قصة ماتياس سيندلر – رفض تمثيل منتخب ألمانيا وتم اغتياله 1938
أن توجه لك دعوة من القائد النازي أودلف هتلر وترفضها فهذا محض هراء.. خاصة وأن معاني الرفض لم تجد لها مكان في قاموس هتلر.
كانت البداية عندما اقتحمت القوات الألمانية إلى الأراضي النمساوية في مارس 1938 مع بداية انطلاق الحرب العالمية الثانية، حيث كان يريد القائد النازي أودولف هتلر احتلال العالم بغرض الانتقام للهزيمة التي تلقاها في الحرب العالمية الأولى.
كان لدى النمسا منتخب كرة قدم خياليًا وغير معهود في ذلك الوقت، حيث كان يقدم لاعبي النمسا كرة قدم هجومية وسريعة، لم تعرفها أوروبا في تلك الفترة سوى من النمسا، كان الفضل يعود في هذا كله إلى المدرب التاريخي “هوجو ميسل”.
يقول المؤرخين أن كرة القدم التي ابتكرتها النمسا في الثلاثينات، هي الكرة الشاملة والأسلوب الذي صار عليه منتخب هولندا في المستقبل.
في بداية الثلاثينات من القرن الماضي، خاض منتخب النمسا عدة مباريات ودية مع الدول الكبرى استعدادًا لانطلاق بطولة وسط أوروبا 1932، حيث اكتسحت النمسا منتخب ألمانيا مرتين؛ الأولى بخماسية والثانية بسدادسة.
ومن ثم خاضت مباراة مع سويسرا والحقت بها هزيمة قاسية بسداسية، وفيما بعد التقى المنتخب النمساوي بنظيره المجري واكتسح المباراة بنتيجة 8\2، لتشهد الثلاثينات على ولادة جيل ذهبي في النمسا.
- طالع أيضًا:
- بعد تألقه مع منتخب إنجلترا – ريال مدريد يدرس التعاقد مع نجم الدوري الإنجليزي
- موقف كريم بنزيما من المشاركة في مباراة فرنسا الأولى في يورو 2020 ضد ألمانيا
- صحفي شهير يثير الجدل حول إتمام ريال مدريد صفقة انتقال هالاند
نجح منتخب النمسا في التتويج ببطولة وسط أوروبا 32، وبعد عامين تحديدًا في 1934، انطلقت بطولة كأس العالم، ونجحت النمسا في الوصول إلى نصف النهائي حين التقت بإيطاليا، تلك البطولة التي شهدت ظلم كبير للنمسا بعدما خاض الفريق مباراته في ظروف طقس سيئة.
كما تغافل حكم المباراة عن دفعة لاعب إيطاليا لحارس مرمى النمسا في وجهه، جاء منها هدف المباراة الوحيد، لتودع النمسا البطولة بسبب الظلم.
في النسخة التالية من مونديال كأس العالم، والتي أقيمت عام 1938، كانت ألمانيا قد احتلت النمسا، وقرر القائد النازي هتلر، إقامة مباراة بين منتخب ألمانيا والنمسا المحتلة، كنوع من الاحتفال بالاتحاد بين الدولتين.
كان يُمثل جيل منتخب النمسا وقتها، لاعب يُدعى “ماتياس سيندلر” والمٌلقب بـ”موزارت”، كان هداف وأبرز نجوم منتخب النمسا على الإطلاق، وأحد مطوري كرة القدم في جيله، كما تم اختياره كلاعب القرن في النمسا تقديرًا لأسلوبه الذي إتبعه الكثيرين من بعده.
ويقول المؤرخين أن ماتياس كان رجلًا وطنيًا من الدرجة الأولى، وكان منتخب النمسا قبل الاحتلال الألماني يرتدون القمصان التي تحمل اللون الأبيض والأسود، ففكر ماتياس بأن تلعب النمسا مباراتها أمام ألمانيا بألوان الأحمر والأبيض وهي نفس ألوان علم النمسا حتى يظل العلم راسخًا في نفوس الشعب النمساوي.
انطلقت مباراة النمسا وألمانيا، كان الجميع يتوقع انتهائها بالتعادل السلبي نظرًا لانها مباراة دبلوماسية ليس أكثر، لكن “ماتياس” كان لديه رأي آخر، فانطلق بالكرة في هجمة مرتدة على دفاع المنتخب الألماني وبالأخر سدد تسديدة صاروخية سكنت مرمى ألمانيا وسط صدمة قادة الجيش الألماني بالكامل.
ومن ركلة حرة مباشرة بعد الهدف الأول مباشرة، نجح “سكاستي سيستا” من إحراز الهدف الثاني لمنتخب النمسا، لتنتهي المباراة بهدفين دون رد.
بعد تلك المباراة، أمرت الحكومة النازية بضم العديد من النجوم من منتخب النمسا إلى منتخب ألمانيا للمشاركة بهم في مونديال كأس العالم 1938.
من بين اللاعبين الذين وقع عليهم الاختيار كان ماتياس سيندلر، لكن اللاعب النمساوي رفض الدعوات الألمانية بالكامل، حيث تحجج مرة بالمرض وأخرى بكبر عمره، حيث كان في ذلك الوقت 35 عامًا.
الحجة التي استخدمها “سيندلر” بأنه لن يستطيع اللعب بسبب عمره، كانت سببًا في خسارة اللعب الدولي مع منتخب النمسا فيما بعد، والصدمة أنه خسر فريقه “أستريا فينا” أيضًا، خاصة وأن هذا الفريق كان يضم بين صفوفه عدد من اللاعبين ذو الأصول اليهودية.
ومع احتلال ألمانيا والقائد النازين لأراضي النمسا، منع تواجد اللاعبين اليهود في الفرق الرياضية، الأمر الذي تسبب في عدم قدرة الأندية على الصمود وبدأ أغلبها ينهار.
والمفاجأة، أن في صباح يوم 23 من يناير 1939، وبعد اختفاء طويل لـ”سيندلر” تم العثور على اللاعب النمساوي رفقة صديقته كاميلا كاساتنولا متوفيين في شقته.
فيما بعد، كشفت التحقيقات أن الوفاة وقعت بسبب الاختناق بغاز أول أوكسيد الكربون، بسبب حدوث تسريب في جهاز التدفئة في الشقة التي كان يقطنها.
لكن التحقيقات استمرت لعدة أشهر لإثبات أن الوفاة كانت بسبب الاختناق، لكن البعض في تلك الفترة قال أن سيندلر انتحر بسبب شعوره بالاكتئاب بعد التوقف عن لعب كرة القدم.
وأخرين وجهوا أصابع الاتهام إلى البوليس السري النازي بأنه وراء جريمة القتل بعد فترة طويلة من مراقبة اللاعب ومعرفة تحركاته والمحيطين به.
وفي فيلم وثائقي يحكي قصة حياة ماتياس سيندلر، تم عرضه على قناة “بي بي سي” 2003، قال “إيجون إلبرش” أحد أصدقاء اللاعب: طبقًا لقوانين النازية فلا يمكن لأي شخص تم قتله أو انتحر أن يحصل على جنازة إلا بعد الانتهاء من التحقيقات واستبعاد الجانب الجنائي، لذا قمنا برشوة أحد الضباط ليكتب أن الوفاة بسبب الاختناق.