تقارير ومقالات خاصةكرة قدم
الأكثر تداولًا

فيفا وإنفانتينو.. دليلك لإعادة كرة القدم للخلف!

عُين السويسري جياني إنفانتينو رئيسًا للاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، في السادس والعشرين من شهر فبراير 2016، في كونجرس الفيفا غير العادي، لاختيار رئيس جديد بعد تنحي مواطنه جوزيف بلاتر أعقاب قضايا الفساد في عام 2015.

قرابة الـ 8 أعوام في المنصب، فترة تخللتها فوزه بالانتخابات مرتين.. فترة تخللتها العديد والعديد من التعديلات، العديد والعديد من الأشياء التي بشأنها إعادة شعبية اللعبة الأولى إلى الخلف، وهو ما قد كان.

إنفانتينو جاء بهدف وبرغبة تطوير اللعبة، وهو ما قد كان حقيقة في بعض الأمور، لكن بدون خطة، بدون معالجة للأخطاء الموجودة سلفًا، لتنقلب كل تلك الأمور ضده وضد معشوقة الجماهير الأولى حول العالم.

سنُختص في حديثنا في ذلك التقرير عن شيء لم يُحرك أمامه إنفانتينو ساكنًا، بل بالعكس، قام هو ورفاقه في الاتحادات بزيادة الطين بلة، دون مكترثين للعبة، للأندية، للاعبين، ولا للجمهور.

لا نهتم باللاعبين!

بعيدًا عن فترات التوقف الدولية، والتي سنتطرق إليها تباعًا، كان لـ “فيفا” بعض القرارات التي من شأنها “الارتقاء وتطوير اللعبة” من وجهة نظرهم، وإرهاق اللاعبين -وهو أقل وصف يمكننا استخدامه- دون اكتراث بحالتهم الذهنية، المعنوية والبدنية، حتى دون اكتراث لعمر مسيرتهم المهنية!

إحدى القرارات التي تم استحداثها مؤخرًا، هي “الوقت الفعلي”، الأمر الذي تطبيقه منذ بطولة كأس العالم 2022 بقطر، والذي بمقتضاه، يُخول للحكم احتساب كل الوقت الذي لم تُلعب خلاله المباريات، كوقت محتسب بدل من الضائع، لذا كان طبيعيًا أن نرى معظم المباريات تتخطى مدتها الـ 100 دقيقة.

هل كان اللاعبون سعداء بذلك؟ لا.. هل كان المدربون الذي يريدون لعب كرة القدم وعدم إهدار أي دقيقة في سبيل فعل ذلك سعداء؟ لا أيضًا.

في المباراة الأولى لـ الموسم الحالي، بعد موسم هو الأطول والأصعب تخلله بطولة كأس العالم، لعب مانشستر سيتي أمام أرسنال في كأس الدرع الخيرية.. كان “السيتيزينز” متقدمًا بهدف، قبل أن يدرك “الجانرز” التعادل في الوقت المحتسب بدل من الضائع بهدف جاء في الدقيقة 101، في شوط ثان تم احتساب 8 دقائق كوقت بديل، وإضافة 3 آخرين بسبب الإصابات، ومن ثم أكملت كتيبة أرتيتا المباراة نحو التتويج باللقب.

بيب جوارديولا، الرجل الذي يعشق كرة القدم، خرج وانتقد علانية نظام الوقت الفعلي، وتطرق لشيء هام جدًا، ألا وهو أن قرار مثل هذا مثلًا لم تتم استشارته هو، أو غيره من المدربين، أو حتى اللاعبين، قبل اتخاذه، بل وضعوهم أمام الأمر الواقع، الذي يُزيد من وقت المباريات، يُزيد من فرص الإصابات سواء في المباراة نفسها أو بعد ذلك بسبب الإرهاق الزائد على اللاعبين.

ولأجل “تطوير اللعبة”، قرر السيد إنفانتينو زيادة عدد منتخبات كأس العالم من 32 منتخبًا إلى 48 بدءًا من النسخة المقبلة، حيث يطمح الرجل السويسري لأن تُتاح الفرصة للمنتخبات للمشاركة بشكل أكبر في المونديال، لكنه لم يكترث مرة أخرى هنا للاعبين.

زيادة عدد المنتخبات، سيحمل معه زيادة عدد المباريات في المونديال، وليست أي زيادة، بل تقريبًا مضاعفة عدد المباريات!

روبرتو مانشيني مدرب السعودية، انتقد علانية ذلك القرار عندما كان يدرب إيطاليا، قائلًا:” يتعين علينا تقليص عدد المباريات التي يخوضها اللاعبون، أما هنا فنقوم بزيادة عددها بشكل كبير، في حين يتوجب علينا تقليصها لكي يتسنى للاعبين التقاط أنفاسهم بعض الشيء”.

واستطرد قائلًا:” سنصل إلى لحظة سيكون فيها اللاعبون منهكين جدًا”.

الحقيقة أن عدم الاهتمام باللاعبين كان سببًا في تدمير بالفعل المسيرة المهنية لبعضهم، أو على الأقل تعطيلها لفترة، وأقرب مثال بيدري جونزاليس متوسط ميدان برشلونة.

بيدري تم استنزاف طاقته كاملة تقريبًا في موسم 2020-2021، موسم الكورونا، خاض خلاله يورو 2020، أولمبياد طوكيو 2020، وفي المناسبتين وصل رفقة منتخب بلاده للأمتار الأخيرة، ولم يتم الالتفات لذلك اللاعب، فهو في الأخير بشري وليس آلة ليخوض ما يزيد عن الـ 60 مباراة!

