رحلة بطل لكأس العالم – إيطاليا الجزء الأول
سلسلة رحلة بطل لـ كأس العالم، تأخذك برحلة عبر الزمن للتعرف على تاريخ المونديال، أحداث لم نعيشها، ومعلومات -ربما- لم تكن تعلم عنها شيء عن الحدث الأكبر في عالم كرة القدم والذي يقام كل أربعة أعوام.
مجرد المشاركة في المحفل العالمي الكبير كأس العالم، يعتبر شرف كبير، فماذا عن البطل؟ الذي خاض رحلة سنتعرف عليها معًا، عبر سلسلة من التقارير التي ستنشر عبر 365Scores، قبل انطلاق كأس العالم 2022 في نوفمبر المقبل.
في الرحلة الثانية ضمن جولتنا بين أبطال العُرس العالمي، قرررنا التجول معًا بين محطات منتخب إيطاليا ثانِ أكثر المنتخبات تتويجًا بكأس العالم.
ولأن حكايات الأتزوري طويلة بعد الشيء قررنا أن تكون من جزئين اثنين.. الأولى تسلط الضوء على طبيعة الحكايات التي التصقت بإيطاليا في أول لقبين فترة الثلاثينيات وحقيقة تدخل السلطة هناك وتهديد اللاعبين لحسم اللقب لصالحهم، وفي الجزء الثاني سنروي حكايات وقعت في النسختين الأخيرتين.
منتخب إيطاليا الذي اعتدنا على وجوده في عديد نسخ كأس العالم في السنوات الماضية، بينما ابتعد عن المشهد في السنوات الأخيرة، حيث لم يتواجد في مونديال روسيا 2018 ولن يشارك أيضًا في كأس العالم 2022 المقرر إقامته في قطر.
الأتزوري لم ينتظر طويلًا حتى أصبح بطلًا للعالم، وتحديدًا بعدما تخلف عن المنتخبات المشاركة في أول نسخة للمونديال والتي أقيمت في أوروجواي عام 1930 وتوّج بها أصحاب الأرض.
لكن سرعان ما تقدمت إيطاليا بطلب استضافة كأس العالم على أراضيها لتسهيل المهمة على منتخبات أوروبا التي تريد المشاركة في البطولة، لكن بُعد المسافة بين أوروبا وأمريكا الجنوبية وقفت حائلًا بين تواجدهم في النسخة الأولى التي أقيمت في أورجواي.
كأس العالم 1934 – إيطاليا تعانق ذهب جول ريميه للمرة الأولى
بعد إعلان تواجد إيطاليا بين الدول التي ترغب في استضافة كأس العالم في نسخة 1934، وبدأ كل شيء يتغير كثيرًا، حتى أن السويد تقدمت بطلب لمزاحمة إيطاليا، وبشكل مفاجئ قررت الانسحاب!
بعض الروايات تقول أن حاكم إيطاليا في ذلك التوقيت “موسوليني” الذي يمكن مقارنته بهلتر في ألمانيا أو فرانكو في إسبانيا، حيث كان زعيمًا ضمن الأنظمة الديكتاتورية المسيطرة على أوروبا في ذلك التوقيت، قام يتهديد السويد حتى قررت الانسحاب بملف استضافة المونديال في نسخته الثانية.
وبعد حصول إيطاليا على استضافة كأس العالم 1934، امتنعت الأوروجواي بحجة النظام الديكتاتوري الحاكم لإيطاليا في ذلك التوقيت، إلى جانب أن موسوليني كان سببًا في منع منتخب بلاده للسفر في النسخة الأولى إلى أمريكا الجنوبية.
تدخل موسوليني في كل شيء في تلك النسخة التي أقيمت في بلاده، حتى في لاعبي الأتزوري أنفسهم، بداية من اختيار المنتخبات التي ستشارك في المونديال مرورًا لاختيار الحكام وكذلك اللاعبين الذين سيمثلون إيطاليا في تلك النسخة.
