
يُعد فينيسيوس جونيور أحد أبرز نجوم كرة القدم في العصر الحديث، حيث فرض نفسه كلاعب استثنائي في صفوف ريال مدريد بفضل سرعته الفائقة، ومهاراته الفنية، وحسمه أمام المرمى، منذ انتقاله إلى النادي الملكي عام 2018، تطور النجم البرازيلي بشكل مذهل ليصبح من الركائز الأساسية للفريق، وساهم في تحقيق العديد من الألقاب، آخرها دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني.
لكن رغم نجاحاته الكروية، لم يكن طريق فينيسيوس مفروشًا بالورود، إذ كان ضحية متكررة للإساءات العنصرية، خاصة في ملاعب الدوري الإسباني، هذه الاعتداءات لم تقتصر فقط على وسائل التواصل الاجتماعي، بل امتدت إلى مدرجات الملاعب، مما جعله رمزًا في الحرب ضد التمييز العنصري في كرة القدم.
العنصرية في الملاعب.. ظاهرة يجب أن تنتهي
تعد العنصرية واحدة من أكثر المشكلات التي تعاني منها كرة القدم العالمية، إذ تعرض العديد من اللاعبين ذوي البشرة السمراء إلى الإساءات من بعض الجماهير المتعصبة، في السنوات الأخيرة، ازدادت الدعوات لاتخاذ إجراءات حازمة ضد هذه الظاهرة، حيث أكد العديد من اللاعبين والمسؤولين الرياضيين أنه لا مكان للعنصرية في الرياضة، وأن على الجميع العمل معًا للقضاء عليها.

في إسبانيا، كانت قضية فينيسيوس بمثابة ناقوس خطر دفع الجهات المسؤولة إلى إعادة النظر في القوانين والإجراءات المتعلقة بمكافحة العنصرية في الملاعب، حيث تعرض اللاعب لهجمات عنصرية متكررة، كان أبرزها في مباريات الكلاسيكو ضد برشلونة، وكذلك في مواجهات أخرى بالدوري الإسباني.
القضية القانونية.. تطورات جديدة مع فينيسيوس جونيور
أحد أبرز الحوادث التي تعرض لها فينيسيوس كانت خلال مباراة الكلاسيكو ضد برشلونة في أكتوبر 2023، عندما زار ريال مدريد ملعب أولمبيك لويس كومبانيس لمواجهة غريمه التقليدي، خلال تلك المباراة، سجل الإنجليزي جود بيلينجهام هدفين ليقود الفريق الملكي للفوز بنتيجة 2-1، لكن الانتصار طغت عليه حادثة عنصرية أخرى استهدفت فينيسيوس.
وفقًا لتقارير صحفية، أبلغت رابطة الدوري الإسباني (لا ليجا) الجهات المختصة بتعرض فينيسيوس جونيور لإساءات عنصرية، حيث زُعم أن أحد المشجعين وصفه بـ”القرد اللعين”، بعد ذلك، تم فتح تحقيق رسمي وأُحيلت القضية إلى النيابة العامة.
لكن مكتب المدعي العام لجرائم الكراهية في برشلونة أوصى مؤخرًا بإغلاق القضية، مشيرًا إلى عدم كفاية الأدلة، وجاء في البيان الرسمي أن التحقيق لم يتمكن من تحديد العبارات الدقيقة التي تم استخدامها ضد اللاعب، وأنه رغم أن الإساءات كانت مهينة، إلا أنها لم تكن كافية لتشكل جريمة تحريض على الكراهية، وفقًا للقانون الإسباني.
Cómo te siente?
— Vini Jr. (@vinijr) March 12, 2025pic.twitter.com/l2w9nfHUJe
ومع ذلك، طلبت النيابة العامة من قاضي التحقيق إحالة القضية إلى مكتب المساواة في المعاملة وعدم التمييز، للنظر في إمكانية اتخاذ إجراءات أخرى ضد المتهمين في إطار القوانين الإدارية.
فينيسيوس جونيور.. نضال مستمر من أجل التغيير
لم يقف فينيسيوس صامتًا أمام هذه الأحداث، بل أصبح من أكثر اللاعبين جرأة في مواجهة العنصرية، حيث تحدث مرارًا وتكرارًا عن ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لحماية اللاعبين، على مدار الأشهر الـ12 الماضية، يرى النجم البرازيلي أن هناك تقدمًا واضحًا في مكافحة هذه الظاهرة، مؤكدًا أن المجتمع الكروي أصبح أكثر وعيًا وإدراكًا بخطورة العنصرية وتأثيرها السلبي.
قال فينيسيوس في تصريح سابق: “أنا هنا ليس فقط للعب كرة القدم، ولكن أيضًا لأُحدث تغييرًا، لا يمكن أن يستمر هذا الوضع، وأنا سعيد لأن هناك وعيًا متزايدًا بأهمية محاربة العنصرية في الملاعب“.
رغم إغلاق هذه القضية تحديدًا، إلا أن ملف العنصرية في كرة القدم الإسبانية لا يزال مفتوحًا، ويتطلب مزيدًا من العمل والجهود لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث، الأندية، الاتحادات، اللاعبين، والجماهير جميعهم مسؤولون عن نشر قيم التسامح والاحترام داخل الملاعب وخارجها.
فينيسيوس جونيور قد يكون على وشك طي صفحة هذه القضية، لكنه لن يتوقف عن حمل لواء محاربة العنصرية، ليس فقط من أجل نفسه، ولكن من أجل جميع اللاعبين الذين تعرضوا للإساءة بسبب لون بشرتهم؛ المعركة لم تنتهِ بعد، ولكن كرة القدم تخطو خطوات نحو مستقبل أكثر عدالة ومساواة.