حاكم إسبانيا وقصة رفض انتقال أسطورة ريال مدريد إلى برشلونة
الصفقات بين الأندية وخاصة المتنافسين سويًا أمثال ريال مدريد وبرشلونة، أو الأهلي والزمالك، أو ميلان وإنتر وغيرهم، في الغالب ما تفسد بسبب تلاعب من وكلاء اللاعبين أو مسؤولين الأندية ليخطف أحدهم صفقة من غريمه، ولكن ليست عن طريق حاكم دولة بنفسه.
وبالحديث عن ريال مدريد وبرشلونة بشكل خاص ومبارتهما التي تعرف بكلاسيكو الأرض، ولكن تاريخيًا الكلاسيكو والمنافسة بين قطبي إسبانيا ليس داخل الملعب فقط بل خارجه أيضا.
ونحن الآن على بُعد ساعات قليلة من كلاسيكو جديد بين ريال مدريد ضد برشلونة، يوم الأحد 12 يناير 2025، ضمن منافسات الدور النهائي من بطولة كأس السوبر الإسباني.
حاكم إسبانيا يمنع دي ستيفانو من الانتقال إلى برشلونة
بالطبع الجميع يعرف الأرجنتيني ألفريدو دي ستيفانو أسطورة نادي ريال مدريد السابق، والأغلبية العظمى تعرف تاريخه وبطولاته الخالدة، ولكن عدد كبير لا يعرف أن هذه الإنجازات كانت ستحقق مع برشلونة وليس الميرينجي.
انتقال دي ستيفانو إلى أحد قطبي الدوري الإسباني لديه قصتين وليست واحدة، وكلاهما يرتبط بهما فرانثيسكو فرانكو حاكم إسبانيا السابق وتحيزه إلى فريق على حساب الآخر.
فرانكو أو الديكتاتور فرانكو كما يلقبه البعض هو أحد قادة انقلاب سنة 1936 للإطاحة بالجمهورية الإسبانية الثانية التي أدت إلى الحرب الأهلية الإسبانية، وبعد ذلك حكم إسبانيا حكما ديكتاتوريا بدءا من 1939 إلى 1975، ملقبا نفسه بالكوديو أو الزعيم.
إبان الحرب الأهلية الإسبانية تم اتهام فرانكو بالانحياز ضد كتالونيا لحساب مدريد في أكثر من مناسبة، سواء كانت بالتلاعب في نتائج مباريات أو صفقات وخلافه، وواحدة من هذه الصفقات أو أبرزها كانت لأسطورة الأرجنتين، والأمر يعود في ذلك إلى رفض الإقليم ومعه الباسك للخضوع لحكمه.
إحصائيات نجوم ريال مدريد
والقصة تبدأ عام 1952 عندما أظهر ريال مدريد وبرشلونة اهتمامهما بالتعاقد مع دي ستيفانو صاحب الـ 27 عامًا آنذاك، والذي انتقل وقتها إلى نادي ميلوناريوس الكولومبي هاربًا من الأرجنتين وناديه ريفر بليت بسبب المشاكل الداخلية.
ولأن نادي ميلوناريوس لم يكن معترفًا به من جانب الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” ظل ألفيردو معترفًا به كلاعبًا في صفوف ريفر بليت، وهو ما استغله برشلونة وذهب لينهي لصفقة مع ناديه الرسمي وبالفعل نجح في ضم اللاعب.
ولكن بعدما تعاقد برشلونة مع دي ستيفانو، أصدر الديكتاتور فرانكو قرارًا بعدم انضمام أي لاعب أجنبي “غير إسباني” إلى نادي برشلونة، ليرحل اللاعب وينضم إلى ريال مدريد.
وثائق تكشف تفاصيل صفقة دي ستيفانو
هذه هي الرواية الأولى ولكن هناك تقارير صحفية ظهرت بعد عدة سنوات تؤكد أن هذه الرواية ليست حقيقية، ولكن نادي ريال مدريد نجح في التحايل على القانون وضم دي ستيفانو، وأيضا تحالف مع القرار الديكتاتور فرانكو.
القصة الثانية أكدتها العديد من الصحف الإسبانية الكبرى مثل “سبورت” و”آس” و”موندو ديبورتيفو“، أن هناك وثائق خرجت من داخل نادي ريفر بليت تؤكد أن نادي برشلونة تعاقد مع دي ستيفانو بشكل قانوني وهو الذي لديه الحق في الصفقة، ولكن ريال مدريد هو من تحايل على القانون.
