اعتزال هيجواين.. البيبيتا الذي طارده رونالدو وتحمل مسؤولية ضياع ميسي
“لقد حان اليوم الذي سأقول فيه وداعاً لكرة القدم”، ثم دخل في نوبة بكاء، هكذا أعلن الدولي الأرجنتيني، جونزالو هيجواين، مهاجم ريال مدريد ونابولي ويوفنتوس الأسبق، وإنتر ميامي الأمريكي الحالي اعتزاله كرة القدم.
ولد هيجواين في فرنسا وتحديدًا في بريست في 10 ديسمبر 1987، حيث كان والده خورخي هيجواين لاعبًا في نادي بريست من 1986 وحتى 1988، وصاحب الـ”34″ عامًا كان لديه مشوار حافل على المستوى الدولي مع بلاده أو حتى على صعيد الأندية التي ارتدى ألوانها.
وعاش في فرنسا لسنوات معدودة، وكادت هذه الإقامة القصيرة للغاية أن تدفع جونزالو إلى تمثيل فرنسا التي يحمل جواز سفرها رغم عدم تحدثه الفرنسية بتاتًا، لكنه في نهاية الأمر اختار تمثيل الأرجنتين.
يمتلك المهاجم المُخضرم مسيرة طويلة مع كرة القدم بدأها في مسقط رأسه الأرجنتين مع ريفر بليت، عندما صعد إلى الفريق الأول في 2006، واستمرت حتى محطة الدوري الأمريكي مرورا بلعبه في الدوريات الإسباني والإيطالي والإنجليزي.
هيجواين استمر في صفوف ريفير بليت حتى يناير 2007، لينتقل إلى نادي ريال مدريد، الذي استمر في صفوفه حتى صيف 2013، حيث انتقل إلى إيطاليا من بوابة نادي نابولي، والذي استمر في صفوفه حتى صيف 2016، وبعد ذلك انضم إلى يوفنتوس في صفقة قدرت قيمتها بـ 94 مليون يورو.
ولكنه لم يُمضي إلا عامين فقط وانضم إلى ميلان مُعارًا في 2018 وبعد 6 أشهر انتقل إلى تشيلسي الإنجليزي مُعارًا مرة أخرى ثم عاد في يونيو 2019، واستمر في يوفنتوس لعام آخر، قبل أن يفسخ تعاقده في سبتمبر 2020، لينضم إلى إنتر ميامي الأمريكي في النهاية.
هيجواين ظلمته الجماهير ولم ينجو من سمومهم
هيجواين كان دومًا في مهب الريح عندما يتعلق الأمر بتحميل أحدهم فشل جيل كامل من المنتخب الأرجنتيني به نجوم كرة القدم أمثال ليونيل ميسي وسيرجيو أجويرو وأنخيل دي ماريا.
مرّت مسيرة هيجواين بالعديد من المنعطفات التي ربما مضت به نحو اتخاذ قرار الاعتزال، إذ عانى اللاعب من انتقادات حادة بعد نهائي مونديال البرازيل 2014، والذي خسره منتخب التانجو أمام نظيره الألماني بهدف نظيف، والذي شهد إهدار جونزالو فرصة انفراد لا تعوض جعلته عُرضةً للهجوم من الجماهير الأرجنتينية في شوارع بوينس آيرس.
بيبيتا كان سيء الحظ جماهيرًا وليس فقط على مستوى المنتخب، فقد كان بذلك الموقف من قبل مع ريال مدريد عندما تراجع مستواه قليلًا حملته الجماهير مسؤولية الهزائم وفقدان الألقاب حتى رحل.
وحتى تلك الجماهير في جنوب إيطاليا التي ترتدي قمصان فريق نابولي، والتي رفعته على الأعناق وجعلت منه خليفة دييجو أرماندو مارادونا استطاع بجرة قلم أن يثير استيائها وأن يتحول من بطل قومي لخائن عندما وقع ليوفنتوس وفعل بند الشرط الجزائي في عقده مع البارتينوبي.
وفي يوفنتوس لم يسلم من نجومية لاعب بحجم كريستيانو رونالدو فكان أول الضحايا ورحل فور إعلان البيانكونيري عن التوقيع مع النجم البرتغالي.
