فانوس رمضان – أندريس إنييستا “الرسام الخجول”.. مُشجع ريال مدريد وأسطورة برشلونة!
في الحلقة السادسة عشر من “فانوس رمضان“، نسترجع سويًا مسيرة الإسباني أندريس إنييستا لوخان، لاعب برشلونة السابق، وفيسيل كوبي الياباني الحالي، ليس قابلًا للوصف، تشاهده فتحاول أن تصف عبقريته، فتبدو الكلمات ساذجة، لأن جمال اللوحة لا يوصف من فرط روعتها.
في شهر رمضان المبارك تتزين الشوارع بالفوانيس، ويتهادى به الأحباء، هدية قيمة وثمينة تصنع بشكل مبتكر كل عام ليتماشى مع تطورات العصر وتظل قيمته مهما اختلف الزمن وتقول الأسطورة بأن له قدر من السحر على تحقيق المعجزات وتحويل الأحلام إلى حقائق وواقع ملموس.. وفي 365Scores قررنا تقديم فانوس يومي في صورة لاعب أو مدرب كان له مفعول السحر في اسعاد جماهيره.
أندريس إنييستا يبلغ من العمر 39 عامًا تقريبًا، ولا يزال يلعب مع فريق فيسيل كوبي في دوري الدرجة الأولى الياباني، بينما يستمتع أيضًا بوقته مع زوجته آنا وأربعة أطفال صغار، ويفسح المجال لمشاريع أخرى، مثل الترويج لأحذيته لكرة القدم الجديدة وعلامة المعدات “كابتين”.
لقد حقق الدون، الانسجام في السنوات الأخيرة من حياته المهنية، بعد أن مر بأوقات عصيبة على طول الطريق، بما في ذلك الخسارة الشخصية، ولكن بعد أن عانى من هذا الألم أصبح يفهم ما هو مهم في الحياة.
أندريس إنييستا الذي أحب ريال مدريد وأصبح أسطورة برشلونة
ولد أندريس إنييستا في مايو 1984، في قرية كاستيا لا مانشا إحدى قرى مقاطعة فوينتيالبيا الإسبانية، وقد تعلق منذ الصغر بكرة القدم وأبرز فيها مواهب ملفتة متأثرًا بوالده الذي كان إضافة إلى عمله في مجال البناء لاعب كرة قدم في إحدى أندية الدرجة الثالثة في إسبانيا، ولشدة تعلقه بالكرة لم يتابع أندريس إنييستا تعليمه الابتدائي؛ حيث التحق في الثامنة من عمره بفريق نادي ألباسيتي بناء على دعوة أتته من مدرب الفريق، ثم اضطر لفراق والديه وللالتحاق بأكاديمية لا ماسيا البعيدة؛ حيث تلقى تدريباته المكثفة، وبدأ بالتميّز مبكرًا، طامحًا للإتحاف بنادي ريال مدريد الذي لم يهتم لأمر أندريس إنييستا على عكس نادي برشلونة الذي أُعجب بمهارات اللاعب، فوقع معه عقدًا، وانضمّ إلى صفوفه في فريق الناشئين؛ ليتابع بعد ذلك في الفريق تطوره، وليلمع اسمه بشكل كبير محققا مع فريق برشلونة أهم إنجازاته الكروية.
تمكنت إدارة برشلونة من التعاقد مع الطفل الموهوب، الذي برزت موهبته مع فريق ألباسيتي للشباب، قبل أن يضمه البارسا في موسم 2001-2002، ليصبح بعد ذلك الرسام أحد أساطير النادي علي مر تاريخه العريق، والذي لعب 669 مباراة على مدار 16 موسماً مع الفريق الكتالوني، بعدما كانت أقصي أمال لاعب لاميسا الصغير أن يرتدي القميص الأبيض، ويسطر تاريخه داخل جدران قلعة “سنتياجو برنابيو”.