تقول إحدى الروايات عن تلك النسخة، أن “موسوليني” كان يهدد اللاعبين بين شوطي المباريات، إذا لم تنتهي المباراة لصالحهم فليكن الرب في عونهم! بخلاف أداء التحية الفاشية قبل كل مباراة نظرًا لتواجده في مدرجات الملعب!
نظام مونديال 1934
نظام البطولة في النسخ الأولى منها أقيمت بنظام الإقصاء المباشر، أي تقام مباراة بين منتخبين والفائز يتأهل للدور التالي، والخاسر يغادر البطولة.
وكانت أولى مباريات إيطاليا ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت بداية نارية كشّر فيها الأتزوري عن أنيابه من البداية، حيث تفوقت إيطاليا في تلك المباراة بنتيجة 7-1.
وفي مباراة الدور التالي، اصطدم الطليان بمنتخب إسبانيا، لكن سيطر التعادل 1-1 بين المنتخبين حتى نهاية المباراة، في ذلك التوقيت لم تعرف كرة القدم بعد ركلات الترجيحة، وكان الحل الوحيد هو إقامة مباراة فاصلة بين المنتخبين لتحديد الفائز.
وبالفعل أقيمت المباراة الفاصلة بين إسبانيا وإيطاليا في اليوم التالي مباشرة، ذاك اللقاء الذي شهد تعرض الماتادور الإسباني لظلم شديد بعد إلغاء هدفين صحيحين له بداعي التسلل، ومعاناته من عنف قوي من قِبل لاعبي إيطاليا، وانتهى بفوز الأتزوري بهدف سجله “جوزيبي مياتزا”.
تلك المباراة لم تمر مرور الكرام من روايات كرة القدم، حيث قيل أن حكم مباراة إسبانيا وإيطاليا الفاصلة “ريني ميرسيت”، شوهد وهو يتناول وجبة العشاء مع موسوليني، وما ثبّت تلك الرواية عليه، هي العقوبة التي تلقاها الحكم السويسري الذي عوقب بالإيقاف مدى الحياة بعد تلك المباراة!
في مباراة نصف النهائي، واجهت إيطاليا منتخب النمسا، وحققت الفوز بهدف “غير شرعي” لتصل إلى مباراة النهائي التي جمعت الأتزوري بمنتخب تشيكوسلوفاكيا.
أما في المباراة النهائية، فقد شهدت قرارات تحكيمية هي الأكثر غرابة في تاريخ كرة القدم، في البداية استعان “موسوليني” بحكم مباراة إيطاليا والنمسا مجددًا، هو نفسه الذي احتسب للطليان هدف غير شرعي في مرمى النمسا!
يُقال أن موسوليني التقى بحكم تلك المباراة، وأتفق معه على إرسال اللقب مع لاعبي إيطاليا! وهو ما سيحدث في النهاية.
في الشوط الاول من المباراة النهائية، تغاضى الحكم عن ركلة جزاء واضحة وضوح الشمس لتشيكوسلوفاكيا، لكن “لويس مونتي” مدافع الأتزوري كرر خطأه ضد مهاجم الخصم! والحكم كاد أن يحتسب الخطأ الثاني لكنه تراجع.
وفقًا للروايات، بين شوطي المباراة، أرسل موسوليني رجاله لتعنيف المدافع “لويس مونتي”، ليؤكد له أن الإتفاق مع الحكم كان حول تغاضيه عن احتساب مخالفة واحدة لكن إذا تكررت سيقوم باحتسابها على الفور!
وبالرغم أن تشيكوسلوفاكيا سجلت أول أهداف المباراة في الدقيقة 76 عن طريق “أنتونين بوتش”، لكن سرعان ما انتفض لاعبي إيطاليا لإحراز هدفين قبل نهاية اللقاء وتحديدًا في الدقيقة 81 و95. حتى ينقذوا أرواحهم من قبضة موسوليني!
وهنا توّج منتخب إيطاليا بأول ألقابه في كأس العالم، وبالرغم من تدخل موسوليني في كل كبيرة وصغيرة حتى في مجريات اللقاء.
كأس العالم 1938 – إنجاز عالمي ولقب آخر في المونديال بعنوان إما الفوز أو الموت!
