أخبارالمغربتقارير ومقالات خاصةقصص 365Scoresكأس أمم إفريقياكرة قدم
الأكثر تداولًا

حكايات من كأس أمم إفريقيا.. منتخب المغرب وقصة أبطال الكان الذين نجوا من الموت

من يصدق أن منتخب مثل المغرب لا يملك في تاريخه سوى لقب وحيد من بطولة كأس أمم إفريقيا، تلك التي حصدها عام 1976، ولكن حتى هذا اللقب لم يحصده أسود الأطلس بسهولة بل كان له قصة ومعاناة كبيرة.

وسنتحدث في حكاية اليوم من سلسلة “حكايات من كأس أمم إفريقيا” عبر 365Scores ، قصة اللقب الوحيد من الكان الذي حصده منتخب المغرب طوال تاريخه، ومعاناته لحصد هذه النسخة.

استعدادات قاسية لـ كأس أمم إفريقيا 

قبل بطولة كأس أمم إفريقيا 1976 في إثيوبيا، كان الروماني جورج مارداريسكو هو مدرب منتخب المغرب، والذي أحدث تغييرا كبيرا في الكرة المغربية بشكل عام، فقد قرر قبل انطلاق البطولة بفترة كبيرة بل وقبل التصفيات، استدعاء 60 لاعبا للانضمام إلى معسكر المنتخب، من مختلف الأندية المحلية في البلاد والمحترفين أيضا.

وتدرب الـ 60 لاعبا لفترة وكانت فترة تدريبات بدنية شاقة وخاضوا مباريات ودية، ليقرر مارداريسكو اختيار 30 لاعبا لقائمة المغرب النهائية للبطولة ورأى أنهم هم الأفضل من وجهة نظره، ولكن لم ينتهي الأمر هنا، بل كان اللاعبون الذين تم اختيارهم وبالتحديد المحليون يتواجدون في معسكر أسبوعي مغلق مع المنتخب وخاضوا مباريات ودية، وكانوا لا يذهبون إلى أنديتهم إلا قبل المباراة المحلية بيوم واحد فقط، والجميع كان مرحب بالأمر.

وخاض المنتخب المغربي خلال فترة الاستعدادات هذه عدة مباريات ودية ضد فرق ومنتخبات قوية أبرزها، مانشستر سيتي وستوك سيتي وأندرلخت وليون، وحقق أسود الأطلس نتائج إيجابية خلال كل تلك المباريات ولم يخسروا سوى لقاء وحيد.

وبالرغم من النتائج الإيجابية التي حققها منتخب المغرب في التصفيات المؤهلة إلى كأس أمم إفريقيا 1976، إلا أنه عانى أيضا في طريقه للتأهل إلى البطولة، وتمثلت معاناته في إصابة العديد من اللاعبين وعلى رأسهم أحمد فرس أسطورة الكرة المغربية التاريخي، ولكن في النهاية تمكن أسود الأطلس من خطف بطاقة التأهل وحجز مقعدا على الطائرة المتجه إلى إثيوبيا لخوض منافسات الكان.

نظام مختلف وحادث طائرة وهدف قاتل

وبعدما حجز منتخب المغرب مقعدا في كأس أمم إفريقيا 1976 واصطدم بعد ذلك هو وكل المنتخبات المشاركة بنظام هذه النسخة، حيث شارك في البطولة 8 منتخبات، وقسمت إلى مجموعتين يتأهل أول وثاني كل مجموعة إلى الدور النهائي، والذي يلعب على شكل مجموعة ويفوز بالبطولة المنتخب الذي يحتل المركز الأول فيها جامعا أكبر عدد من النقاط.

وبالطبع تواجد في البطولة منتخبات قوية مثل مصر ونيجيريا والكونغو الديمقراطية وغينيا، لذلك استعدت المغرب بقوة للمنافسة حيث دخل المنتخب معسكرا مغلقا في مصر لمدة 4 أيام، ثم توجه إلى السعودية لخوض مباراة ودية أخيرة ضد المنتخب السعودي وفاز فيها بنتيجة 2-1، وجاء موعد السفر إلى إثيوبيا لخوض منافسات الكان.

واستغرقت رحلة سفر بعثة المغرب من السعودية إلى إثيوبيا 40 ساعة، وقضت البعثة رحلة طيران شاقة للغاية وتوقفوا في العاصمة أديس أبابا التي كانت تعيش حالة طوارئ عسكرية، ومنها إلى مدينة دير داوا والتي تبعد عنها بـ 700 كم على متن طائرة عسكرية كانت مرعبة بالنسبة إلى اللاعبين على حد وصفهم آنذاك.

واستمر الظروف الصعبة تطارد المغرب في إثيوبيا، فقد تواجدت في المجموعة الثانية بكأس أمم إفريقيا 76، رفقة كل من السودان ونيجيريا والكونغو الديمقراطية “زائير”، وتواجدت بعثات المنتخبات الأربعة في فندق واحد فقط، وسط حظر تجوال في المدينة المقيمين بها من الخامسة مساء، وظروف قاسية وصلت إلى أنهم كانوا يتدربون في معمل للأسمنت وتحت حماية عسكرية.

