قصص كأس العالم – باولو روسي يقود إيطاليا لحصد مونديال 82 بعد معاقبته بالإيقاف عامين!
يأخذك 365Scores في جولة خفيفة بين حكايات وقصص كأس العالم عبر العصور، لاستكشاف كواليس منسيّة وأحداث كانت سببًا في جعل كأس العالم هو البطولة الأضخم بين مختلف البطولات المعترف بها الآن، والبطولة الوحيدة التي تشهد صمت العالم بأثره للالتفاف حول بؤرة ما تنير في إحدى بقاع الأرض كل 4 أعوام فقط.
وخلال هذه الجولة، سنقفز بين أحداث كأس العالم نسخة 1982 التي أقيمت في إسبانيا، وتوّج بها منتخب إيطاليا، بفضل جهود نجمه المخضرم باولو روسي، بطل قصتنا هذه المرة.
لكن هل تعلم أن باولو روسي الذي حصد لقب هداف كأس العالم 1982، وجائزة أفضل لاعب في البطولة، لم يكن مقدرًا له المشاركة في المونديال بالأساس، لكن مدرب منتخب إيطاليا ” أنزو بيارزوت” قرر في اللحظة الحاسمة المراهنة عليه في هجوم الأزوري.
ليصبح “روسي” أشهر إسم في العالم في النصف الثانِ من عام 1982، بفضل أهدافه الستة التي حسمت كأس العالم لإيطاليا، ومهدت له الطريق للعودة لقيادة هجوم يوفنتوس بعد إيقاف قاسِ تعرض له قبل مونديال 1982 بعامين كاملين! فماذا حدث؟
تورط باولو روسي في قضية “توتو نيرو” وحقيقة أكذوبة سجنه
بدأ باولو روسي حياته الكروية مع يوفنتوس وهو ابن الخامسة عشر من عمره، لكنه لم يلعب معهم إلا بعد ثمانِ سنوات من توقيعه لأول مرة، بسبب خضوعه لثلاث عمليات جراحية مختلفة في الركبة في المرحلة الأولى من حياته المهنية.
لذا فكر البيانكونيري في إعارته إلى فريق “كومو” الذي كان ينافس حينها في الدوري الإيطالي الدرجة الثانية، وبعد عام واحد فقط، كان ضمن صفوف فريقه الجديد، فيتشنزا” الذي تمت ترقيته للعب في دوري الدرجة الأولى الإيطالي.
ورفقة فيتشنزا، سجل في موسمه الأول 21 هدفًا وفي الموسم التالي مباشرة سجل 24 هدفًا وأصبح أول لاعب يسجل أكثر من 20 هدفًا في موسمين متتاليين في الدوري الإيطالي.
ما جعله محط أنظار مدرب منتخب إيطاليا، الذي قرر استدعائه للمشاركة مع الأزوري في كأس العالم 1978، وكانت تجربة مميزة ومثالية، حيث نجح في تسجيل 3 أهداف في المسابقة حينها
لكن ما حدث في مسيرته الكروية بعد عامين من مونديال 1978، كان نقطة تحول كبيرة في مسيرة باولو روسي، ابعدت المهاجم الإيطالي عن ملاعب كرة القدم لمدة عامين، بعد توقيع عقوبة قاسية عليه من الاتحاد الإيطالي!
ففي عام 1980، ارتبط إسم باولو روسي بفضيحة التلاعب بالنتائج بالدوري الإيطالي وذلك في الدرجتين الأولى والثانية، وعُرفت تلك القضية إعلاميًا بـ “توتو نيرو”، وشارك فيها أيضًا عدة لاعبين من 12 ناديًا في الدوري الإيطالي!
حينها قرر الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، توقيع عقوبة بالإيقاف على “باولو روسي” تُقدر بـ 3 أعوام، يبتعد فيها المهاجم عن ممارسة كرة القدم تمامًا، وبعد الاستئناف على القرار، تم خفض مدة الإيقاف إلى عامين فقط، ليعود في عام 1982 ويقود إيطاليا لتحقيق كأس العالم.
لكن هذه القصة تم تضخيمها بطريقة ما من قِبل الصحف الإيطالية، بعد السيناريو الدرامي الذي تألق به “روسي” في كأس العالم 1982.
