تصنف البرازيل البلد الأولى في العالم لمواهب كرة القدم على مدار التاريخ، وهي أيضا التي خرج منها نجوما غزوا أوروبا بموهبتهم وإنجازاتهم، وبالطبع الأسماء معروفة للجميع ولا حاجة لذكرهم.
وأيضا منتخب البرازيل هو أكثر هو أكثر منتخبات العالم حصدا لبطولة كأس العالم على مر التاريخ برصيد 5 ألقاب، وبفارق لقب وحيد عن أقرب منافسيه ألمانيا وإيطاليا، والسيليساو هم أيضا ثالث أكثر منتخبا فوزا ببطولة كوبا أمريكا بـ 9 ألقاب خلف أوروجواي والأرجنتين أصحاب الـ 15 لقبا، بخلاف بطولات عديدة أخرى.
كل ذلك وبجانبه الكثير والكثير من الأرقام القياسية والإنجازات الفردية لأساطير السيليساو على مر تاريخ كرة القدم وحتى يومنا هذا، حتى على مستوى اللاعبين الشباب الذين يبدأون مسيرتهم في اللعبة، ولكن وسط كل ذلك بدأت تقع البرازيل في مجموعة إخفاقات تاريخية غير مفهومه وبشكل مبالغ فيه وبالتحديد في السنوات الأخيرة.
ماذا يحدث لـ الكرة البرازيلية؟
البداية من الدوري البرازيلي المحلي الذي انتهت نسخة 2023 منه منذ عدة أيام، وفاز باللقب فريق بالميراس للمرة الثانية على التوالي ليضيف إلى خزانته اللقب الحادي عشر في تاريخه، ولكن لم يكن هذا اللافت للنظر فهذا الفريق لمن لا يعرف هو واحد من أقوى فرق البرازيل ودائما منافس على اللقب وهو الأكثر حصدا له بالفعل.
ولكن الشيء اللافت للنظر والمحزن في الوقت ذاته، هو هبوط فريق سانتوس إلى دوري الدرجة الثانية للمرة الأولى في تاريخه بعد 111 عام في الدوري البرازيلي الممتاز، هذا الفريق الذي خرج منه أساطير ونجوم في تاريخ كرة القدم مثل “بيليه وروبينيو ونيمار وفيلبي كوتينيو”، في صدمة وحزن كبير لجماهيره وجماهير كرة القدم عموما.
الكل يبكي وصدمة كبيرة في الملعب..
— قناة أبوظبي الرياضية (@ADSportsTV) December 7, 2023
مشاهد من الحزن بعد هبوط فريق سانتوس البرازيلي إلى دوري الدرجة الثانية لأول مرة في تاريخه pic.twitter.com/GGJCMuK5tZ
هل هذا كل شيء بالطبع لا، بل خرجت تقارير صحفية أمس الخميس 7 ديسمبر، تؤكد أن محكمة العدل في ريو دي جانيرو، أقالت إيدنالدو رودريجيز من منصبه كرئيسا للاتحاد البرازيلي لكرة القدم، وذلك بسبب اتهامه بمخالفات في انتخبات الاتحاد عام 2022 الماضي، معتبرة أنها باطلة بسبب تغيير القواعد الانتخابية التي أدخلت قبل وقت قصير من التصويت.
ولهذا تواصل 365Scores مع المدرب البرازيلي باولو جوميز الذي تولى تدريب فريق بوتافوجو خامس الدوري البرازيلي منذ عدة أيام، ليحدثنا عن الدوري قليلا وقال: “الدوري البرازيلي به تنافسية كبيرة بين الفرق ولكنه في الفترة الأخيرة أصبح يعاني من ضعف الموارد وقلة عدد المشاهدات حول العالم بالرغم من وجود مواهب عديدة فيه ولكن هناك إخفاقات عديدة من القائمين على إدارة الدوري تسببت في تراجعه، ولكني أرى أنه قادر على أن ينافس العديد من الدوريات الكبرى”.
وجاءت تصريحات جوميز هذه لعدة أسباب، فالدوري البرازيلي به العديد من التخبطات سواء هذا الموسم أو الفترات الماضية، حتى أن فلومينينسي بطل كوبا ليبرتادوريس والمشارك في كأس العالم للمرة الأولى هذا العام 2023، أنهى الدوري في المركز السابع برصيد 56 نقطة.
فلومينينسي يرفع كأس ليبرتادوريس #نهائي_الليبرتادوريس #بوكا_جونيور #فلومينينسي pic.twitter.com/RKoQQGHcyX
— beIN SPORTS (@beINSPORTS) November 4, 2023
بجانب وجود مشاكل عديدة في الدوري مثل غياب العدل في توزيع النسب المالية من البث أو عقود الرعاية على الأندية، مما جعل العديد من الفرق تشكي من الأمر وتؤكد تأثيره السلبي عليها، ودفع 6 من رؤساء أقوى الأندية في البرازيل على رأسهم “فلامينجو وبالميراس وكورينثيانز وسانتوس” للإجتماع في عام 2022 الماضي، وذلك من أجل وضعة خطة لإحداث تغيير في الكرة البرازيلية بالكامل وأول اقتراح له في هذه الخطة هو إنشاء دوري منفصل تديره الأندية بنفسها بدلا من الاتحاد البرازيلي لكرة القدم الذي أصبح “متهالكا”، وستحمل المسابقة اسم “LIBRA” على حسب ما قالته التقارير الصحفية البرازيلية.
