أخبارتقارير ومقالات خاصةكرة القدم الانجليزيةكرة قدم
الأكثر تداولًا

عودة القديسين.. ساوثهامبتون ما بين العراقة وتصدير المواهب

يوم السبت 13 مايو 2023 هبط فريق ساوثهامبتون إلى دوري الدرجة الأولى الإنجليزي “تشامبيونشيب” بشكل رسمي، أما يوم الأحد 26 مايو 2024، وجدناه يعود مرة أخرى إلى البريميرليج بعد الفوز ضد ليدز يونايتد في نهائي بلاي أوف والمباراة الأغلى في العالم.

ونادي ساوثهامبتون ليس مجرد النادي الذي هبط إلى تشامبيونشيب وعاد سريعا، ولا الذي يملك ألقاب وإنجازات مخلدة في التاريخ، ولكنه لديه تاريخ عريق ويملك قصة منذ تأسيسه وحتى يومنا هذا.

لذلك يجب التحدث عن قصة نادي القديسين الذي عاد مرة أخرى إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، بتاريخه العريق الذي يجبرنا على استعادته منذ لحظة تأسيسه وإلى يومنا هذا.

لماذا ساوثهامبتون والقديسين؟

تأسس النادي عام 1885، على يد مجموعة من الشباب أعضاء في كنيسة ماري الواقعة في مدينة ساوثهامبتون في جنوب إنجلترا، وكان يسمى في البداية فريق “ساينت ماري”.

وبالطبع من الواضح سبب إطلاق لقب القديسين على نادي ساوثهامبتون الذي لا زال يحتفظ بجذور الكنيسة بداخله حتى يومنا هذا.

ولكن ليس هذا كل ما في الأمر، بل أن الابتكار لدى أعضاء كنيسة ماري في إنشاء نادي، جاء بأن كل الكنائس من حولهم تملك فرق ولكن في لعبة الكريكت، وفي الوقت نفسه كان قد بدأ ظهور لعبة كرة القدم وبالتالي قرر الشباب أن يجعلوا فريق الكنيسة الخاص يعلب هذه اللعبة ويكون مبتكرا.

وفي البداية لعب ساوثهامبتون على أكثر من ملعب، إلى أن استقر على ملعب “ديل” الذي بقي فيه قرنا كاملا، ولكن مع تزايد عدد مشجعو الفريق والحاضرين في مباريات فريق المدينة، ظهرت فكرة إنشاء ملعب خاص وبالفعل بدأ وضع حجر الأساس لملعب “ساينت ماري”، وانتقل النادي إليه وأصبح الملعب الرئيسي منذ 2001 وحتى يومنا هذا.

وظل النادي يلعب واسمه ساينت ماري وبعد حصده لقب الدوري الجنوبي في 1897، أصبح اسم النادي ساوثهامبتون نسبا إلى المدينة الجنوبية.

الظهور الأول المتأخر في الدوري الإنجليزي

وعلى الرغم من تاريخه العريق هذا، إلا أن ساوثهامبتون لم يشارك في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ تأسيسه، بل لعب في بطولة الدوري الجنوبي وحصدها أكثر من مرة، حتى شارك في الدوري الممتاز أو دوري الدرجة الأولى  أول مرة عام 1966.

وظل القديسين في الدوري الممتاز لمدة 8 مواسم، جرب خلالها الفريق متعة المشاركة في البطولات الأوروبية، مثل كأس المعارض وكأس الاتحاد الأوروبي ولكنه فشل في تحقيق أي إنجاز فيها، وفي عام 1974 هبط النادي من جديد إلى الدرجة الثانية.

وطال غياب الفريق عن الدوري الممتاز قليلا حيث عاد في 1978 أي بعد أربعة أعوام من الهبوط، وبقي لمدة طويلة في المسابقة حيث استمر حتى عام 2005، ولكنه لم يكن منافس شرس للكبار فقد كان معظم المواسم قريبا من مراكز الهبوط، باستثناء موسم 1984 الذي أنهى فيه المنافسة في المركز الثاني خلف ليفربول وقدم موسما مميزا جدا.

تصدير المواهب والصندوق الأسود

وتميز ساوثهامبتون بأكاديمية النادي التي أخرجت العديد من المواهب إلى العالم، ولكن لم يستفد منهم بالشكل الأمثل من الناحية الفنية ولم يحاول استغلالهم في المنافسة على البطولات، ولكنه استفاد منهم من الناحية المالية وأفاد العديد من كبار أوروبا بهم.

فقد أخرج النادي مجموعة مميزة من اللاعبين إلى العالم مثل، جاريث بيل، وآدم لالانا وفرجيل فان دايك وساديو ماني، وثيو والكوت وتشامبرلين وفورستر ولو شو، ولوفرين، وغيرهم الكثير.