حيث تم تداول “كذبة” تقول أن باولو روسي خرج من السجن لتحقيق كأس العالم مع إيطاليا، ما يعني أن المهاجم الإيطالي كان مسجونًا في إيطاليا طوال مُدة عقوبته، لكن هذا لم يحدث نهائيًا بل قامت الصحف هناك بالمبالغة بسبب عودته الاستثنائية.
من القاع إلى المجد.. روسي يُسطر قصة ملهمة في مونديال 82 ويضع إيطاليا في القمة
بالرغم من معاقبة باولو روسي بالإيقاف عن اللعب لمدة عامين بداية من 1980 وحتى 1982، إلا أن نادي يوفنتوس لم يتردد لحظة في التوقيع مع المهاجم في عام 1981.
وفي مايو 1982، تم رفع الإيقاف عن المهاجم الإيطالي للمرة الأولى، ليشارك مع السيدة العجوز في مباراة هامة للغاية خارج الديار ضد أودينيزي، كان اليوفي بحاجة للفوز من أجل البقاء في سباق اللقب مع تبقي ثلاث مباريات فقط على حسم لقب الكالتشيو. ولم يخيب باولو روسي آمال الجماهير، وسجل هدفًا في مباراة انتهت بفوز اليوفي بنتيجة 5-1.
لكن تلك المباراة كانت كافية لإقناع مدرب منتخب إيطاليا “إنزو بيرزوت” للمراهنة على باولو روسي واختياره لقيادة هجوم الأزوري في كأس العالم 1982، والذي انطلق بعد تلك المباراة بشهر واحد فقط.
لكن لسوء الحظ، قدم “روسي” في الدور الأول من كأس العالم 1982 واحدًا من أسوأ مستوياته، ما سبب في هجوم كبير له ولمدرب منتخب إيطاليا بسبب تمسكه بقرار وجوده مع كتيبة الأزوري رغم ابتعاده عن الملاعب لعامين كاملين!
في النهاية، تأهلت إيطاليا إلى الدور الثاني بمعجزة حقيقية، حيث لم يحقق المنتخب الإيطالي أي انتصار، فقط سجل هدف وحيد في مرمى الكاميرون طوال الدور الأول.
إلا أن باولو روسي عاد ليكون الإسم الأكثر تداولًا على ألسنة الجميع في إيطاليا وخارجها أيضًا، بعدما تفجرت طاقاته أمام منتخب البرازيل في ربع نهائي كأس العالم 82، حيث سجل بمفرده 3 أهداف.
روسي لم ينسِ تلك المباراة أبدًا، حتى إنه عندما قام بإصدار كتابًا يسرد خلاله سيرته الذاتية، أطلق عليه إسم “لقد جعلت البرازيل تبكي” ليكون شاهدًا على إنجازه التاريخي في إقصاء البرازيل والتتويج بالمونديال.
تأهلت إيطاليا إلى نصف النهائي بعد مباراة تاريخية لن تُنسى من أذهان الطليان أمام البرازيل انتهت بـنتيجة3-2، ليلتقي الأزوري بنظيره منتخب بولندا، وفي هذه المباراة واصل “روسي” تألقه وسجل هدفين تسببا في إيصال منتخب بلاده إلى المباراة النهائية لمواجهة منتخب ألمانيا الغربية.
وفي النهائي، قصّ باولو روسي شريط الأهداف لمنتخب إيطاليا بعدما أحرز الهدف الأول في شباك ألمانيا الغربية، تلك المباراة التي انتهت بفوز الأزوري بنتيجة 3-1، ليتوّج المهاجم الذي أنهى عقوبة الإيقاف القاسي لعامين كاملين ليقود إيطاليا لتحقيق لقب كأس العالم 82 بطريقة استثنائية وبأحداث مُلهمة.
ومع 6 أهداف سجلها باولو روسي في بطولة كأس العالم 1982 بالكامل، توّج بجائزة الحذاء الذهبي كهداف البطولة، وكذلك حصل على جائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في المسابقة.
قصة باولو روسي واحدة من أكثر القصص الملهمة في كرة القدم، بخلاف أن أحداثها لا تُنسى لحقيقة اقترانها ببطولة ضخمة مثل كأس العالم!
حيث أصبح باولو روسي بطلًا قوميًا في إيطاليا في أكثر الظروف غرابة، بعد كل ما مرّ به في عامين فقط، حين نجح من انتشال نفسه من القاع والقفز إلى قمة المجد.