وهذا أيضا ما جعل ماريو سيلسو بيتراجلا رئيس نادي أتلتيكو بارانيس البرازيلي يتحدث لشبكة “ذا أثليتك” منذ عام تقريبا عن سوء الأوضاع في الدوري قائلا: “لم نسوق كرة القدم الخاصة بنا في الخارج أبدا، وبالتالي فرقنا غير معروفة في جميع أنحاء العالم، وهذا يعتبر فشلا رهيبا”.
واتفق جميع القائمين على الكرة البرازيلية أنه هناك العديد من المشكلات التي تواجه الدوري منذ عدة سنوات، مثل جدول المباريات الغير منتظم والفساد وعنف المشجعين وقلة التنظيم في المباريات نفسها وفضائح الاتحاد البرازيلي لكرة القدم وسوء أرضية الملاعب، حتى قمصان الأندية لا تظهر بشكل يليق يجعل الدوري منافسا ويجذب أنظار متابعي كرة القدم له، والجميع يأمل في حل قريب.
فضائح منتخب البرازيل
وكل هذا الحديث كان عن الدوري البرازيلي واتحاد الكرة وما يحدث هناك من مخالفات وخلافات، ولكن في النهاية الدوري لم يكن من بين الأقوى في العالم حتى ليهتم به أحدا بشكل كبير، ولكن ما لفت أنظار العالم أجمع ويعتبر أمر غير متوقع هو المستوى الذي وصل له منتخب البرازيل نفسه.
منتخب البرازيل منذ فترة طويلة وهو يعيش العديد من الأزمات ما بين نتائج سلبية وخسارة ألقاب، فالمنتخب الذي كان يحقق أرقاما قياسية لا يمكن إحصائها بسهولة، هو نفسه الآن الذي يقع في فخ أرقام سلبية بالجملة، فمنذ نسخة 2002 لم يفز السيليساو بكأس العالم نهائيا إلى يومنا هذا.
ليس فقط عدم فوزه بكأس العالم طوال هذه المدة، بل أن البرازيل أصبحت تودع البطولة من الأدوار الإقصائية وآخرها ما حدث في ربع نهائي كأس العالم 2018 في روسيا وخروجها من البطولة على يد بلجيكا، وحدوث الأمر ذاته في نفس الدور في مونديال 2022 في قطر على يد كرواتيا، لتسجل رقما سلبيا تاريخيا في البطولة لتودعيها إياها في 4 من أصل 5 مباريات في هذا الدور فقط.
ومن كان ليصدق أن أكثر من حقق لقب كأس العالم في التاريخ، يتواجد حاليا في المركز السادس من تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة إلى مونديال 2026، برصيد 7 نقاط من أصل 6 مباريات خاضها حتى الآن، وهناك احتمالية كبيرة لعدم مشاركته في البطولة لأول مرة في تاريخه على الإطلاق، بجانب بالطبع خسارته المفاجئة في التصفيات ضد الأرجنتين في 22 نوفمبر الماضي بهدف نظيف على أرضية ملعب ماركانا.
أرض وجحيم الماراكانا لم يعد مرعبًا على أبطال العالم بعد الآن💥
— 365Scores Arabic (@365scoresarabic) November 22, 2023
برأسية أوتاميندي صاحب الـ35 عامًا الأرجنتين تفك لعنة الفوز على السليساو وتلحق أول هزيمة للبرازيل على أرضها في تاريخ تصفيات كأس العالم 🔝🇦🇷 pic.twitter.com/wvti6ae7dj
والحال نفسه في كوبا أمريكا، فلم تفز البرازيل بالبطولة منذ 2019 عندما حصدت لقبها التاسع، والفارق لا زال متسعا مع من يسبقها مثلما ذكرنا بفارق كبير، بالطبع بجانب الفضائح الأخلاقية التي تورط فيها العديد من لاعبي الفريق، وقضايا الفساد داخل الاتحاد البرازيلي وكثرة تغيير المدربين بل وهم على أعتاب تغيير مدربهم الحالي فرناندو دينيز الذي تولى المهمة هذا العام 2023 بشكل مؤقت.
وهذا الأمر تحدث عنه البرازيلي ريكاردو ألفيس لاعب فاسكو دي جاما والزمالك السابق، في حوار خاص لـ 365Scores حيث قال: “منتخب البرازيل كان أفضل منتخب في العالم ويملك أفضل اللاعبين، ولا زال لديه الأفضل ولكن كرة القدم تتغير والأمر لم يصبح يعتمد على الفنيات فقط بل يجب أن يكن هناك وحدة واحدة في الفريق ويتعاون اللاعبون، ويجب ألا يعتمد السامبا على لاعب واحد فقط فهذا ليس منطقيا”.
والآن ينتظر منتخب البرازيل العديد من التحديات الصعبة في الفترة المقبلة، ويأتي على رأسها الخروج من مأزق تصفيات كأس العالم 2026، ومن بعدها مشاركته في بطولة كوبا أمريكا 2024 وتحدي مصالحة الجماهير بلقب جديد.
وفي وسط كل هذه الإخفاقات التاريخية والأزمات والمخالفات، هل سنرى انتفاضة في الأمر وتعود الكرة البرازيلية إلى مكانتها ويعود المنتخب من جديد ويحصل على وضعه المناسب ويعود إلى منصات التتويج ويتم حل كل هذه المشكلات بشكل منظم، أم سيواصلون التراجع وسنظل لا نفهم ماذا يحدث في الكرة البرازيلية؟