أخبار365TOPتقارير ومقالات خاصةقصص 365Scoresكأس العالم 2022كرة قدم
الأكثر تداولًا

ديكتاتور دموي ويد مارادونا – قصة الأرجنتين مع كأس العالم وتتويجين مشبوهين!

يأخذك 365Scores في جولة خفيفة بين حكايات وقصص كأس العالم عبر العصور، لاستكشاف كواليس منسيّة وأحداث كانت سببًا في جعل كأس العالم هو البطولة الأضخم بين مختلف البطولات المعترف بها الآن، والبطولة الوحيدة التي تشهد صمت العالم بأثره للالتفاف حول بؤرة ما تنير في إحدى بقاع الأرض كل 4 أعوام فقط.

وخلال هذه الجولة، سنقفز بين أحداث كأس العالم نسخة 1978، التي استضافتها دولة الأرجنتين على أرضيها، وتوّج منتخب التانجو بلقبه الأول حينها.

يد مارادونا قادت الأرجنتين نحو لقب كأس العالم 1986

ورغم أن الجميع ينظر إلى لقب منتخب الأرجنتين في كأس العالم 1986 على أنه انتصار مشبوه يُثار حوله الشكوك بسبب هدف ” يد الرب ” الذي سجله مارادونا في ربع نهائي المونديال، في شباك إنجلترا.

يد مارادونا التي جاء منها الهدف الأول لمنتخب التانجو في ربع نهائي مونديال 1986، في شباك إنجلترا وضعت الأرجنتين في نصف النهائي لمواجهة بلجيكا، تلك المباراة التي أنتهت بفوز أصدقاء مارادونا بهدفين نظيفين ليتأهلا للمباراة النهائية.

وفي نهائي كأس العالم 1986، اصطدم ألبيسيليستي بمنتخب ألمانيا الغربية، في مباراة كانت ستنقلب فيها الموازين في وقتها القاتل بعدما عادل المانشافت النتيجة لتصبح 2-2 في الدقيقة 80.

لكن خورخي بوروتشاجا، نجم منتخب الأرجنتين كان له كلمة أخيرة، لينجح في إحراز الهدف الثالث وخطف لقب البطولة الأغلى في العالم في النهاية.

لكن يبدو أن هذه السابقة لم تكن الأولى من نوعها في تاريخ الأرجنتين، حيث كان كأس العالم نسخة 1978 تحوم حوله الشبهات أكثر من تلك النسخة!

ديكتاتور قاتل وقصة مظلمة وراء فوز الأرجنتين بلقب كأس العالم 1978

جاءت نهائيات كأس العالم 1978 إلى أمريكا الجنوبية في وقت كان فيه آلاف الأشخاص في الأرجنتين يعانون من الاختفاء القسري على يد الرئيس الديكتاتوري ( خورخي فيديلا ).

حيث لم تتمكن بطولة كأس العالم في تلك النسخة من الانفصال عن الإطار السياسي المظلم، فقد لُعبت مباريات البطولة وسط أسوأ ديكتاتورية خضعت لها دولة في أمريكا الجنوبية.

ومن أكثر الأمور التي دلّت على ذلك؛ وجود أحد أكثر مراكز الاعتقال السرية وأشدها دموية في كلية الميكانيكا التابعة للأسطول الأرجنتيني على بُعد أمتار من ملعب “المونومنتال” أو ملعب ريفر بليت الذي احتضن عدد كبير من مباريات كأس العالم نسخة 1978، إلى جانب المباراة النهائية!

فلاش باك.. ماذا حدث في الأرجنتين قبل استضافة كأس العالم 1978

في البداية، كان قرار منح الأرجنتين ملف تنظيم كأس العالم 1978، هو لمحة سريعة عن حالة عدم الاستقرار التي أصابت عالم كرة القدم خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث أتخذ قرار تسليم الأرجنتين واجبات استضافة البطولة من قِبل الفيفا في يوليو 1966، وبعد أسبوع واحد من الانقلاب الذي قاده الجنرال ( خوان كارلو أونغانيا )

هذا الانقلاب الحاصل في الأرجنتين في يوليو 1966، أطاح بالحكم الديمقراطي لـ(أرتورو إيليا)، ومنذ ذلك الحين، بدأت الاستعداد لمونديال 1978 عن طريق القمع والمعارضة الشعبية للديكتاتورية العسكرية التي قادتها الماركسية وجماعات ( مونتونيرو) البيرونية.

