فانوس رمضان – كارلو أنشيلوتي “تميمة الحظ” التي يحبها ريال مدريد
في الحلقة الثامنة عشر من “فانوس رمضان” سيأخذنا الهادئ جدًا، صاحب الأعصاب الفولاذية، كارلو أنشيلوتي إلى عالمه الخاص، سنتجول بين دفاتره تارة، وبين إنجازاته تاره أخرى، سنزور جهازه العصبي لنعاين إن كان قادرًا على استقبال كل شيء ببرودة أعصاب بالفعل أم أن الأمر يأخذ منه الكثير ليظهر أمام الكاميرات بهذا الشكل.
في شهر رمضان المبارك تتزين الشوارع بالفوانيس، ويتهادى به الأحباء، هدية قيمة وثمينة تصنع بشكل مبتكر كل عام ليتماشى مع تطورات العصر وتظل قيمته مهما اختلف الزمن وتقول الأسطورة بأن له قدر من السحر على تحقيق المعجزات وتحويل الأحلام إلى حقائق وواقع ملموس.. وفي 365Scores قررنا تقديم فانوس يومي في صورة لاعب أو مدرب كان له مفعول السحر في اسعاد جماهيره.
كارلو أنشيلوتي صاحب الـ 63 عامًا، ربما تطلق عليه أحيانًا لقب “الرايق” وأحيانًا أخرى يمنحك شعور بأنه “لا يبالي لأي شيء”، لكن مسيرته ستؤكد لك في كل مرة ومرة بأن واحد من أنجح المدربين في عالم كرة القدم، بخلاف أنه أصبح تميمة حظ لريال مدريد في فترتيه الأولى والثانية، كذلك فهو يعلم جيدًا كيف يكون فانوسًا للآخرين.
أنشيلوتي فانوس الأندية التي دربها
فمثلًا؛ كانت أول مهمة لأنشيلوتي حين ترك لعبة كرة القدم واعتزل نهائيًا ليتجه إلى التدريب، هي تولي تدريب فريق “ريجيانا” الذي كان ينافس في الدوري الإيطالي الدرجة الثانية في مطلع التسعينات.
ولأنه دائمًا وأبدًا يبدو مثل الفانوس الذي يُضيء الطريق للجميع حتى يُشرف بنفسه على لحظات الوصول التي تملؤها مشاعر الشغف وتفوح منها البهجة والفرحة.. فنجح كارليتو في الصعود بفريق “ريجيانا” إلى الدوري الإيطالي الدرجة الأولى.
بعد ذلك، قضى مهمة أخرى في صفوف فريق “بارما” الذي بدأ منه كلاعب كرة قدم، فقد عزم على أن ييكون شديد الوفاء لفريق طفولته، فحقق معهم المركز الثاني في جدول ترتيب الدوري الإيطالي، ليقف خلف يوفنتوس مباشرة وبفارق 3 نقاط فقط في نهاية موسم 1996.
بسبب لفته للأنظار كمدرب في الدوري الإيطالي، المسؤولين في يوفنتوس ذهبوا من أجل التوقيع معه، حلّ أنشيلوتي في تدريب السيدة العجوز خلفًا للمدرب المخضرم “مارتشيلو ليبي”.
ولأن الرياح لا تأتِ عادة بما تشتهيه السفن، فلم يحالفه اللحظ في موسمين متتاليين مع اليوفي، حيث ظل أزمة وصافة الكالتشيو بفارق نقطة أو نقطتين تلاحقه في تورينو أيضًا، حيث خسر لقب الدوري في موسمه الأول مع يوفنتوس على حساب لاتسيو بفارق نقطة، وفي الموسم الثاني خسره على حساب روما بفارق نقطتين!
انتقل كارلو أنشيلوتي في رحلة تدريب غيّرت ملامح مسيرته، حيث ذهب إلى ميلان هذه المرة، الفريق الأحمر والأسود تحديدًا الذي قضى معه فترة لا بأس بها انطلقت في 2001 وانتهت في 2009.