Ufff, ardidos y con barcelonitis extrema, han venido ya los de siempre a hacer el ridículo mintiendo para tratar de justificar lo injustificable. Los documentos de River Plate que SON UN HECHO, dejan claro que Di Stefano FUE ROBADO al Barça https://t.co/9cUmMWNRWK
— Míster Seitán (@CuentaMister) November 13, 2022
وتقول هذه الوثائق التي خرجت من مكاتب نادي ريفر بليت، أن دي ستيفانو كان يتواجد في ميلوناريوس على سبيل الإعارة حتى 15 أكتوبر 1954، وتواصل برشلونة مع النادي الأرجنتيني لضم اللاعب.
ومن بين أكثر من 30 صفحة من الوثائق التي تم العثور عليها، هناك اتفاقية موقعة من قبل رئيسي ريفر بليت إنريكي باردو، ورئيس برشلونة إنريك مارتي كاريتو، يؤكدون فيها أن دي ستيفانو سيصبح لاعبًا في برشلونة مقابل مليوني دولار بيزو “حوالي 87 ألف دولار، يُدفع النصف الأول نقدًا قبل 10 أغسطس، والنصف الآخر على ثلاث دفعات حتى نهاية عام 1954.
ولكن في نفس الوقت ذهب نادي ريال مدريد للتفاوض مع نادي ميلوناريوس بما أن اللاعب يلعب لصالحه، وطلب ضم اللاعب برسال موقعة من سانتياجو برنابيو رئيس النادي آنذاك.
وبالفعل تواصل النادي الكولومبي مع ريفر بليت ليبلغهم بتوصله إلى اتفاق مع ريال مدريد لشراء دي ستيفانو حتى عام 1954، ولكن رد الجانب الأرجنتيني بأنه أتم الاتفاق مع برشلونة.
ولكن أصر ريال مدريد وتمكن من توقيع اتفاق مع ريفر بليت في 31 يوليو ينص على أنه “إذا لم يكن ريفر بليت قد تلقى بحلول 11 أغسطس 1953 من برشلونة المبلغ المحدد (مع النادي الكاتالوني)، فإنه يتعهد بنقل ملكية اللاعب إلى ريال مدريد”.
والمفاجأة أن المبلغ المذكور من برشلونة وهو 900 ألف بيزو، تم سداده في 7 أغسطس، لذا فقد امتثل نادي برشلونة لشروط الاتفاقية وبالتالي كان لا بد من نقل اللاعب لهم، وهو ما حدث بالفعل.
وانضم دي ستيفانو بالفعل إلى برشلونة وخاض معهم بعض المباريات الودية، ولكن ريال مدريد لم يستسلم في القضية وأرسل خطابًا أخر إلى ريفر بليت يبلغه أنه لم يصله رد منهم على دفع نادي برشلونة للمبلغ وبالتالي يحق لهم ضم اللاعب.
Di Stefano y Kubala. Destinados a dominar toda una era futbolística en el Barça.
— Míster Seitán (@CuentaMister) November 11, 2022
No pudo ser, porque la dictadura de Francisco Franco, tenía otros planes. pic.twitter.com/DFYGMW47zA
ولكن رد ريفر بليت بأن برشلونة دفع المبلغ وحصل بالفعل على خدمات اللاعب، وتم إبلاغ الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم بالأمر، لتنشأ أزمة بين قطبي إسبانيا على دي ستيفانو، وظلت إلى أن تدخل فيفا في الأمر.
وتدخل الاتحاد الدولي لحل الامر وبعد مفاوضات عديدة قرر أن يلعب دي ستيفانو موسمين مع ريال مدريد ومثلهما مع برشلونة، ورحب كلاهما بالأمر ولكن بشكل مفاجئ قرر البارسا الإنسحاب وترك حصته في اللاعب إلى الميرينيجي مؤكدا أنه شعر بالإهانة من هذا القرار.
ووصفت العديد من المؤلفات التاريخية الإسبانية هذه الواقعة بـ “سرقة القرن” وأن برشلونة تعرض فيها للظلم خوفًا من أن يسيطر على كل البطولات، وحاول تعطيل ذلك الديكتاتور فرانكو لصالح ريال مدريد.
وانتهى الأمر وانتقل دي ستيفانو إلى ريال مدريد وكتب معهم التاريخ بالفعل مثلما كان متوقعًا وحصد معهم 15 لقبًا من بينهم دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني، بخلاف كرتان ذهبيتان، وأصبح أحد أساطير النادي الخالدة، وتولى تدريب الميرينجي بعد ذلك واسمه محفورًا إلى يومنا هذا في ذاكرة جميع المشجعين، ولكن هل كان ليحدث كل ذلك مع البارسا بدل من غريمه؟