غسل الصحون وواجه شبح الموت وترك وصيته – قصة حياة فان دايك المؤلمة
الـ Big V أو العملاق فيرجل فان دايك، الفني الهولندي الذي سطع نجمه في سماء أوروبا، وخطف الأنظار إليه في العامين الماضيين تحديدًا ليقترن أسمه بين الكبار، بخلاف أنه بات واحدًا من أهم وأبرز حصون ليفربول الدفاعية.
بالعودة بالأحداث 7 أشهر تقريبًا من الآن، فكان إسم فان دايك يتم وضعه في القمة بين كبار مدافعي القارة العجوز، وضمن العديد من الاستفتاءات العالمية نجح العملاق الهولندي في حصد لقب أفضل مدافع في أوروبا رغم منافسته مع سيرجيو راموس قائد ريال مدريد وجيرار بيكيه قائد برشلونة!
كما أن فان دايك لم يكتفِ بذلك فحسب، بل أيضًا توّج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا المقدمة من رابطة اللاعبين المحترفين عام 2019 وجائزة أفضل لاعب في أوروبا عام 2019.
لكن كل هذا لم يكن ليحدث لولا الشغف الذي سطع في أعين الشاب الهولندي المغمور قبل 13 عامًا من الآن، وقصة حياته المؤلمة التي يفتخر بها ويشرع في الحديث عنها أمام عدسات كاميرات كُبرى الصحف والقنوات الإنجليزية مرارًا وتكرارًا، حتى باتت مصدر شعف وإلهام للكثيرين.
- طالع أيضًا:
- إنجاز أسطوري جديد لميسي مع برشلونة
- تحديد موعد عودة راموس للمشاركة مع ريال مدريد
- نجم مانشستر سيتي يهاجم الاتحاد الأوروبي.. والسبب!
من غسيل الصحون إلى شغف كرة القدم
فيرجيل فان دايك من مواليد عام 1991، لأب هولندي وأم من أصول سورينامية، تربى بين أسرة فقيرة بعض الشئ، إلا أن الطفل الأسمر الصغير كان يُغريه دائمًا كرة القدم والعشب الأخضر، حتى اعتزم على أن يشارك بأي تجمع تتوسطه كرة قدم في “بريدا”.
وفي أحد الأيام، قرر فان دايك الالتحاق بفريق الناشئين لنادي “فيليم” لكن تفاجئ بأن النادي لم يوقع عقد معه ولن يمنحه راتب شهري حتى، فإتخذ قرار جرئ للغاية بالنسبة لطفل في السادسة عشر من عمر، حين قرر العمل بأحد المطاعم المجاورة لمسكنه.
يروي “فان دايك” إنه اعتزم العمل في سلسلة مطاعم شهيرة في “بريدا” يُدعى “أونكيل جين”، حين امتهن غسل الصحون الخاصة بالمطعم، هناك أقام علاقات صداقة كثيرة للغاية مع زملائه في المطعم حتى أنه نجح في كسب تعاطف ومحبة صمالك المطعم “جاك ليبس”.
يقول فان دايك إنه كان يذهب إلى هذا المطعم مرتين كل أسبوع لغسل الصحون ويقضي بداخله قرابة الخمس ساعات كاملة، وفيما بعد كان زملائه ومالك المطعم يذهبون معه إلى الملعب لتشجيعه في مبارياته مع فريق “فيليم”.
فيما بعد لشدة محبة مالك المطعم لفان دايك، عرضه عليه العمل لأكثر من يوم في الأسبوع وتقاضي راتب أعلى، لكن المفاجأة أن العملاق الهولندي رفض طلبه، حيث كان يرى أن وظيفته الأساسية بداخل العشب الأخضر!
مواجهة شبح الموت باكرًا وكتابة وصيته!
ظل الوضع كما هو عليه، حين جاء يوم وخطف فيه فان دايك أنظار كشافي فريق “جرونينجن” وهو أحد الأندية المتواجدة في شمال هولندا، هذا النادي خرج منه العديد من الأساطير الحالية أبرزهم: لويس سواريز ورونالد كومان وآريين روبن.
وبسبب بُعد النادي عن المطعم والمنزل، اضطر فان دايك لترك كل شئ خلفه والذهاب إلى شمال هولندا “بمفرده” وبدون أسرته لبدء مسيرته الاحترافية الأولى، هناك وبداخل نادي “جرونينجن” بدأ تكوين العملاق الهولندي يتضح شيئًا فشيئًا، حيث قرر مدرب الفريق تحويل مركزه من الهجوم إلى قلب الدفاع خاصة وأن بنيته وشخصية القوية تؤهلانه لذلك!