ولم يكن أندريس إنييستا يتحمل الابتعاد عن فراش والديه عندما كان طفلا صغيرا في قريته لذا لم يكن من المتوقع أن يصبح أحد أبرز لاعبي كرة القدم على مر العصور، لكن لم يشك أحد تقريبا في مستواه عند متابعته أثناء اللعب.
وخلال 16 عاماً أمضاها مع الفريق الأول لبرشلونة نجح “الرسام” بتحقيق كل الألقاب الممكنة سواء مع “البرسا” أو مع منتخب بلاده، ولم يكن ينقصه سوى الفوز بجائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم، والتي كان قريباً منها في العديد من السنوات، ولكن جريدة “فرانس فوتبول” التي تصدرها قدمت له اعتذاراً هذا الأسبوع لعدم منحها له.
بداية التوهج مع الفيلسوف
قضى أندريس إنييستا 6 أعوام في صفوف ناشئي برشلونة، قضاها يصقل تلك الموهبة الساحرة التي ستحكم وسط العالم فيما بعد، عام 1999 تقع عليه أعين خبيرة أخرى، تنتمي إلى بيب جوارديولا نجم وسط الفريق ومدرب جيله الأسطوري لاحقا، وفي تلك الآونة كان تشافي هيرنانديز شريك الحكاية الأبدي قد حزم حقائبه وانتقل إلى غرف ملابس الكبار، وكان الكل كان ينظر إلى زرقاء اليمامة باعتباره خليفة جوارديولا، ولكن كان للأخير نظرة أبعد بعض الشيء.
أندريس إنييستا.. سيجعلنا نعتزل!
وجلس تشافي رفقة بيب يتابعان معًا ما يقدمه أندريس في الخامسة عشر من عمره بكأس نايك، وهنا التفت بيب نحوه ليخبره بنبوءته الشهيرة: “أنت ستجعلني أعتزل، ولكن هذا الفتى سيجعلنا نعتزل”، وترك بيب موقعه لتشافي وعاد بعد 9 سنوات من تلك الكلمات، ليصبح العقل المُدبِّر لتلك الشراكة الأسطورية في خط الوسط.
و بدأ الرسام مباراته الأولى بالقميص الكتالوني في الليجا الإسبانية أمام ريال مايوركا، بعدما قرر الهولندي لويس فان خال المدير الفني للبلوجرانا آنذاك، مشاركة اللاعب صاحب الـ18 عامًا، كبديلاَ الإسباني جيرارد لوبيز لاعب وسط البارسا، ومع رحيل المدرب الهولندي، وتولي الإسباني لورينزو سيرا فيرير قيادة الفريق، ولكن نجم كتالونيا لم يجد له مكانًا أساسيًا ضمن تشكيله المدرب الأساسية للفريق، حتي بدأت فترة توهج النجم الإسباني في موسم 2005-2006 بعد إصابة زميله تشافي هيرنانديز نجم برشلونة السابق، مما ساهم في ظهور الرسام بمستوي جيد مع الفريق، والذي علي إثره خاض 37 مباراة كاملة من أصل 38 في الليجا، بالإضافة إلي مساهمته في تتويج برشلونة بلقب الدوري، والتربع على العرش الأوروبي بإحراز لقب دوري أبطال أوروبا.
تحقيق السداسية التاريخية رغم تعدد الإصابات
يُعد موسم 2008-2009، هو والأبرز على الإطلاق في تاريخ أندريس إنييستا والذي شهد تحقيق السداسية التاريخية تحت قيادة جوارديولا، والذي تولى تدريب البلوجرانا عقب رحيل الهولندي فرانك ريكارد لتدريب نادي جلطة سراي التركي، وشهد الميركاتو رحيل عدة لاعبين من بينهم الأسطورة رونالدينيو إلى النادي اللومباردي ميلان الإيطالي، مما أدى إلى اختيار إنييستا ليكون نائب القائد الرابع بعد كارليس بويول، وتشافي هيرنانديز، وفيكتور فالديز.