كما أسهمت الانتقادات الحادة التي يتعرض إليها في رحيله بعيدًا عن أوروبا؛ للاحتراف في الدوري الأمريكي الذي لا يقارن تمامًا بالدوريات الأوروبية العامرة بالفرص والأموال.
وربما الظلم الدفع جونزالو لاعتزال كرة القدم، حيث قال في مؤتمر اعتزاله: “لا يجب الاستهانة بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر سام فيما يتعلق بكرة القدم، عائلتي ساعدتني للتغلب على معاناتي معها، الأمر جدي والبشر يجب أن يفكروا قبل مهاجمة أي شخص عليها”.
هيجواين بداية رائعة في ريال مدريد ثم إصابة عصفت بكل شيء!
لعب هيجواين رفقة ريال مدريد لمدة 5 مواسم، وحقق معهم لقب الدوري الإسباني ثلاث مرات موسم 2006-2007 وموسم 2007-2008 وموسم 2011-2012، وكأس إسبانيا مرة واحدة موسم 201-2011، وكأس السوبر الإسباني مرتين موسمي 2008-2009 و2012-2013.
ويُعد ريال مدريد أكثر نادٍ لعب بقميصه هيجواين في مسيرته وأكثر نادٍ سجّل له أهدافًا بطبيعة الحال حيث خلال 264 مباراة سجّل 121 هدفًا وقدّم 56 تمريرة حاسمة.
أول ظهور لهيجواين في ريال مدريد كان في 20 فبراير أمام بايرن ميونخ في دور الـ16 بدوري أبطال أوروبا، وصنع الهدف الثالث والذي سجّله رود فان نيستلروي حيث مهد الكرة برأسه ثم الهولندي سجّل بقدمه اليمنى في شباك أوليفر كان، لتنتهي المباراة بفوز المرينجي بنتيجة 3-2.
ثم انطلقت مسيرة هيجواين وسجّل أهدافًا وساهم في انتصارات هامة لريال مدريد، ثم تبدل كل شيء حتى موسم 2010/2011 والذي غاب عن أغلب مبارياته بسبب إصابة في الظهر بعد موسم 2009/2010 الذي كان ناجحًا وسجّل فيه في الليجا فقط 27 هدفًا في 32 مباراة وقدّم 7 تمريرات حاسمة.
ولكن الإصابة في الظهر أبعدت الأرجنتيني عن الملكي ديسمبر 2010 حتى أبريل 2011، وبعد تعافيه من الإصابة تنافس على مركز رأس الحربة مع الفرنسي كريم بنزيما، ومع نهاية موسم 2012/2013 والذي سجّل فيه 16 هدفًا خلال 28 مباراة لم يكن ذلك كافيًا ليظل في الملكي ورحل لينتقل إلى نابولي، حيث خسر مركزه لكريستيانو رونالدو وكريم بنزيما.
هيجواين: ما حدث معي ريال مدريد يُصيبني بالقشعريرة
تحدث هيجواين عن مسيرته في ريال مدريد في تصريحات لموقع ناديه الرسمي وقال: “لقد تعامل معي الجميع بعاطفة كبيرة في ريال مدريد اعتنى بي روبرتو كارلوس بتواضع كبير، ورونالدو، وهيلجيرا، وكانافارو، وراؤول، وبيكهام.. لن أذكر جميع الأسماء”.
وأضاف: “عندما أتذكر اللاعبين الذين لعبت بجانبهم، أشعر بالقشعريرة.. وحتى في بعض الأحيان، ما زلت لا أدرك ما فعلته في مسيرتي، لقد لعبت بجانب روبرتو كارلوس، وواجهت رونالدينيو في نفس الملعب.. لقد كانت مسيرة رائعة”.
هيجواين.. قديس في نابولي تحول إلى خائن!
جونزالو انضم إلى نابولي مقابل 39 مليون يورو في 2013 وظل 3 سنوات قبل أن يرحل إلى يوفنتوس، وفعل ما لم يفعله 90% من اللاعبين، حيث قال الأرجنتيني عن انتقاله من الريال لنابولي من قبل في تصريحات سابقة: “90% من اللاعبين لن يذهبوا إلى نابولي من ريال مدريد، لكنني أردت أن أظهر للجميع أن هذا القرار لم يكن خاطئًا، لقد كان رهانًا كبيرًا للغاية، أردت أن أنمو وأعيد ابتكار نفسي كلاعب وكشخص، كنت مقتنعًا بتلك الخطوة”.