لكن نظام الديمقراطية عاد مُجددًا في نهاية المطاف عام 1973، مع عودة (خوان دومينغو بيرون) الذي انتخب رئيسًا في العام التالي مباشرة، بعد خروجه من المنفى الذي دام لـ 20 عامًا، لكنه عاد من المنفى عجوزًا وفي حالة سيئة وتوفى بعد عام واحد فقط.

وقبل وفاته سلّم الرئاسة إلى نائبه وزوجته الثالثة إيزابيل، ليستمر الصراع في تمزيق البلاد مُجددًا، ما أدى إلى انقلاب آخر عام 1976، والذي قاده هذه المرة ( خورخي رافائيل فيديلا ). لتصبح هذه هي المرة السادسة التي يسيطر فيها الجيش على السلطة في القرن الـ 20، لكن هذه المرة حدثت تجاوزات مختلفة عن كل الديكتاتوريات السابقة في إراقة الدماء ومقاومة المعارضة.

وتقدر جماعات حقوق الإنسان أن قرابة 30 ألف شخص اختفوا خلال الفترة التي سبقت إقامة كأس العالم 1978 وحتى عام 1983، حتى سقط هذا النظام نهائيًا.

في تلك الفترة، كان يُنظر إلى بطولة كأس العالم على أنها الطريقة المثالية لتلميع صورة الديكتاتورية في مواجهة إتهامات التعذيب والقتل والاختفاء القسري التي بدأت تظهر في الصحف العالمية، مع اقتراب موعد انطلاق المونديال!

وصف الكاتب المعروف ( غوستافو كامبانا ) في أحد كتبه عن تلك الفترة، أن ( خورخي فيديلا ) أتخذ العديد من الخطوات للتأكد من أن العرض سينطلق دون أي عوائق.

وامتدت تلك الخطوات إلى جانب اللعب، فتحكم ( فيديلا ) في اللاعبين الذين سيمثلون منتخب الأرجنتين في بطولة كأس العالم، فطالب مدرب التانغو وقتها ( سيزار لويس مينوتي ) باختيار قائمة من 66 لاعبًا من كبار اللاعبين، وقام بمنعهم من قبول أي عروض إلى الخارج في ذلك الوقت.

فيما بعد قام خورخي فيديلا بتنظيف الشوارع بنفسه، وأخذ كافة السكان المتواجدة في منازل قريبة من ملعب ( مونومينتال ) وحزم حقائبهم ووضعهم في مستوطنات خارج المدينة وظلوا هناك طوال فترة إقامة البطولة.

موقف منتخبات مونديال 1978 مما يحدث في الأرجنتين!

الأحداث التي شهدتها الأرجنتين وتم نقلها في الصحف العالمية، وصلت بطبيعة الحال إلى المنتخبات المشاركة في مونديال 78، وأثار هذا المشهد الاستياء الشديد في عدد من الدول الأوروبية التي طالبت بدورها بمقاطعة المونديال لمناهضة تلك الديكتاتورية الوحشية هناك.

ففي هولندا؛ طالب الحزب العمالي المنتخب الوطني بعدم الاشتراك في البطولة، لكن الحكومة نفسها اعتبرت أن المقاطعة لن تغير من انتهاك حقوق الإنسان في الأرجنتين، وقالت بأنه لا بد من استغلال البطولة لتعريف الآخرين بما يحدث هناك بالضبط.

في السياق نفسه، طالبت منظمات تدافع عن حقوق الإنسان في أوروبا، بضرورة نقل كأس العالم ليقام في البرازيل.

وفي النهاية، وافق منتخب هولندا على المشاركة في البطولة، لكن هذه المشاركة حدثت بدون ( يوهان كرويف ) أسطورة الطواحين الهولندية، وأحد أفضل اللاعبين في حقبة السبعينات، بعد رفضه رفقة عدد من لاعبي هولندا المشاركة في البطولة.

ووفقًا لتقرير أعده موقع “جول” العالمي، فإن السبب الحقيقي وراء عدم مشاركة “يوهان كرويف” مع الطواحين، يتجسد في إنه تعرض لمحاولة اختطاف فاشلة في العام السابق لكأس العالم 1978، كانت السبب في إتخاذه قرار بعدم السفر إلى الأرجنتين.

حيث قال كرويف، في تصريحات لـ”راديو كتالونيا” عام 2008: ” هناك رجل وضع بندقية على رأسي، وتم تقييدي رفقة زوجتي وأطفالي داخل منزلي في برشلونة، لكي تلعب في كأس العالم، يجب أن تكون جاهز بنسبة 200%، هناك لحظات توجد فيها قيم أخرى في هذه الحياة “.

