قصص كأس العالم – الحارس الذي عوقب بالإيقاف مدى الحياة قبل مونديال 90
يأخذك 365Scores في جولة خفيفة بين حكايات وقصص كأس العالم عبر العصور، لاستكشاف كواليس منسيّة وأحداث كانت سببًا في جعل كأس العالم هو البطولة الأضخم بين مختلف البطولات المعترف بها الآن، والبطولة الوحيدة التي تشهد صمت العالم بأثره للالتفاف حول بؤرة ما تنير في إحدى بقاع الأرض كل 4 أعوام فقط.
وخلال هذه الجولة، سنقفز بين حدث يعد هو الأغرب على الإطلاق في تاريخ مباريات التصفيات المؤهلة لكأس العالم نسخة 1990، والتي وقعت أحداثها في القارة اللاتينية، أمريكا الجنوبية، تحديدًا في مباراة مثيرة للجدل جمعت منتخب تشيلي بنظيره منتخب البرازيل.
كان على منتخب تشيلي الفوز لا بديل على راقصي السامبا لضمان التأهل مباشرة نحو مونديال 1990، لكن ما حدث في الجولة الأخيرة في تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة للمسابقة الأضخم على الإطلاق كان الأشد غرابة.
بطل تلك الواقعة هو روبرتو روخاس، واحدًا من أفضل حراس المرمى في تاريخ تشيلي على الإطلاق، كان الحارس الأساسي لمنتخب تشيلي فترة الثمانينات.
ونظرًا لتألقه الكبير كان الحارس الأساسي لمنتخب تشيلي في ثلاث نسخ متتالية لبطولة كوبا أمريكا، إلى جانب تواجده مع منتخب بلاده في بطولة كوبا تحت 20 سنة، وكذلك رافقهم في دورة الألعاب الأولمبية عام 1984.
روبرتو روخاس يعتبر أحد الأسماء التي تسببت في حدوث العديد من الأزمات في تاريخ كرة القدم في تشيلي، تاريخ حافل من افتعال الأزمات سيؤدي به في النهاية للإيقاف مدى الحياة.. فماذا حدث؟
تصفيات كأس العالم 1990.. تشيلي في صدام عنيف مع البرازيل
أوقعت قرعة تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم 1990، منتخب تشيلي في صدام عنيف مع منتخب البرازيل، وبسبب الإثارة التي حدثت في تلك الفترة في مباريات التصفيات، كان يجب على أي من المنتخبين الفوز في الجولة الأخيرة والحاسمة لحسم تأهل أي منهما إلى مونديال 1990.
المباراة الأولى بين المنتخبين أقيمت في تشيلي على ملعب “سانتياجو”، وشهدت مشادات كلامية بالجملة، لكن أبرزها كان بين مدرب تشيلي “أورلاندو أرفينيا” ونجم منتخب البرازيل في ذلك الوقت “روماريو”.
قبل المباراة الأولى، دخل الثنائي لتفقد أرضية الملعب، ليتفاجئ روماريو بنظرات غير مرضية من مدرب تشيلي، فتوجه له نجم البرازيل وقال له: ” سأغلق فمك في تلك المباراة “.
أما عن المباراة نفسها، فربما يمكن وصف أحداثها بمصارعة الثيران أفضل عن مباراة كرة قدم، كانت بمثابة حرب مشحونة للغاية بين رجال المنتخبين، حتى انتهى اللقاء في النهاية بالتعادل 1-1.
جاء موعد الجولة الأخيرة في مباراة أقيمت على ملعب “الماراكانا” في البرازيل، الفائز سيعبر إلى مونديال إيطاليا 1990 مباشرة، وبرغم أن الأجواء خارج الملعب كانت مشحونة، لكن بفضل حارس تشيلي ستصبح الأجواء أكثر دراما داخل الملعب أيضًا!
حادثة تشوه كرة القدم في تشيلي بطلها الأول.. روبرتو روخاس!
ملعب مقتظ عن بكرة أبيه بمشجعي منتخب البرازيل، الجماهير هنا وهناك بأرجاء ملعب “الماركانا” تُجهز نفسها للاحتفال بالتأهل إلى كأس العالم 1990، بعدما تقدم راقصي السامبا بهدف نظيف يضمن خطفه لبطاقة العبور إلى إيطاليا.
استمر الوضع في صالح البرازيل حتى الدقيقة 67! لتتحول أرضية الملعب لفيلم سينمائي مليء بالإثارة والغموض!، مع سيناريو ربما لن يأتي إلى رأسك أبدًا
حين وصلت الدقيقة 60، بدأت جماهير البرازيل تحتفل باستخدام الصواريخ والألعاب النارية، حتى أنها بدأت تلقي بتلك الألعاب داخل أرضية الملعب!