بداية هيجواين كانت ممتازة مع قدوم المدرب الإسباني رافاييل بينيتيز فقد فاز بلقب كأس إيطاليا وكان قد أحرز في جميع المسابقات 24 هدفًا ليكون هداف أبناء الجنوب الإيطالي و إنهاء الموسم في الخمسة الأوائل أما في أوروبا فقد كان حظ نابولي وهدافهم سيئ بخروجهم من دوري المجموعات بفارق الأهداف.
بيبيتا مع نابولي حطم الرقم القياسي لعدد الأهداف المسجلة في موسم واحد بـ36 هدفاً في 2016، قبل أن ينتقل لصفوف يوفنتوس مقابل قرابة 96 مليون يورو حيث ساهم في تحقيق السكوديتو ثلاث مرات.
وشارك الدوي الأرجنتيني في 146 مباراة رفقة فريق نابولي، حيث احرز خلالها 91 هدفًا وساهم في إحراز 26 هدفا آخرين.
ولكن جونزالو لم يُفضل البقاء في نابولي بسبب رئيس ناديه، حيث كان كشف ذلك في أبريل 2020؛ وقال حينها: “لم أتقارب فكريًا مع دي لورينتيس رئيس نابولي، لم أرغب في البقاء معه لمدة دقيقة واحدة”.
بيبيتا تعرض للظلم في يوفنتوس والسبب رونالدو من جديد!
وانتقل هيجواين إلى السيدة العجوز في صيف عام 2016، بعدما دفع النادي قيمة فسخ عقده مع نابولي التي قدرت في 95 مليون يورو، دفعت على دفعتين، لتصبح واحدة من أعلى صفقات الانتقال في تاريخ كرة القدم وأعلى صفقة انتقال في تاريخ إيطاليا؛ ولعب هيجواين ما مجموعه 149 مباراة بقميص السيدة العجوز في جميع المسابقات، وسجل 66 هدفا، كما صنع 16 هدفًا.
توج هيجواين بلقب الدوري الإيطالي مرتين، موسم 2016-2017 وموسم 2017-2018، ومع موسم 2018-2019، قرر يوفنتوس التخلص من الأرجنتيني بسبب التعاقد مع الدولي البرتغالي كريستيانو رونالدو من ريال مدريد.
وخرج البيبيتا على سبيل الإعارة في مناسبتين من يوفنتوس، الأولى لميلان والثانية مع تشيلسي الذي تُوج معه بالدوري الأوروبي، قبل الانتقال إلى إنتر ميامي في 2020.
جونزالو تعرض لظُلم كبير في يوفنتوس وهو ما قاله مُكتشفه في ريفير بليت، ليوناردو إسترادا، حيث قال في أغسطس 2018: “من وجهة نظري، أعتقد أن هيجواين استحق معاملة أفضل من يوفنتوس، لقد سجل 50 هدفًا خلال موسمين، ودومًا يلبي طلبات النادي والمدرب، معاملته كان يجب أن تكون أفضل، لكنه الآن يجب أن يركز مع ميلان”.
جونزالو كشف في أبريل 2020 أن سبب رحيله وعن إعارته لصفوف ميلان ثم تشيلسي، وقال: “مع وصول كريستيانو رونالدو، أراد اليوفي تحقيق قفزة نوعية وقالوا لي إنني لا استطيع الاستمرار، لم يطلبوا مني المغادرة ولكن طردوني”.
ثم في سبتمبر 2020 وبسبب رونالدو قرر يوفنتوس فسخ عقد هيجواين قبل انتهاء عقده بعام واحد.
هيجواين يعترف: صبرى نفذ في أوروبا ودفعني إلى الانتقال لأمريكا
هيجواين انتقل إلى إنتر ميامي الأمريكي بعد ذلك، وكان بسبب ما تعرض لهُ في مسيرته حيث أقر بذلك من قبل وقال: “في هذه المرحلة من حياتي، لم يعد بإمكاني تحمل عدم الاحترام والعنف، لم أتعرض لذلك بشكل شخصي، لكن فقط من خلال أشخاص غرباء عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.
