تياجو موتا ويوفنتوس.. كمن يشتري أقوى جهاز كمبيوتر ثم يضعه في غرفة بدون كهرباء!

حسنًا، لقد أعلن نادي يوفنتوس الإيطالي إقالة مدربه تياجو موتا على خلفية سلسلة من النتائج المخيبة، فبعد هزيمتين ثقيلتين متتاليتين في الدوري الإيطالي، أمام أتالانتا (4-0) وفيورنتينا (3-0)، تركت في المركز الخامس بالدوري الإيطالي، متخلّفًا بـ12 نقطة عن المتصدر إنتر ميلان، ولم يكن المشوار الأوروبي أكثر رحمةً، حيث ودّع الفريق دوري الأبطال مُبكرًا في فبراير الماضي أمام آيندهوفن بمفاجأةٍ صادمة، ثم خرج من كأس إيطاليا بركلات الترجيح أمام إمبولي في أقل من أسبوع، ولذلك قررت الإدارة فتح صفحة جديدة، مُعلنةً عن قدوم إيغور تودور ليقود السيدة العجوز، السفينة العتيقة وربما المعطوبة، إلى شواطئ المجد الموعود.
وقد جاء البيان الرسمي للنادي يوم الأحد ليُعلن نهاية حقبة موتا، ويُشرع الباب لعهدٍ جديد تحت قيادة إيغور تودور، الذي سيتولى المسؤولية فورًا ابتداءً من أولى حصص التدريب، وكان موتا قد تولّى تدريب البيانكونيري في يونيو الماضي بعقدٍ ثلاثي، بعدما قاد بولونيا إلى التأهل لدوري الأبطال الموسم الفائت، ورغم تسجيله سلسلةً من 21 مباراة دون هزيمة في الدوري، إلا أن 13 تعادلاً في تلك الفترة أبعدته عن منافسة اللقب، قبل أن تدفع الهزائم الأخيرة، والغضب العارم للجماهير، الإدارة إلى إنهاء مسيرته مبكرًا.
“أشعر بالخجل لاختيارك مديرًا فنيا ليوفنتوس”
كريستيانو جيونتولي مدير يوفنتوس، في رسالة لمدرب الفريق المقال تياجو موتا.
أما إيغور تودور، البالغ 46 عامًا، فهو ليس غريبًا عن أروقة السيدة العجوز، حيث سبق أن ارتدى قميصها كلاعب، قبل أن يعود إليها مساعدًا لـ أندريا بيرلو موسم 2020، والآن، يعود ليقود الفريق في حاملًا على عاتقه أحلام جماهير تعشق المجد وتأبى إلا العودة إلى القمة، وهكذا أيضًا يسقطُ مدربٌ آخر تحت وطأة طموحات السيدة العجوز التي لا ترحم، بينما يبدأ تودور رحلته وسط تحدّياتٍ صعبة، وتيار جارف، ورياح عاتية، ما يفتح الباب أمام السؤال: ماذا ارتكب موتا في رحلته ليدفع رئيس النادي لإلقاء تلك التصريحات القاسية؟
مغامرات غير محسوبة
إليك هذه المعلومة: لقد أنفق تياجو موتا في عام واحد أكثر مما أنفقه كونتي في ثلاث سنوات، وأليجري في أربع سنوات، هذا الإنفاق الكبير الذي يفوق كل التوقعات وضع علامات استفهام كبيرة حول استراتيجية النادي، خاصة مع الأداء المخيب للفريق الذي لم يعكس حجم الاستثمارات، فهل كانت هذه الصفقات محسوبة بدقة؟ أم أنها مجرد مغامرة مكلفة دفع ثمنها المدرب البرازيلي بحسرة كبيرة؟
لقد أصبح النادي هو الأكثر إنفاقًا الصيف الماضي، حيث أبهَرَ المتابعين بصفقات مدوية بدأت بضم الهولندي تيون كوبماينيرز من أتالانتا مقابل 60 مليون يورو، والبرازيلي دوجلاس لويز من أستون فيلا بــ50 مليون يورو، وصولاً إلى الشاب كيفرين تورام بـ20 مليون يورو، ولم تكتفِ “السيدة العجوز” بذلك، بل نسجت خيوطاً معقدة في سوق الانتقالات عبر سلسلة من عمليات الإعارة مع التزامات شراء لاحقة، شملت أسماء لامعة مثل نيكو جونزاليز وميشيل دي جريجوريو وبيير كالولو، مما دفع إجمالي إنفاق الموسم 2024-2025 إلى تجاوز حاجز الـ 250 مليون يورو.
