ثنائيات تاريخية في كأس العالم.. فورلان وسواريز أعادا مجد أوروجواي المونديالي في 2010
يُقال أنّ العامل الحاسم في العلاقة بين اللاعبين داخل أرض الملعب هو التفاهم، وهو أمر يتوجّب توافره بين كل “ثنائي”.
ولطالما شهدت ملاعب كرة القدم بروز ظاهرة “الثنائيات” بشكل عام وفي كأس العالم بشكل خاص، ولا سيما في خط الهجوم، الذي يحتاج في الغالب تنسيقًا خاصًا وقدرة على الفهم السريع وردة الفعل، وهي ظاهرة لا تزال موجودة.
وتُعد واحدة من أجمل قصص كرة القدم على الإطلاق، هي التي يرتبط فيها ثنائي أو ربما ثلاثي داخل فريق واحد، يرتدون نفس القميص، ولديهم شغف لتحقيق نفس الحلم والهدف؛ يُقدمون لوحة فنية فريدة تجعل العالم أجمع -حين يُذكر اسم أحدهم- يدرك بأنه يجب أن يتبعه اسم آخر لا يفترق عنه أبدًا.
سلسلة “ثنائيات تاريخية في كأس العالم”، تُقدمها النسخة العربية من “365scores” بشكل أسبوعي، لأخذك في رحلة استثنائية بين ثنائية كونها لاعبين اشتهرت أكثر شيء بين نسخ كأس العالم المختلفة -ربما ستتعرف عليها للمرة الأولى- أو قد نُعيدها فقط إلى ذاكرتك.
طالع أيضًا
- ثنائيات تاريخية في كأس العالم.. رونالدو وريفالدو ثنائية لاتينية أبهرت العالم في مونديال 2002
- عندما قاد لاعب بيد مبتورة الأوروجواي للفوز بمونديال 1930
- أفضل لاعب في كأس العالم 1930
فورلان وسواريز يقودان أوروجواي للمجد
كأس العالم 2010، هي النسخة التاسعة عشرة للمونديال، وهي أول بطولة تقام في القارة الإفريقية، وتحديدًا في جنوب أفريقيا؛ إذ وقع الاختيار عليها بعد منافسة مع مصر والمغرب كي يصبح أحدهم أول بلد أفريقي يستضيِّف النهائيات.
أوروجواي بعد أنّ غابت عن نهائيات كأس العالم 2006 الذي أقيم في ألمانيا لعدم نجاحها في التصفيات، ومع العودة في 2010؛ كان لديها قائمة مدججة بالنجوم قادها المدرب الأسطوري، أوسكار واشنطن تاباريز.
وتواجدت أوروجواي في المجموعة الأولى بعد أنّ كان آخر تواجد لها في المونديال بكوريا واليابان 2002 بالمجموعة الأولى أيضًا رفقة الدنمارك والسنغال وفرنسا.
أوروجواي التي فازت باللقب في نسخته الأولى في 1930 الذي أقيم على أراضيها، ونسخته وفي 1950 والتي استضافتها البرازيل، على مدار مشاركاتها الـ12 الأخرى أفضل ما حققته كانت بلوغ دور ربع النهائي مرتين، ولكن في نسخة 2010 بدا أن فورلان ورفاقه استمدوا قوتهم من نجمتي المونديال اللذان يُزينان قميص السيليستي.
والمُلفت للنظر أنّ منتخب الأوروجواي تأهل بأعجوبة إلى نهائيات كأس العالم، وكان المدير الفني للمنتخب أوسكار تاباريز قد اشتكى في العديد من المناسبات من ضعف أداء لاعبيه، لكن المستوى الذي ظهروا به في جنوب أفريقيا أثبت العكس تمامًا.
وافتتحت أوروجواي مشواراها في مونديال 2010 بتعادل سلبي مع فرنسا، وصيف 2006، دون أهداف، لتتكرر نتيجة مباراتهما في دور مجموعات مونديال 2002.
ثم أمام المُضيف، انتصرت أوروجواي على جنوب إفريقيا بثلاثة أهداف دون رد، لتبدأ قصة أو ثنائية فورلان وسواريز في المونديال، حيث سجّل دييجو هدفان وصنع لويس الهدف الأول لدييجو والثالث الذي سجله بيريرا وسجّل حينها قائد السيليستي هدفه الثاني من ركلة جزاء والتي تسبب فيها سواريز بالفعل.
وعلى الرغم من أنّ البطولة لم تكن خالية من الجدل، بسبب كرة المسابقة “جابولاني” وآلة الفوفوزيلا والتي أثرت كثيرًا على اللاعبين في البطولة بسبب صخبّها وشدة ضوضائها.
ومع ذلك، بينما كان اللاعبون الآخرون يكافحون من أجل السيطرة على الكرة ذات الشكل الكروي، جعل فورلان ومعه سواريز الأمر يبدو وكأنه كان يلعب بها مُنذ الطفولة.