واستكمل “أعيش الآن أفضل لحظات حياتي، فأنا في مرحلة لم تعد الإشادة تجعلني أشعر بحالة أفضل أو تتسبب الانتقادات في إحباطي، أهم شيء هو التوازن، فعندما تتحلى بالسلام مع نفسك، تصبح باقي الأمور ثانوية”.
وأنهى: “من منظور إعلامي، أوروبا تضع ضغطًا كبيرًا، علي أن أثبت لهم كل يوم، مباراة تلو الأخرى، ما قمت به طوال مسيرتي، وكان صبري ينفد، إنهم لا يمنحونك الوقت للاستمتاع باللعب”.
هيجواين مع الأرجنتين.. هجوم قاسٍ دفعه للاعتزال دوليًا في 2019
على المسرح الدولي، مثل هيجواين المنتخب الأرجنتيني في 75 مباراة دولية، وسجّل معه 31 هدفا، وهو خامس أكبر هداف في تاريخ منتخب التانجو
وظهر جونزالو مع منتخب الأرجنتين في 3 نسخ لكأس العالم بما في ذلك نسخة عام 2014 التي تأهل فيها مع منتخب بلاده إلى النهائي، حيث ظهر في مونديال 2010 و2018
كما ظهر اللاعب في ثلاث بطولات لكأس كوبا أمريكا 2011، 2015، 2016، ووصل مع الأرجنتين إلى النهائي في مناسبتين من الثلاثة، ولكن لم يُحالفه الحظ في نهائيي 2015 و2016.
هيجواين في منتخب الأرجنتين، تلقى هجومًا حادًا خلال سنوات ارتداءه قميص الألبيسيليستي، حيث حملته الجماهير فشل جيل كامل للمنتخب الأرجنتين.
ولا يمكن أيضًا أن يحتمل فشل زملائه في تحويل هجمات خطرة لأهداف أمام ألمانيا وتشيلي وفرنسا في كأس العالم وكوبا أمريكا، ككرة ليونيل ميسي أمام مانويل نوير ومن بعدها كرة بالاسيو، وكركلات الترجيح في 2015 و2016.
لكننا نستطيع أن نحمله أخطائه الخاصة والتي أهدر من خلالها أهدافًا محققة في نفس المباريات كانت لتأتي للأرجنتيني بثلاثية ذهبية من البطولات في ثلاث سنوات فقط.
ولكن تحميل هيجواين فشل التانجو الذريع في مونديال 2014 ونهائي 2015 و2016؛ ولكن في الواقع فالأمر غير مُبررًا على الإطلاق وخاصًّة وأن الاتحاد الأرجنتيني عين مدربين كانوا فقراء تكتيكيًا مثل خيراردو مارتينو، إدجاردو باوزا ، خورخي سامبولي، قبل الاستقرار على تعيين ليونيل سكالوني الذي لم يستدعيه ولا مرة إلى قائمته ولا مرة مُنذ تعيينه في أغسطس 2018، بعد توديع مونديال 2018 بـ شهرين فقط، حيث كانت هُزمت الأرجنتين من فرنسا بنتيجة 4-3 في مباراة لم يشارك فيها هيجواين من الأساس.
حتى قرر هيجواين في 28 مارس 2019 وضع حدًا لمسيرته الدولية مع التانجو حيث قرر الاعتزال وقال حينها: “إن دوري مع منتخب الأرجنتين قد انتهى، وقد أخبرت سكالوني بالقرار لأنني أريد أن أستمتع مع عائلتي”.
وأضاف: “أنا هادئ بعد هذا القرار، ولكنني كنت أتعرض لانتقادات شديدة وهذا كان يؤلمني ويجرح عائلتي”.
وأنهى جونزالو: “لقد تركت كل شيء في المنتخب الآن، ولذلك هناك أشياء أخرى يمكن للناس مناقشتها بعد اعتزالي، لأنهم كانوا يتذكرون الأهداف التي أهدرتها، وليس الأهداف التي صنعتها”.