وفي منتصف شهر نوفمبر 2008 تعرض النجم الإسباني إلى إصابة في الساق وقال الأطباء أنه سيعود للملاعب في غضون 6 أسابيع، لكنه لم يكن يرد أن يعود للملاعب حتى يُشفى بنسبة كاملة وذلك ما تحقق في 3 يناير 2009 في مباراة برشلونة ضد فريق ريال مايوركا عند دخوله بديلاً في الدقيقة 65، بعد دخول أندريس إنييستا بعشرة دقائق قام بتسجيله لأول أهدافه في عام 2009 في ملعب الكامب نو والذي كان حاسماً بعد تأخر الفريق بهدف وإنهائه للمباراة بنتيجة 3–1، وتلقى إنييستا إشادة الجماهير ووسائل الإعلام بأدائه الرائع في تلك المباراة.
وفي 5 فبراير 2009 وصل أندريس إنييستا إلى 250 مباراة مع نادي برشلونة والتي كانت ضد فريق ريال مايوركا ضمن بطولة كأس ملك إسبانيا، قبل أن يُصاب مجدداً في مباراته ضد مالاجا، لكنه عاد مجدداً للمشاركة في الذهاب للفريق ضد بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا والتي أمطر فيها الفريق الكتالوني شباك الفريق البافاري برباعية مقابل لا شيء، وصف الكاميروتي صامويل إيتو أندريس إنييستا بـ:”أفضل لاعب في العالم، فكلما كان داخل الملعب صنع مشهدًا كرويًا”.
سجل أندريس إنييستا أغلى وأهم هدف لموسم 2008–2009، والذي جاء في مباراة برشلونة ضد نادي تشيلسي الإنجليزي في إياب الدور النصف النهائي لدوري أبطال أوروبا في الدقيقة 93، بعد التعادل السلبي في مباراة الذهاب التي جرت في ملعب كامب نو في برشلونة، الهدف سُجل بعد تمريرة مُحكمة من ليونيل ميسي، الهدف الذي سُجل أهّل النادي الكتالوني إلى النهائي حين قابلوا فريق مانشستر يونايتد في روما.
وحينها قال المدرب أليكس فيرجسون: “أنا لست قلقا بشأن ميسي، بل أندريس إنييستا لاعب خطير ومذهل، فهو نبض قلب برشلونة، إن طرق تمريره للكرة وتحركاته وقدرته على خلق المساحات لأمر لا يصدق، فهو لاعب مهم في فريق برشلونة”، بالرغم من إصابته في الفخذ إلا أنه لعب ضد مانشستر يونايتد، فقد كان حضوره مؤثراً في النهائي إذ أهدى تمريرة إلى المهاجم صامويل إيتو الذي سجل هدف الافتتاح في المباراة وبعدها بساعة كاملة ضاعف ميسي النتيجة ليضم برشلونة لقب دوري الأبطال الثالث لخزائنه، عند نهاية المباراة وصف مهاجم مانشستر يونايتد واين روني النجم الإسباني بأفضل لاعب في العالم.
وحافظ أندريس إنييستا على مكانته في التشكيلة الأساسية لجوارديولا، شارك في 26 مباراة من الدوري الإسباني، وصل للشباك في 4 مناسبات وصنع 13 هدف. حيث شارك في 22 مباراة أساسياً و 4 مباريات دخل فيها بديلاً، أما في بطولة كأس ملك إسبانيا فقد شارك في 6 مباريات دخل في مباراة واحد بديلاً ولم يسجل أي هدفًا، وكأس السوبر الإسباني وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية فقد ضمها النادي الكتالونى لخزائنه محققاً بذلك السداسية التاريخية الذي كان الرسام عنصرًا هامًا في تحقيقها.
