فانوس رمضان – خفيتشا كفاراتسخيليا صاحب الإسم الصعب الذي يسير على خطى مارادونا
في شهر رمضان المبارك تتزين الشوارع بالفوانيس، ويتهادى به الأحباء، هدية قيمة وثمينة تصنع بشكل مبتكر كل عام ليتماشى مع تطورات العصر وتظل قيمته مهما اختلف الزمن وتقول الأسطورة بأن له قدر من السحر على تحقيق المعجزات وتحويل الأحلام إلى حقائق وواقع ملموس.
هديتنا في رمضان ستكون فانوس يومي، في صورة لاعب أو مدرب كان له مفعول السحر في اسعاد جماهيره، وتقديم لهم البطولات على طبق من ذهب وادخل في قلوبهم سرور يساوي فرحتك بأول فانوس جلبه لك أحد والديك في طفولتك. وهي الفقرة اليومية طوال شهر رمضان على موقع 365Scores
في الحلقة الأولى من ” فانوس رمضان” سنذهب نحو الجنوب في إيطاليا، في مكان شهد على ميلاد صاحب الأسم الأصعب على الإطلاق، صاحب القميص رقم 77 الذي سيظل في أذهان الطليان لفترة طويلة.. الجورجي خفتشا كفاراتسيخيليا.
فإن كانت الزينة والفانوس هم مظاهر الفرحة في شوارع الوطن العربي، فبمجرد التجول في شوارع نابولي الإيطالية، تدرك أن للفرحة أوجه عدة، يأتي أولها في تلك المدينة تحديدًا؛ وجود فريقها “نابولي” في قمة ترتيب الدوري الإيطالي.
تسير في شوارع المدينة، تدرك أن الفرحة التي بداخلك يمكنها أن تتجزأ لأفراح وأعياد وطبول وأهازيج في قلوب الجميع، تعرف أن الجميع يتنفس كرة القدم، أعلام وصور لاعبي نابولي الموجودين في التشكيلة الأساسية، قد حلّوا محل الورود والأزهار في الشرفات، في مشهد مبهج للغاية.
وبالطبع.. يتقدم تلك القائمة المعجزة التي جاءت من جورجيا لتحل محل لورينزو إنسيني! فأعاد ذكرى دييجو أرماندو مارادونا في قلوب وأذهان الجميع.. خفيتشا كفاراتسخيليا.
هو شاب لم يُكمل الـ 23 عامًا بعد، ملامحة بسيطة ربما عند النظر إليه تشعر بأنه قريب منا، يعشق الوقوف في زاوية داخل الملعب أمام جماهير اكتست جميعها بألوان السماء وتدريجاتها تُحييه بعد كل هدف لفريقها، يضع قٌبلة بين يديه وينفخ فيها لتطير صوبهم كإعلان من جانبه عن وقوعه في غرامهم.. غرام جماهير نابولي!
كفاراتسخيليا – جاء لتعويض إنسيني فأحيا ذكرى مارادونا!
جميعنا يعرف الملعق المخضرم “فارس عوض” وعباراته الشهيرة “نابولي ياسلاااام”.. لكن عندما يتلاعب لاعب شاب بالكرة ويتراقص باللاعبين ويميل بخفة يمينًا ويسارًا في محاولة منه لتمرير الكرة فتعانده كي يضعها بنفسه في الشباك.. هنا ربما تجعل الشخص الذي لا يتابع كرة القدم ينجذب إليك ويُهلل بإسمك.
لكن “فارس عوض” خرج علينا بعبارة اقترنت بإسم كفاراتسخيليا مؤخرًا، فالجميع بات يجزم إنه لم يأتِ لتعويض لوروينزو إنسيني بل جاء ليعيد ذكرى مارادونا في نفس الملعب الذي تفجرت موهبة ومهارات نجم الأسطورة الأرجنتينية فيه، ومع الفريق نفسه وبالقميص السماوي ذاته..
ويبدو أن هذا الاعتقاد لم يكن فقط وليد اللحظة لدى “فارس عوض”، خاصة وأن جماهير نابولي سبقته في هذا التقدير، حتى أن خفتشا إذا سجل هدفًا يهتز ملعب نابولي من شدة صوت الجماهير وهي تردد خلف معلق الملعب قائلة ” كفارادونااااا” خرجت من حناجر الجماهير الأكثر جنونًا وعشقًا لـ”مارادونا”.
حذفت جماهير نابولي الجزء الثاني من إسم كفاراتسيخيليا لتدمجه مع الجزء الأخير من إسم مارادونا، فأصبح “كفارادونا” حديث العالم وليس الطليان في الجنوب فقط.
قصة لقب “ميسي جورجيا”
المدهش في تلك القصة من البداية، أن كفاراتسيخيليا قبل مجيئه إلى نابولي والدوري الإيطالي، أن جماهير وعشاق كرة القدم في جورجيا والتي عاهدت اللاعب الشاب وموهبته مع عديد الفرق هناك، أطلقت عليه لقب “ميسي جورجيا”.