أما منتخب ألمانيا، فقد وقع الحارس ( سيب ماير ) على طلب بمنظمة العفو الدولية لصالح المعتقلين السياسيين في الأرجنتين.

موقف فرنسا كاد أن يتسبب في اختطاف مدربه

وفي فرنسا، قالت صحيفة “لوماتان” إنّ عالم كرة القدم سيتشرف إذا رفض منتخب فرنسا اللعب في الأرجنتين وسط معسكرات الاعتقال وغرف التعذيب، وإن المجلس العسكري بالأرجنتين لا يستحق استضافة بطولة كأس العالم “.

وطالب نائب اشتراكي في فرنسا يُدعى ( ليونيل غوسيان )، -سيصبح فيما بعد رئيسًا لوزراء فرنسا- بضرورة نقل البطولة إلى دولة أخرى، أو استغلال هذا الحدث لشجب عنف النظام العسكري الأرجنتيني إذا فشل أمر نقل المونديال.

تسبب موقف فرنسا تحديدًا في قيام نظام ( خورخي فيديلا ) الديكتاتوري، بخطف مدرب منتخب فرنسا نفسه ( ميشيل هيدالغو )، حيث حاول 4 أشخاص يتبعون تنظيمًا يزعم أن طابعه إنساني غير عنيف، اختطافه أثناء تجوله بسيارته قرب بوردو في فرنسا.

لكن المدرب تمكّن من الفرار وخرج سليمًا من تللك الحادثة، لكن فيما بعد أرسل مرتكبو محاولة الاختطاف الفاشلة الذين عُرفوا بإسم “اليسار البروليتاري”؛ خطابًا إلى وسائل الإعلام قالوا فيه إن هدفهم كان بمثابة ورقة ضغط على الحكومة الديكتاتورية في الأرجنتين، من أجل إطلاق سراح عدد من المواطنين الفرنسين المعتقلين بين أيدي الديكتاتور خورخي فيديلا.

وذكر الخاطفون أيضًا في خطابهم لوسائل الإعلام، أنهم فكروا في اختطاف نجم منتخب فرنسا، ميشيل بلاتيني، لكنهم اختاروا في النهاية اختطاف ( هيدالغو )، لأنه سبق وشارك في مظاهرات حقوقية عديدة ضد نظام خورخي فيديلا الديكتاتوري في الأرجنتين.

وفي واقعة تهريب أخرى، يقول ” لوثيانو بيرنيكي” في كتابه الشهير “أغرب الحكايات في تاريخ المونديال”، أن قبل أسابيع من انطلاق بطولة كأس العالم 1978، انفجرت سيارة مفخخة بمحطة مسرح “سان مارتين” في وسط مدينة “بوينوس آيرس” في الأرجنتين.

ليتسبب هذا الهجوم في حالة من الذعر بين الصحفيين قبل سفرهم إلى هناك لتغطية مباريات المونديال، خاصة وأن المكان الذي وقع فيه الانفجار، يوجد بجواره مباشرة المركز الإعلامي لصحفيي البطولة العالمية.

تدخلات خورخي فيديلا في مباريات كأس العالم 1978 جعل فوز الأرجنتين باللقب مشبوهًا

انتهت مباريات كأس العالم 1978 بالشكل الذي حلم به “خورخي فيديلا” وأعوانه بالضبط، لكن وصول منتخب الألبيسيليستي إلى المباراة النهائية في البطولة، واجه تحديًا هائلًا، وخلق بدوره واحدًا من أكثر الخلافات احتدامًا في تلك المسابقة، والذي اشعل نار الخلاف بين الأرجنتين والبرازيل.

منتخب الألبيسيليستي، كان يحتاج للتغلب على منتخب بيرو بأربعة أهداف أو أكثر في مباراتهما الأخيرة في دور المجموعات، من أجل خطف بطاقة التأهل للأداوار النهائية من منتخب البرازيل.

في البداية، من المعروف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” يُقيم مباريات الجولة الأخيرة في نفس الموعد، لكن “خورخي فيديلا” تدخل في هذا الأمر، ليضطر فيفا لتعديل موعد مباراة البرازيل وبولندا لتقام في الساعة 16:45 بتوقيت الأرجنتين، فيما بدأت مباراة الأرجنتين وبيرو في تمام الساعة 19:15، هذا الامر أثار غضب بعثة البرازيل التي تقدمت بشكوى أمام فيفا، لكن تم تجاهلها ورفض الشكوى!

