عندما تسبب دروجبا في إنهاء الحرب الأهلية في بلاده!
أن تكن لاعبًا كرة قدم تحمل بلادك على أكتافك، لتصبح سفيرًا لقارة بأكملها لنصرها أمام الجميع وتحديدًا لنقل صوت المغمورين تحت رايات الديكتاتورية إلى أوروبا.. أن تصبح إنسانًا يكّن بداخله معاني الإنسانية والرحمة وحب الوطن أهم الصفات التي تجعل لاعب الكرة سفيرًا للإنسانية في كل مكان تدب فيه قدميه.
ديديه دروجبا نجم وقائد منتخب ساحل العاج أو كوت ديفوار كان مثالًا جيدًا لكل ما سبق ذكره، أنضم دروجبا إلى نادي تشيلسي عام 2004، في الوقت الذي كانت بلاده تمر بكم ضخم من التوترات التي أدت إلى إندلاع الحرب الأهلية بين أطرافها في الشمال والجنوب.
مثّل دروجبا فريق البلوز لـ 9 سنوات كاملة، نجح خلالهم في قيادة الفريق الإنجليزي للتتويج ببطولة الدوري الممتاز في 4 مناسبات، وحمل كأس الاتحاد الإنجليزي 4 مرات أيضًا، بالإضافة إلى معانقة ذهب دوري أبطال أوروبا لمرة وحيدة.
- طالع أيضًا
- الفريق الأقرب للاتفاق مع أنطونيو كونتي
- فابريزيو رومانو يكشف موقف ميسي من تعاقدات برشلونة الجديدة
- حريق مدرجات ملعب التتش والأهلي يكشف التفاصيل في بيان رسمي
ترك دروجبا بلاده الواقعة وسط جواهر القارة السمراء لصنع التاريخ في القارة العجوز، وقبل رحيله للانتقال إلى الدوري الإنجليزي بعامين فقط، كانت ساحل العاج قد قسمتها الحرب الأهلية إلى طائفتين واحدة في الشمال قرروا إطلاق إسم “قوات ساحل العاج الجديدة” عليها وكان يقودها “جيوم سورو”.
أما منطقة الجنوب، فكان يسيطر عليها حكومة الرئيس وقتها “لوران جباجبو”. استمرت التوترات بين الجانبين لمدة عامين تقريبًا حتى انتهت بقتال منفصلًا على أوقات متفرقة، انتهى تقريبًا في منتصف عام 2004.
لكن تلك التوترات عادة مجددًا في أعقاب خوض منتخب ساحل العاج لتصفيات كأس العالم، الأمر الذي وضع أحمالًا إضافية فوق أعناق ديديه دروجبا ورفاقه في المنتخب.
التأهل إلى مونديال كأس العالم 2006 وخطبة دورجبا التي ساهمت في وقف الحرب الأهلية!
ففي الثامن من أكتوبر من عام 2005، كانت التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2006 تأخذ منحناها الأخير للكشف عن قائمة المتأهلين من أفريقيا بشكل نهائي.
في ذلك الوقت، الكاميرون ضربت موعدًا لمواجهة منتخب مصر؛ وفي حالة فوز الأول سيتأهل بشكل مباشرة إلى مونديال 2006 أما أية نتيجة أخرى كالتعادل أو الخسارة سيساهم في تأهل منتخب كوت ديفوار للمرة الأولى إلى المونديال!
منتخب كوت ديفوار في ذلك الوقت كان على موعد مع ملاقاة منتخب السودان على ملعب المريخ في “أم درمان”، ويقوده الإيفواري المتألق في الملاعب الإنجليزية ديديه دروجبا بجانب عدد من عمالقة جيله في ذلك الوقت، ديديه زوكورا، كولو توريه بالإضافة إلى يايا توريه الذي كان يشق مشواره الدولي في ذلك الوقت.
انطلقت مباراة مصر ضد الكاميرون في القاهرة، في نفس التوقيت الذي انطلقت فيه مباراة كوت ديفوار والسودان بالتمام.
منتخب ساحل العاج كان قد اقترب من إنهاء مباراته بفوزِ سهلِ على السودان والذي كان أمرًا طبيعيًا في ذلك الوقت، أما الوضع في مباراة القاهرة كان مشتعلًا على الإطلاق، حيث اقتربت الدقيقة 90 ومازال التعادل الإيجابي بهدف لكل فريق مُسيطرًا على الأجواء!
كانت ساحات الشوارع في مدن ساحل العاج تستعد لإقامة الأفراح والأهازيج احتفالًا بتأهل منتخب بلادهم لأول مرة إلى مونديال كأس العالم، لكن في الوقت المحتسب بدل من الضائع في مباراة القاهرة، قرر حكم المباراة احتساب ركلة جزاء لمنتخب الكاميرون، لتتوقف معها القلوب في ساحل العاج تمامًا.
كان القلق مُسيطرًا على الوجوه، والأيدي فوق القلوب، قبل أن يُضيع منتخب الكاميرون ركلة الجزاء ليعلن بذلك تأهل ساحل العاج ودروجبا ورفاقه لأول مرة إلى مونديال كأس العالم 2006.
مثلما أقيمت أفراح عارمة في شوارع ساحل العاج، كانت غرفة ملابس المنتخب العاجي تدب فيه فرحة غير عادية، أنهاها ديديه دروجبا بدعوة زملائه لإقامة الصلاة لتقديم الشكر إلى الرب، وفيما بعد ألقى خطبة كانت لها دور بارز في إنهاء الحرب الأهلية في بلاده! فماذا قال؟.