نظرة جماهير كرة القدم لا تخيب أبدًا.. أن قالوا عن لاعب بإنه “الظاهرة” فهو كذلك، وإن أطلقوا عليه لقب “صاروخ ماديرا” سيفاجئك في كل مرة يسجل فيها هدف بطريقة غير معقولة.
وأن قالوا عليه “الساحر” و”الأفضل في العالم” سيظل يداعب كرة القدم حتى تظن أن سحره قد انتهى فيفاجئك بأن مازال هناك المزيد لم يكشف عنه بعد!
أما مع كفاراتسيخيليا الذي وضع عبارة في تعريف حسابه الشخصي عبر “إنستجرام” قال فيها: ” نحن نؤمن دائمًا بالرب “، فقد منحت الجماهير لقب “ميسي جورجيا” نظرًا لشدة قرب أسلوب لعبه ومهاراته من الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، يشاء القدر أن ينتقل إلى نابولي داخل أسوار ملعب دييجو أرماندو مارادونا، ليقترن إسمه بأسطورة أرجنيتينة أخرى وقدوة لـ”ميسي” ليصبح “كفارادونا” بدلًا من “ميسي جورجيا”.
من هو خفيتشا كفاراتسخيليا معجزة نابولي الجديدة ؟
كفارادونا من مواليد 12 فبراير 2001، يبلغ من العمر الآن 22 عامًا فقط، والده هو “بدري كفارتسيخيليا” وهو لاعب كرة قدم أيضًا، كان لديه إيمان كبير بأن نجله سيستطيع يومًا ما أن يفعل ما لم يقدر هو على فعله.
كانت بداية خفيتشا مع الساحرة المستديرة، في عام 2017، حين نشأ في أكاديمية دينامو، قبل أن يصبح لاعبًا في صفوف الفريق الأول لدينامو تبليسي في جورجيا، وتنقل فيها بعد ليكون لاعبًا مع روستافي المنافس في الدوري الجورجي أيضًا.
في عام 2019، خرج بنظام الإعارة للعب في صفوف فريق لوكوموتيف موسكو لمدة 6 أشهر فقط، حاول النادي الروسي مرارًا شرائه بشكل نهائي لكن فشلت جميع المحاولات، فعاد كفارا إلى صفوف فريقه الأصلي “روستافي” الجورجي.
فيما بعد، وقع الموهبة الشابة مع فريق “روبين كازان” الروسي، وذلك في صيف 2019، حينها وقع على عقد يمتد لـ 5 سنوات كاملة كان سيربطه بالدوري الروسي حتى2024.
بعد تألقه مع روبين كازان، كان من الطبيعي أن يجد إسمه بين أسماء أفضل المواهب في القرن الـ 21 التي أعدتها صحيفة “ليكيب” الفرنسية.
ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد!! نشبت حرب بين روسيا وأوكرانيا في فبراير من عام 2022، وفي أعقاب تلك الحرب، خرج فرمان من الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” يسمح للاعبين الأجانب في روسيا بفسخ عقودهم مع أنديتهم الروسية من جانب واحد، والتوقيع لأي نادِ أخر خارج روسيا في الحال.
في ذلك التوقيت، فكر كفارا في العودة إلى جورجيا عبر بوابة نادي “دينامو باتومي” الذي ظل في صفوفه لأشهر قليلة، حتى تم فتح أبواب سوق الانتقالات الصيفية في يونيو 2022. ليكون على موعد مع التاريخ.
ذهب مسؤولي نادي إشبيليه الإسباني وكذلك نابولي الإيطالي إلى جورجيا من أجل الدخول في منافسة شرسة انتهت لصالح القادمين من جنوب إيطاليا بكل تأكيد، وبرسوم لم تتخطى حاجز الـ 11.5 مليون يورو! ليكون كفارا على موعد مع معانقة التاريخ حتى اقترن إسمه أخيرًا بأسطورة اللعبة “مارادونا”.
والآن.. كفاراتسيخيليا سيكون على موعد مع ميركاتو صيفي ناري، إما سيرضخ لفرمان جماهير نابولي التي أقسمت على ضرورة البقاء، أو ستلمع عينه لعروض قادمة من كبار اللعبة؛ يأتي في مقدمتهم ريال مدريد وليفربول وباريس سان جيرمان.
فهل يفرط نابولي في فانوسه الذي أنار دربه طوال الفترة الماضية ومازال ينير له الطريق نحو التتويج بلقب الدوري الإيطالي بعد غياب لسنوات عديدة، لاستعادة قيمته وقدره بين الكبار من جديد؟!
أم سيفتح صندوقه الذهبي الذي أغلق عليه منذ زمن، ليخرج منه القميص الأشهر على الإطلاق ذو الرقم 10 ليمنحه لفانوسه الجديد الذي أنار فكرة عودة مارادونا إلى الحياة من جديدة بمهاراته وصغر جسده ورشاقته ورونقة وتلاعبه بالكرة بمنتهى السهولة.. فهل نجد نابولي يمنع ارتداء القميص رقم 77 يومًا ويصبح كفارا يقف في تاريخ فريق الجنوب جنبًا إلى جنب مع مارادونا. أم تصبح حالة مبهرة بدأت من نابولي وانتقلت إلى كبار أوروبا.