تُعد حقبة المدرب الإسباني بيب جوارديولا مع البلوجرانا هي الأهم للرسام داخل كتالونيا، حيث حقق قائد البارسا مع مدربه الأسبق، الذي ساهم في بزوغ نجم إنييستا 3 ألقاب لليجا، والسوبر الإسباني كانت في 3 مواسم متتالية، والتي بدأت في موسم 2008-2009، بالإضافة إلي إحراز كأس إسبانيا خلال عامي 2009، 2012، علاوة علي تحقيق بطولات دوري الأبطال، السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية عامي 2009، 2011.
ظل أندريس إنييستا لا غنى عنه داخل النادي الكتالوني، وقاد البلوجرانا إلى الفوز بدوري أبطال أوروبا تحت قيادة لويس إنريكي، ونال العديد من الألقاب إذ فاز بأربع بطولات لدوري البطال وست مرات بكأس الملك وثماني مرات بلقب الدوري الإسباني، إضافة إلى كأس العالم لمرة واحدة وبطولتين لكأس أبطال أوروبا مع إسبانيا.
كتابة التاريخ والفوز بكأس العالم
شهدت نسخة 2010 من كأس العالم بجنوب أفريقيا أهم لحظة في تاريخ رسام كتالونيا مع منتخب بلاده، الذي سجل هدف فوز الماتادور الإسباني علي المنتخب الهولندي في نهائي المونديال في الدقيقة 116 من عمر اللقاء، ليدخل بذلك نجم البلوجرانا تاريخ اللاروخا، ليقود الإسبان لتحقيق اللقب الأول، والوحيد لهم في تاريخ الحمر، بالإضافة إلي تواجده ضمن التشكيلة المثالية لمونديال جنوب إفريقيا، وترشيحه للفوز بالكرة الذهبية آنذاك، وعلي الرغم من ذلك لم يستطيع قائد البلوجرانا الحصول علي لقب في العال.
اعتذار فرانس فوتبول لعدم حصوله على الكرة الذهبية
بعد رحيله قامت مجلة “فرانس فوتبول” تقوم بالاعتذار لنجم كاتالونيا علي عدم منحه الجائزة، بعد قيامه بإعلان رحيله عن برشلونة، ليتم بذلك إسدال الستار علي مسيرة أحد أساطير الساحرة المستديرة علي مر تاريخها، ويودع عشاق البلوجرانا أحد النجوم الذين حفروا اسمهم بحروف من ذهب كأحد أفضل من لمسوا الكرة.
وقت الرحيل
وقرر الدون إنهاء مسيرته مع إسبانيا وبرشلونة في 2018 ليبدأ مرحلة جديدة في اليابان مع فيسيل كوبي حيث أصبح مثالا يحتذى لأجيال المستقبل في هذا النادي، حيث شارك إنيستا في 669 مباراة في جميع منافسات النادي وجاءت ألقابه الجماعية على النحو التالي 9 ألقاب دوري إسباني، 7 ألقاب سوبر إسباني، 6 ألقاب كأس ملك إسبانيا، 5 ألقاب كأس كتالونيا، 4 ألقاب دوري أبطال أوروبا، 3 بطولات سوبر أوروبي.
وعلى المستوى الدولي، سيبقى إنييستا (131 مباراة دولية و13 هدفا) في ذاكرة الإسبان على مدى التاريخ كونه مسجل هدف الفوز في مرمى هولندا في المباراة النهائية لمونديال 2010 في جنوب إفريقيا، وهو أول وآخر لقب عالمي لإسبانيا حتى الآن.
ورحل الرسام مع نهاية موسم 2017/2018، خاض الدون آخر مبارياته ضد ريال سوسيداد على ملعب “كامب نو”، وفي المباراة الأخيرة، ظل جالسًا على أرضية ملعب “كامب نو”، يسترجع كل ذكرياته في الأعوام الرائعة التي أمضاها داخل جدران النادي الكتالوني.
ورغم مرور 5 سنوات على رحيله عن برشلونة، لا يزال أندريس يمارس كرة القدم، وحتى الآن خاض مع النادي الياباني 130 مباراة وأحرز 26 هدفًا وقدم 25 تمريرة حاسمة.