضية أمام الجماهير، هو يُريد أن يرى الكرة في الشباك فحسب! ولكن وبشكل مفاجئ تمامًا، صوب باجيو الكرة ليشاهدها مع جميع من كان في الملعب وقتها والمشاهدين من خلف الشاشات وهي تخرج خارج الملعب تمامًا!!
ظل روبرتو باجيو واقفًا في مكانه من هول الصدمة، وظلت جماهير إيطاليا في كل حدب وصوب واقفة وصامتة تمامًا مثله! حتى وأن معلق المباراة قال في تعليقه على لقطة باجيو: ” سقراط مات مسمومًا، ونيتشه مات مجنونًا، ويبدو أن باجيو مات واقفًا “ فقد ظل الإيطالي المخضرم حينها واقفًا وهو ينظر إلى الأرض ويربط بيده على قدميه في مشهد لن تنساه جماهير إيطاليا كافة!
” سيغفر الرب للجميع عدا باجيو ” – الجماهير الإيطالية ترفض الاحتفال مع باجيو
في واحدة من أشد اللحظات قسوة في تاريخ كرة القدم على الإطلاق، تلك التي عاشها روبرتو باجيو في نهائي كأس العالم 1994.
حتى أنه لا يزال يتذكر تلك اللحظة بمرارة شديدة، فقال مؤخرًا عن شعوره تجاهها وتجاه ما حدث معه من قِبل الطليان بعدها: ” لقد ظلت تراودني في أحلامي قبل النوم لسنوات، قبل تلك الركلة لم أسدد أي ركلة جزاء فوق العارضة بهذا الشكل! “.
الجماهير الإيطالية منذ تلك اللحظة الملعونة التي التصقت بياقة “روبرتو باجيو” منذ نهائي 1994، كغيرها من جماهير كرة القدم الغاضبة جدًا، ظلت تبحث عن الصندوق الأسود للاعب حتى وجدت ما ينصفها -ربما- لكي تتخذ من باجيو عدوًا لها!
في إحدى الروايات، يُقال أن روبرتو باجيو حين عانى من إصابة قوية للغاية في أحد مواسمه مع يوفنتوس الإيطالي، وصله هدية بسيطة من صديق مقرب له، تلك الهدية عبارة عن كتاب يتناول الروحانيات الخاصة في الديانة “البوذية”.
تلك الديانة التي رقّ قلب “باجيو” لها في النهاية، وبمجرد انتهائه من هذا الكتاب حوّل ديانته من المسيحية إلى البوذية! في قرار غريب للغاية، لم يأتِ على هوى الطليان – من المعروف أن الشعب الإيطالي متعصب جدًا لديانته المسيحية -.
الأسطورة تقول، أن الجماهير الإيطالية اعتبرت أن ديانة باجيو الجديدة هي السبب في إهداره ركلة الجزاء الملعونة تلك!
لذا، كان من الطبيعي جدًا، أن تخرج مجموعة من الجماهير لتدوّن العبارة الشهيرة على حوائط الفاتيكان، تلك التي تقول: ” سيغفر الرب للجميع عدا باجيو! “.. انتشرت تلك المقولة بين الجماهير حتى أن بعضهم ظل يرددها في المباريات التي أقيمت على مدار سنوات ما بعد صدمة نهائي أمريكا 94.
في رواية أخرى، تقول أن “باجيو” حاول مرارًا مصالحة جماهير إيطاليا بعد انتهاء تلك النسخة من كأس العالم، من خلال تسجيل الأهداف والتوجه ناحية الجماهير مباشرة للاحتفال معها، إلا أن الطليان كانوا دائمًا ما يرفضون الاحتفال معه تمامًا! فعادة ما كانت الجماهيرر تُدير وجوهها عنه ويظل ظهورهم فقط الظاهرة لعينه التي لم تفارقها الحسرة لسنوات طويلة منذ المشهد الملعون.
روبرتو باجيو – أسطورة لن تتكرر مرتين!
ربما عندما تتعرف على قصة روبرتو باجيو من البداية، قد تتعاطف معه في واقعة ركلة الجزاء الملعونة تلك! ربما تتخذ قرارًا شبه مؤكد بأن الطليان يعشقون كرة القدم أكثر من أي شيء نعم! لكنهم الأكثر قسوة على الإطلاق!
شاب نحيل وشعر أشعث تركه يكبر حتى تدلى منه جزء كبير خلف ظهره، كان يداعب الكرة في شبابه حتى عمر الثامنة عشر بقميص فريق يُدعى “فيتشينزا”، ذاك الذي حقق معه المجد حتى قرر نادي بحجم فيورنتينا وضعه هدفًا مؤكدًا للتعاقد معه.