الصفقة | قادم من | قيمة الصفقة |
تيون كوبماينيرز | أتالانتا | 60 مليون يورو |
دوجلاس لويز | أستون فيلا | 50 مليون يورو |
كيفرين تورام | نيس | 20 مليون |
هذا الإنفاق الجنوني يُذكّر بأيام المجد الإيطالي، حين كانت العيون تتجه إلى تورينو بانتظار المعجزات، خاصة مع تسطّيره فصلاً ذهبياً من المبيعات، حيث ودّع عدداً من نجومه في صفقات مربحة، غادر ماتياس سولي إلى روما، ودين هويسن إلى بورنموث، فيما حمل فيديريكو كييزا حلمه إلى ليفربول، وبحسب صحيفة كورييري ديلو سبورت، فقد نجح النادي في جني ما يقارب 106 ملايين يورو من هذه الصفقات، ليُهوّن العبء المالي ويُقلّص صافي الإنفاق إلى 143.5 مليون يورو فقط، المثير للتأمل، أن الفارق بين إنفاق أليجري في ولايته الأولى وبين مغامرة ثياغو موتا في موسمه الوحيد ليست كبيرة إلا هذا الحد.
حيث بلغ صافي إنفاق السيد أليجري خلال أربعة مواسم كاملة 149 مليون يورو، بينما حقق موتا في موسمه الأول صافي إنفاق وصل إلى 143.5 مليون يورو، أي بفارق ضئيل لا يتجاوز 5 ملايين يورو فقط! هذه الأرقام تكشف لنا حقيقة مذهلة: فبينما كان أليجري يبني إمبراطورية تدوم لسنوات، وجد موتا نفسه مضطراً لتحقيق نفس المستوى من الإنفاق في موسم واحد فقط! كما أن غياب يوفنتوس عن مسرح دوري أبطال أوروبا جاء بنتائج كارثية أيضًا، خاصة بعد تكرار السيناريو المؤلم للمرة الثانية في غضون موسمين فقط.
إنفاقات أليجري في 4 مواسم | إنفاقات تياجو موتا في موسم واحد |
149 مليون يورو | 143.5 مليون يورو |
فبعد الصدمة التي تلقاها النادي في موسم 2022/2023 تحت قيادة ماكس أليجري، هاهو يدفع الثمن مجدداً في الموسم الحالي، والأرقام تُنذر بكارثة حقيقية:
- خسائر فادحة بلغت 217 مليون دولار لموسم 2023/2024.
- انهيار في الإيرادات إلى 394 مليون يورو (429 مليون دولار) بنهاية يونيو 2024.
- تراجع صادم بنسبة 22.3% مقارنة بإيرادات 2023 التي بلغت 507 ملايين يورو (552 مليون دولار).
هذا السقوط المالي الحر ليس مجرد أرقام في التقارير، بل هو جرس إنذار يُهدد البنية التحتية للنادي العريق. فبينما كانت عائدات دوري الأبطال تشكل شريان الحياة، أصبح الغياب عن المسابقة القارية كسكين يقطع هذا الشريان بلا رحمة، فهل كان هذا التسارع في وتيرة الصرفيات ضرورياً لتعويض سنوات الإهمال؟ أم أنها مجرد مغامرة مالية لم تحسب حساباتها بدقة؟ وهل ستثمر هذه الاستثمارات مستقبلًا عن عودة “البيانكونيري” إلى عرش الكالتشيو، أم تحولت إلى مجرد أحلام تذروها رياح الشتاء؟
تزيد الطين بلة
حسنًا، نحن لسنا منجمين، والمستقبل فقط هو من يعرف مآلات تلك الصفقات، خاصة مع وجود إدارة فنية جديدة ليست لها نجاحات سابقة كبيرة أو طريقة لعب واضحة ومتفق عليها، ولكن ما نعرفه حاليًا، أن إقالة موتا، زادت طينة النفقات بلة، حيث تكشف التفاصيل عن فاتورة مالية مرعبة، فقد كان عقد المدرب البرازيلي، لمدة ثلاث سنوات، يتقاضى خلالها 5 ملايين يورو موسمياً، دون احتساب رواتب طاقمه التدريبي، وبحسب تقارير صحيفة “كورييري ديلو سبورت” الإيطالية، فإن عقد الرجل يتضمن بند فسخ بقيمة محددة، لكنه لا يُفعّل إلا في حال قرر النادي إنهاء خدمات موتا خلال موسمه الثاني.
