برشلونة يهين أساطيره .. ليس ريال مدريد لابورتا أثبت العكس
برشلونة يهين أساطيره، أعلم تمامًا لو قرأت تلك الجملة منذ فترة، قد تقول أنني أخطأت في الكلمة الاولى من الجملة، وكان يجب علي كتابة ريال مدريد وليس برشلونة، فالجملة الشائعة على مواقع التواصل الاجتماعي ويرددها الجماهير باستمرار (ريال مدريد يهين أساطيره)، وربما لو كتبت عن إهانة الأساطير في كرة القدم، سيظهر لك ريال مدريد في المقدمة، لكنها ليست الحقيقة، أو الحقيقة في رواية أحدهم والذين يصعب عليهم مشاهدة الصورة بالكامل، ليس من منظورهم الخاص فقط، أو الحصول على التفاعل الوهمي على السوشيال ميديا.
جمهور ريال مدريد عانى كثيرًا في السنوات الماضية، لتبرير موقف ناديهم، وأن النادي لم يقدم على إهانة أساطيره، بل العكس تمامًا، يتم تقديرهم بالشكل الذي يفشل فيه خصمهم اللدود برشلونة، مع رسالة وبرقية شكر من مشجع ملكي إلى لابورتا، الذي جعلنا نفصح عن رأينا فيما يخص إهانة الأساطير من برشلونة وليس ريال مدريد، ولا يتم اتهامنا بالمبالغة أو تزييف الواقع.
الحقيقة أن ما يحدث خلال سنوات من تصدير جملة “ريال مدريد يهين أساطيره”، والعديد من صيغ المبالغة تجاه النادي، يحدث ما هو أكبر منه في برشلونة، ليس من لابورتا فقط، بل ممن سبقوه في رئاسة النادي الكتالوني!
هل ريال مدريد يهين أساطيره حقًا؟
دعنا في البداية نسأل عن معنى مصطلح “الإهانة”، وفكر قليلًا، هل رحيل لاعب أو أسطورة من الأساطير عن ناديه بعد بلوغه عامه الثلاثين وفي سنواته الأخيرة في الملاعب، يجب وصفه بـ “الإهانة”؟
ريال مدريد يملك أسس واضحة وقواعد تخص تجديد عقود اللاعبين الذين يتجاوز أعمارهم 32 عامًا، ويتم التجديد لهم بعقد لا يتجاوز العام الواحد فقط.
الفكرة هنا ليست عن ما قدمه اللاعب أو تاريخه مع النادي من قبل، لن نعيش في جلباب الماضي فقط، لكن الأهم، هو ما يمكن أن يقدمه في الحاضر، وقدرته على إضافة المزيد في المستقبل.
ومع مواصلة قدرة اللاعب على اللعب، يتم تقديره والتجديد له كل عام، الأسطورة لوكا مودريتش خير مثال على ذلك، سيتجاوز عمره الأربعين عامًا ولا يزال يلعب ويتم منحه عقد جديد كل عام، فاسكيز وكارفخال وناتشو حتى توني كروس الذي أعلن اعتزاله، جميعهم تجاوزوا عامهم الـ 32، ولديهم القدرة على المشاركة واللعب في أعلى مستوى.
رحل راؤول وجوتي وتشابي ألونسو وإيكر كاسياس وغيرهم، بعضهم بسبب تراجع المستوى بحكم التقدم في العمر، والآخر مثل ألونسو طلب الرحيل لأسبابه الخاصة، وتم تقدير ذلك من قبل النادي، لكن ماذا عن الإهانة؟ ما مفهومها؟ وكيف فعلها ريال مدريد مع أساطيره؟
كل هؤلاء النجوم قدموا الكثير لريال مدريد كلاعبين، ومع تقدمهم في العمر ورحيلهم عن النادي كلاعبين، فتح أبوابه لهم من جديد بأرضية مفروشة بالورود بعد اعتزالهم، لينالوا التقدير الذي يستحقونه عن خدمتهم ومجمل أعمالهم مع النادي وكتابة فصل جديد في تاريخهم مع الميرينجي بسبب ما قدموه مسبقًا.
راؤول هو مدرب ريال مدريد كاستيا، وإيكر كاسياس يشغل منصبًا إداريًا في ريال مدريد حاليًا، تشابي ألونسو بدأ مسيرته التدريبية في الفئات السنية الصغرى في الريال، حتى جوتي تولى تدريب فريق الكاستيا من قبل وبدأ مسيرته كمدرب هناك، روبرتو كارلوس وزيزو وغيرهم من الأساطير استقبلهم النادي ومنحهم وظيفة وكرمهم بعد الاعتزال مهما كانت طريقة الرحيل.