صفقة -ربما- المسؤولين في فيورنتينا كانوا يعلمون بأن ذاك الشاب النحيل سيصبح فيما بعد ملك فلورنسا بالكامل، تلك المدينة الواقعة في الجزء الشمالي من إيطاليا ويخترقها نهر أرنو، وأحد أكبر فرقها كرويًا على الإطلاق هو نفسه نادي فيورنتينا الذي سيلعب معه “باجيو” لـ 5 مواسم كاملة.
في عمر الـ 18 عامًا، انتقل “باجيو” إلى فيورنتينا، وبالرغم أنه لم يظهر بقوة في موسمه الأول هناك، وفي موسمه الثانِ تعرض لإصابة في الركبة احتاجت لجراحة عاجلة وخطيرة لتصحيح الركبة! وبرغم ذلك، فقد عاد “باجيو” في اللحظة الحاسمة.
حيث لم يظهر مع نابولي في الموسم الثانِ سوى في تلك اللقطة التي حافظ بها على تواجد فيورنتينا في الدوري الإيطالي وحماه من الهبوط! بعدما سجل هدفه الاول من ركلة ثابتة في شباك نابولي، الذي كان يقوده وقتها الأسطورة الأرجنتينية الراحلة؛ مارادونا.
أما في المواسم الثلاث التي تلى هذا المشهد، فقد شهد توهج نجم روبرتو باجيو ليصبح حديث أوروبا بالكامل، ليس فقط الطليان!
باجيو الذي أحبته الجماهير الإيطالية كان خارقًا للطبيعة، ربما تجده فجأة أمام المرمى يداعب الكرة بخفة ويسكنها الشباك في غفلة من الحارس الذي أمامه.
ريما تجده في منتصف الملعب يساعد لاعبي فريقه حتى يستخلص الكرة من أقدام لاعبي الخصم ويتقدم بها نحو المرمى بمفرده، أو مثلًا تجده يسدد الكرة من أي مكان يحبه في الملعب وتصل في الزاوية التي أرادها أن تصل فيها بالضبط!
روبرتو باجيو الذي قالت عنه الجماهير “الجليد يسير في عروقه، لشدة ثباته أثناء تسديد ضربات الجزاء، فهو لا يخشى الحراس، الحراس هي من تخشى مواجهة باجيو! ربما يمكن القول بصدق أن روبرتو باجيو كان الرجل المثالي للاعب رقم 10 على الإطلاق!
في موسمه الأخير مع فيورنتينا، تلقى باجيو عرضًا لا يُرفض نهائيًا من يوفنتوس، حيث وصلت قيمة الصفقة إلى 19 مليون دولار! ما يجعله الصفقة الأغلى في أوروبا على الإطلاق.
في ذلك التوقيت، كانت إدارات الأندية المتحكم الأول في الانتقالات، الجميع قد يظن أن إدارة فيورنتينا تمسكت بباجيو! لكن هذا لم يحدث، من تمسك به بالضبط كانت الجماهير، حتى وأنها قررت الخروج في تظاهرات سقط فيها عديد المصابين من جماهير فيورنتينا بسبب أعمال الشغب، لكن لا حياة لمن تنادي!
نفذت إدارة فيورنتينا قرارها وتركت باجيو يرحل لكسب المال من خلفه، وسرعان ما جاءت اللحظة التي طالما هرب منها روبرتو باجيو؛ مباراة يوفنتوس أمام فريقه السابق فيورنتينا داخل ملعب “الأرتيميو فرانتشي” في فلورنسا، الملعب الذي طالما كان شاهدًا على ترديد إسمه بحب وشغف.
تقدم فيورنتنا بهدف، قبل أن يحاول باجيو المراوغة مرارة حتى أمسك به المدافعين داخل منطقة الجزاء، في لقطة خرج منها باجيو منتصرًا وحصل على ركلة جزاء.
الجميع كان ينتظر تلك اللقطة حتى أن جميع من في المدرجات صمت تمامًا، هل سيسددها “باجيو” حقًا ؟ سؤال ربما يشغل ذهنك الآن مثلما شغل أذهان الجماهير داخل ملعب فرانتشي!
” لن أفعلها ياجوليو! باجيو لن يخون الجماهير التي غنت بإسمه 5 سنوات، لن تأتي تلك الضربة مني أبدًا، إذا أرادوا معاقبتي فليعاقبوني، لا يهم، لكن لن أجرؤ أبدًا على فعلها، قل لهم أن ماركو (حارس فيورنتينا) يعرف كيف أسدد الركلات، قل لهم أي شيء لكني لا أجرؤ على فعلها أبدًا “
هكذا كان الحديث بين روبرتو باجيو وزميله في يوفنتوس “جوليو سيزار”، قبل تسديد ركلة الجزاء التي رفض باجيو أن يكون سببًا في حزن جماهير فيورنتينا بسببها، لكن في النهاية ضاعت تلك الركلة وخرج باجيو من المباراة قبل النهاية بقليل.