للمرة الثانية على التوالي يتوّج منتخب إيطاليا بطلًا لكأس العالم، وهو إنجاز عالمي لم يحققه أي منتخب سوى إيطاليا في ذلك التوقيت، فيما بعد عاد منتخب البرازيل هذا الإنجاز نعم! لكن الأتزوري ظل منفردًا به لسنوات طويلة، لكن ماذا حدث في تلك النسخة؟!
وبرغم أن كأس العالم 1934 أقيمت في ظل نزاعات سياسية ليست لها مثيل بين دول أوروبا، إلا أن كأس العالم 1938 كان الجميع في انتظار قرار إلغائه بسبب انتظار اشتعال فتيل الحرب العالمية الثانية!
لكن برغم كل تلك التكهنات، دارت عجلة كرة القدم للمرة الأخيرة قبل أن تتوقف طويلًا في أوروبا بالكامل بسبب اندلاع كارثة الحرب العالمية الثانية، لتتوقف أهازيج ملاعب الكرة ويبقى صوت البنادق والبارود هو السائد ولون الدماء يغطي مختلف المناطق هناك!
نظام كأس العالم 1938
أقيمت تلك النسخة بنفس الطريقة التي أقيمت بها نسخة إيطاليا 1934، بنظام الإقصاء المباشر، حتى أن اصطدمت إيطاليا بمنتخب النرويج في الدور الأول، ونجحت في التغلب عليه في النهاية بنتيجة 2-1.
وصل الأتزوري إلى ربع النهائي لمواجهة منتخب فرنسا، وبالرغم من تقدم الطليان بهدف في الدقيقة 9 سجله “جينو كولايساي”، لكن فرنسا نجحت في معادلة النتيجة سريعًا بهدف أحرزه “أوسكار هيسيرير”.
انتهى الشوط الأول بتعادل الفريقين، حتى تألق لاعبي منتخب إيطاليا في الشوط الثاني ونجحوا في تسجيل هدفين في الدقيقتين 51 و72. ليطيح الطليان بالديوك من البطولة المقامة على أراضيهم ويتأهلوا لنصف النهائي.
في قبل النهائي، سقط منتخب إيطاليا في صدام مع منتخب البرازيل تألق الأتزوري في هذه المباراة بالفعل، وتقدم بهدفين في الدقائق 55 و60 سجلهم: جينو كولايساي وجوزيبي مياتزا من علامة الجزاء، قبل أن يضع “بليكسياري” هدف السيليساو الوحيد، لتنتهي المباراة بنتيجة 2-1 لإيطاليا.
وصل الأتزوري إلى المباراة النهائية، وهناك التقى مع نظيره منتخب المجر، تقدم للطليان “جينو كولايساي” في الدقيقة 6 فيما تعادل للمجر “بال تيتكوس” في الدقيقة 8.
وبعد دقائق تحديدًا في الدقيقة 16، تقدم “سيلفيو بيولا” لإيطاليا مجددًا وقبل نهاية الشوط الاول سجل “جينو كولايساي” هدف ثالث للأتزوري في الدقيقة 35.
يُقال أن موسوليني أرسل رجاله بين شوطي المباراة، وهدد كل لاعبي إيطاليا برسالة مقتضبة: ” إما الفوز والعودة بالكأس أو الموت! “.
بالرغم أن كافة لاعبي منتخب إيطاليا نفت تلك الرواية، إلا أن حارس منتخب المجر “أنتال سزابو” تحدث فيما بعد عن هذا الأمر، وقال في حوار شهير له: ” للمرة الأولى لا أشعر بالحزن بعد هزيمة مباراة، سمعت أن موسوليني هدد اللاعبين بالقتل بين الشوطين، نعم خسرنا لقب كأس العالم لكننا أنقذنا روح 11 لاعبًا في المقابل “.
انتهت المباراة النهائية بين إيطاليا والمجر بنتيجة 4-2 للطليان، ليتوج الأتزوري بلقبه الثاني على التوالي، في مشهد ربما يعيد الأذهان لما حدث في نسخة إيطاليا 1934.