خناقة قبل المغرب – ألقاب الوداد قبل الاستقلال وتاريخ تأسيس الرجاء

تُعتبر أندية كرة القدم أحد ركائز الهوية الوطنية في العديد من البلدان، والمغرب ليس استثناءً في ذلك، ومن بين الأندية المغربية العريقة التي تحظى بشعبية كبيرة، نجد الغريمين التقليديين الوداد الرياضي والرجاء الرياضي.

ويُعتبر الوداد الرياضي من أعرق وأقدم الأندية المغربية، ولكنه دائمًا ما يوضع في قلب نقاش تاريخي يتعلق بعدد ألقابه في فترة الحماية الفرنسية، حيث توجد اختلافات كبيرة بين المؤرخين والمهتمين بالرياضة حول هذا الموضوع.

أما الرجاء الرياضي، فبدوره، يُعتبر من أعرق وأكبر الأندية في المملكة، ولكن تاريخ تأسيسه الذي يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من الرياضة المغربية، تشوبه العديد من الغموض والمغالطات التي أثارت جدلًا واسعًا على مر السنين بين الجماهير والمهتمين بتاريخ الرياضة في المغرب.

في هذه السلسلة، نضع اثنين من أكبر الأندية المغربية في مواجهة مباشرة، نحلل الحقائق، نستعرض التاريخ، ونترك لكم الحكم في النهاية، هل أنتم مستعدون لإثارة الجدل في “خناقة قبل المغرب“.

ألقاب الوداد قبل الاستقلال.. بين الشرعية والمشروعية:

في الحقيقة، فإن الجدل الدائر حول عدد ألقاب الوداد قبل الاستقلال ينشأ من صعوبة التوثيق الدقيق في تلك الفترة التاريخية، التي كانت فيها الحياة الرياضية في المغرب محدودة، وكانت البطولات الرسمية قليلة مقارنةً بالعصر الحديث.

ومع ذلك، هناك من يزعم أن الوداد فاز بعدد من الألقاب المحلية في البطولات غير الرسمية التي كانت تقام بشكل غير منتظم، فيما يرى آخرون أن الألقاب التي حققها النادي الأحمر في عهد الاستعمار، تُعتبر غير رسمية.

ويرتبط هذا الجدل بوجود تباين واضح في المصادر التاريخية المتعلقة بالنادي، فالفريق الأحمر فاز بألقاب عدة قبل الاستقلال، في حين أن مؤرخين آخرين يرون أن تلك الألقاب غير موثقة بشكلٍ رسمي، وبالتالي لا يمكن اعتبارها إنجازًا رياضيًا يتماشى مع المعايير الحديثة.

ورغم أن الوداد الرياضي فاز بـ22 لقبًا في الدوري المغربي، إلا أن 5 منها جاءت في فترة الاستعمار، أي قبل تأسيس الجامعة الملكية لكرة القدم والتي بدأت تسهر على تنظيم المسابقات الوطنية منذ 1955.

ورغم أن الجامعة الملكية لكرة لقدم والاتحاد الدولي لكرة القدم، يعترفان بأن الألقاب التي حصل عليها الوداد قبل الاستعمار، تُعتبر رسمية، إلان قطاعًا عريضًا من الفعاليات الرياضية المغربية، ترفض هذا الاعتراف، وتعتبر تلك الألقاب غير مشروعة.

ومن المعروف أن الدوري المغربي انطلق بشكل رسمي، سنة 1915، تحت اسم عصبة المغرب لكرة القدم، حيث توِّج النادي الرياضي المغربي بالنسخة الأولى لموسم 1915/1916، وقد كانت تحت إشراف بطولة الرابطة المغربية لكرة القدم.

وهيمن الوداد على الدوري المغربي قبل الاستقلال، حيث حصد 5 ألقاب، متتالية في الفترة من 1947 إلى 1955، ووقتها كانت البطولة الوطنية تضم بعض الأندية الفرنسية، وقد كان النادي الأحمر يُقاوم الاستعمار بسلاح كرة القدم.

ولكن البطولة الاحترافية بمسماها الحديث، انطلقت رسميًا في سنة 1956 تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم معوضةً بطولة الرابطة المغربية لكرة القدم، وقد نجح الوداد وقتها في التتويج بأول نسخة (اللقب السادس في المجموع).

ورغم اعتراف الجامعة الملكية لكرة القدم، بألقاب الوداد قبل الاستقلال، إلا أن الحقيقة تبقى غامضة إلى حد كبير بسبب عدم وجود سجل رسمي يُؤكد ذلك.

تاريخ تأسيس الرجاء.. غموض ومغالطات كبيرة:

إذا كانت جماهير الوداد تتباهى بألقاب قبل الاستقلال، وتعتبرها رسمية وموثقة، فإن الغريم التقليدي الرجاء الرياضي، لا يزال يُكافح من أجل توثيق تاريخ تأسيسه، حيث يعتبره البعض فريقًا ليس له تاريخًا محددًا لخروجه إلى النور.

ورغم ذلك، فإن الرجاء يحتفل بذكرى تأسيسه في 20 مارس من كل عام، إلا أن جماهير الوداد وبقية أندية الدوري المغربي، تشكك في هذا التاريخ، معتبرةً إياه، مجرد خيار توافقي بين مسؤولي الرجاء، لإخفاء جهلهم بتاريخ التأسيس الأصلي.

ورغم أن السجلات الرسمية تؤكد أن الرجاء تأسس بتاريخ 20 مارس عام 1949 من طرف نقابيين مغاربة في حي درب السلطان، إلا أن الجدل حول دقة هذا التاريخ لا يزال قائمًا.

وتتعدد الروايات حول تاريخ تأسيس الرجاء الرياضي، حيث يُشير البعض إلى أن تأسيس النادي كان نتيجة لاندماج مجموعة من الشباب الرياضيين الذين كانوا يطمحون لتأسيس نادٍ يمثلهم.

ولكن وفقًا لبعض المؤرخين، فقد كان أول اجتماع لتأسيس الرجاء قد تم في صيف عام 1949، بينما تشير روايات أخرى إلى أن هناك محاولات لتأسيسه في وقت سابق.

وبحسب الراويات التاريخية الموثوقة، فقد تأسس الرجاء في ظروف صعبة، حيث تأخر حصوله على الترخيص الرسمي مما أدى إلى تأخر مشاركته في أول مباراة حتى سنة 1950.

ورغم أن الرجاء لم يُشارك في الدوري المغربي، قبل الاستقلال، إلا أن الفريق وقتها كان يلعب في الأقسام الدنيا، كما شارك في كأس شمال إفريقيا، وواجه فرقًا تلعب في القسم الأول.

ويرجع السبب في هذا الجدل، إلى وجود بعض المغالطات في توثيق تاريخ كرة القدم المغربي خلال فترة الاستعمار، حيث كانت الأندية وقتها تتعرض لضغوطات كبيرة بسبب الحماية الفرنسية.

وهناك سبب آخر، وهو أن الرجاء عاش السنوات الأولى من تأسيسه دون أرشفة نشاطاته، مما جعل تاريخ خروجه للنور غير معروف بالتحديد.