فضّل باجيو السير من ناحية جماهير فيورنتينا رغم معرفته أنها لن تغفر له! وبالفعل قاموا بإلقاء التي شيرتات والأعلام والكوفيات عليه، أما باجيو؛ فلم يقدر على منع دموعه من النزول وظل يجمع كل ما تم إلقاؤه أرضًا وضعها بالقرب من قلبه وهمّ بمغادرة الملعب!
انتهت القصة عند هذا الحد؟! بالطبع لا، قضى باجيو 4 سنوات رائعة مع يوفنتوس، لم يعكرها على الإطلاق سوى الصدام السنوي بين يوفنتوس وفيورنتينا بالفعل! حتى جاء الموسم الخامس له مع السيدة العجوز، والذي تزامن مع نسخة كأس العالم 1994 التي أخفق فيها باجيو ركلة الجزاء الملعونة.
تولى تدريب يوفنتوس في تلك الفترة المدرب “مارشيلو ليبي”، لتنشأ عداوة شديدة بينه وبين باجيو، بعدما قرر وضع باجيو على مقاعد البدلاء والاعتماد على الشاب الجديد أليساندرو ديل بييرو! من المعروف أن “ليبي” لا يغيير خططه أبدًا، لذا غيّر “باجيو” خطته هو.
بسبب عدم ظهوره في المباريات مثل أول مواسمه، عرضت إدارة يوفنتوس على باجيو التجديد لكن مع خفض راتبه إلى النصف! فقرر المهاجم تغيير ألوان قميصه مجددًا، لينتقل إلى ميلان الإيطالي هذه المرة، بالرغم أنه وصلته عروض ضخمة من أندية أوروبا مثل: ريال مدريد ومانشستر يونايتد، لكنه فضّل البقاء في إيطاليا في محاولة لمصالحة الجماهير على ما فعله في مونديال 94!
لكن في ميلان لم يجد “باجيو” نفسه على الإطلاق، وتحديدًا عندما تولى “تاباريز” تدريب الروسونيري، فلم يظهر أبدًا طوال الـ 90 دقيقة مع الميلان، علاوة على ذلك، فقد تعمد تابااريز تغيير مركز باجيو عديد المرات حتى أنه وضعه في بعض المباريات كلاعب وسط مدافع! حتى خرج من حساباته تمامًا
رحل باجيو إلى بولونيا وتألق بشكل ملفت في الموسم الذي سبق كأس العالم 1998، الأمر الذي مهد لوجوده بالفعل في قائمة منتخب إيطاليا التي شاركت في تلك النسخة من المونديال.
كأس العالم 1998 – والمعاناة مع ركلات الترجيح
في مونديال 1998، وفي المباراة الافتتاحية، وكأن القدر لم يكتفِ بما فعلته الجماهير الإيطالية في “باجيو” فأراد أن يذكره مرة أخرى بفعلته التي التصقت بياقته!
تقابل منتخب إيطاليا في المباراة الافتتاحية بنظيره تشيلي، تقدم الطليان بهدف، لكن تشيلسي تعادل وسرعان ما سجل هدف آخر لتصبح النتيجة 2-1 للأخير، قبل أن يرسل “باجيو” كرة داخل منطقة الجزاء لزميله فتصطدم بيد مدافع تشيلي، ويحصل منها على ركلة جزاء.
وقف “باجيو” في حيرة من أمره، ودقات قلبه -ربما- وصل صداها للجماهير في مدرجات الملعب! الآن بات على عاتقه أن يبعد منتخب بلاده عن الخسارة في افتتاحية المونديال، لا مفر من ذلك!
الدقيقة 84 تظهر على شاشة الملعب أمامه، جميع اللاعبين ينظرون إليه، لا يوجد أفضل منه بينهم لتسديد تلك الركلة بكل تأكيد، أما باجيو فكان في حوار داخلي قاسي لم ينساه أبدًا، حتى أنه قال عن تلك اللحظة: ” لم استطع أن أنسى ركلة الجزاء الملعونة، ظلت 4 سنوات كاملة تأتي صورتي وأنا أضيع تلك الركلة في خيالي، عندما حصلت على تلك الركلة، فقط ذهبت وقلت لنفسي عليك أن تحرزها هذه المرة كي تستريح! ” وقد كان وانتهت المباراة 2-2.
لكن المدهش، أن منتخب إيطاليا نجح في التأهل إلى الأدوار الإقصائية لكن نهاية مشواره كان في دور ربع النهائي، عندما اصطدم بمنتخب فرنسا في ذاك الدور! وخسر أيضًا بركلات الحظ الترجيحية!
لتصبح قصة روبرتو باجيو واحدة من أكثر القصص شديدة القسوة من قِبل الجماهير تجاه أسطورة حقيقية لن تتكرر أبد الدهر.