أوروبي في تشكيل الفراعنة.. قصة اللاعب اليوناني الذي حصد مع مصر أول كأس أمم إفريقيا بالتاريخ
سيداتي سادتي أسعد الله أوقاتكم، نصحبكم اليوم 16 فبراير 1957 في أحداث مباراة الدور النهائي من بطولة كأس أمم إفريقيا في نسختها الأولى على الإطلاق، بين منتخب مصر ضد إثيوبيا.
ونتواجد جميعا حاليا على أرضية ملعب الخرطوم الذي يحتضن نهائي كأس أمم إفريقيا 1957، وسط حضور جماهيري كبير يصل إلى 30 ألف متفرج، ويدير المباراة تحكيميا السوداني محمد يوسف.
وقبل أن تنطلق المباراة نبدأ سويا بتشكيل منتخب مصر اليوم وهو:
حراسة المرمى: براسكوس تيرميريتيس.
خط الدفاع: نور الدالي، مسعد داود، رفعت الفناجيلي، حنفي بسطان،
خط الوسط: سمير قطب، إبراهيم توفيق.
خط الهجوم: رأفت عطية، علاء الحامولي، حمدي عبد الفتاح، محمد دياب العطار “الديبة”.
ما الشيء الغريب في تشكيل منتخب مصر؟
لا يوجد شيء غريب جميع اللاعبين تقريبا أي مشجع كرة قدم مصري يجب أن يكون قد سمع بهم من قبل، ولكن الغريب على أعين ومسامع الجميع هو حارس المرمى الذي يدعى براسكوس، ما الذي جاء به إلى هنا، حسنا لنبدأ قصتنا.
براسكوس تيرميريتيس ولد في 10 يناير 1931 في مدينة بور فؤاد، وهو من أبوين يونانيين، وفي ذلك الوقت كان يسكن مصر وبالتحديد في نفس مدينة مولد بطلنا الكثير من اليونانيين والذين بطبيعة الحال احتكوا بثقافتها بشكل كبير وبكرة القدم فيها مثلما حدث في هذه القصة، وكان والده يعمل في هيئة قناة السويس.
أحدهم طلب أن يدفن بها والآخر ضحى بأوروبا من أجلها.. كيف تأثر المدربون الفرنسيون بسحر إفريقيا؟ 🧐
— 365Scores Arabic (@365scoresarabic) January 4, 2024
لقراءة التقرير كامل 👇https://t.co/w8FpvJduu1
وبدأ براسكوس يمارس كرة القدم سواء في شوارع مدينة بور فؤاد أو في النادي الخاص بالمدينة، ولكن في الوقت ذاته كان هناك ناديا في دوري الدرجة الثانية المصري يبني فريقا جديدا يسعى به للصعود إلى الدوري الممتاز، وهذا النادي هو “أولمبي القناة”.
تعاقد نادي أولمبي القناة مع مدير فني فرنسي لقيادة الفريق وهو بول بلان، وبدأ في التعاقد مع صفقات وتدعيم العديد من المراكز في الفريق من مختلف الأندية، وتبقى مركز حراسة المرمى كان يمثل له حيرة كبيرة، إلى أن تابع المدرب بنفسه شاب يلعب في هذا المركز في بور فؤاد وطلب ضمه على الفور وهو براسكوس بالطبع.
وانضم براسكوس إلى نادي أولمبي القناة وقدم مستويات مميزة مع الفريق الذي كان حارسه الأول، بل وساهم في صعودهم إلى الدوري المصري الممتاز في موسم 1953/1954، ليصبح بذلك أول نادي في تاريخ الدوري يصعد من المظاليم إلى الدوري الممتاز.
وتألق براسكوس بشكل لافت للأنظار سواء في الدرجة الثانية أو عندما صعد إلى الدوري المصري الممتاز مع أولمبي القناة، وجميع الحراس الذين لعبوا في هذا الجيل أكدوا أنه كان مثلا أعلى لهم جميعا وكان من أعظم الحراس الذين لعبوا في مصر.