أبرز اللاعبين الذين لعبوا مع ساوثهامبتون
أبرز اللاعبين الذين لعبوا مع ساوثهامبتون

كما كان النادي مميز أيضا في اختيار مدربيه مثل ماوريسيو بوتشتينو، ورونالد كومان، اللذان صنعا العديد مع الفريق، بخلاف اللاعبين الذين يعتبرهم مشجعو النادي أساطير بالنسبة لهم، وعلى رأسهم يأتي مات لو تيسيه الذي بعتر من أقرب اللاعبين إلى جماهير ساوثهامبتون، فهو صاحب الفضل في إنجازات الفريق في موسم 84 الذي أنهوا فيه الموسم بالمركز الثاني بالدوري الإنجليزي، وكان من أكثر اللاعبين مهارة وولاء فقد قضى كامل مسيرته داخل النادي وشارك في 456 مباراة سجل خلالهم 161 هدفا.

ومن الأكاديمية والتطوير الفكري واختيار المدربين واللاعبين بعناية، إلى الاكتشاف الجديد الخاص بالنادي وهو “الصندوق الأسود”، حسب ما نشرت عنه الصحافة الإنجليزية وكان أمر مذهل جدا للعالم، بدأ بتخلي النادي عن خمسة من نجومه في موسم 2014/2015، وتخلى عن مدربه بوتشتينو رغم أدائه الجيد مع الفريق وتعاقد مع رونالد كومان.

وقام كومان بإنشاء غرفة خاصة داخل النادي تسمى بالصندوق الأسود، وهي  غرفة يتم فيها تحليل كل مباراة في البطولات الأوروبية المهمة لتحديد اللاعبين المطلوبين في الموسم المقبل، وبعدها يتم البحث عن حياتهم الشخصية وقدرتهم على التأقلم والعيش في ساوثامبتون، وساعد ذلك النادي في شراء صفقات بنسبة نجاح كبيرة وبعد دراسة صحيحة.

وفي الوسم التالي 2015/2016، قدم ساوثهامبتون عاما مميزا جدا فقد أنهى الموسم في المركز السابع وبفارق بسيط عن أصحاب المركز الخامس والسادس، بل وقاتل بشكل كبير على المقاعد المؤهلة للدوري الأوروبي، وخلق ظاهرة خاصة به تسببت في إطلاق لقب “قاهر الكبار” عليه هذا الموسم.

بل وتمكن فريق ساوثهامبتون في هذا الموسم من الفوز على كل من، مانشستر سيتي، وليفربول ومانشستر يونايتد وأرسنال، وتشيلسي.

الولاء للمدينة وقصة الديربي

ولم يغير ساوثهامبتون ألوان قميصه منذ تأسيسه حتى يومنا هذا نهائيا، على عكس العديد من الأندية الأخرى، ولكنه محتفظ بألوانه الأساسية إلى الآن.

بل وحتى شعار النادي بالرغم من تغيره من قبل ولكنه له شعارين فقط طوال تاريخه، وتميز شعاره الحالي بأن كل رمز عليه له دلالة معينة، مثل  الهالة الصفراء أعلى الشعار للدلالة على القداسة التي تعود إلى الكنيسة، ويوجد كرة للدلالة على شخصية النادي، وهناك وشاح باللونين الأحمر والأبيض للدلالة على المشجعين، حتى الشجرة تمثل شجرة “نيو فوريست” التي اشتهر بها النادي، أما المياه تشير إلى اتصال المدينة بالبحر والأنهار، ويوجد في أسفل الشعار وردة بيضاء وهي ترمز للمدينة.

وبالرغم من حب الجماهير النادي العريق في إنجلترا بشكل عام لأنه لم يكن له عداءات من قبل، ولكن عدوه الوحيد هو نادي بورنموث، ويوجد بينهما عداء تاريخي بسبب قرب المدن من بعضها والمياه بينهما، ويسمى الديربي الخاص بهما بديربي الساحل الجنوبي.

عودة القديسين إلى البريميرليج؟

وبعد كل هذا التاريخ الذي تحدثنا عنه لك أن تتخيل أن نادي ساوثهامبتون طوال تاريخه لا يملك سوى بطولة وحيدة بعيدا عن فوزه بالدوري الجنوبي أكثر من مرة أو بطولات الدرجات الأدنى والودية، وهي كأس الاتحاد الإنجليزي في عام 1976، وذلك بالرغم من هبوطه وقد فاز باللقب على حساب مانشستر يونايتد، وكانت مفاجأة للجميع أن يفوز في المباراة بهدف مقابل لا شيء، والآن عاد القديسين للمسابقة وأمامهم فرصة أخرى لإضافة سطر جديد إلى تاريخهم فهل ينجحوا في ذلك؟

حسام مجدي

صحفي رياضي مصري مواليد 1999، بدأ العمل في المجال الصحفي عام 2017، مهتم بتغطية الأحداث العالمية والعربية، ومهتم بالقصص التاريخية عن كرة القدم، بجانب إجراء حوارات صحفية مع العديد من نجوم وأساطير اللعبة، بجانب تغطية الأخبار المحلية في مصر، والعمل في إعداد البرامج الرياضية.

3206 مقال