وأمام جنوب إفريقيا، سجّل فورلان هدفًا لا يُصدق ربما أسكت به فوفوزيلا بالفعل، حينما تسلم كرة في وسط الملعب ثم استدار دون أي رقابة وأطلق تسديدة من على بعد 30 ياردة تقريبًا، سكنت شباك أصحاب الأرض.
وبينما كان يحاول منتخب جنوب أفريقيا الضغط على الأوروجواي لتحقيق التعادل، استغل لاعبوه ضعف التمريرات وسوء تنظيم الهجمات لتنفيذ عدة هجمات مرتدة هددت مرمى جنوب أفريقيا أكثر من مرة.
وضغط بافانا بافانا على مرمى أوروجواي بدايةٍ من الدقيقة 73 بشكل أراح جماهير جنوب أفريقيا وأعطى أملاً في تغيير النتيجة لصالحها، لكن عرقلة حارس مرماها كوني لـ سواريز في الدقيقة 83 واعتراضه مع ذلك على قرار الحكم تسبب في طرده واحتساب ضربة جزاء لصالح للسيلسيتي أحرز منها فورلان الهدف الثاني له ولمنتخبه.
وفي المباراة الختامية ضد المكسيك، حصدت أوروجواي النقاط الثلاث بالانتصار بهدف نظيف حمل توقيع مهاجم أياكس السابق، سواريز، لتتأهل بلاده إلى دور الستة عشر، كمتصدر للمجموعة الأولى برصيد 7 نقاط.
أوروجواي تتأهل إلى دور الـ16
واستفادت أوروجواي من تأهلها كمُتصدر للمجموعة الأولى لتفادي الأرجنتين في دور الـ16، حيث واجهت كوريا الجنوبية الذي احتل وصافة المجموعة الثانية بـ4 نقاط.
وفي دور الستة عشر فازت أوروجواي على كوريا بنتيجة 2-1، بثنائية سواريز وكان لفورلان حضور بالطبع في المباراة بأسيست رائع، وفي الدقيقة الثامنة من المباراة التي أقيمت على ملعب “نيلسون مانديلا باي” في مدينة بورت إليزابث، اقتنص منتخب “الأوروس” هدف السبق عبر تمريرة من نجم أتلتيكو مدريد فورلان، أخطأ الحارس الكوري في توقعها، لتصل إلى المهاجم سواريز، الذي أودعها في شباك المرمى الخالي من الحارس مسجلا الهدف الأول لمنتخب لأوروجواي، وبالدقيقة 80 عاد “لوزيتو” ليُهز شباك الكوريين بهدف ثانٍ له ولمنتخب بلاده عندما كانت تشير النتيجة إلى التعادل الإيجابي 1-1.
إنجاز تاريخي لأول مرة مُنذ 40 عامًا
مع الانتصار على كوريا الجنوبية بلغت أوروجواي ربع النهائي، لأول مرة من 40 عامًا في 2010، حيث كان آخر ظهور لها في هذا الدور في مونديال 1970 والذي أقيم في المكسيك ونال حِيْنئذٍ المركز الرابع.
وفي ربع النهائي، التقت أوروجواي مع غانا في مباراة لن ينساها أي من تابع مباريات هذه البطولة، حيث كان لسواريز دورًا هامًا فيها رغم أنه لم يُسجل هدفًا أو يصنع إلا أنه في الدقيقة الأخيرة من الوقت المُحتسب بديلًا عن الضائع بالشوط الإضافي الأول طُرد بالبطاقة الحمراء بعد أنّ لمس الكرة بيده.
ومع تقدم البطولة، بدا فورلان أكثر ثقة مع كل مباراة، ومازال الكثيرين لا يفهمون أبدًا كيف تمكن من تسديد الكرات الثابتة بطريقة رائعة هكذا في شباك حراس المرمى، دييجو في ربع النهائي ضد غانا، بعد أن تقدمت البلاك الستارز بهدف أول في الدقيقة 45، تمكن في الشوط الثاني من إعادة المباراة إلى نقطة الصفر من جديد!.
قائد أوروجواي حينها، في الدقيقة 55، وقف بعيدًا عن منطقة الجزاء لتنفيذ ركلة حرة مباشرة وصفها البعض أنها واحدة من أعظم الركلات الحرة في تاريخ في كأس العالم، حيث سدد بطريقة مُبهرة في شباك الغانيين.
سواريز.. حارس المرمى!
ظل التعادل السلبي بين أوروجواي غانا حتى نهاية المباراة، ليلجأ الفريقان إلى الأشواط الإضافية، وفي الدقيقة 120 والأخيرة من الوقت الإضافي، أي قبل لجوء المنتخبين لركلات الترجيح، تقميص سواريز، دور حارس المرمى، بعدما تصدى لكرة كانت في طريقها للشباك إيذانا بفوز غانا وتأهلها لنصف النهائي في إنجاز تاريخي للقارة السمراء.
لكن سواريز حرم غانا من هذا الإنجاز، بعدما تصدى للكرة بيده مُتعمدًا، ليُطرد بالبطاقة الحمراء، ويحتسب حكم المباراة ركلة جزاء لصالح غانا، وفشل جيان في تسجيل الركلة بنجاح حيث اصطدمت تسديدته بالعارضة.
