روبرتو فيرمينو.. لو كان لزاما علينا الرحيل كرهك ياوداع!
يقولون دائمًا بأن الأشد حبًا لا يقوى على وصف مشاعره كاملة في لحظات الوداع، حتى وإن تجزأت مشاعره في وداعات متتالية.. الذي يحمل حبك في قلبه دائمًا يهتز وقت الرحيل.. ولكن عادة ما نترك قلبنا في بعض لحظات الوداع.
“مش هشوفك تاني ؟.. سلام ياصاحبي! “
تتر النهاية كٌتب.. مشوار روبرتو فيرمينو داخل أسوار ملعب “أنفيلد” العريق انتهى! في عام مضى كانت وداعية ساديو ماني الذي رحل في صمت، والآن جاء الدور على فيرمينو أو كما تعشق جماهير ليفربول مناداته بـ”بوبي”.
مشاعر الجماهير وصلت إلى العالم، أنشودة أعدت له هو خصيصًا، هزّت أرجاء أنفيلد ومن قبله في الكينج باور -حين تجاوزت الجماهير جميع من في أرضية الملعب وظلت تردد أنشودة فيرمينو الجالس على مقاعد البدلاء-، حتى حركت بداخله كل شيء فاستسلم وبكى!
روبرتو فيرمينو البرازيلي الهادئ، وقلما تجد لاعب برازيلي يحمل كل هذا الهدوء في قلبه وقدمه معًا، استطاع الفوز بكل شيء مع ليفربول وكان رجل من رجال الحقبة الذهبية الفريدة مع الريدز، عانق الذهب وحمل الكؤوس وحطم الأرقام وفعل كل ما يمكن أن يُفعل هناك..
ورغم ذلك لم يكن البطل الأول هناك ولم يكن البطل الثاني أيضًا.. لكنه مارس دور استثنائي جدًا، بدونه لا تكتمل المقطوعة وتصبح نشاز، مثلما يقولون كان دائمًا قطعة الكريز التي تُزين قالب الكيك.
حتى جاءت لحظة الحسم.. الآن سيخلع فيرمينو القميص الأحمر وستظل الذكريات وحدها تسكن قلوب الجماهير، سيبقى احتفال الكاراتية عالقًا في الأذهان إلى الأبد، ستحتفظ الجماهير بذكرى وداعه بالهدف الذي أنقذ به الفريق من خسارة كادت أن تحدث في آخر مباريات الريدز داخل أنفيلد في موسم 22/23.. مثلما فعل في مرات سابقة.
الـ Sii Senor لن تعزف بعدك أبدًا
أن استطعت أن تخطف قلب جماهير ليفربول تحديدًا، ستجد في صباح اليوم التالي إعلان صريح لحبكما معًا.. سيكون إسمك يتردد داخل مقطع غنائي، ربما ستندهش لكن بكل تأكيد ستجد قلبك يتراقص مع كل مرة يرددون فيها أنشودتك الخاصة.
أنشودة جماهير ليفربول لـ روبرتو فيرمينو
There’s something that the kop wants you to know
The best in the world his name is Bobby Firmino
Our number nine
Give him the ball and he’ll score everytime
Si Senor
Pass the ball to Bobby and he’ll score.
فيرمينو كان له نصيب الأسد من تلك الأهازيج الخاصة بجماهير “الكوب”، برغم أنه خطف قلوبهم بقوة من اللحظة الأولى لكن كانت هناك لحظة خاصة تعمد سلب قلوب الجماهير الحمراء كافة وتحديدًا في عام 2019، حينها لم يترددوا أبدًا وقالوا في لحظتها: ” الكوب لديه رسالة لكم.. الأفضل في العالم هو روبرتو فيرمينو.. لاعبنا صاحب الرقم 9.. أمنحه الكرة وسيسجل الأهداف في كل مرة “.
يقول روبرتو فيرمينو عن تلك الأنشودة، أنه وأسرته وبناته كانوا في طريقهم بالسيارة إلى المنزل ذات مرة، وظلت ابنتيه يرددن أنشودته وطالبوه بإعادتها كلما تنتهي، أكد مرارًا أنهم وقعوا في حب تلك الأنشودة كما فعلت السحر في قلبه بالضبط.