وبما أننا لا زلنا في الموسم الأول فقط، فربما تنكشف الصورة القاتمة عند حساب التكاليف: 15 مليون يورو كحد أدنى ستُدفع كتعويضات بعد إنهاء عقد موتا وطاقمه قبل نهاية موسم 2024-202، وهذه التكلفة لا تشمل راتب المدرب الجديد أو أي مكافآت توقيع قد يحصل عليها، إلى مع إضافة بعض الفواتير الأخرى مثل سيارة الإدارة الفاخرة والطاقم المرافق، وهي تفاصيل تبدو بسيطة لكنها تزيد العبء المالي، خاصة وأن النادي يقف الآن عند مفترق طرق حاسم، حيث يحتاج إلى قبطان خبير يقود السفينة في تسع مباريات مصيرية، وبما أن أي مدرب بمستوى عالمي سيرفض أن يكون مجرد منقذ مؤقت، إذن فوجود المدرب يقترن حتمًا بزيادة النفقات، خاصةً مع اقتراب كأس العالم للأندية بشكله الجديد، والذي تقترب مواعيده من نهاية السنة المالية (30 يونيو)، مما يفرض تعديلات تعاقدية معقدة.
هذه الأرقام الصادمة تضع إدارة اليوفي أمام معضلة حقيقية: الاستمرار مع مدرب لم يحقق النتائج المرجوة؟ أم دفع فاتورة باهظة قد تُعمق الأزمة المالية؟ وفي كلتا الحالتين، يبدو أن “البيانكونيري” مقبل على شهور عصيبة، حيث تختلط حسابات الملعب بحسابات الخزينة في معادلة يصعب حلها، فهل ستكون هذه التضحيات المالية بداية نهضة جديدة؟ أم فصلاً آخر من فصول المعاناة؟ حسنًا لازال الزمن وحده كفيل بالإجابة!
خطأ تأسيسي
الغريب، أن كل هذا الإنفاق على الصفقات، تحول إلى سبب رئيسي في إقالة الرجل بعد أن ضربت الإصابات صفوف الفريق، فلو كان لموسم يوفنتوس الحالي فيلم سينمائي، لأصبح من نوع “الكوميديا السوداء”، ولربما أصبح البطل الرئيسي من قسم الأشعة الطبية! فبعد ست جولات فقط من بداية الدوري، ودع الفريق مدافعه البرازيلي جليسون بريمر لإصابة طويلة الأمد، ما أثر على الأسلوب، إذا كان أشبه بـ “القوة الضاربة”، ففي وجوده كان للفريق 3 انتصارات، وتعادلان، وشباك نظيفة، بالإضافة لانتصارين في دوري الأبطال، وكأن القدر يقول لهم: “استمتعوا بهذا الأداء، فالعرض سينتهى بعد قليل!”.
لكن الأزمة لم تتوقف عند الإصابات، فالقرارات التقنية لموتا أضحت موضع تساؤل بعد أيام قليلة، خاصة إصراره المتواصل على إشراك الهولندي تيون كوبمينيرز في التشكيلة الأساسية رغم التراجع الملحوظ في مستواه، اللاعب الذي وصل بقيمة صفقة بلغت 51 مليون يورو، لم يستطع حتى الآن أن يقدم أداءً مقنعًا، مما يجعله مرشحًا لأن ينضم إلى قائمة أكثر الصفقات المخيبة للآمال في تاريخ النادي العريق، وبالطبع؛ فالأمر لا يقتصر على كوبمينيرز وحده، فثمة لاعبون آخرون مثل نيكو جونزاليس وتيم وياه ونيكولو سافونا، لم يتمكنوا من ترك بصمة إيجابية، ومع ذلك يحظون بثقة المدرب التي تبدو غير مبررة في بعض الأحيان.
لكن ربما المشكلة الأعمق تكمن في غياب رد الفعل الجماعي بعد النكسات المتتالي،. فبعد الخسارة المؤلمة أمام ايندهوفن، فشل الفريق في استعادة توازنه، وسقط أمام إمبولي، ثم تلتها الهزيمة المذلة أمام أتالانتا، حتى التصريحات الحماسية لموتا قبل مواجهة فيورنتينا، التي وصفها بأنها “فرصة لإثبات القيمة”، تحولت إلى مجرد كلمات في الهواء بعد أن شاهد فريقه ينهار مجددًا، حتى أن الأسطورة أليساندرو ديل بييرو لم يخفِ استياءه من هذا الوضع المزري، حيث علق خلال تحليله لقناة سكاي إيطاليا قائلًا: “المأساة ليست في الخسارة، بل في غياب الروح القتالية. لم نرَ أي رد فعل، لا من اللاعبين ولا من الجهاز الفني. هذه ليست روح يوفنتوس التي نعرفها”.