كارلو أنشيلوتي الذي رفع شعار “التغيير مطلوب”
هناك في ملعب سان سيرو كان ضوء فانوسه أعلى ليغطي ساحات المعارك جميعها، هناك وفي أول مواسمه أعاد ميلان إلى المشاركة بين الكبار في البطولات الأوروبية بعد غياب طويل.
لعب دورًا كبيرًا في تغيير كتيبة ميلان وتدعيمه بالعناصر الجديدة لتجديد دماء الفريق، فجلب إلى هناك أندريا بيرلو وروي كوستا. ليكون خط هجومي ناري يتقدمه شيفشينكو وفيليبو إنزاجي، وفيما بعد وصل إلى هناك البرازيلي كاكا، ليصبح ميلان هو محور الخريطة لفترة من الوقت.
هذا الجيل المدجج بالنجوم ساعد ميلان كثيرًا في الفوز بلقب الدوري وكأس إيطاليا وجلب لقب دوري أبطال أوروبا “مرتين” وليس مرة وحيدة.
وبالرغم أنه حقق التشامبيونز ليج مع ميلان “مرتين” لكن هناك لقب كان بينهما خسره بسيناريو دراماتيكي غير معهود، حين كان خصم النهائي في 2005 هو فريق ليفربول! وبعدما كان ميلان متفوقًا في النصف الأول من المباراة بنتيجة 3-0 وقريب جدًا من خطف اللقب.. عاد الريدز بأعجوبة وريمونتادا من الخيال ليدرك التعادل 3-3 ويدفع المباراة نحو ركلات الحظ التي كانت من نصيف الفريق الإنجليزي الأحمر.
لكن أنشيلوتي لا يترك ثأره أبدًا، فبعد عامين وصل إلى نهائي دوري الأبطال مجددًا وكان الخصم هو نفسه ليفربول، حينها لم يتهاون في خطف اللقب من حُمر الميرسيسايد ليرد لهم مرارة ما عاشه بسببهم في 2005.
فيما بعد عام 2007، استمر في تحقيق الألقاب واحد تلو الآخر مع الروسونيري، فكان من السهل عليه بعد الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا أن يتوج معهم بكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية للمرة الأولى في تاريخهم.
أنشيلوتي المدرب الوحيد الذي فاز بلقب الدوري في 5 دوريات كبرى
كارليتو كان مثل الرحالة، يحط رحاله لفترة طويلة في مكان، لكن أن شرع في التنقل من مكان لآخر لن يكتفِ برحلة أو اثنين.. لذا بعد فترته المميزة مع ميلان، ذهب إلى إنجلترا حيث فريق تشيلسي عام 2009، وفاز معهم بلقب البريميرليج وكأس الاتحاد الأنجليزي لأول مرة في تاريخ البلوز!
لم يمر الكثير، إلا وكان في فرنسا حيث باريس سان جيرمان، الذي حقق معه أيضًا لقب الدوري الفرنسي ، وهناك في عاصمة النور لم يقضي سوى موسم وحيد ورحل إلى ريال مدريد.. ليبدأ فصلًا جديدًا من “كيف تكون فانوسًا لأحدهم؟!”.
في ريال مدريد فاز بلقب الدوري الإسباني وعدة ألقاب أخرى بطبيعة الحال، وعندما انتهت رحلته مع الميرينجي حط رحاله في ألمانيا عبر بوابة بايرن ميونخ الذي ذهب إليه ليحل محل بيب جوارديولا، نجح في الفوز معه بالبوندسليجا لكن فشل في حصد ألقاب عديدة أخرى فعاد إلى بلاده مجددًا ليُدرب نابولي هذه المرة.
لم يكن قادرًا على الصمود مع نابولي في البطولات فرحل مطلع موسمه الثاني هناك في مدينة الجنوب. ذهب إلى إيفرتون ليقضي فترة سيئة أخرى هناك وعاد إلى منزله المفضل؛ ريال مدريد، لتكون مرحلة جديدة بعنوان: ” استعاد البطل فانوسه السحري”.