أنشودة فيرمينو جاءت بعد لحظة خاصة جدًا، عندما سجل هدف ليفربول الذي لن تنساه جماهير الريدز أبدًا في شباك باريس سان جيرمان، واحتفاله الشهير بعدما وضع يده على عينه، في دور مجموعات دوري أبطال أوروبا، تلك النسخة التي تأهل فيها الريدز إلى النهائي وصنع معجزات بالجملة وخطف اللقب الأغلى.
ربما الجميع يعطي أليسون بيكر وتصديه الإعجازي في مباراة نابولي في دور المجموعات، السبب الأبرز لفوز الريدز بهذا اللقب، لكن جماهير ليفربول لا تنسى أبدًا ما يفعله أي من لاعبيها في كل مباراة.. جماهير الريدز لا تنسى أبدًا رد الجميل لمن تعشقه.
فـ بمجرد إعلان خبر رحيل “بوبي” عن أنفيلد، لم تهدأ جماهير ليفربول حتى خارج الديار، فهدأ الجميع في ملعب “كينج باور” لكن جماهير الريدز لم تهدأ حتى بدأت تغني أنشودة روبرتو فيرمينو وتعيدها وتكررها حتى فهم وهو على مقاعد البدلاء أن الجميع هنا من الكبير إلى الصغير يعشقه.. خفق قلبه ودمع عينه ولا تزال الأنشودة ترج الميدان بالكامل.
وفي وداعيته، لم يصمت “الكوب” في أنفيلد أبدًا في أي لحظة، طوال المباراة الأخيرة له في داخل ملعب ليفربول العريق ظلوا ينادونه هو.. يريدونه هو.. صيحات متكررة لتعجيل قرار إشراكه في المباراة الأخيرة له أمام أعينهم.. الجميع يرفض فكرة رحيله، الجميع يصدق بأن المشهد الأخير لم يأتِ بعد.. ولا يرغبون أن يأتي أبدًا.
لا تبكي لأنها انتهت.. ابتسم لأنها حدثت
فيرمينو الذي وصل أنفيلد قبل ساديو ماني ومحمد صلاح، عزف سيمفونية بمفرده لم تتكرر من قبل، حتى أن مواطنه “فيليب كوتينيو” لم يحظ بمقدار الحب الذي وصله له.
سيكون الضلع الثاني المفقود في ثلاثية أزعجت مدافعي البريميرليج لفترة طويلة مؤخرًا، بعد خروج ساديو ماني، رحل الثنائي وتركا محمد صلاح بمفرده يكوّن ثلاثيات وثنائيات جديدة مع أسماء شابة.
فيرمينو الذي بدأ مثلث ليفربول المرعب، استقبل ماني ومن بعده صلاح بصناعة الأهداف، فكان أول من صنع لمحمد صلاح في مباراته الأولى مع الريدز في شباك واتفورد 2017، ولأن صلاح بقى ورحلوا هما، كان واجبًا عليه رد الجميل؛ فقرر أن يضع بصمته في وداعية فيرمينو في أنفيلد، فصنع له هدفه الذي سيظل عالقًا في الأذهان في مرمى أستون فيلا 2023.
وكما يقولون: لا تبكِ لأنها انتهت.. بل ابتسم لأنها حدثت، جماهير ليفربول لن تشاهد فيرمينو مجددًا ولن تغني أغنيته مرة أخرى، وهو أيضًا أدرك كل ذلك ووقف ليبكي رحيله عنهم. فقط وضع يده بجانبه وظل يبكي كطفل صغير ضائع من أمه ولا يعرف أين يذهب بعد رحلة ستظل هي الأجمل في مشواره.
رحل فيرمينو ولكن قلبه سيظل عالقًا في كل شبر داخل مقاطعة ميرسيسايد، سيظل يتذكر المدينة التي استقبل فيها طفلته لأول مرة، المدينة التي رقص في أعرق ملاعبها بحرية، وسجل أهداف لا تٌنسى على عشبه، وغنى أهازيجها في الفرح كثيرًا، وفي اللحظات السيئة كانت تلك الأهازيج تشفي قلبه مع البقية وتخفف من وقع الحزن مرات ومرات.
في النهاية.. لو كان لزامًا علينا الرحيل.. كرهك ياوداع ولا بديل.. والمستحيل إنى امسح دمعة.. مستحيل أخبي دمعي.. مستحيل! سيرحل فيرمينو ويأتي من بعده أخرين هذه هي أقدار كرة القدم.. لكن بكل تأكيد لا أحد يعوض البرازيلي أبدًا.