خورخي فيديلا أراد إقامة المباراتين في مواعيد مختلفة، كي يتمكن منتخب التانغو من معرفة نتيجة مباراة البرازيل ضد بولندا التي انتهت بفوز السامبا بنتيجة 3-0، لذا أصبح عرف لاعبو التانغو أن عليهم الفوز بنتيجة 4-0 لا بديل عن هذا الأمر كي يضمن التأهل!

الغريب أن الأرجنتين فازت في المباراة بنتيجة 6-0 وتأهلت بدلًا من البرازيل، لكن جميع الروايات اجتمعت على أن إنجاز منتخب التانجو في تلك المباراة تحديدًا أثار حوله الشكوك والشبهات، حيث أكد الكثيرين أن هناك تدخل آخر لـ”فيديلا” غير الطلب الذي قدمه أمام فيفا لفصل موعد المباراتين!

حيث تم الكشف عن صورة يظهر فيها الديكتاتور ” خورخي فيديلا ” في غرفة ملابس منتخب بيرو قبل انطلاق المباراة، زادت من مدى صحة تلك الرواية، حيث يُقال أن الديكتاتور الأرجنتيني هدد منتخب بيرو، وطالبهم بالخسارة أمام التانجو ليتأهل منتخب بلاده، ثم عرض عليهم الأموال من أجل تنفيذ طلبه، وهدده إذا لم يحدث ما يريد سيلجأ إلى طرق أخرى.

ويتفق مع تلك الرواية “خوان كارلوس أوبليتاس” لاعب منتخب بيرو السابق، والذي أكد في تصريحات مع ” El Comercio “، على وجود خورخي فيديلا في غرفة ملابس بيرو للتهديد.

فقال خوان كارلوس أوبليتاس لـ ” El Comercio “: ” كان وجوده في غرفة الملابس فظيعًا، توقف بعض اللاعبين الأصغر سنًا عن التغيير للاستماع إليه من شدة الترهيب “.

فيما قال زميله في منتخب بيرو “هيكتور تشومبيتاز” في تصريحات لـ ” El Comercio ” أيضًا، عن هذا الحدث عام 1988: ” لقد وقف أمامنا وألقى كلمة حول المباراة، وتحدث بالفعل في الرواية المثارة حول تلك الحادثة، ثم تمنى لنا التوفيق، كان فيديلا بالفعل مخيفًا “.

جميعها روايات قد تؤكد أن منتخب بيرو تم تهديده قبل المباراة من أجل الهزيمة أمام الأرجنتين في هذا الحدث الجلل، أو قد تم تقديم رشوى لهم من قِبل المجلس العسكري في ذلك اليوم، لا أحد يستطيع التأكيد إلى يومنا هذا.

هناك رواية ثانية، تقول أن حارس منتخب بيرو ” رامون كيروغا ” قد وُلد بالأصل في الأرجنتين، أي لديه أصول أرجنتينية، لذا لم يبذل كثيرًا من الجهد في محاولة إيقاف لاعبي التانجو الساعيين إلى التهديف في مرماه.

أداء “رامون كيروغا” كان مشكوك فيه بشكل أكثر من رواية اقتحام خورخي فيديلا غرفة ملابس منتخب بيرو لتهديدهم، خاصة وأن هذا الحارس كان يقدم أداء مبهر مع فريقه “سبورتنج كريستال” في مسابقة الدوري في بيرو،

حتى وأن عدد من زملائه في منتخب بيرو أكدوا في روايات متنوعة “بدون ذكر أسمائهم” للصحف العالمية، بأن رامون كيروغا تلقى رشوة من خورخي فيديلا ليظهر بهذا الأداء السيء، فيما وصفونها بـ”صفقة من تحت الطاولة”.

على الجانب الآخر، وفي النهاية لم تكن كل مكائد “خورخي فيديلا” ومجد كأس العالم كافيين، فقد أطيح بالديكتاتوري في صراع داخلي على السلطة عام 1981.

وتوفى الديكتاتوري خورخي فيديلا في السجن عام 2013، بعد إدانته بعدة تهم بالخطف والقتل وجرائم أخرى ضد الإنسانية لا توصف.

سارة علي

صحفية من مصر، بدأت العمل الصحفي منذ 2012، لديها خبرة لأكثر من 5 سنوات في 365Scores، تهتم بكتابة القصص الصحفية والتحقيقات والحوارات، ومهتمة بأخبار الدوريات حول العالم وبترجمة الأخبار العالمية ومتابعة أحداثها أول بأول، وتنسيق موضوعات خاصة باللاعبين الكبار وأهم ما يدور عنهم من أحداث مميزة ومختلفة.

5515 مقال

المقالات المتعلقة