ولكن مع انطلاق البطولة سارت الأمور على ما يرام مع المغرب، وتأهل كأول مجموعته برصيد 5 نقاط من 3 مباريات خاضها في البطولة فاز في مباراتين وتعادل في واحدة، وسجل 6 أهداف واستقبلت شباكه 3 أهداف، ليتواجد في المجموعة النهائية رفقة كل من غينيا ونيجيريا ومصر.

وعقب التأهل كان يجب على منتخب المغرب السفر مرة أخرى إلى العاصمة أديس أبابا التي كانت ستلعب بها المباريات، وبالطبع اتجهت البعثة إلى هناك على متن طائرة عسكرية مرة أخرى، ولكن هنا حدثت الكارثة التي كادت أن تقلب الأمور.

عقب دقائق قليلة من إقلاع الطائرة تفاجئ الجميع بنيران تخرج من المحرك الأيمن، وسط حالة صمت وذهول من جانب كل المتواجدين على متن الطائرة، ولكن سرعان ما سيطر قائد الطائرة على الأمر وتمكن من العودة إلى المطار مرة أخرى والهبوط دون أي خسائر.

وفور هبوط الطائرة إلى المطار مرة أخرى ظهرت حالة احتجاج كبيرة من لاعبي المغرب والبعثة بأكملها، فقد اتفقوا جميعا أنهم لن يستكملوا البطولة وسيعودون إلى بلادهم، وقضوا الليلة بأكملها في المطار لمحاولة حل هذه الأزمة، وفي النهاية استقروا على أنهم سيسافرون إلى أديس أبابا في صباح اليوم التالي.

وفي نفس الليلة وصلتهم رسالة من الحسن الثاني بن محمد ملك المغرب آنذاك عن طرق سفير البلاد في إثيوبيا، يؤكد لهم فيها أنهم أصبحوا جنودا وليس فقط لاعبي كرة قدم وعليهم تحويل هذه البطولة إلى ملحمة ويعودوا باللقب، وهو ما رفع معنوياتهم وإصرارهم بشكل كبير على استكمال البطولة وتحقيق الحلم.

وبالفعل سافرت بعثة المنتخب المغربي إلى أديس أبابا في اليوم التالي، وبدأت منافسات المرحلة النهائية من كأس أمم إفريقيا 1976، وفازوا في أول مباراة ضد مصر 2-1، ثم انتصروا على نيجيريا بنفس النتيجة، وجاء موعد المباراة الأخيرة أمام غينيا.

كان منتخب غينيا هو المنافس المباشر بالنسبة إلى المغرب فقد دخل كلاهما المباراة الأخيرة بينهما وأسود الأطلس في الصدارة بـ 6 نقاط وتليها مباشرة بـ 4 نقاط، أما نيجيريا كانت تملك نقطة وحيدة ومصر بدون نقاط.

وبالتالي الفائز من مباراة المغرب ضد غينيا، هو من سيتوج باللقب وبالتالي الطرفان دخلا اللقاء بشراسة كبيرة جدا، وسجل المنتخب الغيني هدفه الأول في الدقيقة 33 عن طريق شريف سليمان، وبمرور الوقت تفاجئ أسود الأطلس بطرد مدافعهم عبد الله السماط.

وظل الوقت يمر وحتى الآن غينيا هو بطل النسخة بتقدمه بهدف على المغرب، ليتفاجئ الجميع في الدقيقة 86 باللاعب أحمد مكروح “بابا” جاء منطلقا وتلقى تمريرة من أحمد فرس تسلمها وصوب تصويبة قوية من خارج منطقة الجزاء وسكنت الشباك معلنة عن هدف التعادل لأسود الأطلس.

وانتهت المباراة بالتعادل الإيجابي وتتويج منتخب المغرب باللقب الأول في تاريخه من بطولة كأس أمم إفريقيا، وظلت تصويبة مكروح هذه محفورة في أذهان جميع مشجعي وعاشقي المنتخب المغربي طوال التاريخ، وحصل أحمد فرس على جائزة أفضل لاعب في البطولة أيضا، وساهم هذا الجيل الذي نجى من الموت وواجه صعوبات عديدة في كتابة التاريخ مع أسود الأطلس، وحتى الآن هم أصحاب اللقب الوحيد في تاريخ البلاد.

هل يحصد منتخب المغرب كأس أمم إفريقيا 2023؟

ومثلما نعلم جميعا لم يحصد منتخب المغرب اللقب مرة أخرى طوال تاريخه حتى يومنا هذا، ولكنه الآن يخوض تحدٍ جديد في بطولة كأس أمم إفريقيا 2023 المقامة حاليا في كوت ديفوار، ويتواجد أسود الأطلس في المجموعة السادسة رفقة الكونغو الديمقراطية وزامبيا وتنزانيا، فهل سيتمكن الجيل الحالي من إضافة اللقب الثاني لبلادهم؟

حسام مجدي

صحفي رياضي مصري مواليد 1999، بدأ العمل في المجال الصحفي عام 2017، مهتم بتغطية الأحداث العالمية والعربية، ومهتم بالقصص التاريخية عن كرة القدم، بجانب إجراء حوارات صحفية مع العديد من نجوم وأساطير اللعبة، بجانب تغطية الأخبار المحلية في مصر، والعمل في إعداد البرامج الرياضية.

3185 مقال