وعلى الجانب الأخر في ذلك الوقت وبالتحديد عام 1954 كان منتخب مصر قد أتم التعاقد مع المدرب اليوغوسلافي ليوبيسا بروشتش أحد أشهر المدربين في ذلك الوقت، وهو الذي طلب من براسكوس المجيء واللعب بقميص الفراعنة ورحب حارس المرمى بهذا الأمر كثيرا وطلب الحصول على الجنسية المصرية، وهو ما تم تنفيذه على الفور.
كان براسكوس أول لاعب في التاريخ يحصل على الجنسية المصرية لتمثيل المنتخب، ويعتبر هو أخر لاعب أيضا بالرغم من أنه هناك الكثير من اللاعبين الذي حصلوا على الجنسية المصرية ولعبوا للمنتخب ولكن الحارس اليوناني حصل عليها من أجل تمثيل الفراعنة بشكل خاص وهذا لم يحدث حتى الآن، حتى مع اللاعبين مزدوجي الجنسية بسبب أصولهم المصرية.
ومثل براسكوس منتخب مصر بداية من عام 1954، وشارك في العديد من المناسبات الهامة وكان له العديد من المباريات التي قدم فيها أداء قوي أشاد به كل من تابعه في ذلك الوقت، وبالطبع على رأسها مشاركته مع الفراعنة في بطولة كأس أمم إفريقيا 1957 في السودان.
كانت كأس أمم إفريقيا 1957 هي أول نسخة في التاريخ من البطولة الإفريقية، وكانت بمشاركة 4 منتخبات قبل أن يتم استبعاد جنوب إفريقيا بسبب اتباعها سياسة التفرقة العنصرية، وخاض منتخب مصر فيها مباراتين ضد السودان وإثيوبيا.
وكان براسكوس تيرميريتيس هو حارس مرمى منتخب مصر في البطولة الإفريقية، واستقبلت شباكه هدفا وحيدا في مباراة نصف النهائي ضد السودان التي انتهت بنتيجة 2-1، ثم قدم أداء مميز في مباراة النهائي ضد إثيوبيا التي انتهت بنتيجة 4-0 وكان محمد دياب العطار هو صاحب الأهداف الأربعة، وكان الحارس اليوناني أحد الأسباب الأساسية لحصد الفراعنة أول لقب إفريقي في التاريخ.
وشارك أيضا براسكوس مع مصر في دورة ألعاب البحر المتوسط، وكان له مباراة بارزة ضد منتخب إيطاليا للشباب التي لعب فيها وهو مصاب وكان من يحاول تشجيعه من خلف المرمى هو عادل هيكل الحارس الإحتياطي وبديله وانتهت المباراة بفوز الفراعنة بهدف مقابل لا شيء، ولعب الحارس البديل باقي المباريات والذي أصبح فيما بعد أحد أساطير النادي الأهلي والمنتخب.
هل استمر براسكوس في مصر بعد اعتزاله؟
واعتزل براسكوس لعب كرة القدم في منتصف الستينات، وقرر السفر إلى أستراليا فور اعتزاله ثم اتجه بعد ذلك إلى اليونان واتجه إلى مجال التجارة مع أخيه وظل في بلاده وابتعد عن كرة القدم، ولكن لم يبتعد عن مصر فقد ظل على تواصل مع العديد من لاعبي جيله، وجاء زيارة في أحد المرات وتم تكريمه في النادي الأهلي مع قدامى اللاعبين في منتصف التسعينات.
وكان عادل هيكل هو المهتم بهذا التكريم وقام بتنظيم كل شيء وهو من دعا النجم اليوناني في الأساس إلى هذه الزيارة، ثم توفي براسكوس في بلده الأم اليونان في 16 نوفبمر 2018 بعد صراع مع المرض، تاركا خلفه قصته هذه التي قد لا يكن الجميع على علم بها.