لو كان ريال مدريد قد أهان هؤلاء النجوم، هل سيوافقوا على العودة والعمل هناك؟ نعم نعم بعض الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي شبه متأكدين أن ريال مدريد قد أهانهم، وأبطال الرواية نفسهم يعملون في النادي ولم يتحدثوا عن أي إهانة تعرضوا لها من ريال مدريد.
العديد من جماهير الأندية التي تنتقد ريال مدريد، يتمنون أن يكون لديهم إدارة مثل الريال، وقوانين وقواعد صارمة خاصة بسلم الرواتب وتجديد العقود مثل التي يطبقها فلورتينو بيريز، يصرخون من مصطلح “الأبقار المقدسة”، ويطالبون برحيل أساطيرهم بعد تراجع مستواهم بسبب التقدم في العمر، كان الانتقاد لريال مدريد لأنه لم يفعل ذلك احترامًا للنادي ولأساطيره لما قدموه من قبل، لكننا نعلم أن إهانة الأساطير أقوى من الأبقار المقدسة.
إهانة الأساطير في برشلونة
هل كنا ننتظر أن يعلن لابورتا عن إقالة تشافي حتى نستغل الوضع لصالح إثبات وجهة نظرنا؟ لا، البداية ليست الإطاحة بتشافي، وربما لن تكون النهاية في عهد لابورتا.
تحدثنا عن “الأبقار المقدسة”، وكيف عانى برشلونة من العقود الخرافية التي قدمها لهم الرئيس السابق خوسيه ماريا بارتوميو، وهجوم الجماهير والصحافة على لاعبين ساهموا في كتابة تاريخ برشلونة الحديث وكانوا في مثابة الأساطير في وقت من الأوقات.
لكن هل تتذكر القضية المعروفة إعلاميًا بـ “بارسا جيت”، عندما تعاقد رئيس نادي برشلونة مع شركة مختصة لتشويه صورة أساطير ورموز البارسا؟ وقامت من خلال اللجان الإلكترونية بالهجوم على رموز وأساطير برشلونة من ضمنهم ميسي وجوارديولا وبويول وحتى الرئيس الحالي خوان لابورتا.
تحدثنا عن مصطلح “إهانة”، هل ترك لاعب يرحل عن الفريق بعد تجاوزه سن معين، يتساوى مع تعاقد النادي نفسه مع شركة لتهاجم رموزه؟
الرد جاهز، هذا ما جناه الرئيس السابق سيء الذكر بارتوميو، لكن ماذا عن الرئيس الحالي لابورتا؟ رجل السداسية في 2009 وتغنى الجميع بإعادة انتخابه من جديد، قبل أن يرى البعض حقيقته التي تحدثنا عنها في مقال كتبته عام 2022 عن عودة أخطر نصاب في العالم؟ طالع أيضًا: مستر لابورتا.. عودة أخطر نصاب في العالم
كان مشروع لابورتا الانتخابي قائم على أنه الوحيد القادر على تجديد عقد أفضل لاعب في تاريخ برشلونة ليونيل ميسي، لكنه لم يكن لديه القدرة على التجديد له، فقط كان يريده أن يلعب مجانًا، هو لم يكن يجهل بقوانين العمل في إسبانيا التي تمنع ذلك، لكن كل الدلائل كانت تشير لصعوبة الأمر اقتصاديًا، هو فقط كان يتلاعب بجميع من حوله!
رحل ميسي بطريقة لا تليق بتاريخه، حتى أنه أراد العودة مجددًا، وبعدما فتح له لابورتا ذراعيه لتجميل الموقف أمام وسائل الإعلام والجماهير. هذا هو ميسي وما قدمه للنادي لا يجب أن يتم التلاعب به بهذا الشكل! نعم نتحدث عن إهانة الأساطير في ريال مدريد.
لويس سواريز وما قدمه لبرشلونة، ومهما كان مستواه في نهاية فترته مع برشلونة، هو نفسه طلب من الإدارة التعاقد مع مهاجم آخر، ولم يمانع الجلوس على دكة البدلاء، لم يكن المشكلة أبدًا، المشكلة كانت في من استمر بالاعتماد عليه وحيدًا مع تقدمه في العمر وتجاهل مطالبته بضم مهاجم يتقاسم معه دقائق المشاركة.
