تقارير كأس أمم إفريقياحكايات من كأس أمم إفريقياأخبارتقارير ومقالات خاصة
الأكثر تداولًا

حكايات من كأس أمم إفريقيا.. جنوب إفريقيا والمجد الذي بُني على أنقاض العنصرية

جنوب إفريقيا سواء كانت الدولة أو المنتخب، تملك قصة تاريخية تستحق الحديث عنها، فقد عانت من عدة أزمات قديما وهذه الأزمات أثرت عليها من ناحية كرة القدم بشكل كبير جدا.

وعانت دولة جنوب إفريقيا من تطبيق سياسة الفصل العنصري من جانب الدول التي احتلتها، وعاش الشعب في أزمات عديدة بسببها منذ 1948 حتى 1990، ولكن ما تأثير هذا على كرة القدم؟

استبعاد ومحاربة من كاف وفيفا

في البداية يجب أن نعرف أن جنوب إفريقيا قديما تعرض للاحتلال من أكثر من دولة وعاشت تبحث عن استقلالها طوال الفترة التي ذكرناها في الأعلى، وتعرض السكان الأصليين إلى مظاهر ظلم وقمع كبيرة بسبب سياسة الفصل العنصري هذه التي كانت تقضي بأن أصحاب البشرة السمراء لا يختلطون بأصحاب البشرة البيضاء، وكل منهم له مناطق التي يعيش فيها -بالطبع أصحاب الأرض هم المظلومين- ومستشفيات منفصلة وحياة منفصلة نهائيا.

وبالطبع هذا الأمر أنعكس على كرة القدم فلم يكن لأصحاب البشرة السمراء حق اللعب في المنتخب الوطني للبلاد، ليترتب على ذلك استبعاد جنوب إفريقيا من النسخة الأولى في التاريخ من كأس أمم إفريقيا والتي أقيمت 1957 بسبب سياسة الفصل العنصري، ولُعبت البطولة بمشاركة 3 منتخبات فقط وهم مصر والسودان “صاحبة الأرض” وإثيوبيا، وفاز الفراعنة بهذا اللقب.

وظلت القارة بأكملها معترضة على مشاركتهم في البطولة الإفريقية بسبب سياسة الفصل العنصري هذه كنوع من التضامن مع شعب البلاد الأصلي، بل ووصل الأمر إلى مطالبة السوداني عبد الحليم محمد رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وعضو اللجنة الأولمبية الدولية في الفترة من 1968 إلى 1982، بالمقاطعة الإفريقية لأولمبياد 1976 في كندا، وذلك بسبب مطالبته باستبعاد نيوزلندا من المنافسات بعدما قام منتخب الرجبي النيوزلندي بجولة في دولة جنوب إفريقيا وهو ما أغضب دول القارة.

وحظر الاتحادان الدولي والإفريقي لكرة القدم،  مشاركة جنوب أفريقيا من تصفيات القارة السمراء لكأس العالم وكأس الأمم الإفريقية بسبب سياسة الفصل العنصري وانتهاك البلاد لحقوق الإنسان، وظلت الأمور كما هي لسنوات طويلة.

بناء المجد على أنقاض العنصرية

وظلت جنوب إفريقيا تبحث عن استقلالها لسنوات طويلة، حتى عام 1990 إلى أن جاء فردريك دي كلارك الذي ترأس الحكومة وألغى جميع قوانين الفصل العنصري  وأطلق سراح نيلسون مانديلا المحكوم عليه بالسجن مدي الحياة، بل واتفق معه على إجراء انتخابات يشارك فيها كل أطياف الشعب لأول مرة في التاريخ.

واكتسح مانديلا الانتخابات بأغلبية ساحقة، ليصبح أول رئيسا لدولة جنوب إفريقيا من أصحاب البشرة السمراء، ومع قدومه أزال كل مظاهر العنصرية من الدولة وأصلح العديد من الأمور بها، ومن ضمنها عودة المنتخب للخريطة الكروية مرة أخرى.

وبالفعل خاض منتخب جنوب إفريقيا أول مباراة دولة معترف به فيها في ديسمبر 1992 ضد الكاميرون، وفي هذه المباراة ظهر لقب المنتخب الشهير به إلى يومنا هذا “بافانا بافانا”.

ففي الدقائق الأخيرة من اللقاء بدأت جماهير جنوب إفريقيا في الهتاف “بافانا بافانا” وهو ما يعني باللغة المحلية للبلاد “هيا يا أولاد، هيا يا أولاد” لتحفيز اللاعبين، وأطلق أحد الصحفيين في صحيفة “سو ويتان” المحلية اطلاق هذا اللقب على المنتخب، وهو ما حدث بالفعل وظل لقبهم حتى الآن.

ولم ينجح منتخب جنوب إفريقيا في التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 1994، ولكنه عاد في النسخة التالية والتي أقيمت على أرضه في 1996 وحصد اللقب للمرة الأولى في تاريخه ووسط جماهيره وشعب هذه البلاد، ليشاء القدر أن يبني البافانا بافانا المجد على أنقاض العنصرية التي ظلوا يتعرضوا لها ويقضوا عليها.

بل وفي النسختين التاليتين من كأس أمم إفريقيا عامي 1998 و2000 حصل في الأولى على الوصافة وفي الثانية على المركز الثالث وهذه كانت أكبر إنجازاته في البطولة، بجانب مشاركته في كأس العالم 3 مرات في 1998 و2002 و2010، والنسخة الثالثة هذه كانت على أرضه، ولكنه لم يبتعد عن دور المجموعات في البطولة.

وشارك أيضا منتخب جنوب إفريقيا مرتان في بطولة كأس القارات عامي 1997 و2009، وحصل في الثانية على المركز الرابع والتي أقيمت على أرضه أيضا، أي استضافة البلاد 3 أحداث رياضية كبرى منذ تحررها هذا وتم تنظيمها على مستوى عال، لتواصل بناء المجد على أنقاض العنصرية هذه.

وبشكل عام شاركت 10 نسخ سابقة من بطولة كأس أمم إفريقيا وذلك أعوام، 1996 و1998 و2000 و2002 و2004 و2006 و2008 و2013 و2015 و2019.

ويستعد الآن منتخب جنوب إفريقيا للمشاركة الحادية عشر في تاريخه في العرس الإفريقي، وهو بمشاركته في بطولة كأس أمم إفريقيا 2023، والمقامة في دولة كوت ديفوار.

ماذا ينتظر جنوب إفريقيا في كأس أمم إفريقيا 2023؟

ويتواجد منتخب جنوب إفريقيا في المجموعة الخامسة من مجموعات بطولة كأس أمم إفريقيا 2023، رفقة كل من تونس ومالي وناميبيا.

ويلعب منتخب جنوب إفريقيا ضد مالي، غدا الثلاثاء 16 يناير، ضمن منافسات الجولة الأولى من دور المجموعات من بطولة كأس أمم إفريقيا 2023.

حسام مجدي

صحفي رياضي مصري مواليد 1999، بدأ العمل في المجال الصحفي عام 2017، مهتم بتغطية الأحداث العالمية والعربية، ومهتم بالقصص التاريخية عن كرة القدم، بجانب إجراء حوارات صحفية مع العديد من نجوم وأساطير اللعبة، بجانب تغطية الأخبار المحلية في مصر، والعمل في إعداد البرامج الرياضية.

3229 مقال