*بيدري شارك في موسم 2020-2021 عندما كان يبلغ من العمر 18 عامًا فقط، في 73 مباراة بمختلف المسابقات، وكان أكثر لاعب أوروبي يخوض مباريات في ذاك الموسم.

في الموسمين الحالي والماضي، تغيب بيدري عن عدة مباريات بسبب الإصابات المتكررة، والتي أتت بعد ذلك الموسم الصعب عليه قبل ما يزيد عن العامين.

بيدري - برشلونة (المصدر:Gettyimages)
بيدري – برشلونة (المصدر:Gettyimages)

باو توريس مدافع منتخب إسبانيا صرح قائلًا:” يعاني بيدري من الإصابات منذ أولمبياد طوكيو، أعتقد أنه لا يستمته بكرة القدم، ولا كرة القدو في إسبانيا تستمتع جيدًا.. هو لاعب مختلف وتحتاجه إسبانيا والدوري الإسباني”.

الأمر الآن يتكرر مع زميله جافي، الذي لعب أكثر من أبناء سنه، لينتهي به الأمر بإصابة صعبة بدون تدخل من أي خصم.

*جافي البالغ من العمر 19 عامًا، شارك حتى الآن في 148 مباراة بمسيرته الكروية، بمجموع 9410 دقيقة، أي أنه لعب أكثر من ليونيل ميسي أفضل موهبة في تاريخ اللعبة، في نفس المرحلة العمرية، بـ 3 مرات قياسًا بعدد المباريات، حيث شارك ليو بحلوله عامه الـ 19 في 62 مباراة فقط.

لا اكتراث بالأندية

الأمر لا يتعلق فقط باللاعبين، بل أيضًا بالأندية ومصالحها، فهم يستقدمون لاعبًا معينًا مقابل أموال طائلة، وبسبب ضغط المباريات، أو بسبب فترة التوقف الدولي “الملعونة”، يخسرون ذلك اللاعب، يخسرونه إما مؤقتًا أو للأبد!

الأمر أصبح صعبًا على تلك الأندية، فهناك بعضها يخسر أكثر من لاعب في فترة التوقف الدولي بسبب الإصابات، ولا حياة لمن تنادي!

فيفا تسبب في تراجع شعبية اللعبة وهو شيء أكيد، فكما ذكر فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد، لم يعد الناس يجلسون لمشاهدة المباراة بالكامل، أحيانًا يلتقطون الهاتف، وأحيانًا يفعلون أشياء أخرى، لذا قرر ذلك الرجل إطلاق مشروع دوري السوبر الأوروبي، ليُهاجمه “فيفا” و”يويفا” بضراوة.

فلورنتينو بيريز - رئيس ريال مدريد (المصدر:Gettyimages)
فلورنتينو بيريز – رئيس ريال مدريد (المصدر:Gettyimages)

فكرة مشروع دوري السوبر الأوروبي ما زالت قائمة وفي بال بيريز رغم انسحاب الأندية المؤسسة، ولكن في الوقت ذاته نجد إنفانتينو يدعم ويرعى بطولة دوري السوبر الإفريقي، والتي أُقيمت في ظل نشاط الموسم، وفي فترة ضيقة، وفي بلاد مختلفة، نتج عنه تأجيل مباريات الأندية المشاركة في دورياتها، بالتالي وضعها في ضغط أجندتها الخاصة بالمباريات، بالتالي زيادة فرصة الإصابات.

في “يويفا”، تم إقرار نظام جديد لبطولة دوري أبطال أوروبا، نظام أيضًا من شأنه زيادة عدد المباريات، دون اكتراث للأندية ولا للاعبين!

فترة التوقف الدولي

تلك الفترة التي أصبحت كالكابوس على الأندية واللاعبين.. في فترة نوفمبر نجد العديد والعديد من الإصابات، بابلو جافي قطع في الرباط الصليبي والغضروف، ليتغيب عن بقية الموسم مع برشلونة، ويورو 2024 مع إسبانيا.. نجد فينيسيوس جونيور وإدواردو كامافينجا بإصابتين ستغيبهما عن ريال مدريد حتى نهاية العام، إيرلينج هالاند وغيرهم من اللاعبين.

برشلونة
جافي – إسبانيا (المصدر:Gettyimages)

“فيفا” يحاول منذ سنوات بحسب تقارير تقليص عدد فترات التوقف الدولي، لكن حتى ولو تم ذلك، فهل ذلك يكفي؟ 

الحقيقة أن الاكتراث الوحيد لدى “فيفا” هو للأموال، دون النظر لبقية عناصر اللعبة.. اللعبة التي ستعود إلى الخلف إن لم يكن هناك حلًا لتلك الأزمات.

اسماعيل محمود

صحفي مصري مواليد 1999، بدأ عمله الصحفي عام 2017، وأبرز أعماله حوارات صحفية مع تيبو كورتوا حارس مرمى ريال مدريد، ماركو أسينسيو، لوكاس بودولسكي، راؤول ألبيول، خيسوس نافاس، إيفان راكيتيتش وكلاوديو برافو. قمت بتغطية عدة بطولات دولية مثل بطولة كأس أمم أفريقيا 2019، كأس العالم 2023 للأندية بجدة، وكأس آسيا… More »

4946 مقال