اليوم، يقف النادي العريق عند مفترق طرق حاسم، فبين الإصابات التي أنهكت التشكيلة، والقرارات التقنية المشكوك فيها، وغياب العزيمة الواضح، يبدو أن “السيدة العجوز” في حاجة إلى أكثر من معجزة لتعود إلى سابق عهدها. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل ستكون هذه الأزمة مجرد محطة عابرة في تاريخ النادي، أم أنها بداية لمرحلة أكثر قتامة؟
أكثر قتامة
حسنًا، نحن لم نزل بشرًا عاديين، ولسنا منجمين، ولكن يبدوا أن الأمور في النادي ستسير مستقبلًا نحو الهاوية أكثر فأكثر، خاصة وأن تكتيكات موتا المُسخدمة، تثبت أنه، وصدق أو لا تصدق، مدرب جيد فعلًا، ومنذ بدايته كلاعب، حيث انطلقت مسيرة تياجو موتا الكروية من البرازيل إلى برشلونة عام 1999، وتخرّج من أكاديمية لاماسيا الشهيرة، لكن مسيرته كلاعب شابّتْها الإصابات المتكررة، وبعد تجربة قصيرة مع أتلتيكو مدريد، وجد نفسه في جنوة عام 2008 تحت قيادة جيان بييرو جاسبريني، قبل أن ينطلق إلى النجومية مع إنتر ميلان حيث كان جزءًا من الفريق التاريخي الذي حقق الثلاثية تحت قيادة جوزيه مورينيو.
التحول الأبرز جاء مع باريس سان جيرمان عام 2012، حيث قضى ستة مواسم ونصف كأحد أعمدة الفريق، شارك خلالها في 232 مباراة وحصد 19 لقبًا تحت قيادة عمالقة مثل أنشيلوتي وبلان وايمري، هذه التجربة الثرية شكلت الأساس لفلسفته التدريبية لاحقًا، خاصة بعد توليه تدريب فريق الناشئين في باريس، حيث تتلمذ على يد توماس توخيل وتبنى بعضًا من أفكاره، بعدها انطلق إلى عالم التدريب سريعًا.
لم تكن انطلاقته التدريبية واعدة على المستوى العملي، فتجربته الأولى مع جنوة عام 2019 انتهت بعد عشرة مباريات فقط، لكن على المستوى النظري كانت تجربته ناجعة حقًا، وأنبتت منذ البداية مدرب ومنظر جيد للغاية، حيث نظَّر ووضع أسس خطة “2-7-2” التي أساء الكثيرون فهمها، في الواقع، كان الرجل يتحدث عن نظام هجومي مرن يعتمد على سبعة لاعبين في خط الوسط، ومحاولة لتدوير الكرة أفقيًا وليس عموديًا، لكن الفكرة الجريئة قوبلت بالسخرية قبل أن تُفهم، ويفهم مغزاها والهدف من ورائها، وحتى على المستوى الدفاعي، كان صلبًا للغاية مع نادي جنوى، وعلى الرغم من صعوبة حصر منهج ثياغو موتا التكتيكي في تشكيل جامد، إلا أن نظام 4-2-3-1 كان الإطار العام الذي اعتمده مع بولونيا في موسم 2023/2024.
هذا التشكيل الذي يجمع بين مدافعين مركزيين، وثنائي وسط محوري، وثلاثي هجومي خلف مهاجم صريح، لم يكن مجرد ترتيب موقعي، بل تعبيرًا عن فلسفة كروية متكاملة، حققت من خلاله بولونيا تحت قيادة موتا إحصائيات لافتة: متوسط استحواذ بلغ 58.2% (ثاني أعلى معدل في الدوري بعد نابولي)، كما تصدرت الدوري في التدخلات (16.7% لكل مباراة)، واحتلت المركزين الأول والثاني على التوالي في موسمي 2022/2023 و2023/2024 من حيث كثافة استعادة الكرة، هذه الأرقام تكشف عن مفارقة تكتيكية مثيرة: فريق يهيمن على الكرة، لكنه في نفس الوقت الأكثر شراسة في استعادتها، فبعد كل فقدان الكرة، يتحول الفريق فورًا إلى آلة ضغط مضاد منظمة.
Thiago Motta ball.