استغل حارس مرمى تشيلسي “بروبرتو روخاس” هذا كله، وقرر القيام بتصرف غريب جدًا، يبدو أنه كان سيفعله حتى إذا لم تستخدم جماهير البرازيل تلك الألعاب بالأساس!
جاءت الدقيقة 67، وقام حكم المباراة “خوان لوستاو” إيقاف اللعب تمامًا، لماذا؟؟ حارس تشيلي روبرتو روخاس ساقطًا على أرض الملعب ووجه غارق في الدماء!
للوهلة الأولى، ظن الجميع داخل ملعب “الماركانا” أن أحد الجماهير قام بقذف حارس تشيلي بالألعاب النارية، ما تسبب في جرح رأسه!
تدخل الطاقم الطبي لمنتخب تشيلي لمعاينة الحارس وعلاجه على الفور، حتى خرج محمولًا على نقاله ولا زال رأسه ينزف! تدخل قائد تشيلي على الفور وطالب اللاعبين بالخروج من الملعب!
على الجانب الآخر، وقف لاعبو منتخب البرازيل في حالة ذهول تام وصمت يغلفه الخوف من السيناريو الذي جاء في رأس الجميع حينها، إذا تعرض الحارس لإصابة بسبب الجماهير سيتم استبعاد البرازيل لا محال من كأس العالم 1990!
انتهت المباراة بهذا الشكل! لكن أحداثها المثيرة للجدل امتدت لأيام وأسابيع حتى خرج الاتحاد الدولي “فيفا” بقرار أشد إثارة، بعدما تم شطب منتخب تشيلي من تصفيات كأس العالم 1990 وكذلك كأس العالم 1994!
ليس ذلك فقط، خرج قرار قوي للغاية، بمعاقبة كلًا من حارس تشيلي روبرتو روخاس ومدرب المنتخب أرفينيا والطبيب رودريجز، بالإيقاف مدى الحياة!
مصور يكشف الحقيقة كاملة للفيفا!
استمر وقع الصدمة على جماهير الماركانا ولاعبي منتخب البرازيل لأيام، حتى تدخل المصور “ريكاردو ألفيري” الذي تواجد خلف مرمى روبرتو روخاس، وبدون أن يدري أن مكانه المميز سيحدث ضجة كبيرة في أمريكا اللاتينية.
التقطت عدسة المصور “ريكاردو ألفيري” قرابة 15 صورة لواقعة روبرتو روخاس! بداية من سقوط إحدى الشماريخ بالقرب من مرماه، حتى سقوطه هو شخصيًا على أرضية الملعب غارقًا بالدماء.
يقول ألفيري، في تصريحات عن تلك الحادثة: ” التقطت بالكاميرة الخاصة بي قرابة 15 صورة متتالية لتلك الواقعة، سقط روبرتو وسط الدخان في الصورة الأولى، وفي الأخيرة كان وجهه مغطى بالدماء، لكن في الحقيقة تبين أن الشماريخ كانت بعيدة تمامًا عنه فلم يصاب بسبب تلك الألعاب النارية “.
تببين من تلك الصور أن روبرتو روخاس كان يحتفظ بشفرة حلاقة داخل قفازاته! وبسبب الأدخنة التي شكلتها الألعاب النارية من حوله، أقدم على إخراج تلك الشفرة وجرح نفسه سريعًا حتى يهرع حكم اللقاء تجاهه ويحدث كل ما حدث فيما بعد!
عدسة ريكاردو ألفيري بمفردها هي من استطاعت تغيير المشهد وقلب الآية تمامًا على منتخب تشيلي.
فيما بعد، قرر الاتحاد البرازيلي إرسال تلك الصور إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” وعليه صعدت البرازيل إلى كأس العالم 1990 وعوقبت تشيلي وحارسها ومدربها بجانب طبيب المنتخب أيضًا.
أما عن روبرتو روخاس، فكان بطلًا لفيلم وثائقي بعنوان “أنا مذنب”، تحدث فيه الحارس عن فعلته التي أطاحت به خارج الساحرة المستديرة تمامًا، فقال: جرحت نفسي بشفرة حلاقة، وجرحت كرامتي، لكنني لو كنت أحمل جنسية الأرجنتين أو البرازيل أو أوروجواي حتى، لما تمت معاقبتي بهذا الشكل “.
صناع الفيلم الوثائقي توجهوا أيضًا إلى المصور الذي غيّر مسار الأمور، ريكاردو ألفيري، والذي قال: ” شعرت بالأسف تجاه روخاس، كان حارس مرمى كبير ورائع للغاية، بسبب صورة واحدة تم إيقافه مدى الحياة، لكن ما فعلته كان مهام عملي، فأنا مصور صحفي “.