رحلة بطل في كأس العالم – أوروجواي
سلسلة رحلة بطل لـ كأس العالم، تأخذك برحلة عبر الزمن للتعرف على تاريخ المونديال، أحداث لم نعيشها، ومعلومات -ربما- لم تكن تعلم عنها شيء عن الحدث الأكبر في عالم كرة القدم والذي يقام كل أربعة أعوام.
مجرد المشاركة في المحفل العالمي الكبير كأس العالم، يعتبر شرف كبير، فماذا عن البطل؟ الذي خاض رحلة سنتعرف عليها معًا، عبر سلسلة من التقارير التي ستنشر عبر 365Scores، قبل انطلاق كأس العالم 2022 في نوفمبر المقبل.
في رحلتنا الخامسة بين سجل أبطال كأس العالم الذين عانقوا الذهب، سنذهب نحو عاصمة السحر مونتيفيديو هذه المرة، للاستمتاع برحلة المنتخب “صاحب أطول نشيد في العالم”، منتخب أوروجواي لحصد كأس العالم في نسختي 1930 و1950.
منتخب أوروجواي برغم مشاركته في بطولة كأس العالم في 13 نسخة مختلفة، إلا أن “السيليستي” توّج في مرتين فقط بلقب البطولة الأضخم عالميًا، وذلك في نسختها الأولى على الإطلاق، تلك التي لٌعبت في عام 1930، وكذلك في نسخة 1950 التي خطفها من البرازيل في مباراة دراماتيكية.
ويعتبر أوروجواي ثانِ أكثر منتخب تتويجًا بلقب كأس العالم في القارة اللاتينية، بعد منتخب البرازيل صاحب الـ 5 نسخ التاريخية، وقبل الأرجنتين الذي توّج أيضًا بلقبين كان آخرهم في فترة الثمانينات.
حين ساق القدر لقب كأس العالم الأول نحو أوروجواي
من المعروف أن فكرة تأسيس بطولة كأس العالم تجمع مختلف المنتخبات من كافة أنحاء العالم جاءت إلى “جول ريميه” الذي كان يرأس منصب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” حينها.
وبعد موافقة المنتخبات على فكرة البطولة بالإجماع، كانت مسألة اختيار البلد المستضيف للبطولة موطن الأزمة، في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها أوروبا في ذلك التوقيت منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى!
لذا جاءت فكرة إلى رأس جول ريميه بمنح شرف استضافة النسخة الأولى من بطولة كأس العالم إلى أوروجواي! وبالفعل وافقت في النهاية.
لكن بالرغم من دعوة “فيفا” لأكثر من منتخب لم يستجب في النهاية إلا 13 منتخبًا فقط بسبب بُعد المسافة وتكاليف السفر، ليضطر الاتحاد الدولي لتقسيمهم على مجموعتين فقط، بواقع 4 منتخبات في المجموعة الأولى و3 في المجموعات الأخرى الثانية والثالثة والرابعة.
انطلقت البطولة في الصيف كما هو المعتاد، وضمت المجموعة الأولى كلًا من: ” الأرجنتين – تشيلي – فرنسا – المكسيك ” والمجموعة الثانية ضمت: ” يوغوسلافيا – البرازيل – بوليفيا “.
بينما تواجدت أوروجواي في المجموعة الثالثة رفقة كلًا من: ” رومانيا وبيرو “، أما المجموعة الرابعة فقد احتوت على منتخبات: ” أمريكا – باراجواي – بلجيكا “.
أما عن نظام البطولة، فنظرًا لصغر عدد المشاركين، فقد أتفق الاتحاد الدولي وقتها على تأهل أصحاب المركز الأول فقط من كل مجموعة، ليلتقي الأربعة المتأهلين في مرحلة نصف النهائي، ومن ثم تُقام المباراة النهائية.
كأس العالم 1930 – مهمة خطف اللقب الأول
سقط منتخب أوروجواي في المجموعة الثالثة التي ضمت كلًا من: ” رومانيا – بيرو “، تقابلت الأوروجواي في أول مباراة في دور المجموعات ضد بيرو، وبعد مباراة صعبة؛ خطف “هيكتور كاسترو” هدف الفوز للسيليستي في الدقيقة 65، وانتهت المباراة بنتيجة 1-0 أخيرًا.
