
لاعب كرة القدم، مهما بلغت نجوميته، يجب أن يدرك أن كلماته تُتابَع بدقة مثلما تُتابَع لمساته على أرض الملعب، أي تصريح غير محسوب قد يُثير زوبعة من الجدل، حتى وإن كان غير مقصود، هذا ما حدث مع النجم النرويجي إيرلينج هالاند قبل مواجهة منتخب بلاده أمام مولدوفا في تصفيات كأس العالم 2026.
قبل المباراة، وأثناء المؤتمر الصحفي، وُجّه سؤال إلى هالاند حول معرفته بالمنتخب المولدوفي، فجاءت إجابته صادمة للمشجعين هناك: “لا أعرف شيئًا عنهم“، تصريح مباشر، لكنه كان كافيًا لإثارة غضب جماهير مولدوفا، الذين اعتبروه استهانة بمنتخبهم، بالنسبة لهم، لم يكن هذا مجرد جهل بالمنافس، بل رسالة ضمنية بعدم احترامهم.
من غير المعروف ما إذا كان تصريح هالاند مجرد زلة لسان أم أنه لم يكن بالفعل على دراية بمولدوفا. لكن المؤكد أن لاعبي كرة القدم، خاصة النجوم الكبار، بحاجة إلى انتقاء كلماتهم بعناية، لأن أي تصريح قد يتحول إلى عنوان رئيسي في الصحف، أو إلى مصدر غضب للجماهير.

لا شك أن إيرلينج يُعد أحد أفضل المهاجمين في العالم حاليًا، وأرقامه التهديفية مع مانشستر سيتي ومنتخب النرويج تُثبت ذلك، لكنه لا يزال في مرحلة يحتاج فيها إلى مزيد من النضج الإعلامي، خاصة عند التعامل مع التصريحات الصحفية.
الردود لم تتأخر، حيث امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات غاضبة من الجماهير المولدوفية، معتبرةً أن تصريحات النرويجي تعكس نوعًا من الغرور، خاصة أنه كان أمام منتخب يسعى لإثبات نفسه أمام أحد أفضل المهاجمين في العالم.
بعد الجدل الذي سبق المواجهة، دخلت النرويج المباراة بقوة، وكأنها أرادت أن تُثبت تفوقها ليس فقط بالكلام، بل بالأداء أيضًا، وعلى أرض مولدوفا، قدّم المنتخب النرويجي عرضًا مذهلًا، انتهى بفوز كاسح بنتيجة 5-0.
هجمة منظمة من النرويج تنتهي بتوقيع القناص هالاند في شباك مولدوفا!
#هالاند #النرويج #تصفيات_كأس_العالم_2026 pic.twitter.com/y8kTph8tym— beIN SPORTS (@beINSPORTS) March 22, 2025
كان لنجم السيتي نصيب من التألق، حيث سجل الهدف الثاني في الدقيقة 23، ليُضيف رقمًا جديدًا إلى سجله التهديفي المذهل مع المنتخب، حيث رفع رصيده إلى 39 هدفًا في 40 مباراة دولية، وهو معدل تهديفي استثنائي يعكس قيمته كواحد من أخطر المهاجمين في العالم حاليًا.
الاحتفال الصامت.. هل أدرك هالاند خطأه؟
بعد تسجيله الهدف، لم يحتفل هالاند بطريقة صاخبة كما اعتاد، بل اكتفى بإيماءة بسيطة، وكأنه يُدرك أن الجدل الذي سبق المباراة جعله في موقف حساس، ربما كان يعلم أن حديثه قبل المباراة لم يكن في محله، وأن أفضل رد كان تقديم أداء قوي على أرض الملعب دون التقليل من المنافس.
عقب المباراة، لم تهدأ جماهير مولدوفا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث استمروا في انتقاد هالاند، وذكّروه بأنه هو نفسه تعرّض للاستهانة في بداية مسيرته، عندما كان يُنظر إليه على أنه مجرد “مهاجم طويل القامة بلا مهارات فنية مميزة”.
بعض المشجعين نشروا صورًا قديمة لتعليقات سابقة من الصحافة الأوروبية التي شكّكت في موهبة هالاند في بداياته، وكأنهم يقولون له: “كما كنا نجهلك في السابق، أنت أيضًا لا تعرف منتخبنا اليوم، لكن الزمن قد يُغيّر كل شيء”.
Go shoulder to shoulder with @ErlingHaaland at your own risk!
— Premier League (@premierleague) February 16, 2024pic.twitter.com/pxAF8Q0sAL
ما حدث مع هالاند يُعيد إلى الواجهة الحديث عن أهمية احترام المنافسين في كرة القدم، ليس كل المنتخبات لديها نفس التاريخ أو النجوم، لكن هذا لا يعني الاستهانة بها، كرة القدم مليئة بالمفاجآت، وكثيرًا ما شهدنا فرقًا صغيرة تُحقق انتصارات تاريخية على حساب الفرق الكبرى، فقط لأنها لم تأخذها على محمل الجد.
هل يتعلم هالاند من هذا الدرس؟
في عالم كرة القدم الحديثة، لم يعد النجاح في الملعب وحده كافيًا، بل أصبحت الصورة الإعلامية للاعب جزءًا أساسيًا من مسيرته، والتصريحات غير المدروسة قد تُكلّف اللاعب انتقادات واسعة، كما حدث مع هالاند في هذه الواقعة.
ربما يكون هذا الموقف درسًا لهالاند، ليكون أكثر حرصًا عند الحديث عن المنافسين، حتى لو لم يكن يعرفهم جيدًا، كرة القدم لعبة تُبنى على الاحترام المتبادل، وأحيانًا يكون للعبارات غير المقصودة تأثير أكبر من الأهداف التي تُسجل داخل الملعب.
في النهاية، سيبقى هالاند لاعبًا استثنائيًا، لكنه مثل أي نجم عالمي، يحتاج أحيانًا إلى تذكيره بأن احترام الخصوم لا يقل أهمية عن تسجيل الأهداف.