— Tomasz Byszko (@TByszko) February 18, 2024
Look how Bologna changes positions and uses rotationsconfuses opponent press,
players can manage rotations what give more connections between them,
changes team structure for a moments but don’t changes idea,
creates situations with free man pic.twitter.com/DNhKH3r6vf
حيث يقوم الثلاثي الهجومي بإغلاق مسارات التمرير، ويتحول ثنائي الوسط إلى خط دفاع أول يعمل الفريق كوحدة واحدة لإجبار الخصم على ارتكاب الأخطاء المرونة الدفاعية، عندما يفشل الضغط العالي، يتحول الفريق بسلاسة إلى نظام 4-1-4-1 الدفاعي، مما يجعله عصيًا على الاختراق، وقد أثبتت هذه الآلية نجاعتها، حيث تلقت بولونيا 32 هدفًا فقط (ثالث أفضل دفاع بعد إنتر ويوفنتوس) وخفضت تسديدات الخصوم إلى 10.8 تسديدة لكل مباراة (أدنى معدل بعد فيورنتينا)، هذا المزيج الفريد بين الهجوم المنظم والدفاع الحديدي يوضح لماذا أصبح موتا أحد أكثر المدربين إثارة للاهتمام في أوروبا، حيث يحول الفرق المتوسطة إلى ماكينات تنافسية بفلسفة واضحة ومرنة في نفس الوقت، وقد استخدم نفس تلك التكتيكات مع يوفنتوس، مع إضافة بعض المؤثرات فقط، ولكن لماذا فشل إذن؟
لماذا أكثر قتامة؟
كلمة السر هنا، هو كريستيانو جيونتولي، المدير الرياضي في يوفنتوس، هل جعل الفريق أقوى أم أضعف؟ خاصة وأنه كانت له طلبات غريبة من موتا مثل اللعب باثنين في المقدمة، وهو أمر لم يكن منطقي بسبب الإصابات والغيابات، والأزمات المادية للفريق، وبغض النظر عن منطقة الطلب من عدمه، هل هذا يعني أنه كان يتدخل في التشكيل؟ ربما، ليست لدينا معلومة واضحة، لكن ما نعرفه أيضًا أن الفريق أصبح بيئة سامة للغاية، ودائمًا ما تنتهي فترات مدربيه بمشاكل وأزمات وتصريحات مثل تلك التي أطلقها رئيس النادي ضد موتا، وفي دوامة الإخفاقات التي يعيشها يوفنتوس، يبرز سؤال محوري: هل يحمل ثياغو موتا وحده عبء هذا الفشل؟

الحقيقة أن المسؤولية تتجاوز المدرب البرازيلي لتشمل عدة أطراف: اللاعبون الذين لم يقدموا المستوى المتوقع، والإدارة بقيادة كريستيانو جيونتولي التي فشلت في بناء فريق قادر على تحقيق الأهداف، ناهيك عن إرث قرارات سابقة مثيرة للجدل، فمنذ رحيل أنطونيو كونتي، شهد النادي سلسلة من القرارات المتعجلة في التعامل مع المدربين، مثل ماوريتسيو ساري الذي أقيل بعد عام واحد فقط رغم فوزه بلقب الدوري الإيطالي 2019/2020، في قرار يبدو الآن خاطئًا بامتياز، ثم جاء أندريا بيرلو الذي لم يصمد سوى 12 شهرًا، وإن أثبتت تجاربه اللاحقة أن الانفصال كان ضروريًا. أما عودة ماكس أليجري فشكلت فصلًا مختلفًا، حيث منح ثلاث مواسم كاملة أنتجت نتائج متوسطة: مركزان ثالث ورابع في الدوري، وخروج مبكر من دوري الأبطال، قبل أن ينتهي به المطاف في المركز السابع.
وهنا تكمن المفارقة هنا تكمن المفارقة: موتا الذي قاد بولونيا إلى التأهل التاريخي لدوري الأبطال في موسمه الثاني، يحتاج وقتًا لتنفيذ فلسفته، ففي عامه الأول مع بولونيا، احتل المركز التاسع، قبل أن يحقق المفاجأة في الموسم التالي، ولذلك كان حريًا على يوفنتوس ألا يقع في أخطاء الماضي وأن يصبر على مدرب يمتلك رؤية حديثة، بالطبع، نحن نعلم الضغط في تورينو أكبر بكثير من بولونيا، ولكن أليس وجود موتا أفضل من تكرار حلول قصيرة النظر؟ ربما لا أيضًا، وربما خرجت الأمور من يد موتا فعلًا، ولكن ما نعرفه أيضًا: أن الأمور لم تخرج عن السيطرة بسببه، وأن النادي سيظل في تلك الدائرة فترة حتى جث منبع الفساد من الداخل.