أما عن المباراة الثانية، فقد تواجه مع منتخب رومانيا وحقق أوروجواي فوزًا عريضًا بنتيجة 4-0، سجل الأهداف: بابلو دوادو وهيكتور سكاروني وبيريغرينو أنسيلمو وأخيرًا بيدرو سيا.
ليتأهل منتخب أوروجواي إلى مرحلة خروج المغلوب في النهاية كأول مجموعته، بعد تحقيق الفوز في مباراتي دور المجموعات أمام بيرو رومانيا.
نصف النهائي:
اصطدم منتخب أوروجواي في نصف النهائي بنظيره منتخب يوغوسلافيا، ليحقق نتيجة قياسية في النسخة الأولى من كأس العالم بعدما حقق فوزًا مهينًا على يوغوسلافيا بنتيجة 6-1.
سجل في تلك المباراة “بيدرو سيا” ثلاث أهداف بمفرده، إلى جانب تسجيل “بيريغرينو أنسيلمو “هدفين”، وسانتوس إريارتي “هدف”.
المباراة النهائية:
في مباراة ماراثونية جمعت بين أوروجواي والأرجنتين في نهائي كأس العالم 1930، كانت أحداث المباراة تسير على صفيح ساخن بين طرفي اللقاء حتى وضع السيليستي كلمته الأخيرة.
افتتح الأهداف “بابلو دورادو” لأوروجواي في الدقيقة 12، قبل أن يتعادل “كارلوس بيوسيلي” للأرجنتين في الدقيقة 20.
وسرعان ما أضاف “غييرمو ستابيلي” الهدف الثاني لراقصي التانجو في الدقيقة 37، لكن “بيدرو سيا” أعاد المباراة لنقطة البداية بعدما تعادل للأوروجواي في الدقيقة 57.
ومن هنا تحولت دفة المباراة تمامًا، بعدما كشّر نجوم السيليستي عن أنيابهم، وتحرك “سانتوس إريارتي” بالكرة حتى أسكنها شباك التانجو بقوة ليمنح منتخب بلاده التقدم من جديد لتصبح النتيجة 3-2.
في الدقيقة 89، وقع هيكتور كاسترو صاحب اليد الواحدة الهدف الرابع لمنتخب أوروجواي في الدقيقة 89 ليخطف به اللقطة ويخطف معه الكأس الذهبية الجديدة في أول نسخ لبطولة كأس العالم على الإطلاق.
كأس العالم 1950 – عندما تسبب أوروجواي في بكاء البرازيل بأكملها
رفض منتخب أوروجواي المشاركة في كأس العالم 1934 في نسخته الثانية والتي أقيمت في إيطاليا، بسبب رفض رئيس البلاد السياسات الديكتاتورية التي كان يتبعها “موسوليني” في إيطاليا.
كما واصل السيليستي الابتعاد عن المشهد في النسخة الثالثة، كأس العالم 1938 بعد إقامته في أوروبا أيضًا، فيما عاد للمشاركة من جديد في نسخة كأس العالم 1950 التي استضافتها دولة البرازيل.
كأس العالم نسخة 1950 التي أقيمت في البرازيل، شهدت بعض الاستثناءات، بعدما لم يُسمح لألمانيا واليابان بالمشاركة نظرًا لأن البلدين كانا لا يزالان في وضع الاحتلال.
بينما تأهلت إيطاليا مباشرة بإعتباره المنتخب حامل اللقب، فيما انسحب منتخب النمسا بداعي عدم الخبرة وتأثره بالحرب العالمية الثانية، أما منتخب فرنسا فقد حصل على موافقة بالمشاركة في البطولة من قِبل الفيفا قبل انطلاق كأس العالم 1950 بـ 14 يومًا.
كما تمت دعوة بريطانيا بعد انضمامها إلى فيفا قبل 4 سنوات من البطولة، وبعد انعزال طويل دام لـ 17 عامًا، فكانت نسخة 1950 أول نسخة لكأس العالم تشهد تواجد منتخب إنجلترا!