أنشيلوتي وريال مدريد.. كيف تكون فانوسًا لأحدهم؟!
بالرغم أن الفترة التي قضاها مع ميلان الإيطالي كانت أطول، إلا أنه لم يرحل من تدريب فريق ويعود إليه سوى مع ريال مدريد، وكلما يتحدث معه أحد مؤخرًا عن الرحيل أم البقاء، يقول بكل ثقة الكون: ” أريد أن أبقى في ريال مدريد لنهاية مسيرتي “.
كارلو أنشيلوتي يتعامل مع ريال مدريد كأنه جزء منه، كأنه منزله، كأنه أحد أبنائه وربما أحد أبنائه المفضلين، لا يريد الابتعاد عنه ولا يريد أن يتركه وشأنه!
وقع فلورنتينو بيريز مع كارلو أنشيلوتي مطلع موسم 13/14 كبديل للبرتغالي جوزيه مورينيو، حينها وضع زين الدين زيدان ليكون مساعدًا له.. لديه رؤية ستقنعك بلا شك على مر الزمان بمفردها.
بمجرد توليه المهمة، شرع مع أول ميركاتو في التوقيع مع عدة صفقات يأتي أبرزها؛ إيسكو وهيجواين وجاريث بيل، ليجعل الميرينجي فريق لا يُقهر؛ في ظل وجود لوكا مودريتش وتوني كروس وكريستيانو رونالدو وكريم بنزيما أيضًا!
أنشيلوتي جاء إلى ريال مدريد وهو بعيد تمامًا عن منصات التتويج في أوروبا، فكان آخر لقب فاز به الميرينجي في القارة العجوز هو دوري أبطال أورروبا 2002، حتى أصاء فانوسه ليجلب لهم “العاشرة” التاريخية، فوز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا 2014 لم يكن وليد اللحظة ولم يحدث صدفة.. إذا وجد كارليتو وجدت معه الألقاب.
أعاد أنشيلوتي ريال مدريد في ولايته الأولى إلى المجد الأوروبي والعالمي، بعدما حصد معه أيضًا لقب كأس العالم للأندية والسوبر الأوروبي وكل الألقاب الممكنة محليًا أيضًا.
حتى جاء عام 2015 وبسبب تراجع الميرينجي كثيرًا، قرر “بيريز” إقالة أنشيلوتي، لكنه لم يغفل أبدًا عن دوره مع الميرينجي، فأكد حينها أن باب ريال مدريد سيظل مفتوحًا أمام كارليتو دائمًا وأبدًا خاصة لأنه الرجل الذي قاد الفريق نحو العاشرة التاريخية.
في الولاية الثانية، جاء هذه المرة لخلافة زين الدين زيدان.. الذي وضعه مساعدًا له في الولاية الأولى، هذه المرة جاء وكان الفريق الملكي بعيدًا عن منصة التتويج في أوروبا.. وبعيدًا عن بطولته المفضلة “دوري أبطال أوروبا” منذ 2018، جاء هو في 21/22 ليحصد الأخضر واليابس ويجلب “الرابعة عشر” لفريقه.
موسم كارلو أنشيلوتي الأول في فترته الثانية مع ريال مدريد، هو نفس موسمه الأول مع الفريق في ولايته الأولى، إذا نظرت إليهم من بعيد ستشعر لوهلة بأن أحدهم جالسًا بداخل آلة الزمان وصمم على إعادة 2014 لتحل محل 2022 في ريال مدريد فقط..
بالرغم من ابتعاد أنشيلوتي عن لقب الليجا في موسم 22/23، وخسارته السوبر الإسباني أمام الغريم اللدود برشلونة، إلا أنه نجح في تقمص دور الفانوس في ولايته الأولى في البرنابيو، وأصبح فانوسًا سحريًا في ولايته الثانية، وبات وبشكل رسمي في مكانه أخرى لدى الجماهير البيضاء.