ولجأ الفريقان لركلات الترجيح، التي نجحت من خلالها أوروجواي في التأهل بعدما فازت بنتيجة (4-2)، وسط فرحة عارمة من سواريز، الذي نصبته الكاميرات بطلا لهذه الليلة بعدما سلطت عليه الأضواء من الجميع.
فورلان يواصل نحو نصف النهائي دون سواريز
في نصف نهائي كأس العالم 2010، التقت أوروجواي بمنتخب هولندا الذي حقق المفاجأة وأقصى البرازيل من ربع النهائي بنتيجة 2-1، وخاض فورلان تحديًا جديدًا عندما قاد هجوم بلاده بمفرد، لتقع على عاتقه مسؤولية كبيرة، إذا اضطر إلى اللعب في غياب شريكه في الخط الهجومي الناري سواريز، الذي غاب عن المباراة للإيقاف نظرًا لطرده في الدور ربع النهائي.
لتلعب أوروجواي لأول مرة في المونديال دون الثنائي الناري، بعد أن سجّل كل منهما 3 أهداف، وصناعة فورلان لهدف وسواريز لهدفين.
وحاول المهاجم الأشقر إخراج كل ما جعبته بالفعل لتعويض غياب سواريز وقيادة أوروجواي إلى المباراة النهائية للمرة الأولى مُنذ عام 1950، إلا أنّ فورلان وحده لم يكن كافيًا أمام الطواحين الهولندية، إذ خسر مع بلاده بنتيجة 3-2.
ولكن قذائف فورلان لم تنتهي مع غياب سواريز، حيث سجّل هدفًا رائعًا في الدقيقة 41، حيث جنح بالكرة يسارًا إلى أنّ صار في مواجهة المرمى وصوب تسديدة قوية في سقف المرمى لم يستطع الحارس مارتين ستيكيلينبرج التصدي لها ليدرك فورلان التعادل لمنتخبه.
ولكن ذلك لم يكن كافيًا حيث سجّل ويسلي شنايدر هدف التعادل في الدقيقة 70، ثم أحرز روبن الهدف الثالث في الدقيقة 73، وقلص المدافع ماكسيميليان بيريرا، قبل أنّ يُعلن الحكم انتهاء المباراة بفوز المنتخب البرتقالي بنتيجة 3 / 2، والتأهل للمباراة النهائية لمونديال 2010.
ثنائية فورلان وسواريز تعود من جديد في المشهد الختامي
في مباراة تحديد المركز الثالث، التقت أوروجواي مع ألمانيا التي أبعدتها رأسية بويول في نصف النهائي التي وصلت لهُ لاحقًا في 2014 ونالت اللقب، حيث خسرت في نصف النهائي من إسبانيا بهدف نظيف، ولكنها نالت البرونزية بالفوز بنتيجة 3-2 على السيليستي.
ألمانيا تقدمت سريعًا بعد مرور 19 دقيقة، بعد أنّ وصلت الكرة بالقرب من منطقة مرمى أوروجواي إلى لاعب الوسط باستيان شفاينشتايجر الذي سددها بقوة في المرمى، وعجز الحارس موسيلرا عن الإمساك بها لترتد إلى المنطقة فتجد لاعب الوسط المهاجم توماس مولر يسكنها الشباك مسجلا الهدف الأول للمانشافات.
ووسط ضغط المانشافت شهدت الدقيقة الثامنة والعشرون هجمة مرتدة سريعة لمنتخب أوروجواي وصلت فيها الكرة يمين ملعب ألمانيا إلى المهاجم سواريز الذي مررها سريعة في الجهة الأخرى إلى زميله كافاني الذي انطلق بها وسددها على يسار الحارس بوت مسجلا هدف التعادل.
وفي الشوط الثاني، واصل فورلان تألقه اللافت في المونديال، حيث بدا أنه عازم على التأكد من أن كل هدف سجله في البطولة كان هدفًا عالميًا، ووقع فورلان على هدفًا أكثر من رائع ، وسدد الكرة في الأرض لتتجاوز هانس يورج بوت، الذي لم يكن لا حول له ولا قوة؛ حيث ظل واقفًا فقط يُشاهد الكرة تسكن شباكه.
ولكن لم تكن الضربة الهوائية كافية لتحصيل أوروجواي على الميدالية البرونزية، حيث خسر ممثل أمريكا الجنوبية بنتيجة 3-2 للمباراة الثانية على التوالي.
فورلان رغم أنه سجّل 5 أهداف لكنه لم ينال لقب الهداف، بعد أنّ تساوى مع توماس مولر، وديفيد فيا، وويسلي شنايدر؛ ولكن تم اختير مولر على حساب اللاعبين الثلاثة لأنه صنع أهدافًا أكثر حيث بلغت 3 أهداف بينما صنع ويسلي شنايدر وديفيد فيا هدفًا ولم يصنع فورلان أي هدف.
ولكن فورلان نال جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في البطولة، بعد أداءه المُبهر في المونديال مع أوروجواي.