كيف كان رحيل سواريز؟ مكالمة هاتفية من المدرب رونالد كومان، طريقة جيدة لإبلاع أحد أساطير النادي بالرحيل، وكان رد المهاجم الأوروجوياني على أرض الملعب مع أتلتيكو مدريد بالإشارة إلى الهاتف المحمول.
رحيل تشافي عن برشلونة
المشكلة ليست في رحيل تشافي عن برشلونة، طبيعي أن يرحل مدرب عن تدريب ناديه لأسباب كثيرة، وهناك العديد من الأسباب التي قد تصل بنا في النهاية إلى تلك النتيجة، ويرحل تشافي عن تدريب البارسا.
هناك مصطلح شائع مفاده “الأساطير تستقيل ولا تقال”، احترامًا لمسيرته الكبيرة مع النادي، أن يكون مشهد النهاية بشكل لائق، وهو ما فعله تشافي بالفعل، وقرر الاستقالة في وقت سابق بنهاية الموسم الجاري، قبل أن يقنعه لابورتا بالاستمرار حتى نهاية عقده في صيف 2025.
بالأحضان والدموع والمشاعر المزيفة، أقنع لابورتا تشافي قبل أيام قليلة بالتراجع عن الاستقالة والاستمرار حتى نهاية عقده، وبالفعل تم الإعلان بشكل رسمي عن استمرار تشافي في تدريب برشلونة الموسم المقبل وتراجعه عن الاستقالة.
هل كان لابورتا يثق فعلًا بأن تشافي هو رجل المرحلة؟ لماذا وافق على الاستقالة؟ ولماذا أقنعه بعدم الرحيل؟ هل كان يجهل بمشاكل فريقه الاقتصادية؟ هو نفسه من قرر التضحية بالمستقبل وتفعيل الرافعات من أجل الحاضر.
كان لابورتا يتعامل مع الجميع بأنه الوحيد القادر على معرفة كل شيء وإخفاء ما يريد عنهم، وكأنهم بلا عقل، يجهلون وضع النادي الاقتصادي وعدم قدرتهم على دفع الرواتب وتسوية أمورهم مع الليجا لقيد أي صفقة جديدة حتى لو مجانية، وإجبار النادي على بيع بعض من نجومه الكبار بمبالغ كبيرة لتحسين الوضع الإقتصادي مؤقتًا.
ما فعله تشافي فقط هو التحدث عن الحقيقة التي نعلمها جميعًا، وصعوبة ضم صفقات كبيرة في الصيف المقبل، هذا هو الواقع، والنادي بحاجة إلى معجزة أو بيع عدد من اللاعبين ليحدث العكس. هل اكتشف لابورتا فجأة تلك الحقيقة المرة؟
قد يكون تشافي مخطئًا، ولابورتا الذي فعل الرافعات وضحى بالمستقبل ليمنح تشافي الأموال لضم صفقات جديدة، تم استثمار الأمول بشكل خاطئ، وأن دفع أكثر من 50 مليون يورو في ليفاندوفسكي ورافينيا وكوندي وفيران توريس وغيرهم و40 مليون في ذلك المجهول الذي تم عرضه للبيع فيتور روكي، من المسؤول عن إهدار تلك الأموال في ظل الأزمة الإقتصادية؟ لو تشافي كان المسؤول كان يجب على لابورتا قبول استقالته والتضحية به في وقت سابق
ماذا سيفعل هانز فليك؟ وكيف سيلبي النادي طلباته وضم صفقات جديدة تساعده؟ سيتم الصبر على مشروعه وبناية جيل شاب جديد يجني ثماره بعد سنتين أو أكثر؟ هذا ما حاول تشافي فعله ومنح الفرصة للعديد من المواهب ككوبارسي وفيرمين لوبيز ولامين يامال وبالدي وغيرهم. وإذا فشل هانز فليك، هل سيتم التغاضي عن المتسبب الأكبر في حالة برشلونة الحالية؟
إقالة تشافي بعدما بادر بالاستقالة في وقت سابق، وكأن لابورتا يقول “تريد الاستقالة؟ لاظت ستكون إقالة، أنا فقط صاحب القرار”. ولا يبالي بأن برشلونة يضيف فصلًا جديدًا في مجلد “إهانة الأساطير”.