أما عن منتخب أوروجواي فقد تواجد في المجموعة الرابعة رفقة منتخبا: ” بوليفيا وفرنسا والهند “، تلك المجموعة شهدت عدة مفاجآت قبل انطلاق البطولة،بدأها منتخب الهند، الذي قرر الانسحاب من البطولة بسبب تكاليف السفر.
وهناك رواية أخرى تقول أن “فيفا” رفض طلب منتخب الهند بلعب مباريات كأس العالم بدون أحذية، نظرًا لاعتيادهم على لعب كرة القدم في الطبيعي بدون أحذية أو بأقدام حافية.
وفيما بعد، انسحب منتخب فرنسا أيضًا لعدم توفر المبالغ الكافية لمساعدته في السفر إلى البرازيل!
دور المجموعات:
تسبب انسحاب الهند وفرنسا، لإقامة مباراة واحدة فقط في المجموعة الرابعة، بين أوروجواي وبوليفا على المتأهل إلى نصف النهائي!
لم يتهاون منتخب أوروجواي في حسم تلك المباراة لصالحه لكن بنتيجة تاريخية، بعدما فاز على بوليفيا بنتيجة 8-0.
سجل أهداف السيليستي: ” ميجويز “هاتريك”، وفيدال “هدف” وسيكافينو “هدفين” وبيريز “هدف” وغيغيا “هدف”.
الدور النهائي:
في تلك النسخة ونظرًا لانسحاب عدد من المنتخبات، تقرر أن يقام دور نهائي يجمع الأربع منتخبات أصحاب المركز الأول من كل مجموعة، على أن تقام ثلاث مباريات بنظام دور المجموعات بينهم.
أما عن الفائز بلقب كأس العالم فيتم حسمه صاحب المركز الأول في تلك المجموعة! أو المنتخب الذي حقق نقاط أكثر
هذا النظام لن يحدث سوى في تلك النسخة فقط، بسبب انسحاب بعض المنتخبات.
اصطدم منتخب أوروجواي في أول مباراة في الدور النهائي ضد منتخب إسبانيا، وانتهت بالتعادل 2-2، قبل أن يفوز على السويد بنتيجة 3-2 في المباراة الثانية.
الكارثة الماراكانا وهدف “غيغيا” القاتل
هذه النتيجة كانت تضع أوروجواي في وصافة ترتيب المجموعة برصيد 3 نقاط والبرازيل في الصدارة برصيد 4 نقاط.
كان لابد أن يفوز أو يتعادل منتخب البرازيل في مباراته الأخيرة أمام الأوروجواي من أجل حسم لقب كأس العالم الأول للسيليساو.
لكن “غيغيا” كان له رأي آخر، حيث أقيمت مباراة أوروجواي والبرازيل على ملعب “الماراكانا”، تقدم فرايشا للسامبا في الدقيقة 47، وتعادل للأوروجواي “سيكافينو” في الدقيقة 66.
استمر الوضع على هذا الشكل، حتى ظن البرازيليين أن الدقائق فقط هي ما تفصلهم على الاحتفال بأول ألقابهم في كأس العالم.
حتى جاءت الدقيقة 79، صوب “غيغيا” تصويبة غير عادية ظن حارس مرمى البرازيل حينها أنه سيرسل عرضية لأحد زملائه داخل منطقة الجزاء، لم يفكر أي لاعب داخل الملعب أن “غيغيا” سيضع الكرة في الشباك مباشرة. ليخطف الفوز للسيليستي ومعه الكأس الذهبية الثانية.
“غيغيا” الذي قال عن هدف: ” ثلاثة نجحوا في إسكات ملعب ماراكانا، فرانك سيناترا عند عناءه، وبابا الفاتيكان في القداس الذي أقامه داخل الملعب، وأنا بهذا الهدف القاتل “
غيغيا لم يُسكت ملعب ماراكانا فقط، بل أسكت البرازيل بأكملها وتسبب في بكاء شعبها لأيام متواصلة، حتى أطلقوا على تلك الواقعة “كارثة ماراكانا”
بخلاف تسببه في خسارة البرازيل بالكامل، فقد تسبب هدف “غيغيا” في فرض الإقامة الجبرية على حارس البرازيل “باربوسا” وتحميله المأساة كاملة، فتم تجاهله تمامًا حتى مات وحيدًا في منزله.