وبعد نجاحه المبهر في صفوف الفريق الهولندي، وتحديدًا بعد عام واحد من احتراف كرة القدم لأول مرة في مشواره، تعرض فان دايك لوعكة صحية شديدة للغاية أبعدته عن الملاعب لعدة أشهر.
ففي ليلة غائمة شديدة السواد، استيقظ العملاق الهولندي على ألم عنيف في محيط البطن تسبب في عدم قدرته على الحركة على الإطلاق، لم يجد أمامه أي سبيل سوى الاتصال بوالدته التي سافرت إليه لتصطحبه إلى إحدى المستشفيات المحلية.
اكتشف الأطباء أن الهولندي يعاني من تمزق في الزائدة الدودية والتي تسببت في إصابة الكلى بعدوى شديدة للغاية أثرت بذلك في حدوث التهاب شديد في جدار الأمعاء ما نتج عنه آلام غاية القوة والعنف في البطن بالكامل منعته من الحركة.
يقول فان دايك عن تلك الفترة، في تصريحات لموقع ليفربول الرسمي وصحيفة “ديلي ميل” البريطانية: ” “لا أزال أتذكر بقائي على ذلك السرير، حيث لم أكن أرى سوى الأنابيب المتدلية مني، كنت مكسورًا ولا أستطيع القيام بأي شيء”.
وأضاف: كنت أفكر في ذلك الوقت في العديد من الاحتمالات السيئة، لكن أكثرها سوءًا كان التفكير في الموت، لذا قررت التوقيع على بعض الأوراق وكتابة وصيتي كي يذهب جزء من أموالي التي كنت أحصل عليها من النادي لوالدتي إذا توفيت “.
وبعد عدة أشهر، استطاع فان دايك التغلب على المرض وعاد أقوى إلى الملاعب.
شغف سطوع نجم الحلم احتاج لـ خمس سنوات ونصف فقط!
كانت فكرة تأقلم الهولندي مع فريق “جرونينجن” سريعًا للغاية، حتى قبل أن يتم عامه الـ 20 كان بين صفوف الفريق الأول لنادي “جرونينجن”، وفي إحدى المباريات، كان يصطف بين الجمهور الهولندي الغفير “نيل لينون” وهو مدرب نادي سيتليك الاسكتلندي في ذلك الوقت، جاء خصيصًا لمتابعة “فان دايك”.
وبالفعل، نجح فان دايك في الاختبار المفاجئ، وأصر “نيل لينون” في ضمه إلى صفوف فريقه الاسكتلندي على الحال، ووقع العملاق الهولندي عقده الاحترافي مع سيلتيك عام 2013 وارتدى قميصه لمدة موسمين قبل أن يلفت انتباه أندية الدوري الإنجليزي الممتاز.
في عام 2015، كان ساوثهامبتون وكشافته ذو النظرة الثاقبة على موعد مع خطف موهبة من العيار الثقيل، حين حصل عليه القديسين مقابل 15 مليون جنيه استرليني فقط!
لم يكن يعلم فريق القديسين أن كشافيه قاموا بجلب لاعب سيكون أحد أبرز الحصون الدفاعية في إنجلترا بأكملها بعد عامين ونصف فقط، عندما جاء الداهية “يورجن كلوب” إلى الدوري الإنجليزي الممتاز لتولي القيادة التدريبية لفريق ليفربول!
أعجب يورجن كلوب بمهارات وشخصية فان دايك داخل الملعب، حيث شبهه مرارًا بالمدافع المتكامل! غير أن نظرة كلوب لا تخيب كثيرًا، فمنذ أن حصل على توقيع الهولندي أصبح دفاع ليفربول في أمان.
غير أن فيرجيل فان دايك كان أبرز الأسباب التي ساهمت وصول ليفربول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين على التوالي والفوز باللقب عام 2019، ومن ثم حصد لقب البريميرليج الغائب منذ 30 عامَا عن خزائن الريدز.
لكن فان دايك بعيد عن الساحة الآن منذ تعرضه لإصابة الرباط الصليبي في منتصبب أكتوبر من العام الماضي، حيث غاب عن مباريات ليفربول طوال الموسم الحالي، وترك الأخير يعاني بشكل مُر.